المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

دور الدولـة فـي التـنميـة (ملـخص لـدور الدولـة فـي الاقتـصاد حسـب المـذاهب الاقتصاديـة)
8-1-2023
قياس السبر والتقسيم
18-8-2016
أهل الجزيرة وأبا العباس السفاح
28-6-2017
ارساء قواعد الشخصية
2023-04-09
Circular Prime
29-8-2020
يسلم ثم يموت
21-5-2020


التشريع الفرنسي حول التوقيع الإلكتروني  
  
3798   01:21 صباحاً   التاريخ: 14-7-2022
المؤلف : ثروت عبد الحميد
الكتاب أو المصدر : التوقيع الالكتروني
الجزء والصفحة : ص169-184
القسم : القانون / القانون الخاص / قانون المرافعات و الاثبات / قانون الاثبات /

أولا - مرحلة الإعداد القانون 13 مارس 2000 :

- لقد فرض التطور المعلوماتي المتسارع تحديات كبيرة على مختلف الدول ، إذ بفضل ارتباط الشبكات الرقمية ( الأنظمة المعلوماتية ، والاتصالات اللاسلكية) ، سواء على المستوى الكوني أو على المستوى المحلي ، أصبح في الإمكان تبادل المعلومات ، وإبرام المعاملات ، نون الحاجة إلى دعامة ورقية . و إذا كان لهذا التطور فوائده ، بالنسبة للفرد وبالنسبة للمجتمع على حد سواء لسرعة وسهولة إجراء المعاملات والقيام بالإجراءات الإدارية المطلوبة ، إلى أنه خلف الكثير من المشكلات على  المستوى التنظيمي والقانوني أو التقني ، الأمر الذي فرض على المشرع الفرنسي التدخل لتعديل القواعد والأحكام الموجودة لتتناسب مع ما يشهده المجتمع من تطور .

 - وقد كان تدخل المشرع الفرنسي في بداية الأمر جزئيا ، إذا اقتصر على مواجهة حالات خاصة ، تمس قطاعات حيوية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي ، مثل المعاملات التي تتم بين الأفراد وجهات إدارية على الشبكة الرقمية ، أو من خلال الدعامات غير المادية .

وفي هذا السياق يمكن أن ننكر ، على سبيل المثال ، قانون 12 يوليو 1980 ، بشان قبول الميكروفيلم في الإثبات (1)، وقانون 30 أبريل 1983 ، بشان السماح باستخدام الوسائط الإلكترونية كبديل عن الدفاتر التجارية في تدوين حسابات التجار ، وهو ما استتبع تعديل نص المادة (47) من قانون الضرائب الفرنسي ، ليصبح ممكنا قبول قسائم الشراء المدونة أو المتبادلة عبر وسيط إلكتروني من قبل جهات الربط الضريبي ، كما صدر مرسوم بقانون في 3 مايو 1999، معد" نص المادة (289) من قانون الضرائب ، وليسمح بقبول جميع للمحررات المدونة على وسائط إلكترونية ، لمنحها نفس الحجية المقررة المحررات الورقية في الإثبات قبل جهات الربط الضريبي : هذا بالإضافة إلى قانون 11 فبراير 1994،(2) حول "المبادرة والمشروع الفردي " ، و الذي وضعت مادته رقم (4-1) سبعة شروط للاعتراف بحجية معاملات الأفراد الإلكترونية مع الجهات الإدارية ، وكذلك مرسوم و ابريل 1998 ، والخاص بتنظيم معاملات الأفراد وتصرفاتهم القانونية مع هيئات التأمين الصحي ، ليقر حجية التوقيع الإلكتروني الذي يتم عن طريق استخدام البطاقة الإلكترونية للتأمين الصحي .

- والملاحظ أن تدخل المشرع الفرنسي قد جاء متناثرة ، بشان حالات خاصة ، ولم تنتظم قاعدة معدة ، كما أنه لم يتعرض للنصوص الخاصة بالإثبات ، الواردة بالمواد ( 1315-1369) من التقنين المدني الفرنسي ، والتي تتضمن القواعد العامة في الإثبات .

