جغرافية الحرب البرمائية

في 15 سبتمبر 1950، عكس فيلق إكس كوربس X Corps الأمريكي تيار الحرب الكورية بحركة تحول حاسمة في إنشون في كوريا. ولعل عملية كرومایت Chromite كانت حركة التحول البرمائية الأكثر حسين في التاريخ العسكري. ولكن رغم نجاحها المذهل، كانت عملية الإنزال محفوفة بالمخاطر. ربما كانت العمليات البرمائية هي العمليات الأصعب من حيث التخطيط والتنفيذ، ومن المؤكد أن عملية كرومایت لم تكن استثناء لأن الأمريكيين اضطروا إلى التغلب على ظروف المد والجزر المعقدة والصعوبة في قياس الأعماق والشواطئ الرديئة. ولكن، ولهذه الأسباب بالتحديد، لم يفكر الكوريون الشاليون أساسا بالإنزال هناك. وبالتالي، فإن عملية إنزال ناجحة في إنشون من شأنها أن تسفر عن نتائج عملياتية لا حصر لها. لم يكن من المتوقع أن يفكر الجنرال دوجلاس ماك آرثر في هذه الجوانب، ولعله كان القائد العسكري الوحيد في أيامه الذي يتمتع بالخبرة والمؤهلات لتنفيذ هذه العملية بنجاح رغم صعوباتها الجغرافية.

وتعرضت عملية الإنزال لصعوبات جغرافية كبيرة كان من شأنها أن تصد الجميع ماعدا القادة العسكريين الأكثر إقداما. وقد فهم ماك آرثر المزايا الكامنة التي تتعلق بالعمليات البرمائية والتأثير المدمر الذي تخلفه حركة التفافية عميقة ضد عدو مطمئن. وبموجب هذا التوجيه، تم تخطيط العملية على أعلى المستويات وتم إسنادها إلى تعاون من الدرجة الأولى بين القوات البرية والبحرية والمارينز والتي وثق ماك آرثر بها خلال حملاته المتنقلة بين الجزر ضد اليابانيين (1994 Utz). وتعلم واضعو الخطط لديه عملهم خلال الحرب العالمية الثانية وكانوا على درجة عالية من المهارة. وبين خبرتهم ورباطة جأشه، بدا نجاح العملية محقق ألو أمكن استغلال المد والجزر في توقيت عملية كرومایت .(Weintraub 2000)

هذا الاستعراض هو مثال عن الجغرافيا العسكرية عبر التاريخ موضحة في إطار استراتيجي وعملياتي. وسوف ندرس في هذا الفصل الاعتبارات الجغرافية التي تؤثر في العمليات البرمائية. وسوف يوضح هذا التحليل الجغرافي لعملية كرومایت كيف تدفع جغرافية عمليات الإنزال البرمائية نحو اتخاذ القرارات الاستراتيجية. ويهدف هذا الفصل إلى إيضاح تأثير مجموعة فريدة من المشكلات المرتبطة بالعمليات في المنطقة الساحلية، وأثرها على العمليات العسكرية.