المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4876 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الاعتدالان
2023-08-29
George Henri Halphen
24-1-2017
إذاعة صوت الطلبة
12-7-2021
جعفر بن محمد بن محمد جعفر النوجه دهي
29-7-2016
موقف الإمام الصادق إزاء ثورات العلويّين
17-04-2015
Amicable Triple
9-11-2020


النّص على الإمام  
  
1484   08:47 صباحاً   التاريخ: 9-08-2015
المؤلف : محمد حسن آل ياسين
الكتاب أو المصدر : أصول الدين
الجزء والصفحة : ص289-307
القسم : العقائد الاسلامية / الامامة / امامة الامام علي عليه السلام /

 لما كانت نصوص الامامة بكثرة رواياتها و رواتها و اختلاف أساليب التنصيص فيها غير قابلة للحصر في نطاق ضيق كهذا؛ فإننا نجتزئ بإيراد ثلاثة شواهد في هذه العجالة، تاركين الاستيعاب و الاستقصاء الى الكتب المطولة المعنية بهذا الموضوع.

النص الأول: «حديث الدار»:

أخرج ابن جرير الطبري بسنده: أن النبي (صلى الله عليه وآله)عند ما نزل عليه قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دعا بني عبد المطلب إليه وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب. ولما فرغوا من طعامهم قام فيهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) خطيبا فقال:

«يا بني عبد المطلب، أني واللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به؛ أني قد جئتكم بخبر الدنيا والآخرة، و قد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟».

فأحجم القوم عنها جميعا، فقام علي فقال: أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه، فقال (صلى الله عليه وآله): «ان هذا أخي ووصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا»، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع(1).

إن هذا النص التاريخي قد تضمن ثلاث صفات لعلي:

1- وزير.   2- وصي‏.    3- خليفة.

ومن حقنا أن نتساءل فنقول: لماذا منح النبي عليا هذه الصفات الثلاثة دون غيرها؟ ولماذا اختار لذلك أول اجتماع يعقد بعد البعثة.

واذا كانت المؤازرة ضرورية له لأنه بحاجة- فعلا- إلى الظهير والوزير فلماذا أضاف إليها الوصاية والخلافة بلفظيهما هذين؟. وما علاقة الوصاية والخلافة بإنذار عشيرته ودعوة بني قومه الى الاسلام؟. ولتوضيح الاجابة على هذه التساؤلات يجب أن لا ننسى:

أن النبي (صلى الله عليه وآله) في خطابه هذا يعلن لأول مرة بداية دولة جديدة وعهد جديد ومجتمع جديد.

وان كل كيان يراد له البقاء والدوام لا بد له- في وجوده و استمراره- من رئيس أعلى يقود الأمة ويوجه الدفة؛ ومن نائب له يلجأ الناس إليه إن ألمت بالرئيس ملمة.

والنبي (صلى الله عليه وآله)في هذا الموقف كان يهدف الى افهام‏ هؤلاء الحضور أن المسألة بدينها ودنياها- ليست مسألة زعامة يتفيأ ظلالها أو رئاسة يتمتع بها ما دام حيا، وإنما هي رسالة سماوية خالدة لن تموت بموته ولن تنتهي بنهاية عمره، بل ستبقى بقاء السموات والأرض، وسيكون لها من بعده من يضطلع بمهماتها و يقوم بأمرها؛ و هو هذا الفتى الذي يعلن استعداده للتضحية و الفداء و المؤازرة؛ و نعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهذا كله عند التأمل والتدقيق واضح وصريح في النص النبوي السالف الذكر.

ولما لم يجد الإمام الرازي مناصا من الاعتراف بصحة هذا النص سندا ودلالة؛ بادر إلى الشك في معنى الخلافة الواردة في الحديث، مدعيا أن النبي لو كان يقصد من ذلك تعيين الخليفة بعد وفاته لما اكتفى بقوله: «خليفتي فيكم» بل أضاف إليه «من بعدي» ليكون نصا جليا.

والحقيقة أننا لا نجد فرقا بين التعبيرين.