وقد ثار نقاش في الفقه الفرنسي ، حول مدى ضرورة تدخل المشرع التعديل القواعد الخاصة بالإثبات الواردة في القانون المدني ، إذ اعتقد البعض ألا ضرورة لمثل هذا التدخل التشريعي ، لما تتميز به قواعد الإثبات من مرونة ، حيث تعطي للأفراد حرية كبيرة في اختيار طريقة الإثبات في نسبة كبيرة من التصرفات القانونية ، فهناك أولا التصرفات التي لا تجاوز قيمتها ( 5000) فرنك ( نصاب الإثبات بشهادة الشهود ) ، وهناك ثانيا المواد التجارية ، كما يمكن للأطراف ، ثالثا ، الاتفاق على طريقة مقبولة في الإثبات ، بالنسبة للتصرفات التي لا تندرج تحت النوعين السابقين، مما يعني إمكانية قبول وسائل الإثبات ، غير المادية دون صعوبة تنكر ، لكن الأمر يطلب بعض الاحتياطات ، كعدم تجاوز الصفقة لحد معين ، او ابرام اتفاق بشأن الوسائل المقبولة في الإثبات (3). في حين رأى البعض الآخر ، أن التطور التقني والمعلوماتي يفرض على المشرع التدخل لتعديل قواعد الإثبات ، وعدم ترك الأمر لسلطة القاضي بالتقديرية ، لأنها لم تعد قادرة على إظهار الحقيقة ، في كل الأحوال ، وهو ينعكس سلبا على الثقة في المعاملات (4)

-  ويبدو أن ظهور الإنترنت ، واستخدامه على نطاق واسع في إبرام التصرفات القانونية ، ساعد على ترجيح الرأي الثاني ، والذي ينادي بضرورة التدخل التشريعي لتعديل قواعد الإثبات ، كما أن انخراط مؤسسات المجموعة الأوروبية في إعداد توجيه أوروبي بشأن التوقيع الإلكتروني ، جعل التدخل التشريعي امرة مفروضة ، بل وقد يكون من بين العوامل التي تساعد على التعجيل به ، إذ سارعت عدة جهات لتقديم اقتراحات بشأن ما يجب أن يتضمنه التشريع المنتظر من قواعد و أحكام (5) ، وكان من أهمها الاقتراحات التي قدمها مجلس الدولة الفرنسي ، بشأن التدخل التشريعي في مجال استخدام المحررات الموقعة إلكترونية في الإثبات (6)، وهو ما تبنته الحكومة في شكل مشروع قانون ، ووافق عليه البرلمان الفرنسي ، وصدر في 13 مارس 2000 (7).  

ثانيا : الإطار العام للتشريع الفرنسي حول التوقيع الالكتروني

 - ونلاحظ مبدئية ، لن التشريع الفرنسي قد جاء في صورة تعديل للنصوص المتعلقة بالإثبات ، والواردة في القانون المدني وإضافة نصوص جديدة ، بما يجعلها متوافقة مع تقنيات المعلوماتية ، وشيوع اللجوء إلى التوقيع الإلكتروني ، ولم يشأ المشرع الفرنسي أن ينظم حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات ضمن تشريع خاص ( بالتجارة الإلكترونية مثلا). أما من حيث الإطار الموضوعي ، فقد كرس هذا التشريع ميدان أساسيين :

الأول : عدم التمييز بين الكتابة المعدة للإثبات بسبب الدعامة التي تتم عليها ، لو الوسيط الذي تتم من خلاله ، فسواء كانت الكتابة على دعامة مادية أو غير مادية ، أو تمت من خلال وسيط ورقي أو عبر وسيط إلكتروني ، فإن هذا الأمر لا يجب أن ينال من قوتها ، أو أن يكون سببا لعدم الاعتراف بها (م 1319 مدني فرنسي ، مضافة ).

الثاني : مبدأ المساواة الوظيفية ، وهو يعني الاعتراف بالمحرر الإلكتروني بذات الحجية المقررة للمحررات العرفية التقليدية ، طالما كان من الممكن من خلال التوقيع الذي يحمله تمييز الشخص الذي أصدره ، وتحديد هويته ، وكان إنشاؤه وحفظه قد تم في ظروف وبطريقة جديرة بالحفاظ عليه من التحريف أو التعديل (م 1316-1 من التقنين الفرنسي ، م ضافة ) . وقد أقام هذا النص قرينة قانونية على جدارة الطريقة التي استخدمت في إنشاء المحرر الإلكتروني وحفظه ، وتوقيعه إلكترونيا ، لكنها قرينة بسيطة ، يجوز دحضها بالدليل العكسي .

 - ورغم أنه يفترض أن القانون الفرنسي حول التوقيع الإلكتروني قد صدر بهدف جعل القانون الوطني منسجمة مع أحكام التوجيه الأوروبي في هذا الشأن ، إلا أنه يتجاوز ذلك ، ويذهب إلى مدى أبعد ، حيث لا يكتفي القانون المشار إليه بوضع تعريف للتوقيع عموما ، وتحديد القواعد المنظمة للتوقيع الإلكتروني بصفة خاصة ، فمن ناحية ، نجد أنه يعمل في قواعد الإثبات الكتابي نفسه ، ومن ناحية أخرى ، فإنه يخول الموظف العام إمكانية إنشاء وحفظ الأوراق الرسمية على دعامة إلكترونية (م 1317/2 ) مضافة بقانون 13 مارس 2000)، غير أن تطبيق هذه الفقرة : معلق لحين صدور مرسوم يحدد الشروط الواجب توافرها لإنشاء وحفظ المستندات الرسمية على دعامة إلكترونية . وفي نظر البعض ؛ فإن هذه الإضافة تمثل تطورا هائلا ، او ما يشبه الثورة على النطاق القانوني (8)، في حين يرى جانب آخر أن هذا النص لن يغير شيئا من المعايير المطلوبة لرسمية الورقة(9) .

- و الحقيقة أن نص المادة (1317/2 )  من التقنين المدني الفرنسي ، المضافة حديثا ، قد جاء على خلاف الرأي الذي ساد الفقه الفرنسي ، والذي يميل إلى قصر إمكانية إجراء التصرفات القانونية الشكلية عبر وسيط إلكتروني ، على الأحوال التي تكون الشكلية فيها متطلبة للإثبات ، وليست لصحة العمل القانوني ذاته ، أو باعتبارها ركن من اركانه الازمة لانتقاده ، ذلك أن الشكلية المتطلبة في التصرفات الرسمية ، يطلبها المشرع بهدف حماية رضاء المتعاقد ، عندما يقدم على ابرام تصرف قانوني خطير الشأن ، كعقد زواج ، أو الرهن الرسمي ، أو هبة العقار ، ولا شك أن الحكمة التي يبتغاها المشرع متوافرة في كل الأحوال ، أضف إلى ذلك ، أن مثل هذه التصرفات القانونية ذات خطورة على الذمة المالية ، لا يجريها الشخص عدة مرات كل يوم ، بحيث نبحث عن تقنيات تسهل إجرائها ، فهي لا شك من الأمور النادرة في حياة الشخص .

من جانب آخر ، لم يورد التشريع الفرنسي اي نص يتعلق بالتزامات مقدم خدمات التوثيق ، أو يرسم حدود مسئوليته ، مما يوحي بتركها للقواعد العلمة ، لو انتظار الفرصة أخرى تلوح في المستقبل .

ثالثا : تحديد مفهوم الكتابة :

- وفقا لنص المادة ( 1316) من التقنين المدني الفرنسي ، يشمل الإثبات عن طريق الكتابة كل تدوين للحروف أو العلامات أو الأرقام او اي رمز لو إشارة أخرى ، ذات دلالة تعبيرية واضحة ومفهومة ، أيا كانت الدعامة التي تستخدم في إنشائها ، أو الوسيط الذي تنتقل عبره .

وهذا التعريف يوسع من مفهوم الكتابة المعدة للإثبات ، ليشمل كل أنواء الكتابة ، الموجود منها ، وما هو في طور التجريب ، مثل الكتابة البيولوجية ، وما قد يظهر مستقبلا.

