أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-8-2016
3197
التاريخ: 18-8-2016
3204
التاريخ: 15-10-2015
3654
التاريخ: 15-04-2015
5044
|
وزوّد الإمام أبو جعفر ( عليه السّلام ) تلميذه العالم جابر بن يزيد الجعفي بهذه الوصية الخالدة الحافلة بجميع القيم الكريمة والمثل العليا التي يسمو بها الانسان فيما لو طبقها على واقع حياته ، وهذا بعض ما جاء فيها :
« أوصيك بخمس : إن ظلمت فلا تظلم ، وان خانوك فلا تخن ، وان كذبت فلا تغضب ، وان مدحت فلا تفرح ، وان ذممت فلا تجزع ، وفكّر فيما قيل فيك ، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين اللّه جلّ وعزّ عند غضبك من الحق أعظم عليك مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس ، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك ، فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك .
واعلم بأنك لا تكون لنا وليا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك ، وقالوا : إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك ، ولو قالوا : إنك رجل صالح لم يسرك ذلك ، ولكن اعرض نفسك على كتاب اللّه فإن كنت سالكا سبيله ، زاهدا في تزهيده ، راغبا في ترغيبة ، خائفا من تخويفه فاثبت وأبشر ، فإنه لا يضرك ما قيل فيك ، وإن كنت مبائنا للقرآن ، فماذا الذي يغرّك من نفسك .
إن المؤمن معنيّ بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها ، فمرة يقيم إودها ويخالف هواها في محبة اللّه ، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه اللّه ، فينتعش ، ويقيل اللّه عثرته فيتذكر ، ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف ، وذلك بأن اللّه يقول : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ[1].
يا جابر ، استكثر لنفسك من اللّه قليل الرزق تخلصا إلى الشكر ، واستقلل من نفسك كثير الطاعة للّه إزراءا على النفس[2] وتعرضا للعفو .
وادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم ، واستعمل حاضر العلم بخالص العمل ، وتحرّز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقظ ، واستجلب شدة التيقظ بصدق الخوف ، واحذر خفي التزين بحاضر الحياة ، وتوقّ مجازفة الهوى بدلالة العقل ، وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم ، واستبق خالص الاعمال ليوم الجزاء .
وانزل ساحة القناعة باتقاء الحرص ، وادفع عظيم الحرص بايثار القناعة ، واستجلب حلاوة الزهادة بقصر الأمل ، واقطع أسباب الطمع ببرد اليأس .
وسد سبيل العجب بمعرفة النفس ، وتخلص إلى راحة النفس بصحة التفويض ، واطلب راحة البدن بإجمام[3] القلب ، وتخلّص إلى اجمام القلب بقلة الخطأ .
وتعرّض لرقة القلب بكثرة الذكر في الخلوات ، واستجلب نور القلب بدوام الحزن .
وتحرّز من إبليس بالخوف الصادق ، وإياك والرجاء الكاذب فإنه يوقعك في الخوف الصادق .
وتزيّن للّه عزّ وجلّ بالصدق في الاعمال ، وتحبّب إليه بتعجيل الانتقال . وإياك والتسويف فإنه بحر يغرق فيه الهلكى .
وإياك والغفلة ففيها تكون قساوة القلب ، وإياك والتواني فيما لا عذر لك فيه فإليه يلجأ النادمون .
واسترجع سالف الذنوب بشدة الندم ، وكثرة الاستغفار .
وتعرض للرحمة وعفو اللّه بحسن المراجعة ، واستعن على حسن المراجعة بخالص الدعاء ، والمناجاة في الظلم .
وتخلّص إلى عظيم الشكر باستكثار قليل الرزق ، واستقلال كثير الطاعة .
واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر ، والتوسل إلى عظيم الشكر بخوف زوال النعم .
واطلب بقاء العزّ بإماتة الطمع ، وادفع ذل الطمع بعز اليأس ، واستجلب عزّ اليأس ببعد الهمة .
وتزود من الدنيا بقصر الأمل ، وبادر بانتهاز البغية عند امكان الفرصة ، ولا امكان كالأيام الخالية مع صحة الأبدان .
وإياك والثقة بغير المأمون فإن للشر ضراوة كضراوة الغذاء .
واعلم أنه لا علم كطلب السلامة ، ولا سلامة كسلامة القلب ، ولا عقل كمخالفة الهوى ، ولا خوف كخوف حاجز ، ولا رجاء كرجاء معين .
ولا فقر كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا قوة كغلبة الهوى .
ولا نور كنور اليقين ، ولا يقين كاستصغارك للدنيا ، ولا معرفة كمعرفتك بنفسك .
ولا نعمة كالعافية ، ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا شرف كبعد الهمة ، ولا زهد كقصر الأمل ، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات .
ولا عدل كالإنصاف ، ولا تعدّي كالجور ، ولا جور كموافقة الهوى ، ولا طاعة كأداء الفرائض ، ولا خوف كالحزن ، ولا مصيبة كعدم العقل ، ولا عدم عقل كقلّة اليقين ، ولا قلّة يقين كفقد الخوف ولا فقد خوف كقلّة الحزن على فقد الخوف .
ولا مصيبة كاستهانتك بالذنب ، ورضاك بالحالة التي أنت عليها .
ولا فضيلة كالجهاد ، ولا جهاد كمجاهدة الهوى ، ولا قوة كردّ الغضب .
ولا معصيبة كحب البقاء ، ولا ذلّ كذلّ الطمع ، وإياك والتفريط عند إمكان الفرصة فإنه ميدان يجري لأهله بالخسران . . . »[4].
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض كلماته الحكيمة التي تمثّل أصالة الفكر والإبداع .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|