وإذا كان «خليفتي فيكم من بعدي» صريحا في الدلالة فان «خليفتي فيكم» كذلك أيضا، لأن معناه: أن عليا هو الذي يخلفني فيكم لو اصابني مكروه، وهذا نص على الخلافة بعد الموت، ويؤكد هذا المعنى ذكر النبي لكلمة «وصي»، والوصاية في الاسلام إنما يقصد بها ما بعد الموت؛ حيث يقوم الوصي بما طلب منه الموصي أن يقوم به ، ولو كان الأمر يتلق بما قبل الموت لقال «وكيلي» ولم يقل «وصيي»، لأن المواكلة هي التعبير الاسلامي عمن يطلب منه تنفيذ بعض الأعمال نيابة عن انسان موجود على قيد الحياة.

واذن فالنص صريح في أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد اختار من اليوم الأول للدعوة من يخلفه بعد وفاته و يكون وصيا عنه في رعاية شئون المسلمين، حتى لا تصبح السفينة بمجرد موت ربانها تحت رحمة الموج و الاعاصير.

وإنها البداية التي انطلقت مع أول صوت انبعث بالدعوة في محيطها الضيق و في أيامها الاولى، واستمر منطلقا في تأكيد هذه البداية حتى اليوم الاخير من عمر رسول الاسلام.

النص الثاني: «حديث المنزلة» :

أخرج مسلم بسنده أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ...» . (2)

ويشير هذا الحديث الشريف- على ايجاز ألفاظه - إلى عدة معان قد لا تبدو واضحة أمام النظرة العجلى، ولكنها تبدو جليه كل الجلاء اذا ما دقق القارئ قليلا في ابعاد الكلمات ومداليلها .

ان الحديث يشير الى أن عليا :

أ- وزير رسول اللّه‏، لأن هارون وزير موسى‏ {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} [طه: 29].

ب- اخو رسول اللّه‏، لان هارون أخو موسى‏ {هَارُونَ أَخِي} [طه: 30].

ج- شريك رسول اللّه‏، لان هارون كان كذلك‏ {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32].

د- خليفة رسول اللّه‏، لان هارون خليفة موسى‏ {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142].

ه- اشتقاق الامامة من النبوة، لان ضمير «أنت» في الحديث تعبير عن الامامة و ضمير الياء في «مني» تعبير عن النبوة، و حرف الجر هنا بمعنى النشوء و الوجود، و لئلا يفهم من هذا النشوء و الاشتقاق تساوي الدرجة بكل معانيها أوضح النبي أن هناك فرقا رئيسا هو النبوة فقال: إلا أنه لا نبي بعدي».

ولما كان موسى قد طلب من ربه أن يجعل له وزيرا من أهله- كما دلتنا الآية الشريفة- فان ذلك يدل على أن الخلافة و الوزارة للنبي إنما تكون بجعل من اللّه تعالى؛ و ليست باختيار الناس وانتخابهم.

وهكذا تكشف لنا النظرة الفاحصة تلك الابعاد التي يمتد إليها حديث المنزلة، و هي ابعاد لا يصح أن تفسر على أساس التكريم و التبجيل المجرد لعلي عليه السلام، و انما كان وراءها هدف كبير هو تنبيه الامة و تعريفها بمن سيخلف النبي بعد وفاته في رئاسة الدولة وقيادة السفينة وتوجيه الدفة.

وان اشعار هذا الحديث بمشاركة علي للنبي- و ليست مشاركة تجارية في عقار أو صناعة أو زراعة طبعا- يعني بها المشاركة في حمل الاعباء الاسلامية و انجاز المهمات المرتبطة بهذا الدين. وحيث أن المشاركة قد تخفي حدودها على السامع العادي- و بخاصة بعد معرفة نبوة هارون- أردف النبي حديث المنزلة بما يدفع التوهم و يحدد المقصود من هذه المشاركة، فنفى النبوة بشكل مطلق و جعلها خارج حدود المشاركة كما أسلفنا.

ولعل مما يوضح أهمية هذا الحديث و دلالاته و ابعاده أن نعرف: ان مناسبة اعلان النبي لهذه المنزلة كانت عند ما خلف عليا نائبا و قائما مقامه في المدينة المنورة حين خروجه (صلى الله عليه وآله) لغزوة تبوك.

