أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-04-2015
3169
التاريخ: 11-8-2016
2899
التاريخ: 19/11/2022
1233
التاريخ: 16/11/2022
1672
|
قام الإمام أبو جعفر ( عليه السّلام ) بأسمى خدمة للعالم الاسلامي ، فقد حرّر النقد من التبعية للإمبراطورية الرومية ، حيث كان النقد يصنع هناك ويحمل شعار الروم النّصارى ، وقد جعله الإمام ( عليه السّلام ) مستقلا بنفسه يحمل الشعار الاسلامي ، وقطع الصلة بينه وبين الروم .
أما السبب في ذلك فهو أن عبد الملك بن مروان نظر إلى قرطاس قد طرز بمصر فأمر بترجمته إلى العربية ، فترجم له ، وقد كتب عليه الشعار المسيحي الأب والابن والروح فأنكر ذلك ، وكتب إلى عامله على مصر عبد العزيز بن مروان بإبطال ذلك وأن يحمل المطرزين للثياب والقراطيس وغيرها على أن يطرزوها بشعار التوحيد ، ويكتبوا عليها « شهد اللّه أنه لا إله إلّا هو » وكتب إلى عمّاله في جميع الآفاق بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ، ومعاقبة من وجد عنده شيء بعد هذا النهي .
وقام المطرزون بكتابة ذلك ، فانتشرت في الآفاق ، وحملت إلى الروم ولما علم ملك الروم بذلك انتفخت أوداجه ، واستشاط غيظا وغضبا فكتب إلى عبد الملك أن عمل القراطيس بمصر ، وسائر ما يطرز إنما يطرز بطراز الروم إلى أن أبطلته ، فإن كان من تقدمك من الخلفاء قد أصاب فقد أخطأت ، وإن كنت قد أصبت فقد أخطأوا ، فاختر من هاتين الحالتين أيهما شئت وأحببت ، وقد بعثت إليك بهدية تشبه محلك ، وأحببت أن تجعل رد ذلك الطراز إلى ما كان عليه في جميع ما كان يطرز من أصناف الاعلاق حالة أشكرك عليها وتأمر بقبضة الهدية .
ولما قرأ عبد الملك الرسالة أعلم الرسول أنه لا جواب له عنده كما رد الهدية ، وقفل الرسول راجعا إلى ملك الروم فأخبره الخبر ، فضاعف الهدية وكتب إليه ثانيا يطلب بإعادة ما نسخه من الشعار ، ولما انتهى الرسول إلى عبد الملك ردّه ، مع هديته ، وظل مصمما على فكرته ، فمضى الرسول إلى ملك الروم وعرفه بالأمر ، فكتب إلى عبد الملك يتهدده ويتوعده وقد جاء في رسالته :
« انك قد استخففت بجوابي وهديتي ، ولم تسعفني بحاجتي فتوهمتك استقللت الهدية فأضعفتها ، فجريت على سبيلك الأول وقد أضعفتها ثالثة وأنا أحلف بالمسيح لتأمرن برد الطراز إلى ما كان عليه أو لآمرن بنقش الدنانير والدراهم ، فإنك تعلم أنه لا ينقش شيء منها إلّا ما ينقش في بلادي ، ولم تكن الدراهم والدنانير نقشت في الإسلام ، فينقش عليها شتم نبيّك ، فإذا قرأته إرفضّ جبينك عرقا ، فأحب أن تقبل هديتي ، وترد الطراز إلى ما كان عليه ، ويكون فعل ذلك هدية تودني بها ، وتبقى الحال بيني وبينك . . . » .
ولما قرأ عبد الملك كتابه ضاقت عليه الأرض ، وحار كيف يصنع ، وراح يقول : أحسبني أشأم مولود في الإسلام ، لأني جنيت على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من شتم هذا الكافر ، وسيبقى عليّ هذا العار إلى آخر الدنيا فان النقد الذي توعدني به ملك الروم إذا طبع سوف يتناول في جميع أنحاء العالم .