وهذا النص يكرم مبدأ عامة ، يعتبر من أسس التشريع الفرنسي حول التوقيع الإلكتروني ، هو مبدأ عدم التمييز في نطاق الكتابة المعدة للإثبات ، على أساس التقنية المستخدمة في إنشائها ، أو الوسيلة المستعملة في نقلها . ويعني ذلك أن الأثر القانوني المترتب على الورقة ، لو درجة صحتها ، أو قوة الدليل المستمد من المعلومات المدرجة بها ، لا يمكن النيل منها أو إنكارها بسبب الطريقة المستخدمة في تحرير المعلومات ، أو الوسيلة التي تم عبرها نقل هذه المعلومات ، والهدف من ذلك ، الاعتراف بمبدأ حيادية التقنية أو الوسيلة ، إذ ليست العبرة في التقنية المستخدمة في إنشاء الكتابة ، أو الوسيط الذي تنتقل عبره ، بل المعول الأساسي هو جدارة الطريقة المستخدمة في إنشاء الكتابة أو نقلها ، في الحفاظ عليها وعلى مادتها.

وهذا المبدأ يندرج فيما سار عليه القضاء والفقه الفرنسي سابقة ، والذي يؤكد على ضرورة الفصل بين الكتابة ، والأداة أو المادة المستخدمة في إنشائها (10). فقد اعترف القضاء الفرنسي بصحة الكتابة الصادرة على دعامة غير مادية (11)، أو التي تمت بواسطة القلم الرصاص (12) ، او على وسيط إلكتروني (13) .

- ولم يتضمن القانون الفرنسي النص على ضرورة تدخل طرف نالت ، للتصديق على الكتابة التي تتم في شكل إلكتروني ، حتى لا يهدر مبدأ عدم التمييز أو الحيادية التقنية والذي يعتبر أحد الأسس التي يستند عليها . فالتعريف الموسع لمفهوم الكتابة ، الذي يكرسه القانون ، يتضمن كل أشكال الكتابة ، بما فيها الكتابة الإلكترونية ، وإن كان لا يقتصر عليها . كما أن مقتضى عدم التفرقة بين الكتابة على أساس طريقة نقلها ، يتطلب أن الحجية المعترف بها للكتابة يجب ألا تعتمد لا على الدعامة التي استخدمت في إنشائها ، ولا الوسيط الذي نقلت من خلاله ، وهو ما يتضمن النقل اليدوي ؛ عن طريق تحميل الكتابة على شريط كاسيت ، أو أسطوانة  ( CD-ROM   ) كما يشمل تبادل البيانات والمعلومات عن بعد عبر وسيط إلكتروني .

وإذا كان تعريف الكتابة في المادة ( 1316) المذكورة ، لم يهتم بالطريقة التي يتم بها التعبير عن البيانات والمعلومات التي يتضمنها المحرر ، أو شكلها ، إلا أنه اشترط أن تكون الرموز والإشارات - المستخدمة في كتابة المحرر ، ذات دلالة تعبيرية واضحة ومفهومة ، لدى ذوي الشأن - والمقصود بذلك ، أن مضمون المحرر والمعلومات الواردة فيه ، إذا كان قد تم التعبير عنها في صورة شفرة أو كود رقمي ، او معادلة ، أو رسم كاريكاتيري إذا كان ، فإن هذا المحرر لن يعترف له بحجية الكتابة ، وقوة الدليل المستمد منها، إلا إذا كان ممكنا استرجاعها ، والحصول عليها بطريقة مقروءة ومفهومة من قبل ذوي الشأن . وكذلك تقديمها أمام القاضي في لغة واضحة ومفهومة .  

رابعا : مبدأ التكافؤ الوظيفي :

- وهو يعني المساواة بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة في الشكل التقليدي في الحجية ، وفي قوة الدليل المستمد منها، طالما استطاعت أن تؤدي الوظيفة او المهمة التي يتطلبها المشرع ؛ وهي تميز شخص مصدرها وتحديد هويته ، وأن يتم تدوينها وحفظها بطريقة ، أو في ظروف ، جديرة بالحفاظ على قوامها من التحريف أو التعديل .