وقد رفض الشيخ ابن تيمية أن يجد في هذه المناسبة ما يثبت لعلي فضيلة في هذا الحديث أبدا، لان النبي قد صحب معه جل الصحابة و المؤمنين و لم يترك لعلي إلا النساء و الصبيان فضلا عن القاعدين من العاجزين و المنافقين. و ليس في استخلاف انسان على مثل هؤلاء الناس أي معنى من معاني التكريم (3).

و لكن المتأمل الواعي سيخرج بنتيجة اخرى- غير نتيجة ابن تيمية- عند دراسة ظروف الحديث.

فالمدينة المنورة عاصمة الدولة ومركز النبوة.

وعند ما يفارق رئيس الدولة عاصمته الى مكان بعيد- كتبوك- و بوسائل بدائية للمواصلات تستغرق مدة طويلة من الزمن و الحرب لا يعلم متى ستنتهي و متى يتسنى الرجوع منها، فان اختيار هذا الرئيس لنائب يخلفه على العاصمة- و بخاصة تلك العاصمة المحاطة بالأخطار والمنافقين والاعداء المتحفزين للوثوب متى سنحت الفرصة- يوضح لنا المعنى الكبير الخطير في هذا الاختيار و الانتقاء.

 

النص الثالث: «حديث الغدير» :

روى هذا الحديث عدد كبير من الصحابة والتابعين، واخرجه عدد كبير من العلماء والحفاظ(4). ورعاية للاختصار نجتزئ من الحديث بمحل الشاهد منه مما يرتبط مباشرة بالنص على الامامة وتعيين الامام.

يقول الرواة:

في طريق العودة من حجة الوداع و عن غدير خم قام النبي (صلى الله عليه وآله)بعد صلاة الظهر خطيبا في المسلمين، و كان مما قاله لهم:

يا ايها الناس! يوشك أن ادعى فأجيب، واني مسئول وانكم مسئولون، فماذا أنتم قائلون؟.

قالوا: نشهد انك بلغت و جاهدت و نصحت، فجزاك اللّه خيرا.

إلى أن قال (صلى الله عليه وآله):

إن اللّه مولاي. وأنا مولى المؤمنين؛ و أنا أولى بهم من‏ أنفسهم. فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله، وأدر الحق معه حيثما دار.

وينتهي النبي (صلى الله عليه وآله)من كلامه فيتدافع الناس نحو علي مهنئين قائلين: «بخ بخ لك يا علي؛ أصبحت مولانا و مولى كل مؤمن و مؤمنة».

ثم ينزل جبريل بالوحي الالهي قائلا {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

هذه هي خلاصة حديث الغدير وظروفه وهذه هي الفاظ العهد كما رواها الاثبات. وقد جاءت صريحة كل الصراحة في تثبيت فكرة «الامامة» ذات الولاية العامة والمسئولية المطلقة وفي تعيين «الامام» المسئول بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله).

وحسبنا دليلا على هذه الصراحة فهم المسلمين ذلك ومبادرتهم- نتيجة لهذا الفهم- الى تهنئة علي والبخبخة به بهذه المناسبة الغراء.

و طلع علينا المتفلسفون بعد حين من الدهر فقالوا- بعد أن أدركوا صحة الحديث وعدم امكان نكرانه- بأنه لم يكن نصا في المطلوب، لان لفظ «مولى» في اللغة العربية يحتمل عدة معان- كالناصر وابن العم والحليف والوارث وما شاكل ذلك- ولا نعلم ما ذا عنى النبي بهذا اللفظ وأي معنى من هذه المعاني كان يريد.

وكان ذلك هو «التفلسف» المنبعث عن الهوى والغرض والبعيد عن التعمق والموضوعية.

ويكفينا في تفنيد هذه المدعيات أن ندقق مليا في الامور التالية:

1- نزول آية التبليغ قبل قيام النبي (صلى الله عليه وآله) بإعلان هذه الولاية، فقد روى المؤرخون و المفسرون أن اللّه تعالى قد أوحى لنبيه- هو خارج من مكة بعد حجة الوداع: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].

