أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
535
التاريخ: 9-08-2015
485
التاريخ: 20-11-2014
537
التاريخ: 10-08-2015
735
|
ذهب أبو القاسم البلخيّ إلى أنّه يجوز أن يمكن اللّه تعالى من الظلم من لا يكون له من العوض عنده تعالى أو عند أحد من خلقه في الحال ما يقابل ظلمه، بل جوّز أنّ يرد الظالم القيامة و لا يستحقّ من العوض ما يقابل ظلمه.
قال: إذا كان كذلك فانّه تعالى يتفضّل عليه
بأن يقضي عنه عوض مظلومه و يمنّ بذلك عليه وينتصف لمظلومه منه.
وذهب أبو هاشم إلى انّه لا يجوز أن يرد
الظالم القيامة من دون أن يستحقّ من العوض ما يقابل ظلمه. وردّ على أبي القاسم-
قوله بأنّه تعالى يتفضّل على الظالم بقضاء عوض مظلومه منه- بأن قال: انتصاف
المظلوم من ظلمه واجب، و التفضّل ليس بواجب و لا يجوز ارتباط الواجب و تعلّقه بما
ليس بواجب.
ولكن جوّز أن يمكّن اللّه تعالى الظالم من
الظلم و إن لم يستحقّ في الحال من العوض ما يقابل ظلمه بعد أن يكون المعلوم من
حاله أنّه لا يخرج من الدنيا الّا و قد استحقّ ما يقابل ظلمه من العوض.
و ذهب المرتضى- قدّس اللّه روحه- إلى انّه
لا يجوز و لا يليق بالحكمة تمكين الظالم من الظلم الّا و قد استحقّ في الحال من
العوض ما يقابل ظلمه، ليمكن في الحال انتصاف مظلومه منه. وردّ على أبي هاشم قوله
بأن قال: كما أنّ التفضّل ليس بواجب، فلم يجوّز تعليق الانتصاف الواجب به، فكذلك
تبقية الظالم غير واجب، فلا يجوّز تعليق ما هو واجب من الانتصاف به. و اذا جوّزته
فقد دخلت فيما عبت به على أبي القاسم. فان قال: تبقية الظالم، و الحال ما وصفناه،
واجبة، كان لأبي القاسم أن يقول: و قضاء العوض عن الظالم، و الحال ما وصفته، واجب.
و لا أقول بأنّه غير واجب و إنّما أصفه بأنّه تفضّل، بمعنى أنّ سبب استحقاق هذا
العوض الذي هو الإيلام ظلما ليس من قبله تعالى كالضامن لغيره بما عليه إذا قضى عنه
دينه، و لم يرجع به عليه فانّه يوصف بأنّه متفضّل عليه و إن وجب عليه القضاء منه
بالضمان.
فإن قيل: كيف يقول السيّد إنّه تعالى لا
يمكّن من الظلم إلّا من يستحقّ في الحال من العوض ما يقابل ظلمه؟ و قد نرى في
الظلمة من يعيش صحيحا سليما، لا يلحقه ألم و غمّ، و يظلم طول عمره بالقتل و الضرب
و اغتصاب الأموال و هتك الحرم و يوصل من الآلام و الغموم إلى الناس ما لا يكاد
ينحصر ثمّ يموت فجأة فلا يكون له عوض أصلا، و إن كان فانّه يكون قليلا لا يفي بما
يجب عليه، فكيف يتصوّر استحقاقه ما يقابل جميع ما عددنا من أنواع ظلمه؟
وحاله ما وصفناه من الصحّة و السلامة؟ مع
أنّه لم يظلمه قطّ أحد سيّما بمثل أنواع ظلمه؟ بل كيف يقول في قتلة الأنبياء و
قاتل أمير المؤمنين و قتلة الحسن و الحسين عليهم السلام انّهم استحقّوا من الأعواض
ما يقابل تلك العظام من الظلم؟
قلنا: أمّا ما ذكره السائل: أوّلا، من أنّا
نرى من الظلمة من يعيش صحيحا سليما، لا يلحقه غمّ وألم فشيء مقدّر، لا وجه له في
الدنيا لا يسلم أحد من الناس في الدنيا من ضروب الآلام والغموم، في صغرهم و كبرهم.
فإن قيل: كيف نفى أعواض القدر الذي أصابه من
الآلام و الهموم بما يتجه عليه من الأعواض في مقابلة ما عددناه من أنواع الظلم؟
قلنا: أعواض ما يستحقّوه عليه بجميع ما ذكره
السائل من أنواع الظلم مستحقّة بطريق الانتصاف، فيكون مساويا لتلك الآلام في
المقدار و لا يكون زائدا عليها، بل يكون في مقابلة كلّ جزء من الألم جزء من العوض
حتّى لا يكون حيفا و ظلما على الظالم، و ليس كذلك أعواض ما أصابه من الآلام و
الغموم من جهته تعالى، فانّها تكون موفية على تلك الآلام و الهموم زائدة عليها بما
لا يكاد يدخل تحت الحصر و العدّ، و لذلك أحسن إيصالها إلى المؤلم من غير رضاه... و
إذا كان كذلك تصوّر أن يكون فيها وفاء جميع ما استحقّ عليه، و اندفع التعجّب.
وأمّا ما ذكره أخيرا في قتلة الأنبياء والأولياء
عليهم السلام.
