أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-04
1056
التاريخ: 2023-06-06
1173
التاريخ: 20/9/2022
1334
التاريخ: 2024-07-02
466
|
الله (تبارك وتعالى) موجود.. ذلك أمر لا ريب فيه. آمن به من آمن، وكفر به من كفر.
تُرى، ماذا يعني وجوده بالنسبة إلينا؟
هل ذلك لمجرد تفسير فلسفي لخلق الكون وحدوثه ؟
أم أن وجود الله (عز وعلا) يعني شيئاً آخر، له تأثيره في حياتنا اليومية، وطريقة تعاملنا مع ما يجري حولنا ويحدث؟
الحقيقة، إن المؤمنين بالله تعالى هم على أصناف:
صنف يؤمن بوجوده من دون أن يتحمل مسؤولية إيمانه، لأن أمثاله لم يجدوا الرابط بين اعتقادهم بوجود
الله وحياتهم اليومية، ويتصور هؤلاء أنه تبارك وتعالى خلق الخلق ثم تركهم وشأنهم، ليفعلوا ما يحلو لهم، وليصنعوا ما يشاؤون، دون رقابة أو توجيه من السماء.
وصنف آخر يرى أن الإيمان بوجود الله تعالى يدعونا إلى بث المحبة بين الناس، فالله سبحانه في نظر هؤلاء هو العاشق الذي أحب الخلق فخلقه، ثم إنه لفرط محبته للخلق سيمنحهم عطاءه الموفور، وبعد الموت يذهب كل إنسان إليه مرحوماً مغفوراً له، حتى وإن ارتكب من الذنوب والآثام ما تنهد له الجبال الراسيات.
وهذه عقيدة أغلب المسيحيين في العالم، حيث يتلخص الإيمان بالله عندهم في: الإيمان بوجوده، ومحبته، والأمل في الحياة الخالدة مع السيد المسيح عليه السلام في السماء من دون حساب أو كتاب.
وصنف آخر يرى أن الله (عز وجل) لم يخلق الخلق عبثاً، وقد قال (جل وعلا) في القرآن الكريم: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 85]، فالحق هنا له حدود معينة، وخارج هذه الحدود يكون كل شيء باطلاً.
ثم أن الدنيا التي حولنا خليط من الحق والباطل ويتمثلان في طريقين متناقضين، فالدنيا مليئة بالخير والشر، والصلاح والفساد، وبين كل هذه المسميات صراع دائم، والإنسان يقف ضمن حدود اختياراته وسط هذه المتناقضات باحثاً عن مسؤوليته التاريخية، ووظيفته الإنسانية في اختيار الطريق المناسب.
وحرية الاختيار هنا لا تعني الحرية المطلقة، بل تعني الحرية المحدودة التي يترتب عليها الجزاء ، حيث يكون المرء مسؤولاً عن كل فعل يقوم به، وكل موقف يتخذه، وبما أنه مكلف بنصرة الحق في ذاته وفي حياته، فهو محاسب على خذلانه، لأن في خذلان الحق نصرة للباطل.
من هنا يظهر أن المؤمنين بوجود الله تعالى ينقسمون إلى فئتين:
الفئة لأولى: التي تؤمن بخلق الكون من قبل لله سبحانه، غير أنها لا ترى أن له «الأمر» كما له «الخلق»، فالإنسان لذلك مخير في طريقة تسيير الحياة كيفما أراد، وليس للباري دخل في أموره، أو أحكام في شؤونه، وأنه لا يجازى بالسيئ من أفعاله سوى بالغفران والرحمة الالهية.
الفئة الثانية: وهي التي ترى بأن خلق الكون هو من تجليات الحكمة الإلهية، والحكمة بطبيعتها لا تتفق مع العبثية بل تناقضها، فلو سلمنا بحكمة الله (عز وجل) فلابد أن نرفض العبثية في الكون، ونؤمن بأن هناك أهدافاً عظيمة وراء هذا الخلق.
والهدفية في الكون لا تعني ابداً ان لله (عز وجل) مصلحة في خلقه، لأن الله أعز، وأغنى، وأكبر، من أن يحتاج إلى عباده، ولكنه عز وجل أراد أن يُعرَف بين عباده فخلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه فجعل الدنيا دار بلاء وابتلاء، وأنزل الكتب، وبعث الرسل، وخلق الظلمة والنور، ومنح الإنسان حرية الاختيار بين الحق والباطل، وعرفه الخير والشر ليبتليه ويمتحنه ويحاسبه ويجازيه، فمن اختار الحق فهو يُحشر بعد الموت في الجنة الخالدة، ومن اختار الباطل فهو يستحق نار جهنم خالداً فيها.
والمعركة الكبرى للأنبياء لا تنتهي بالإيمان بوجود الله (عز وجل) بل إنها تستمر مع الذين آمنوا به واعترفوا بوجوده، لكنهم أشركوا به فيما بعد، أي مع الذين لا يعملون بمنهج الأنبياء ولا يسيرون بطريقتهم في الحياة، .والالتزام بأخلاقهم، وما جاءوا به في جميع مناحي الحياة. بالإضافة إلى الإيمان بالله وحبه تعالى باعتبار أن ذلك جزء من ضمير الإنسان ووجدانه.
يقول أحمد أمين في كتابه : (التكامل في الإسلام) :
«قابلت ذات مرة رجلا في شمال انجلترا، كان يفخر طول حياته بأنه رجل ملحد! وحرم ابنته الوحيدة من الميراث، لأنها تزوجت معلماً شديد الإيمان بالله. وفي نهاية حياته أصيب بمرض عضال. فحاول جهده أن يبرر موقفه من زوج ابنته.. وكان زوج ابنته يستدرجه بين الحين والحين إلى مناقشات تنتهي عادة بقول الرجل الملحد هذا: «إنني لست نادماً على شيء، فما زلت أكفر بالله».
وذات يوم ردت عليه ابنته قائلة: «ولكن الله يا أبي يؤمن بك!».
وأمام هذه العبارة سقطت آخر مقاومة لهذا الرجل الملحد. «فمهما نفكر ونفعل فنحن من صنع الله، وكلمة واحدة تكفي لشكره وحمده».
حقاً إن للإيمان بالله مظاهر شتى، منها ما يرتبط بالنفس مثل السعي لتزكيتها وإصلاحها، ومنها ما يرتبط
بالأمور الأخلاقية كالبر بالوالدين، وصلة الرحم، والعمل الصالح، واجتناب الفسوق والخيانة، والإنفاق والسعي في عمل الخير وإصلاح ذات البين.. يقول القرآن الكريم : {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون:60،61].
ومنها ما يرتبط بمسألة الحق والباطل، وضرورة نصرة الحق، ومواجهة الباطل. كل ذلك من متطلبات الإيمان بوجود الله. وهذا هو معنى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] . ومعنى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|