2- نزول النبي (صلى الله عليه وآله) وسط الصحراء في هجير الظهر لإعلان هذه الولاية.

3- تفريع الولايات الثلاث في كلام النبي (صلى الله عليه وآله):

اللّه مولاي‏.

أنا مولى المؤمنين.

من كنت مولاه فهذا علي مولاه‏(5).

4- انهاء الخطبة بالدعاء لعلي: «اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، واخذل من خذله، و أدر الحق معه حيث دار(6). و انه لدعاء لا ينسجم مطلقا مع غير الولاية العامة وأمرة المؤمنين.

5- نزول آية الاكمال المارة الذكر: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.. الخ‏} الدالة على حدوث أمر خطير أكمل اللّه به الدين و أتم النعمة.

6- تهنئة الحاضرين لعلي بالصيغة السالفة الذكر(7).

ان التدقيق في هذه الجوانب الستة يجعلنا نؤمن بكل جزم و يقين ان المقصود لم يكن الفات نظر المسلمين إلى أن عليا وارث محمد او ناصره أو حليفه أو ابن عمه. و ليست مسألة الارث أو النصرة- لو أراد النبي التحدث عنها- بحاجة الى ما أحاط بالغدير من ظروف ومناسبات والى ما أنزل اللّه من آيات بينات والى تلك الصيغ الخاصة في التهنئة والتبريك، بل ان ذلك بأجمعه لن يكون له معنى مقبول لو لا إرادة الامامة والإستخلاف والبيعة.

وربما يكون الدكتور أحمد محمود صبحي في ما برر به انكار المنكرين لهذا الحديث قد قارب الحقيقة أو أصابها إذ يقول:

«لما كان أهل الظاهر والسلفيون يوالون معاوية فانه لم يكن لديهم مفر من اختيار، أما ترك هذه الموالاة أو القدح بشتى الوسائل في الحديث. وبالرغم من انه من المفروض أن تخضع العقائد للنصوص إلا أن كثيرا من أصحاب المذاهب قد أخضعوا الاحاديث لأهوائهم و مذاهبهم‏(8).

وهكذا ثبت من مجموع ما سلف أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نص على الامام الذي يخلفه في قيادة هذه الأمة وكان النص المشار إليه؟؟- وان اختلفت الفاظه ومناسباته- صريحا وجليا وواضح الدلالة والمفهوم.

ولكن:

هل يكفي ثبوت النص على الامام الأول في تعيين ائمة الباقين أم لا بد من النص عليهم أيضا؟

وإذن فكيف ثبتت إمامة الائمة؟ وكيف صح تحديدهم باثني عشر لا يزيدون ولا ينقصون؟.

لقد ثبتت إمامة الائمة بطريقين:

الأولى- الاحاديث النبوية الكثيرة التي بلغت من كثرتها حد الشهرة الكبيرة، كقوله (صلى الله عليه وآله) مخاطبا الحسن والحسين:

«انتما الامامان ولأمكما الشفاعة»(9). و قوله (صلى الله عليه وآله)و هو يشير الى الحسين: «هذا امام، ابن امام، أخو امام، أبو ائمة»(10).

وعلى هذه الشاكلة كثير تضمنت رواياته كتب الحديث و التاريخ و الدراسات الموسعة المعنية ببحث الامامة.

الثانية- نص السالف على اللاحق- و نص السالف حجة يجب التعبد بها و الرضوخ لها ما دمنا معتقدين بإمامته القائمة على أساس كونه صادقا و أمينا على الوديعة(11).

اما ثبوت كون الائمة اثني عشر لا يزيدون و لا ينقصون فهي كثيرة أيضا(12)، و حسبنا من كل ذلك: الحديث النبوي الشهير الذي أطبق على روايته شيوخ الحديث البارزون و حفظة السنة النبوية المعروفون، و هو قوله (صلى الله عليه وآله):

«لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة، و يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش»(13).

وفي لفظ آخر: أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنا عشر .. الخ‏(14)».

وعند ما نمعن النظر في هذا الحديث- و قد أجمع على صحته المسلمون أجمعون- نجد انه صريح في شيئين:

1) استمرار الدين الى قيام الساعة.

2) وجود اثني عشر خليفة فقط خلال مدة استمرار الدين و قيامه لرعاية شئون الاسلام و المسلمين.

وبديهي أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقصد بالخلفاء الاثني عشر اولئك الخلفاء الذين حكموا المسلمين خلال القرون الأربعة عشر الماضية، لانهم أكثر من «اثني عشر» أضعاف المرات، ولان أكثرهم لم يكن ملتزما بكتاب اللّه و سنة رسوله، فلا يمكن اعتبارهم خلفاء حقيقيين للرسالة والرسول (صلى الله عليه وآله).

وإذن فلا بد أن يكون المقصود غير هؤلاء.

وليس من أحد غير هؤلاء سوى علي وأولاده الاحد عشر الذين اجمع المسلمون على حبهم وتقديسهم ؛ و اخذ أحكام الذين منهم، و الرجوع إليهم في معضلات الفقه والتشريع، والالتجاء بهم كلما المت ملمة و كلما عصفت عواصف الدهر وعوادي الزمن.

ومن شاء الاستزادة في الاطلاع على النصوص النبوية في تعيين الأئمة وتحديد عددهم فليراجع الموسوعات الكبرى و الدراسات المطولة المعنية بهذا الموضع.

___________________

(1) نقلناه- ملخصا- من تاريخ الطبري: 2/ 319- 321، طبعه دار المعارف بمصر سنة 1961 م. ومما يذكر أن الدكتور محمد حسين هيكل قد أثبت هذا الحديث في الطبعة الأولى من كتابه حياة محمد: 104، ثم حذفه من الطبعات التالية!!. و يراجع في مصادر هذا الحديث و أسانيده كتاب الغدير: 2/ 252- 260.

(2) صحيح مسلم: 7/ 120.

ويراجع في مصادر هذا الحديث وأسانيده كتاب الغدير: 1/ 48- 49 و 3/ 172- 176.

(3) نظرية الامامة: 229.

(4) يراجع لمعرفة أسماء هؤلاء الصحابة و العلماء و الحفاظ و الشعراء والرواة والمصادر التي أشارت إليهم و الى رواياتهم: كتاب الغدير: المجلد الأول بكامله.

(5) أسد الغابة: 4/ 28 و البداية و النهاية: 5/ 209- 213 و مصادر اخرى مذكورة في تضاعيف المجلد الأول من الغدير.

(6) سنن ابن ماجة: 1/ 43 و البداية و النهاية: 5/ 210 و وفيات الاعيان: 4/ 318 و مصادر اخرى مذكورة في تضاعيف الأول من كتاب الغدير.

(7) تاريخ بغداد: 8/ 290 و البداية و النهاية: 5/ 210 و مصادر اخرى مبثوثة في تضاعيف المجلد الأول من الغدير.

(8) نظرية الامامة: 221- 222.

(9) نزهة المجالس: 2/ 476.

(10) منهاج السنة: 4/ 210.

(11) يراجع في النصوص النبوية في تعيين الائمة، و في نص كل سابق على لاحقه:

الارشاد للمفيد، المناقب لابن شهر آشوب السروي، و الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، و مطالب السئول لابن طلحة الشافعي، و ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، و كثير غير هذه.

(12) اخرج الشيخ القندوزي و غيره عن النبي ( صلى الله عليه واله) قوله:« أنا سيد النبيين، و علي سيد الوصيين، و ان أوصيائي بعدي اثنا عشر». يراجع في هذا الحديث و في أحاديث« الاثني عشر» كتاب ينابيع المودة: 447 و 486 و 487 و 488 و 492 و 493.

(13) صحيح البخاري: 9/ 101 و صحيح مسلم: 6/ 3 و سنن الترمذي: 4/ 501 و سنن ابي داود: 2/ 421 و جامع الاصول: 4/ 442440.

(14) صحيح مسلم: 6/ 4.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.