أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-22
514
التاريخ: 2024-05-21
628
التاريخ: 2024-10-16
380
التاريخ: 12-4-2016
3172
|
استقر الفقه القانوني في تحديد الطبيعة القانونية للقرض العام على إنها رابطة تعاقدية، فثار خلاف جديد في تحديد طبيعة هذا العقد، فمنهم من اعتبر عقد القرض العام مجرد رابطة تعاقدية، ومنهم من قال إنه عقد إذعان، في حين ذهب آخرون إلى إنه عقد إداري (1).
ولبيان هذه الآراء بصورة تفصيلية، يقتضينا الحال أن نحللها وأن نقف على مضامينها من خلال هذه الدراسة تباعا، وكالأتي:
أولا: القرض العام رابطة تعاقدية:
ذهب بعض الكتاب إلى إن القرض العام عقد يتم بتقابل الإيجاب الصادر من وزير المالية مع القبول الصادر من جانب المقرض، وينبني على ما تقدم أنه لا يجوز المساس بحقوق المقرضين التي اكتتبوا على أساسها، فلا يجوز للبرلمان أو الإدارة تعديل شروط القرض بدون موافقة المقرضين، وهذا التكييف وفقا لرأي قائليه يدخل الأمان إلى نفوس المكتتبين ، فيقبلون على الاكتتاب وهم مطمئنين (2) .
على الرغم من رجاحة هذا الرأي، إلا أنه مما يؤخذ عليه أنه لم يبين هذا الرأي الطبيعة القانونية للقروض العامة، فمن المعروف أن الإدارة تبرم نوعين من العقود، عقود مدنية تنزل بها الإدارة منزلة الأفراد وتخضع فيها لأحكام القانون المدني، ويختص بنظر المنازعات الناشئة عنها القضاء العادي، وعقود إدارية يسري عليها القانون الإداري، ويختص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الناشئة عنها ، وتتمتع الإدارة فيها بامتيازات وسلطات يكفلها القانون العام (3) .
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلاحظ أن هذا الاتجاه لا يجيز للإدارة تعديل عقد القرض بدون موافقة المقرضين، وهذا القول يجافي الواقع؛ لأن الإدارة تستطيع على سبيل المثال تعديل عقد القرض بتأجيل الوفاء به أو ما يعرف بتثبيته.
فضلا عما تقدم، فإنه من ناحية تكييف مراحل تكوين عقد القرض، يرى أنصاره أن هذا العقد ينشأ بارتباط الإيجاب الصادر من الإدارة مع القبول الصادر من المقرض، وهذا الرأي لا يصح في حالة صدور القرض بطريقة المزايدة، فبموجب هذه الطريقة يعد إعلان الإدارة عن المزايدة دعوة إلى التعاقد، والإيجاب هو العطاء الذي يتقدم به أحد المشتركين في المزايدة على الشخص أو الأشخاص الذين قدموا عطاء أزيد (4).
ثانيا: القرض العام عقد إذعان:
يعرف عقد الإذعان بأنه قد يستقل أحد أطرافه بوضع محتواه كليا أو جزئيا وبصيغة عامة ومجردة في المدة التي تسبق إبرامه، بحيث لا يبقى للطرف الآخر سوى قبوله برمته أو رفضه برمته.
ما يهمنا في هذا الفرض هو أن بعض الكتاب اعتبر القرض العام عقد إذعان؛ لأن المكتب لا يستطيع مناقشة الدولة في شروط القرض، ولا يملك إلا القبول أو الرفض، وحتى هذه الموافقة تكون مشوبة بضغط نفسي تمارسه الدولة بالدعاية والترغيبات المختلفة التي تدعو للاكتتاب (5).