فالجواب عنه: أنّ قتلهم إنّما عظم موقعه في
الإثمّ و استحقاق العقوبة عليه من حيث أنّ اولئك القتلة يستحقّون من العقوبة، و
الاستحقاق و الإعانة ما لا يستحقّه غيرهم من المذنبين. فأمّا العوض المستحقّ عليهم
بذلك، فانّه لا يعظم، بل يكون بطريق الانتصاف على ما ذكرناه و لا يكون زائدا على
إيلامهم الأنبياء و الأولياء، إذ لو كان زائدا لكان ظلما عليهم...
و اختار صاحب الفائق القول بأنّه يحسن من
اللّه تعالى أن يتفضّل على الظالم بقضاء ما يستحقّ عليه من الأعواض، كما يحسن من
أحدنا قضاء الدين عن المديون المفلس.
و استدلّ عليه بأن قال: حقّ المظلوم هو في
النفع المقابل للمضارّ التي وصلت إليه. و لا فرق في وصول هذا الحقّ إليه بين أن
يصل إليه من أعواض الظالم المستحقّة له على اللّه تعالى أو على غيره و بين أن
يتبرّع بها على الظالم غيره و يقضي بها عنه أعواض مظلومه، كقضاء الدين من المفلس.
قال: و استدلّ قاضي القضاة للمنع من ذلك
بأنّ أعواض المظلوم مستحقّة على الظالم و ما يتفضّل به تعالى قضاء عنه تفضّل، و
التفضّل لا يقوم مقام المستحقّ.
و أجاب عنه: بأنّ حقّ المظلوم هو في النفع
المقابل للمضرّة، لا في كونه واجبا إيصاله إليه أو غير واجب. و ذلك يحصل في
المتفضّل به يسمّى متفضّلا أو مستحقا.
قال: وقال أيضا يعني القاضي-: لو جاز أن
يقوم العوض المتفضّل به، مقام المستحقّ، لجوّزنا أن لا يتصف تعالى لبعض المظلومين
لأن للمتفضّل أن يتفضّل، و له أن لا يتفضّل.
و أجاب عنه بأن قال: قد علمنا بالدليل أنّه
تعالى لا بدّ من أن ينتصف للمظلوم من ظالمه و نعلم أنّه ينتصف له منه حتّى يحسن
منه تعالى التخلية بينه و بين ظالمه، ثمّ إمّا أن ينتصف له بأن يستوفي من أعواضه
المستحقّ عليه تعالى أو على غيره حقّ المظلوم أو بأن يتبرّع بالقضاء منه.
قال: و لسنا نقول و الحال هذه: إنّ له تعالى
أن لا يفعل، بل يجب عليه إذا خرج الظالم من الدنيا مثل أن يستحق ما يقضي به
مظالمه.
قال: و نصف ذلك بأنّه تفضل منه على معنى أنّ
سبب استحقاق هذا العوض ليس من قبله تعالى كالكفيل لغيره بما عليه إذا قضى عنه و لم
يرجع به على الأصل، فانّه يوصف بأنّه متفضّل عليه، و إن وجب عليه القضاء عنه
بالكفالة.
قال: وفرّق قاضي القضاة بين هذه المسألة و
بين مسألة قضاء الدين عن المديون بأنّ الدين واجب على المديون، فجاز أن ينوب غيره
منابه في القضاء و إن كان متفضّلا به، و ليس كذلك الظالم إذا لم يكن له عوض، لأنّه
لا حقّ عليه فكيف ينوب عنه غيره و صارت النيابة عنه تفضّلا.
وأجاب عنه: إن قال: لا نسلّم انّه ليس عليه
حقّ، و كيف لا يكون عليه حقّ و قد وجد منه سبب الاستحقاق عليه، لكنّه غير متمكّن
من قضاء ما عليه من الحقّ، فهو بمنزلة المديون المفلس في كونه غير متمكّن من قضاء
ما عليه من الدين و في ثبوت الحقّ عليه باعتبار أنّه لو وجد ما يقضي به دينه لوجب
أن يقضيه بخلاف من لا يكون عليه دين. ألا ترى أنّه لو كان لهذا الظالم ما يقضي به
ما عليه من الأعواض، لوجب أن يقضي به عند ما عليه، بخلاف من لم يظلم، فجاز أن يقال
عليه لوجود سبب الاستحقاق و جاز أن يتفضّل غيره بالقضاء عنه.
قال: و فرّق- يعني القاضي- بين المديون والظالم،
بأنّ القضاء غير واجب على من لم يتبرّع بالقضاء من المديون، و ليس كذلك الانتصاف
بفعل الأعواض، فانّه واجب عليه تعالى، فلم يجز أن يقوم التفضّل مقامه.
وأجاب عنه بأنّه إذا جاز أن يقام التفضّل
مقام الواجب في قضاء الدين، فكذلك في الأعواض بل أولى، لانّك قلت: الانتصاف واجب
عليه تعالى، فما قام تفضّل مقام واجب، بل واجب قام مقام واجب.
... و قد جاء في مناجاة الأئمة و دعواتهم-
عليهم الصلاة و السلام- ما يؤيّده و يؤكّده. نحو قولهم: «اللّهمّ» اردد على جميع
خلقك حقوقهم التي قبلي صغيرها و كبيرها في يسر منك و عافية. و ما لم تبلغه قوّتي و
لم تسعه ذات يدي و لم يقو عليه بدني، فأدّه عنّي من جزيل ما عندك من فضلك حتّى لا
يخلّف عليّ شيئا منه تنقصه من حسناتي، يا أرحم الرّاحمين»(1).
إلى أمثال ذلك و أشباهه بالعبادات المختلفة.
_____________________________________
(1) الصحيفة
الكاملة: ص 121 طبع الآخوندي، مع اختلاف في العبارات. و ص 150 طبع فيض الاسلام.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|