فقد نصت المادة (1316-1مضافة ) من التقنين المدني الفرنسي ، على أنه : " تتمتع الكتابة الإلكترونية بنفس الحجية المعترف بها للمحررات الكتابية في الإثبات ، شريطة أن يكون بالإمكان تحديد شخص مصدرها على وجه الدقة ، وان يكون تدوينها وحفظها قد تم في ظروف تدعو إلى الثقة :

- والمقصود بتحديد شخص مصدرها ، هو تعيين الشخص الذي ينسب إليه المحرر الإلكتروني (14)، والذي يتحمل بالالتزامات الناشئة عنه ، كما يقتضي الحقوق التي تثبت بمقتضى العمل القانوني الذي يتضمنها المحرر ، فعندما يقوم الشخص بعملية سحب آلي للنقود ، بتمرير البطاقة الممغنطة في الجهاز ، وإدخال الرقم السري المسلم له ، لو عندما يستخدم الشخص توقيع إلكتروني موثق - سواء تم استعماله مصحوبة بعلامة مادية ؛ كالبطاقة الممغنطة المصحوبة بالأرقام المعرية ، أو دون الاستعانة بدعامة مادية ، كالشفرة أو الكود المكون من حروف ارقام عدها 8-20 عنصرا ، مرتبة بطريقة معينة ، فإن من يتم تحديد شخصيته مباشرة ، هو الشخص الذي ينسب إليه التصرف القانوني ، فإذا كان هو نفسه الذي تولى إجراء العملية القانونية ، كان هناك تطابق بين شخص مصدر المحرر الإلكتروني ، والشخص الذي ينسب إليه هذا المحرر . أما إذا كان من أجرى العملية شخص آخر ، غير صاحب التوقيع ، فإن التعرف على شخصيته من خلال المحرر لن يكون أمرا سهلا ، إذ قد يكون نائبة عن صاحب التوقيع ، أو مفوضا من قبله في إجراء العملية القانونية ، وقد يكون متطفلا حصل على البطاقة والأرقام السرية بطريقة غير مشروعة ، ولن نستطيع أن نحدد إلي من ينسب التصرف القانوني ، إلا بإعمال القواعد الخاصة بالمسئولية المدنية . ويؤيد ذلك ، إن الحكم الصادر من الدائرة التجارية لمحكمة النقص الفرنسية في 2 ديسمبر 1997 ، والسابق الإشارة إليه ، اشترط للاعتراف بالحجية للكتابة الواردة على دعامة غير مادية - بالإضافة إلى شروط أخرى - أن يكون بالإمكان تعين الشخص الذي ينسب إليه مضمون المحرر.

وفي حالة استخدام توقيع إلكتروني متقدم - وهو ما يتم عن طريق مقدم خدمات التوثيق ، و يكون في شهادة معتمدة من قبله - فإن العملية القانونية تنسب إلى الشخص الوارد اسمه في الشهادة ، حتى ولو اضطرته ظروف العمل إلى أن يعهد بالشفرة أو الكود او كلمة السر ، إلى أحد أفراد أسرته ، أو إلى أحد معاونيه في إدارة الشركة ، دون أن يغير ذلك في الأمر شيئا ، أ. يحول دون نسبة آثار التصرف القانوني ، حتى ولو لم يكن هو مصدره ، فالثقة هي الأساس الذي يعتمد عليه نظام التوقيع الإلكتروني ، خاصة فيما يتعلق بجدارة السلطات القائمة على خدمات التوثيق .