وجمع عبد الملك الناس ، وعرض عليهم الأمر فلم يجد عند أحد رأيا حاسما ، وأشار عليه روح بن زنباع ، فقال له : إنّك لتعلم المخرج من هذا الأمر ، ولكنك تتعمد تركه ، فأنكر عليه عبد الملك وقال له : ويحك ! من ؟ . فقال له :
عليك بالباقر من أهل بيت النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) .
فأذعن عبد الملك ، وصدقه على رأيه ، وعرفه أنه غاب عليه الأمر ، وكتب من فوره إلى عامله على يثرب يأمره بإشخاص الإمام وأن يقوم برعايته والحتفاء به ، وأن يجهزه بمائة ألف درهم ، وثلاثمائة ألف درهم لنفقته ، ولما انتهى الكتاب إلى العامل قام بما عهد اليه ، وخرج الإمام من يثرب إلى دمشق فلما سار إليها استقبله عبد الملك ، واحتفى به وعرض عليه الأمر فقال ( عليه السّلام ) :
« لا يعظم هذا عليك فإنه ليس بشيء من جهتين : إحداهما ان اللّه عزّ وجلّ لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) والأخرى وجود الحيلة فيه » .
فقال : ما هي ؟
قال ( عليه السّلام ) : تدعو في هذه الساعة بصناع فيضربون بين يديك سككا للدارهم والدنانير ، وتجعل النقش صورة التوحيد وذكر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أحدهما في وجه الدرهم ، والآخر في الوجه الثاني ، وتجعل في مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه والسنّة التي يضرب فيها ، وتعمد إلى وزن ثلاثين درهما عددا من الأصناف الثلاثة إلى العشرة منها وزن عشرة مثاقيل ، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل ، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل ، فتكون أوزانها جميعا واحدا وعشرين مثقالا ، فتجزئها من الثلاثين فيصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل ، وتصب صنجات من قوارير لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان ، فتضرب الدراهم على وزن عشرة ، والدنانير على وزن سبعة مثاقيل . . . وأمره بضرب السكة على هذا اللون في جميع مناطق العالم الاسلامي ، وأن يكون التعامل بها ، وتلغى السكة الأولى ، ويعاقب بأشد العقوبة من يتعامل بها ، وترجع إلى المعامل الاسلامية لتصب ثانيا على الوجه الإسلامي .
وامتثل عبد الملك ذلك ، فضرب السكة حسبما رآه الإمام ( عليه السّلام ) ولما فهم ملك الروم ذلك سقط ما في يده ، وخاب سعيه ، وظل التعامل بالسكة التي صممها الإمام ( عليه السّلام ) حتى في زمان العباسيين[1].
وذكر ابن كثير ان الذي قام بهذه العملية الإمام زين العابدين ( عليه السّلام )[2].
ولا مانع من أن يكون الإمام زين العابدين قد نفّذ الخطة بواسطة ابنه محمد الباقر ( عليه السّلام ) .
وعلى أي حال فان العالم الاسلامي مدين للإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السّلام ) بما أسداه إليه من الفضل بإنقاذ نقده من تبعية الروم المسيحيين .
ومرض عبد الملك بن مروان مرضه الذي هلك فيه ، وعهد بالخلافة من بعده إلى ولده الوليد ، وأوصاه بالحجاج خيرا ، وقال له : وانظر الحجّاج فأكرمه ، فإنه هو الذي وطّأ لكم المنابر ، وهو سيفك يا وليد ، ويدك على من ناواك ، فلا تسمعن فيه قول أحد ، وأنت إليه أحوج منه إليك . وادع الناس إذا مت إلى البيعة ، فمن قال برأسه هكذا ، فقل : بسيفك هكذا . . . »[3].
ومثّلت هذه الوصية اندفاعاته نحو الشرّ حتى في الساعة الأخيرة من حياته . وقد سئل عنه الحسن البصري فقال : ما أقول في رجل كان الحجاج سيئة من سيئاته[4].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|