أما بالنسبة إلى تقدير هذا الرأي، فما يؤخذ عليه تحجيمه لدور المقرض والنظر إليه على إله طرف سلبي في عقد القرض، وإن إرادته ختل في حدود إبرام العقد أو عدم إبرامه، إذ إن الإدارة تضع شروط العقد بمعزل عن الطرف الآخر،
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن النظرة لم تعد تتلاءم مع عالمنا المعاصر الذي يعتمد على الحوار مع المواطنين، وعلى تقريب المسافات بين الدولة ورعاياها، وعلى فسح المجال أمام المتعاقدين مع الإدارة، لإبداء وجهات نظرهم بخصوص نشاطها وطريقة عملها. ولعل أساس ذلك كله يكمن في تغيير النظرة إلى المتعاقد، فلم يعد المتعاقد مع الدولة حصرة تتضارب مصالحه مع مصالحها، بل أصبح معاونة لها، وأن العقد الذي يبرم معها هو عقد تعاون يهدف إلى استقطاب المعاونين الذين تحتاجهم الإدارة، ومن ثم أصبح مألوفة في هذا النوع من العقود أن تستشير الإدارة المتعاقدين معها ، وأن تطلب منهم إبداء رأيهم حول أعمالها المتنوعة التي من بينها عملية الاقتراض، مما يعني أن المقترض مذعن؛ لأن دوره لم يعد مقصورة على قبول القرض أو رفضه، كما إن إرادته ليست أجنبية عن تكون العقد وإبرامه؛ لأنه أصبح مشاركة في تحديد شروط عقد القرض، وعلى الرغم من شبهة الإذعان الأخرى التي أثيرت حول عقد القرض المتمثلة بتعرض المكتتب لقهر نفسي يتمثل في الدعاية ومختلف الضغوط السياسية والاجتماعية التي يخضع لها المقرضون لإجبارهم على الأكتتاب (6).
على الرغم مما تقدم، إلا أنه يمكن القول بأن هذه الضغوط ليس من شأنها أن تجعل المقرض في عقد القرض العام في مثل ظروف المذعن قبل التعاقد في عقود الإذعان؛ لأن المقرض يستطيع أن يفضل التعاقد مع أي فرد آخر تحت مظلة القانون الخاص .
ثالثا: القرض العام عقد إداري
يتفق أغلب شراح القانون الإداري والمالي على إن القرض العام يعد عقد إدارية، إذ إن أحد أطرافه هو الإدارة؛ ولأنه يتعلق بنشاط مرفق عام يسعى لتحقيق منفعة عامة، فضلا عن إن القرض العام يتضمن شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
ويعد هذا الاتجاه في رأينا الأقرب إلى حقيقة القرض العام، ومن ثم فإننا نشاطر أنصاره فيما ذهبوا إليه، بيد إننا نورد ملاحظين بشأنه
الملاحظة الأولى: إن تكييف القرض العام على إله عقد إداري لا يصح سوى بالنسبة للقروض الداخلية الاختيارية والقروض الخارجية المبرمة مع الأطراف الأجنبية الخاصة، أما الأنواع الأخرى فلها أوصاف قانونية خاصة أخرى.
الملاحظة الثانية: إن القروض الداخلية الاختيارية والقروض الخارجية المبرمة مع الأشخاص الأجنبية الخاصة ليست عقودة إدارية في جميع الأحوال، بل إن ذلك مرهون بتوافر المعيار المميز لهذا النوع من العقود، وهو إن الإدارة طرف فيه، وأن يتصل العقد بمرفق عام، وأن يتضمن شروطة استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية (7).
_______________
1- عبد المطلب عبد الحميد، السياسات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي، (القاهرة - مصر: مجموعة النيل العربية، القاهرة 2002، ص 55).
2- المرجع نفسه، ص 62.
3- سليمان محمد الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية دراسة مقارنة، ط5 ( القاهرة – مصر دار الفكر العربي 2005 ، ص 133.
4- حيدر وهاب عبود، "دراسة في الطبيعة القانونية للقروض العامة ، مقالة منشورة في مجلة كلية التراث الجامعة، العدد (8)، بغداد - العراق، 2010 ، ص11
5- سعيد عبد السلام، سلطة المحكمة النقض في الرقابة على تفسير عقود الإذعان، (القاهرة - مصر: الولاء للطبع والتوزيع، 1992، ص 25)
6- عبد العال الصكبان، مقدمة في علم المالية العامة والمالية العامة في العراق، ج1، ط1، (بغداد - العراق : مطبعة العاني، 1972، ص 429)
7- المرسي السيد الحجازي، مبادئ الاقتصاد العام، بيروت - لبنان: الدار الجامعية، 2002، ص28) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|