ويرى البعض أن المشرع كان باستطاعته الاستغناء عن هدا الشرط  بالنسبة للكتابة ، على اعتبار انه احد وظائف التوقيع وأن المحرر - يستوي في لك أن يكون في شكل الإلكتروني أو غيره - لن تكتمل عناصره، ويكتسب الحجية ، إلا إذا كان يتضمن النص على التزامات وحقوق ، وموقعة من قبل من ينسب غليه ، وفقا لنص المادة ( 1322-1) مدني فرنسي (15)

 - فيما يتعلق باشتراط أن يتم تدوين المحرر وحفظه في ظروف تدعو إلى الثقة ، باعتبار أن ذلك يعد من الأمور الضرورية للاعتراف للكتابة الإلكترونية بنفس الحجية المعترف بها للكتابة التقليدية ، ذلك أن الكتابة الإلكترونية مستهدفة للأخطار ، منذ تدوينها ، وتسجيلها على نظام معلوماتي ، ونقلها ، حتى نهاية المدة المحددة لحفظها ، كما أنها معرضة للانتقال من دعامة إلى أخرى ، وهو ما قد يهدد بالتحريف او التبديل في العمل القانوني ، من هنا كان حرص المشرع على اشتراط أن يتم كل ذلك بطريقة جديرة بالحفاظ على الكتابة في صورتها الأولى ، التي دونت بها لأول مرة .

 -  فيما يتعلق بحفظ المحرر ، فإن الأمر قد يتطلب إنشاء خدمة تشبه الأرشيف ، تولى القيام بهذه المهمة ، وإذا كان القانون الخاص بالتوقيع الإلكتروني لم يعالج هذه المسألة ، فهذا أمر طبيعي ، حيث جرت العادة على ترك تنظيم هذه المسائل التفصيلية للائحة تصدرها السلطة التنفيذية .

كذلك لم ينص القانون على تدخل الغير في تدوين الكتابة أو في حفظها ، أو في توفير الثقة والأمان لها ، حتى لا يمثل ذلك انتهاء المبدأ الحياد التقني ، أو عدم التفرقة بين الأنواع المختلفة للكتابة بحسب التقنية المستخدمة في تدوينها وحفظها . فليس مطلوبة الحصول على شهادة معتمدة تتعلق بالكتابة التي تتم في الشكل الإلكتروني ، وذلك على عكس التوقيع ، الذي يستوجب الحصول على مثل هذه الشهادة المعتمدة . فلا علاقة للغير بالكتابة الإلكترونية الناتجة عن تبادل الإيجاب والقبول بين الطرفين عن بعد ، ولا يمكن أن يكون ذلك أحد متطلبات القانون ، إذ ليس بوسع الغير معرفة عدد التصرفات التي تتم ، ولا مضمونها ، ولا أطرافها . فإذا كان للغير دور في إشاعة الثقة في الكتابة التي تم في الشكل الإلكتروني ، فإن هذا يحدث بطريقة غير مباشرة ، عن طريق تنخله في إجراءات منح التوقيع الإلكتروني ، الذي به يستكمل المحرر عناصره ، ويغدو ، صالحا كليل إثبات .

خامسا : دور القاضي في الترجيح بين أنواع الكتابة :

- لم يكن هذا الأمر مطروحة في ظل نظام الإثبات التقليدي ، حيث فرضت الكتابة على دعامة ورقية هيمنتها ، وتصدرت طرق الإثبات الأخرى ، لذلك لم يكن متصورا قيام تنازع فيما بين الكتابة و أدلة الإثبات الأخرى . لكن في ضوء قواعد الإثبات الجديدة ، والتي تعترف بالحجية الأنواع أخرى من الكتابة ، بصرف النظر عن التقنية أو الوسيلة المستخدمة ، فين احتمال قيام تنازع بين الأنواع المختلفة للكتابة يصبح لمرة واردة . كما إذا لم يكتف أحد الأطراف بتبادل التعبير عن الإيجاب و القبول عبر وسيط إلكتروني ، وقام بإرسال خطاب بريدي يحمل الإيجاب الصادر منه ، أو يعلن قبوله للإيجاب الذي تلقاه من الطرف الآخر ، فإذا كان هناك خلاف بين التعبير عن الإرادة في رسالة مكتوبة ، وجب على القاضي الفصل في هذا التنازع ، وفقا لمعايير موضوعة .

ومن هنا فقد جاء نص المادة ( 1319-2 مضافة ) من التقنين المدني الفرنسي ، والتي تقضي بأنه " إذا لم تكن هناك نص أو اتفاق بين الأطراف يحدد أسس أخرى ، فإنه على القاضي مستخدما كل الوسائل أن يفصل في التنازع القائم بين الأدلة الكتابية ، عن طريق ترجيح السند الأقرب الى الاحتمال ، أيا كانت الدعامة المستخدمة في تدوينه ".

