أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-08-2015
1288
التاريخ: 22-2-2018
1233
التاريخ: 11-4-2017
1529
التاريخ: 22-11-2016
924
|
لو قيل أن الذي يفعله العقلاء لا مدخل له في باب الإمامة لأنهم يفعلون ما يتصل باجتلاب المنافع، ودفع المضار.
والاستعانة بالغير عند الحاجة تدخل في هذا
الباب، ولا فرق بين الاستعانة بوكيل يقوم بأمر الدار والضيعة (1) والاستعانة بأمير
(2) يقوم بحفظ البلد " - إلى قوله -: " فلا فرق بين من يدعي نصب الإمام بهذه
الطريقة وبين من يدعي جميع ما يتعلق باجتلاب المنافع ودفع المضار، ويجعله أصلا في هذا
الباب، (3)...
الجواب: ليس كما ادعاه المدعي من أن الحاجة إلى الإمام
بخصوصه في اجتلاب المنافع ودفع المضار الدنيوية، بل الذي ذكره إن كان حاصلا فيها فقد
يتعلق بها أمر ما يرجع إلى الدين، واللطف في فعل الواجبات، والاقلاع من المقبحات.
ألا ترى أنا قد دللنا على أن بوجود الرؤساء
وانبساط أيديهم. وقوة سلطانهم يرتفع كثير من الظلم والبغي، ويخف أكثر ما يجري عند فقدهم
من الفساد والانتشار؟ وكل ذلك يبين أن للرئاسة دخولا (4) في الدين قويا، وكيف يدفع
تأثير الرئاسة في أمر الدين مع ما ذكرناه من تقليلها لوقوع كثير من المقبحات، وتكثيرها
لفعل الواجبات؟
وليس لأحد أن يقول: لو كانت الرئاسة إما
تجب من حيث كانت لطفا في واجبات العقول لم يجب على الناس إقامة الرؤساء، لأنه لا يجب
عليهم أن يلطفوا لغيرهم في فعل الواجبات عليه، فإذا كان غرض من ينصب الأئمة في نصبهم
دفع ما يقع من المفسدين من الظلم والعدوان على ما ادعيتم فقد صار واجبا عليهم أن يلطفوا
لغيرهم فيما يتعلق بالدين وفساد ذلك ظاهر، وإذا فسد لم يبق إلا أن غرضهم في نصب الرؤساء
مقصور على المصالح الدنياوية، ودفع المضار العاجلة، واجتلاب المنافع الحاضرة، وذلك
أن غرض العقلاء في نصب الرؤساء ليس بمقصور على أن لا يقع من غيرهم فعل القبيح. بل على
أن لا يقع من غيرهم ومنهم أيضا فعل ما يقبح في عقولهم مما وجود الرؤساء يرفعه أو يقلله،
فقد عاد الأمر إلى أن ذلك لا يتعلق بالدنيا، ويجب لأمر يتعلق بالدين، على أنه لا أحد
من العقلاء يجب عليه في الحقيقة عندنا - نصب الرؤساء وإقامتهم، لأنا إنما نوجب ذلك
على الله تعالى، ونحيل (5) أن يكون نصب الإمام مما تمكن منه العقلاء بآرائهم واختيارهم،
وإنما ظن بعض العقلاء أن ذلك واجب عليه ففزع عند هذا الظن إلى نصب الرؤساء من حيث جهل
ما ذكرناه من اختصاص ذلك بالله تعالى دون البشر، وليس يجب إذا اعتقدوا وجوبه عليهم
أن يكون واجبا في الحقيقة، وموضع تعلقنا بفعلهم، وما يعلمونه من الصلاح بوجود الرؤساء،
والفساد بفقدهم باق، ولا يقدح فيه اعتقادهم أن إقامته من فروضهم، لأننا قد بينا ما
أدخلهم في هذا الاعتقاد الفاسد وكشفناه، والفرق بين الوكيل والأمير والإمام واضح، لأنا
قد دللنا فيما تقدم على أن الحاجة إلى الرