أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2022
953
التاريخ: 12-6-2022
1375
التاريخ: 12-6-2022
1297
التاريخ: 13-6-2022
1601
|
قبائل البورو Bororo
هذه القبائل من قبائل البيئة الغابية التي تعد من البيئات المعوقة لتقدم الإنسان ووصول المستوى الحضاري إلى مستويات أعلى من ناحية النضج. تحتل هذه القبائل نطاقا من غابات الأمازون عند التقاء تخوم البرازيل وكولمبيا والإكوادور، وتحديدا يقع موطن هذه القبائل بين نهر جابوا واسا، وهما من روافد نهر الأمازون الأعلى. وتنتشر الغابات المدارية الكثيفة في هذا الجزء وتتنوع الأشجار وتتشابك من الأعلى لدرجة تمنع أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، وترتفع درجات الحرارة ومعدلات الرطوبة، ويستعمل السكان النهر للتنقل بسبب مخاطر التنقل خلال الغابة المتمثلة بالأفاعي والحيوانات المفترسة، ووجود البعوض والذباب الناقل للأمراض، ولأن الحوض مفتوح للرياح التجارية الرطبة من ناحية الشرق فإنه يستقبل كميات كبيرة من الأمطار تصل إلى 175سم في المتوسط.
والبورو جماعات صغيرة من هنود أمريكا الجنوبية، تشترك في لغة واحدة تنطقها بلهجات متعددة. ولا يتجاوز عدد أفرادها بضعة آلاف تعيش في نحو 50 محلة أو قرية شبه متباعدة. ولا يختلف البورو عن سائر الهنود الحمر في الصفات الجنسية العامة، لكنهم يختلفون في التفاصيل الدقيقة. فلون البشرة برونزي في الأغلب الأعم، ولكنه يميل إلى الصفرة السمراء وأحيانا تشوبه الحمرة، والشعر أسود خشن مستقيم، والوجوه مستقيمة ليست حادة التقاطيع، والعيون سوداء أو قائمة صغيرة منحرفة، وأجسامهم متوسطة الطول (160سم للرجال)، والنساء أقصر من ذلك. ويقوم الرجال بالأعمال التي تحتاج إلى قوة جسمانية كقطع الأخشاب وإعداد الأرض للزراعة وبناء المساكن والصيد والقتال وصنع الأسلحة والقوارب. أما النساء فتقوم بتربية الأطفال وطهي الطعام والزراعة وبعض الصناعات البسيطة.
ولا يحجم البورو عن أكل كل شيء في بيئتهم من حيوانات وقوارض وحشرات، كذلك يأكلون رماد المواقد، وربما يكون ذلك عائدة إلى نقص الملح في غذائهم.
يبدأ البورو يومهم بالاستحمام في النهر في الصباح الباكر، ثم العودة للمسكن لتناول شيء من خبز الكاسافا مع قليل من شراب الأعشاب البرية. ويخرج الرجال وأغلب النساء لأعمالهم اليومية خارج المسكن في المزارع والأدغال، وفي المساء يرجعون إلى مساكنهم ليتناولوا وجبتهم الرئيسة. فإذا فرغ الجميع من الطعام يسترخي الرجال في منامات تشبه الأراجيح.
ومحلات البورو صغيرة، يتراوح عدد أفرادها 50-100 شخص، لهم رئيس واحد واسم موحد ومنطقة صيد وقنص محددة. وللرئيس حق القيادة في الحرب وحملات الصيد ورئاسة الاحتفالات، وليس من حقه أن ينزل العقوبة بأحد أو يصدر أمرا إلى أحد. وليس هناك زعيم لجميع القبائل. كما لا يوجد تنظيم يربط الجماعات المتفرقة من البورو. إلا أن الشعور بالألفة يجمع قبائل البورو بسبب وحدة اللغة.
أما الشامان، أو رجل الطب، فهو ينافس الرئيس أحيانا. وهو ساحر ومنوم مغناطيسي وطبيب له خبرة بأنواع النباتات والأعشاب وأنواع السم. ويعتقد البورو أن الأمراض هي بفعل الأرواح الشريرة. ووظيفة الشامان ورئيس القبيلة وراثية، إلا أن المجلس العشيرة الحق في تولية أحد الشيوخ من ذوي المكانة الاجتماعية.
والحروب والنزاعات من الأمور الطبيعية بين المحلات، بسبب الطمع في الثروات، ودرءا لما قد تجره أعمالهم السحرية من أضرار. وتعد الهزيمة في الحرب مهانة كبيرة، إذ كثيرا ما يمثل بالأسرى فتقطع رقابهم وتقام وليمة تلتهم فيها لحومهم، ويصنعون من العظام المتخلفة عقودا، وتعلق الجماجم في المساكن تخليدا للانتصار، فضلا عن ذلك يسبى الأطفال ويصبحون ملكا لرئيس المحلة المنتصرة.