 -  ويلاحظ أن هذا النص يخول القاضي سلطة تقديرية كبيرة ، في حالة وجود تنازع بين الأدلة الكتابية ، وعدم وجود اتفاق بين الأطراف ( كما هو شأن عقود إصدار بطاقة الائتمان )، أو نص قانوني (حيث يجب ترجيح المحرر الرسمي على غيره ) ينظم ويحدد الدليل المقبول في الإثبات . ويعتبر هذا النص اعتراف وصريح من المشرع بصحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات ، سواء منها ما تعلق بتحقيق طرق الإثبات ، أو بتحديد أي من الطرفين يتحمل عبء الإثبات ، و إن كانت تظل للقاضي سلطة واسعة في تقديره لاتفاقات الإثبات المقبولة (16). ينبغي على القاضي ، إذن ، في حالة التنازع بين أكثر من سند كتابي ، أن يفصل فيه ، عن طريق تحديد السند الذي يجعل اثبات الأمر المدعي به أقرب للاحتمال ، على ضوء ظروف الدعوى المعروضة عليه ما لم يكن هناك نص قانوني يحسم اختيار القاضي ، من ذلك نص المادة (57-2) من المرسوم بقانون الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 1930 ، والمضافة بقانون 30 ديسمبر 1991، بشأن تحقيق الثقة والأمان في مجال الشيكات وبطاقات الوفاء (17)  والتي تقضي بان " امر الدفع الصادر بواسطة بطاقة الوفاء لا يمكن الرجوع فيه ، أو نقضه ، كما لا يمكن المعارضة في الدفع ، إلا في حالة فقد البطاقة أو سرقتها ، أو في حالة خضوع المستفيد الإجراءات التصفية القضائية ".وفكرة الاحتمال هي حقيقتها ذات أصل قضائي ، و إن كان الفقه قد تنبه إليه أخيرة (18). وهي تتطلب أولا أن تكون الكتابة مستوفية شروط الدليل القانوني ، بأن تتضمن النص على حقوق والتزامات للأطراف ، وتحمل توقيعاتهم ، فإذا لم تكن محررة على هذا الشكل ، فلا يمكن لأطراف الاستناد عليها لتأييد دعواهم ، ويستبعدها القاضي منذ البداية ، ولا يوجد تنازع أصلا ، كما يتطلب قيام التنازع بين الأدلة الكتابية ، ثانيا ، ألا يكون من بينها بليل يقيني ، وإلا كانت له الأفضلية ، ، فاليقين ينفي الاحتمال ، ومن المستحيل، وجود ابلة يقينية متعارضة ، فالتنازع لا يتصور إلا بالنسبة للأدلة الاحتمالية ، والتي تخضع لتقدير القاضي ، وهو يرجح من بينها الدليل الأقرب إلى الحقيقة ، أو المحرر الذي يبعث على الثقة ، مستعينا في ذلك بكل الوسائل الموضوعية ، كالخبرة ، والتي تحدد مدى صحة المحرر ، وما إذا كان التوقيع قد تم بطريقة جديرة بالثقة .

يقتصر دور القاضي على الترجيح بين ادلة الإثبات ، عند قيام التنازع بين الأدلة الكتابية فقط ، دون ما عداها ، فإذا نشب هذا التنازع ، فإن باقي الأدلة تستبعد نهائية (أي البنية والقرائن والخبرة والمعاينة ...) ، فلا يمكن التمسك بهذه الأدلة لإثبات عكس ما هو مدون بالدليل الكتابي .

- لا يقف دور القاضي في ظل نظام الإثبات ، الذي وضعه قانون 13 مارس 2000 عند حد الترجيح بين الأدلة الكتابية ، في حالة التنازع بينها ، بل إن دوره وسلطته يتجاوزان هذا الأمر بكثير ، بل يمكن القول أن هذا القانون لم يمس الدور التقليدي المعترف به للقاضي في المجالات التي يكون فيها الإثبات حرة.

