أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2022
1283
التاريخ: 2023-05-13
1601
التاريخ: 2023-09-06
1302
التاريخ: 6/9/2022
1394
|
قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180].
لعل البعض يفزع من موضوع الوصية ويفكر بأنها تعجل في الموت والذهاب إلى العالم الآخر في الوقت الذي تعتبر الوصية دليلاً على الاعتقاد الراسخ في الحياة بعد الموت ويوم المعاد ودليلا على فك الغفلة من عنق المرء.
ورغم أن الوصية أمر مستحب لكن الآية الكريمة المذكورة جاءت وكأن الوصية أمر واجب حيث وردت عبارة (كتب عليكم) مما يوضح أهمية الوصية ودورها في وضع حياة الأقارب وذوي الميت، وتوضح قانون الميراث الذي يشمل عدداً من الأهل والأقارب لعل بعضهم لا يملك شيئاً ما وتأتي الوصية لتضمن له بعض الحقوق المادية لإدارة شؤون حياته وتضمن الوصية حقوق الآخرين فيما يحق للموصي أن يوصي بثلث ماله لأعمال الخير التي تعود عليه بالفائدة، تقول الآية الكريمة {حقاً على المتقين} ولا شك في أن الوصية ليست مختصة بزمان معين وإن جملة {إذا حضر أحدكم الموت} في الآية تشير إلى آخر فرصة للوصية قبل الموت..
واستناداً لما ذكره المفسرون فإن كلمة الخير في الآية الكريمة تعني الثروة والمال كما أن ذكر الوالدين والأقربين أفضل مجال لمن تشملهم الوصية ولا يمكن أن تشمل الجيران والأجانب، واللطيف في الأمر أن قانون الوصية يشير إلى كلمة (بالمعروف) أي أن الوصية يجب أن تتناسب مع العقل وأن يتوافق المبلغ الموصى به مع الشخص الموصى إليه وهذا أمر يتناسب مع العرف العقلائي والتدبير وليس السفه .
هذا من جهة، ومن جهة أخرى ينبغي أن لا تكون الوصية مجالاً لتصفية الحسابات مع الآخرين واستخدام الأغراض والنوايا الخاصة مع بعض الأقارب فيما إذا كانت هناك عداوات سابقة لأن هذا يفقد الوصية قيمتها الشرعية والاجتماعية.
وهنا نقرأ في الروايات ما يتم التأكيد عليه من أهمية منع ايصال الضرر للورثة واشعال نار الخصام بينهم فمثلاً يحق للمرء أن يتصرف بأن يوصي بثلث ماله، ولكن من الأفضل أن لا يتجاوز الربع وحتى في بعض الروايات لا يتجاوز الخمس لئلا يقع ما يؤثر على الورثة من اجحاف.
وهنا ينبغي توضيح النقاط التالية :
١- رغم أن الوصية عمل مستحب ومحبذ لكنها قد تصل في بعض لحالات إلى الوجوب فمثلاً إذ كان المرء قد قصّر في دفع الزكاة أو الخمس أو أودع الناس عنده أموالهم أو اقترض مالاً منهم فينبغي هنا أن يوصي لئلا يضيع حق الاخرين.
٢- يحترم الإسلام حقوق الآخرين من خلال عدم تحديده الوصية باللفظ فلربما عجز بعض الناس عن التكلم أثناء مدة النزع في مرض الموت بل أوصى الإسلام أن تكون الوصية كتابة أو اشارة فهذا يكفي.
٣- يحفظ قانون الميراث حق الورثة من خلال عدم جواز وصية الموصي بأكثر من ثلث ماله إلا باجازة الورثة.
٤- يمكن تغيير الوصية قبل الموت وجميل أن يعيد المرء النظر في وصيته طالما كان على قيد الحياة.
٥- انطلاقا من أن الله تبارك وتعالى أجاز للمرء التصرف بثلث ماله بعد موته فإن الناس يستفيدون من هذا القانون فالكثير من الروايات الواردة عن الأئمة عليهم السلام تؤكد أنهم (عليهم السلام) كانوا يوصون لذويهم وأقاربهم بمبلغ من أموالهم بهدف صلة الرحم وكثيرا ما كانوا يعتقون عبيدهم وإماءهم بمالهم عند الوصية، وما ذكرته الآية الكريمة بخصوص الوالدين من باب الأحق الأكمل في قانون الميراث وإلا يستطيع الإنسان أن يوصي حتى لمن هم ليسوا من أقاربه أو ذويه، وبالطبع الأقربون أولى بالمعروف، وهنا يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (من لم يوصِ عند موته لذوي قرابته ممن لا يرثُ فقد ختم عمله بمعصية)(1).
٦- معلوم أن أكثر الناس يذكرون في وصاياهم أعمال الخير ويجعلون لأقربائهم سهماً في أموالهم وحتى أن البعض لم يكونوا في حياتهم من أهل الخير لكنهم يوصون عند موتهم بأعمال الخير ولا اعتراض هنا على أصل الوصية بل هي من الواجبات أو المستحبات في الإسلام، لكن من الأفضل أن يقوم هؤلاء الناس بأعمال الخير في حياتهم بدلاً من أن يوصوا بها بعد وفاتهم خاصة إذا احتملوا أن أولادهم قد لا يعملون بوصاياهم كما كانوا بالأمس آباء لهم ولم يكن هؤلاء الأولاد مطيعين لهم.
قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):
(يا بن آدم كُن وصي نفسك في مالك واعمل فيه ما تُؤثِرُ أن يُعمل فيه من بعدك)(2).
لذا فكم هو جميل أن يقوم الإنسان بأعمال الخير بنفسه دون أن يذكرها في وصيته بعد وفاته، لأن قيام المرء بنفسه بأعمال الخير أفضل بكثير من وصيته بها.
٧- ليعلم الجميع أن قانون الوصية له حدود معينة يجب عدم تجاوزها أي أن للمرء أن يوصي بثلث أمواله يتصرف بها بعد موته، لكن الثلثين الباقيين لا يحق له التصرف بهما بعد موته لأنها من حق الورثة وما يقوم به بعض الآباء من الوصية في الميراث بأن تكون لابنه الفلاني حصة أكثر من البقية، فهذا خلاف الشرع المبين وهو يورث الخلافات بين الورثة ووفقاً للوصية ينبغي أن يكتب عند الكتابة (على كتاب الله) أي للذكر مثل حظ الأنثيين وهكذا وفقا لآية الميراث.
هناك من الآباء من يحرم بناته مثلا من الإرث أو يعطيهن أقل مما فرض لهن وهذا خلاف الشرع الإسلامي وغير جائز ومثل هذه الوصية غير ملزمة شرعا وقانونا .
ويسعى البعض من أجل أن لا يقع خلاف بين الورثة إلى تعيين حصص أولادهم من الإرث في حياتهم فإذا كان ذلك لا يتعارض مع كتاب الله وكان الورثة راشدين ويقبلون بما يقرره الأب دون وقوع أي خلاف ففي هذه الحالة لا مانع من ذلك، أما إذا كان الورثة صغارا أو مجانين مثلا أو حصل تمييز بين الورثة يوجب الخلاف بينهم فإن ذلك لا يجوز.
٨- إذا أوصى المرء الوصية وفقا لما ورد في القرآن الكريم من قانون الميراث فعلى الوصي أن يعمل وفقا للوصية وعليه يقع ذنب عدم العمل بالوصية أو تغييرها.
وترتكز الوصية على أركان أربعة هي:
١- الموصي .
٢- الموصى له.
٣- الموصل به.
٤ـ الوصي.
ورد في الآية ١٨٠ من سورة البقرة مبحث الوصية وتمت الاشارة هنا إلى ثلاثة أركان هي الموصي وهم المسلمون والموصى له وهم الوالدان والأقربون، والموصى به وهو الخير أي المال حسب الآية لكن الآية ١٨١ اختصت بالركن الرابع وهو الوصي، قال تعالى: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181].
يحذر القرآن الكريم المتخلفين عن اداء الوصية بصورة صحيحة أو تغييرها فهو من جهة يطمئن الموصي بالأجر والثواب الأخروي ومن جهة أخرى يعتبر تغيير الوصية سبباً لنزول العذاب الإلهي، وقد وصل التأكيد على العمل بالوصية من قبل أئمة المسلمين بضرورة العمل بها حتى لو كان الموصي غير مسلم ومن الطبيعي أن غير المسلم لا يوصي المسلم لكن الإمام الباقر (عليه السلام) يريد بيان أهمية العمل بالوصية واحترام ذلك.
واعتبر الإسلام أن الشخص الذي يغير الوصية يكون ضامناً ومسؤولا عن العمل بالوصية.
٩- في الآية ١٨١ التي أشرنا إلى مبحثها الخاص بالوصية أشير الى أن الشخص الذي يبدل الوصية فعليه اثم ذلك، وإذا كانت الوصية ذات إثارات غير مطلوبة أو تسبب وقوع فتنة أو كانت خلافاً للأوامر الإلهية فإن يد الوصي مفتوحة وبإمكانه أن يسعى لتغيير الوصية في حياة الموصي وحتى بعد مماته فقد استثنت الآية ١٨٢ القانون الوارد في الآية ١٨١ بالقول:
{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182].
فإذا قام الموصي بالوصية خلافاً لمصالح الورثة أو أوصى بالشكل الذي يؤدي إلى مفسدة أو وقوع ظلم فللوصي حق تغيير الوصية مع وجود الموصي على قيد الحياة بالشكل الذي يرفع الخلاف وحتى بعد موت الموصي يستطيع الوصي تغيير الوصية إذا أوصى الموصي بأكثر من ثلث ماله.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا أوصى الرجل بوصيته فلا يحل للوصي أن يغير وصيته يُمضيها على ما أوصى إلا أن يُوصي بغير ما أمر الله تعالى)(1).
_______________________________________
(١) مجمع البيان - تفسير الآية ١٨٠/ سورة البقرة .
(١) نهج البلاغة - صبحي الصالح - الحكمة ٢٥٤.
(3) سفينة البحار ج2 ص659.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|