ويتم الزواج من خارج العشيرة، ويتزوج الشاب بزوجة واحدة بعد أن يأخذ الموافقة من والدي العروس، وبعد أن تلد الزوجة بوقت قصير تأخذ بمباشرة أعمالها المنزلية، في حين يلزم الزوج فراشه ويمتنع عن تناول بعض الأطعمة ويمتنع عن صنع الأسلحة واستعمالها.
ويحيط البورو أبناءهم بالحب، ويوفرون لهم أسباب المرح. ولا يجوز للأولاد تناول اللحوم إلا بعد البلوغ. أما الشابات فيلجأن إلى مساكن سرية في الغابة حتى ترتيبات زواجهن. ومن عاداتهم أن يحفر للميت قبر في أرض مسكنه ويدفن في وضع الجلوس ومعه كل ما يملكه من حلي وأسلحة وأوان. وبعد بضعة أيام من الدفن يذهب المشيعون إلى النهر للتطهير، ويقوم البورو بالحفلات الدينية الراقصة والتي يتخللها الغناء للتقرب إلى الآلهة.
ويعتمد البورو في حياتهم الاقتصادية على الزراعة والقنص والجمع والالتقاط، ولا يربون أي نوع من أنواع الحيوانات المنزلية بما في ذلك الكلاب، وأصعب مافي الزراعة هو إعداد الأرض للزراعة وإزالة أشجار الغابات. وأحيانا يتم حرق تلك الأشجار في أواخر الفصل المطير. ويعد الماينوق المحصول الأول ويصنع من جذوره الكاسافا، وهو الطعام الرئيس للبورو. ويتكاثر نبات الماينوق بالانقسام، ومحصوله وفير وزراعته سهلة. وإلى جانبه تزرع النباتات الجذرية مثل البطاطا واليام، فضلا عن القرع والفلفل والأناناس. وتأتي زراعة المكيفات کالكوكا والطباق بالمرتبة الثانية بعد الماينوق. وتظل شجرة الكوكا تؤتي ثمارها المخدرة الثلاثين أو أربعين سنة، والرجال هم الذين يغرسون هذه الأشجار دون النساء اللاتي يحرم عليهن لمس الثمار. وتجفف الأوراق التي تحتوي على مادة الكوكائين على النار ثم تسخن ويخلط المسحوق بالطين المحروق وأوراق الكاسافا، ثم يحول إلى مسحوق ناعم يتعاطاه الرجال. ويستطيع الفرد منهم إذا احتفظ بكمية من هذا المسحوق في فمه أن يبقى مستيقظا بلا طعام أو شراب العدة أيام.
ومن الحيوانات التي يقوم البورو بصيدها فرس النهر والببر، فضلا عن الحيوانات الصغيرة مثل خنزير الغابة والقرد الصغير وآكل النمل والطيور والأفاعي. وللبورو دراية واسعة بطبائع الحيوانات وقدرة على تعقبها، ولهم القدرة على صيد الحيوانات الكبيرة بالخراب. وتستعمل بنادق النفخ ذات القذائف المسمومة والفخاخ.
ويسكن البورو في مساكن جماعية في بقع مكشوفة من أرض الغابة يتراوح عدد أفراد المسكن 50-200، ويبلغ طول كل جانب من جوانب المسكن نحو 23 مترا، ويرتفع إلى أكثر من 10 أمتار. ويقام المسكن على مسافة من النهر ليكون على مأمن من الأعداء والفيضانات والحشرات. ويوجد دوم طريق متعرج ومخفي يربط المسكن بالنهر. ويقوم المسكن على عدد من سيقان الأشجار الضخمة التي ترتفع لعشرة أمتار، ويغطيه سقف منحدر يصل في انحداره إلى قرب سطح الأرض، كما تتكون الجدران من طبقات سميكة من أوراق النخيل تثبت بطريقة تمنع تسرب ماء المطر، ويستند السقف على عروق و عوارض تربط مع بعضها بعضا ربطة محكمة بالحبال وجذور الأشجار، والمدخل عبارة عن فتحة صغيرة تبقى مغطاة معظم الأحيان. وليس هناك نوافذ، مما يجعل المسكن مظلمة، وهذا يقيهم خطر الحشرات، وداخل المسكن الكبير لكل عائلة ركن تحتفظ موقدها ومتاعها وأدواتها، وتعلق أراجيح النوم والطبول على مقربة من الموقد أما الجزء الأوسط فهو مخصص للعب الأطفال والرقص. والأراجيح من صنع النساء، تصنع من ألياف النخيل. ويعلق النسيج بالحبال في عمودین مرتفعين عن الأرض بعيدا عن الرطوبة والحشرات الأرضية. أما الأواني فهي من صنع النساء، تصنع من الطين ثم تحرق أو تجفف في الشمس. وكل عائلة تحتفظ ببعض الطبول لزيادة الأصوات وقت الحفلات الراقصة. وفي كل مسكن هناك طبلان كبيران يستعملان لإرسال الإشارات والتحذيرات وقت الخطر.
والملابس بسيطة جدا، فرضتها الظروف المناخية. فهم شبه عراة، يسترون عورتهم بقطعة من لحاء الشجر المطروق، ويشدونها بحزام من الوسط. ولا يختلف ملبس الزعماء عن بقية الأفراد، لكنهم يتميزون بالعقود المصنوعة من أسنان الببر. وهناك اهتمام كبير بالزينة بين الرجال والنساء خاصة في الاحتفالات، فتلبس عقود من البذور والأصداف والأسنان حول العنق، وتطلي النساء أجسادهن بالرسوم ذات الأشكال والألوان المتنوعة، ويتخذون من الريش زينة لهم، وتلبس الأساور المصنوعة من أذناب بعض السحالي والأقراط الخشبية، وتثقب الأنوف والشفاه لتعلق بها بعض الحلي. ومعظم أدواتهم مصنوعة من الخشب وعظام الحيوانات. والأدوات تقسم إلى أدوات زراعية وأدوات صيد وأخرى للقنص والحرب.
ويشعل البورو النار داخل مجمعاتهم المكشوفة كي لا تقترب الوحوش، والمنازل عبارة عن قرى مقسمة إلى قسمين قسم للأقوياء، وقسم للضعفاء . وتسمى عائلاتهم بأسماء الحيوانات. ويستعملون القوارب للتنقل في نهر الأمزون، وهذه القوارب مشاع استعمالها للجميع. ويعزون أسباب مرضهم للأرواح الشريرة التي يحركها أعداؤهم. وهم لا يتوانون عن أكل لحوم أسراهم أثناء الحروب، ويصنعون من عظامهم العقود والأساور ويعلقون جماجمهم احتفالا بالنصر(1).
وتعد البلطة الحجرية ذات اليد الخشبية وعصا الحفر من أهم الأدوات الزراعية لدى البورو، وتبرز أهمية البلطة الحجرية لندرة الأحجار هناك. ويتوارثها الأبناء عن الآباء، ويخشون عليها من الضياع. وهي قطعة حجرية تثبت برأسها يد خشبية غليظة بواسطة الألياف والقطران، وتستعمل في قطع صغار الخشب عند إعداد الأرض للزراعة. وتأتي النسوة بعد ذلك لاستعمال عصا الحفر لتسوية الأرض والكشف عن النباتات الجذرية والدرنية. ومن الأدوات المنزلية المخراز والمكشطة، وهي تصنع من أسنان الحيوانات، ومبشرة المانيوق وأداة عصره المصنوعة من الخشب والألياف، فضلا عن السكين والهاون والمدقة الخشبية والأواني الفخارية. ويصنع البورو حرابهم ذات الرؤوس المسمومة من الخشب الصلب، تستطيع معها إصابة الهدف وقت القنص وخلال الحروب على بعد ثلاثين مترا. لكن بندقية النفخ أهم أسلحتهم، وإن كانت تستعمل فقط في القنص، وهي عبارة عن عود أجوف تبلغ سعة فتحته 3/ 4 سم، بينما يتراوح طوله بين 4.5 مترو 5.2 متر، يلف حوله أشرطة من الألياف ولحاء الشجر، يكسى بمادة لزجة ويثبت عند إحدى فتحتيه غطاء، وعلى بعد 30سم تثبت قطعة من العظم لضبط التصويب. أما القذائف فهي أعواد صغيرة مدببة مسممة الطرف ينفخها الصائد فتصيب الحيوانات الصغيرة والطيور على مسافة 30 متر. إلى جانب الحراب وبنادق النفخ والفخاخ المختلفة التي تنفع في صيد الحيوانات الكبيرة، ويتسلح الرجال في الحرب بالحراب الكبيرة المسمومة والسيوف الخشبية المسمومة والأقواس ذات السهام المسمومة والعصي الغليظة(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حميد الطفيلي، مصدر سابق، ص32-24.
(2) عبد الفتاح محمد وهيبة، جغرافية الإنسان، دار النهضة العربية، بيروت، 1971، ص 243 - 258.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|