فبالنسبة لإثبات الوقائع القانونية ، والتصرفات القانونية التي لا تتجاوز نصاب الإثبات بالشهادة ، وفي المواد التجارية ، حيث يكون الإثبات حرة ، فإن القاضي يحتفظ بكامل سلطته في تقدير الأدلة المطروحة أمامه ، ليرجح من بينها الدليل الأقرب للاحتمال .

كذلك الحال بالنسبة الاستثناءات الواردة على قاعدة الإثبات الكتابي ، سواء تلك المتعلقة يوجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو قيام مانع مادي او ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي ، أو حالات فقد الجليل الكتابي بسبب قوة قاهرة ، فإن للأطراف الحق في الدليل على دعواهم بشتى طرق الإثبات ، إذا رأى القاضي أن إجراءات تدوين المحرر وحفظه لا تبعث على الثقة ، أهدر قيمته كدليل إثبات ، ولم يمنحه أية حجية .

__________

1- انظر في ذلك :

F. CHAMOUX, La loi du 12 juill, 1980: une ouverture  sur de noureanx moyens de preuve, JCP. 1981,1, 3008.

2- راجع،         

 1-4 E. CARPiOLi et S. Munoz, La Contribation de l'artide

de la loi no 94-126 du 11 févr. 1994 au régime juridique des déclarations administrative électronique, Rev. de juris. Com. Vol. 39, no 1-6, 1995.

3- P. LECLERCQ, Evolutions et constantes du droit civil ou

commercial de la preure, Rapport de la cour de cassation, 1991,  P. 133, et. Spec., P.139; D.AMMAR, op. Cit. p. 532; Th. HASSLER, op. cit. P. 265.

4- انظر:          

P. COURTIN- VINCENT, La preuve du paiement d'une somme d'argent, (de l'écrit à la télématique), thése Paris 1,1980, P, 350.

5-  حول مختلف الاقتراحات ، انظر ،

E. CARPIOLi, le juge et la preuve électronique, op. cit.

6- حول هذا التقرير ، راجع،

E. WERY, le rapport du Conseil d'État français sur l'internet et les réseaux numérique... Actualités. Oct. 1998,. P. Ict. S.

 7-  JO, 14 mars 2000, P. 3968; JCP., 2000, III , 20259.

P. CATALA, Écriture électronique et actes jaridiques, in mélanges m. CABRILLAC , Paris, litec, 1999, P. 91 et .s. m. VIVANT, un projet de loi sur la preuve pour la société de  l'information, lamy droit de l'informatique, Bull. no 117, 1999, E. P.1.

8-  E. CARPIOLi, La loi du 13 mars 2000, op. cit. no 5.

9-  J.P. DECORPS, Avis émis aux petites affiches, 11 fév. 2000,no 72, P. 3,4,

10- Aix-en- Provence, 27 janv. 1846, D.P. 1846,2,230.

11- Versailles, 12 oct, 1995, R. TD civ. 1996, P. 172, obs. J. MESTRE,

12-  Cass. Com. oct, 1996, RTD civ, 1997, P. 137, obs. J.MESTRE; Dalloz affaires 1996,P.1254.

13- Cass. Com. 2 déc. 1997, op. cit.

14-راجع                   

J. LARRIEU, identification et authentification, in, une société sans papier ( sous la dir. De F. GALLOUÉDECGENUYS), Paris, le -ocumentation fraçaise, 1990, note 12, P. 214-215: E.DAVIO, Preuve et certification sur internet, Rev.dr. com ( Belge), 1997, P. 666.

15-انظر . .        

E. CAPRiOLi, Le juge et la preuve electronique, op. cit

16- فيما يتعلق بمدى صحة اتفاق الإثبات ، راجع ما سبق ، وراجع ايضا :

Th. HASSLER, op. Cit                                                      

17- حول مضمون هذا القانون ، راجع :

y. CHAPUT, La loi no 91-1382 du 30 déc. 1991 , relative à la sécurité des cheques et des cartes de paiement , D. 1992, chron. P. 101

18- راجع ، على سبيل المثال :

D. AMMAR, op. cit.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .