أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2014
3944
التاريخ: 16-12-2014
3346
التاريخ: 24-5-2022
1918
التاريخ:
3758
|
منذ أن دخل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) المدينة المنورة كان دائبا على هدم أركان الجاهلية واستئصال جذورها وضرب مواقعها ، فكانت حياته في المدينة المنوّرة كما كانت في مكة حياة جهاد وبناء ، جهاد المشركين والمنافقين واليهود والصليبيين ، وبناء الدولة الإسلامية العظيمة ، ونشر الدعوة وتبليغها في كلّ بقعة يمكن لصوت التوحيد أن يصل إليها ، فراح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يحارب بالكلمة والعقيدة تارة ، وبالسيف والقوة تارة أخرى ، وبالأسلوب الذي يمليه الموقف وتفرضه الحكمة .
وهكذا جاهد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقاتل في مرحلة حرجة صعبة ، لم يكن يملك فيها من المال والجيوش والاستعدادات العسكرية ما يعادل أو يقارب جيوش الأحزاب وقوى البغي والضلال التي تصدّت لدعوة الحق والهدى ، بل كانت كلّ قواه قائمة في إيمانه وانتصاره بربّه وبالفئة المخلصة من أصحابه .
والذي يقرأ تاريخ الدعوة وجهاد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وصبره واحتماله ؛ يعرف عظمة هذا الإنسان المبدئي ، ويدرك قوّة عزيمته ومدى صبره ورعاية اللّه ونصره له ولأولئك المجاهدين الذين حملوا راية الجهاد بين يديه ، فيكتشف مصدر النصر والقوة الواقعيين .
ولقد مرّت هذه الفترة الجهادية الصعبة بكامل ظروفها وأبعادها بفاطمة ( عليها السّلام ) وهي تعيش في كنف زوجها وأبيها ، تعيش بروحها ومشاعرها ، وبجهادها في بيتها ، وفي مواساتها ومشاركتها لأبيها ، في شدّته ومحنته ، فقد شهدت جهاد أبيها وصبره واحتماله ، شاهدته وهو يجرح في ( أحد ) وتكسر رباعيته ، ويخذله المنافقون ، ويستشهد عمّ أبيها حمزة أسد اللّه ونخبة من المؤمنين معه .
روي أنّه لمّا انتهت فاطمة ( عليها السّلام ) وصفيّة إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) - بعد معركة أحد - ونظرتا اليه قال ( صلّى اللّه عليه واله ) لعلي ( عليه السّلام ) : « أمّا عمّتي فاحبسها عنّي وأمّا فاطمة فدعها » فلمّا دنت فاطمة ( عليها السّلام ) من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ورأته قد شج وجهه وادمي فوه ، صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول : اشتد غضب اللّه على من أدمى وجه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وكان ( صلّى اللّه عليه واله ) يتناول في يده ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شيء[1].
وكانت فاطمة ( عليها السّلام ) تحاول تضميد جرح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقطع الدم الذي كان ينزف من جسده الشريف ، فكان زوجها يصبّ الماء على جرح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وهي تغسله ، ولما يئست من انقطاع الدم أخذت قطعة حصير وأحرقتها حتى صار رمادا فذرّته على الجرح حتى انقطع دمه[2].
ويحدّثنا التأريخ عن مشاركة فاطمة ( عليها السّلام ) بروحها ومشاعرها لأبيها في كفاحه وصبره وجهاده في أكثر من موقع .
فقد روي أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قدم من غزاة له ، فدخل المسجد فصلّى فيه ركعتين ، ثم بدأ - كعادته - ببيت فاطمة قبل بيوت نسائه ، جاءها ليزورها ويسر بلقائها ، فرأت على وجهه آثار التعب والإجهاد ، فتألّمت لمّا رأت وبكت فسألها ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما يبكيك يا فاطمة ؟ » فقالت : « أراك قد شحب لونك » فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) لها : « يا فاطمة إنّ اللّه - عز وجل - بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلّا دخله به عزّا أو ذلا يبلغ حيث يبلغ الليل »[3].
وليست هذه العاطفة وتلك العناية والمشاركة مع الأب القائد والرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) من ابنته فاطمة ( عليها السّلام ) هي كلّ ما تقدّمه لأبيها من إيثارها له واهتمامها به ومشاركتها له في شدّته وعسرته ، إنّها جاءت يوم الخندق ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) منهمك مع أصحابه في حفر الخندق لتحصين المدينة وحماية الإسلام ، جاءت وهي تحمل كسرة خبز فرفعتها اليه فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما هذه يا فاطمة ؟ » قالت : « من قرص اختبزته لابنيّ ، جئتك منه بهذه الكسرة » فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا بنيّة أما إنّها لأول طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث »[4].
هذه صورة مشرقة لجهاد المرأة المسلمة تصنعها فاطمة في ظلال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فهي تشارك بكلّ ما لديها لتشد أزر الإسلام وتكافح جنبا إلى جنب مع أبيها وزوجها وأبنائها في ساحة واحدة وخندق واحد ، لتدوّن في صحائف التأريخ درسا عمليا تتلقاه الأجيال من هذه الامّة المسلمة ، فتتعلّم حياة الإيمان التي تصنعها عقيدة التوحيد بعيدة عن اللهو والعبث والضياع .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|