الركن الشرعي في القوانين التي جرمت الابتزاز الإلكتروني من خلال النصوص الواردة في قانون العقوبات |
2070
11:46 صباحاً
التاريخ: 3/11/2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2021
1841
التاريخ: 9/12/2022
1275
التاريخ: 21-3-2016
4120
التاريخ: 25-4-2017
2383
|
أولا: الركن الشرعي في التشريع العراقي:
1- الركن الشرعي في قانون العقوبات العراقي:
لم يتم إصدار قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية العراقي بعد؛ فما زال هذه القانون محل نقاش وجدل داخل البرلمان وخارجه، ومن ثم لا توجد ثمة نصوص قانونية خاصة بجرائم المعلومات أو الجرائم الإلكترونية بل يطبق القضاء العراقي النصوص الواردة في قانون العقوبات على بعض هذه الجرائم نتيجة الفراغ التشريعي.
وفي هذا السياق يطبق القضاء العراقي النصوص المتعلقة بجريمة التهديد على جريمة الابتزاز الإلكتروني وبما يجعل تلك النصوص تمثل الركن الشرعي لجريمة الابتزاز الإلكتروني؛ حيث نص قانون العقوبات العراقي على أنه "1- يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور مخدشة بالشرف أو إفشائها وكان ذلك مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر أو الامتناع عن فعل أو مقصودا به ذلك.
2- ويعاقب بالعقوبة ذاتها التهديد اذا كان التهديد في خطاب خال من اسم مرسله أو كان منسوب صدوره إلى جماعة سرية موجودة أو مزعومة" (1).
ونص المشرع العراقي أيضاً على أنه: "يعاقب بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار أو إفشائها بغير الحالات المبينة في المادة (430) (2).
وقد نص المشرع العراقي أيضاً على أنه " كل من هدد آخر بالقول أو الفعل أو الإشارة كتابة أو شفاها أو بواسطة شخص آخر في غير الحالات المبينة في المادتين 430 و431 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار (3)"
وكذلك نص المشرع العراقي على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين او بالحبس من حمل آخر بطريق التهديد على تسليم نقود او اشياء اخرى غير ما ذكر في المادة السابقة . 2- وتكون العقوبة مدة لا تزيد على عشر سنين اذا ارتكبت الجريمة بالقوة او الاكراه" (4).
وحيث يتمثل السلوك الإجرامي في جريمة الابتزاز الإلكتروني في فعل التهديد الذي يتم من خلال الوسائل الإلكترونية، فإن القضاء العراقي قد جعل الابتزاز الإلكتروني أحد صور جرائم التهديد، نظراً لما تشتمل عليه تلك الجريمة من وعيد وتهديد بإيقاع أذى بالمجني عليه من أجل الضغط على إرادته وتحقيق ما يطلبه الجاني والوصول إلى هدفه(5)؛ إذ تمثل النصوص السابقة الركن الشرعي والإطار القانوني للتجريم والعقاب لجريمة الابتزاز الإلكتروني في التشريع العراقي من أجل سد الفراغ التشريعي بعدم وجود نصوص قانونية خاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية.
وعند الاطلاع على مواد قانون اصول المحاكمات الجزائية نلاحظ أن المشرع العراقي قد اعتبر التهديد من الجرائم التي يقبل الصلح والتنازل فيها باعتبارها من الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكوى المجني عليه، فقد نصت في المادة (194) على أنه: "يقبل الصلح بقرار من قاضي التحقيق او المحكمة اذا طلبه المجني عليه او من يقوم مقامته قانونا في الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكوى المجني عليه وفق الاحكام المبينة في المواد التالية."، فيما نصت المادة (195) منه على أنه: "أ-اذا كانت الجريمة المشار إليها في المادة 194 معاقبا عليها بالحبس مدة سنة فأقل او بالغرامة فيقبل الصلح دون موافقة القاضي او المحكمة. ب-اذا كانت الجريمة معاقبا عليها بالحبس مدة تزيد على سنة فلا يقبل الصلح الا بموافقة القاضي او المحكمة. ج-يقبل الصلح بموافقة القاضي او المحكمة في جرائم التهديد والايذاء واتلاف الاموال او تخريبها ولو كان معاقبا عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة." (6)،وهذا يعني أن المشرع العراقي قد اعتبرها من الجرائم المتعلقة بالحق الخاص ولم يعتبرها من جرائم الحق العام، والباحث يرى إن الخطورة الإجرامية الكامنة في جريمة الابتزاز الإلكتروني لا تتناسب مع مبدأ الصلح والتنازل الوارد في جريمة التهديد، وهو ما يوجب على المشرع العراقي سرعة إصدار قانون خاص بالجرائم الإلكترونية بصورها المختلفة ومنها جريمة الابتزاز الإلكتروني بالشكل الذي يتناسب مع طبيعة وخطورة هذه الجرائم التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية والمعلوماتية.
2 - الركن الشرعي في قوانين إقليم كوردستان الخاصة:
على الرغم من عدم وجود تشريع خاص بالجرائم المعلوماتية في العراق وعدم اقرار مشروع القانون المقترح إلا أن هذا لا يمنع أن ننوه إلى إن المشرع في اقليم كوردستان قد أصدر قانوناً خاصاً بالاتصالات السلكية واللاسلكية وهو قانون منع إساءة استعمال اجهزة الاتصالات في إقليم كوردستان، وإن قيام المشرع بتشريع نصوص عقابية جديدة سواء بإدراجها في قانون العقوبات الحالي أو جمعها في إطار قانون خاص هو بسبب ظهور أفعال ونشاطات جديدة جديرة بالتجريم والعقاب لم تكن موجودة عند تشريع قانون العقوبات، لذا أخذ المشرع في إقليم كوردستان بالتوجه الأخير لإصدار هذا القانون(7)، حيث نص في المادة الثانية منه على أنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أساء استعمال الهاتف الخلوي أو أية أجهزة اتصال سلكية أو لاسلكية أو الانترنيت أو البريد الإلكتروني وذلك عن طريق التهديد أو القذف أو السب أو نشر أخبار مختلقة تثير الرعب وتسريب محادثات أو صور ثابتة أو متحركة أو الرسائل القصيرة (المسج) المنافية للأخلاق والآداب العامة أو التقاط صور بلا رخصة أو أذن أو إسناد أمور خادشة للشرف أو التحريض على ارتكاب الجرائم أو أفعال الفسوق والفجور أو نشر معلومات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد والتي حصل عليها بأية طريقة كانت ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها وتسريبها وتوزيعها الإساءة إليهم أو إلحاق الضرر بهم." (8).
كما نلاحظ أن المشرع في إقليم كوردستان قد بين الظروف المشددة في هذا القانون في المادة الخامسة منه حيث نص على أنه : "يعد ظرفا مشددة لأغراض تطبيق أحكام هذا القانون ارتكاب إحدى الجرائم الواردة في المادتين (الثانية والثالثة) إذا كان مرتكبها من أفراد القوات المسلحة أو قوى الأمن الداخلي أو ممن يستغل صفة رسمية أو من المطلعين على الأسرار الشخصية أو العائلية للأفراد بحكم وظيفته أو مهنته وكل من استعمل جهاز اتصال غيره لارتكاب أحد الأفعال المذكورة".
ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى أن المشرع الكوردستاني قد استخدم هو الآخر لفظ التهديد ولم يشر للابتزاز صراحة إلا أن الابتزاز الإلكتروني وأغلب الجرائم المعلوماتية في إقليم كوردستان تندرج تحت نطاق قانون منع إساءة استعمال أجهزة الاتصالات، أي أن هذا القانون يعتبر الركن الشرعي للجرائم الإلكترونية والمعلوماتية في إقليم كوردستان.
ثانيا: الركن الشرعي في قانون العقوبات المصري (قبل إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية
المعلومات):
كان الركن الشرعي لجريمة الابتزاز الإلكتروني قبل إصدار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري يتمثل في النصوص الواردة في قانون العقوبات المصري والمتعلقة بجريمة التهديد، إذ نص المشرع على أنه " كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤيدة أو المؤقتة أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدوشة بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن. ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر.
وكل من هدد غيره شفهيا بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوبا بتكليف بأمر أم لا.
وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهيا بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه(9).
إذ كانت هذه المادة تمثل الركن الشرعي لجريمة الابتزاز الإلكتروني في مصر حيث كان القضاء المصري يعتمد على تلك المادة في معاقبة الجناة في جرائم الابتزاز بصورة عامة وسواء تم التهديد والابتزاز بوسائل عادية أو من خلال الوسائل الإلكترونية الحديثة.
وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية، حيث جاء في أحد أحكامها " أن معاقبة الجاني بمقتضي نص المادة (327/1) عقوبات تستدعي من المحكمة بيان مضمون ما يطلبه المتهم من المجني عليه وبيان الجريمة المهد بها وما إذا كانت من الجرائم المنصوص عليها في المادة (327) عقوبات أم لا والطلب أو التكليف المصحوبة به حتى يمكن التحقق من مدى مواءمته لأدلة الدعوى الأخرى وحتى تقف المحكمة على التكييف القانوني الحق للواقعة والنص القانوني واجب التطبيق(10).
ولقد تم إضافة مادة أخرى إلى قانون العقوبات المصري وهي المادة (309) مكرر(أ)، حيث أشارت إلى جريمة الابتزاز، إذ نصت على أنه: "يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان بغير رضا صاحب الشأن ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء امر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار اليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه (11)"
والملاحظ على المواد الواردة في قانون العقوبات المصري والمتعلقة بجريمة الابتزاز أن المشرع المصري قد فرق بين الابتزاز بالوسائل المكتوبة والابتزاز بالوسائل الشفهية، ولكنه لم يعاقب على التهديد الشفهي إلا إذا تم من خلال وسيط، كما أنه ساوى في العقوبة بين التهديد المقترن بطلب أو تكليف بأمر وبين التهديد المجرد وهذا محل نظر، إذ يفترض التشديد في حالة اقتران التهديد بطلب أو تكليف بأمر وهذا مالم يفعله المشرع المصري (12).
وعليه؛ فإن التشريعات المختلفة اتجهت إلى وضع الركن الشرعي لجريمة الابتزاز الإلكتروني وتجريم تلك الجريمة والنص على العقوبات الرادعة لها إما من خلال قوانين خاصة بالجرائم الإلكترونية أو من خلال النصوص الواردة في قوانين العقاب كما هو الحال في التشريع العراقي.
وفي الواقع فإن تجريم الابتزاز الإلكتروني من خلال النصوص العامة الواردة في قانون العقوبات يعتبر محل نظر، حيث تختلف طبيعة جريمة الابتزاز الإلكتروني والوسائل التي تتم بها الجريمة عن الجرائم التقليدية التي يتم العقاب عليها في قانون العقوبات، لذا يستوجب على المشرع العراقي سرعة إصدار قانون مكافحة جرائم المعلومات وبما يشتمل على وضع الركن الشرعي الجريمة الابتزاز الإلكتروني وغيرها من الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية الأخرى، وبما يتفق مع طبيعة تلك الجرائم والوسائل الإلكترونية التي تتم بها الجريمة.
ولكي يكون الإطار العام للتجريم والعقاب في هذه الجرائم من خلال نصوص خاصة تتفق مع فداحة الجرم وبما يتفق مع قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص والتي تمنع القياس في نصوص التجريم والعقاب، مما ينبغي معه وجود نصوص قانونية خاصة بتلك الجرائم بما فيها جريمة الابتزاز الإلكتروني.
____________
1- المادة (430) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969م المعدل.
2- المادة (431) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969م المعدل.
3- المادة (432) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969م المعدل.
4- المادة (452) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969م المعدل.
5- د. مصطفى خالد الرواشدة، جريمة الابتزاز الإلكتروني في القانون الاردني، مركز الكتاب الأكاديمي، الاردن، 2020م، ص25.
6- المادة (194) والمادة (195) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971م.
7- قاسم حسن عبدالقادر، بحث مقدم إلى مجلس القضاء في إقليم كوردستان، رئاسة مجلس وزراء إقليم كوردستان العراق - وزارة العدل - رئاسة الادعاء العام، 2012م، ص27.
8- المادة (2) من قانون منع إساءة استعمال اجهزة الاتصالات في إقليم كوردستان العراق رقم (5) لسنة 2008.
9- المادة (327) من قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937م وتعديلاته.
10- حكم محكمة النقض المصرية في الطعن رقم (26463/ لسنة 86) نقض جنائي، جلسه 2017/10/22م.
11- المادة (309) مكرر (أ) من قانون العقوبات المصري رقم (58) لسنة 1937م وتعديلاته.
12- د. ثامر محمد محمد صالح، الابتزاز الالكتروني ( دراسة تحليلية مقارنة ) ، مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية كلية الحقوق – جامعة الاسكندرية عدد (1) 2018 م ، ص650.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|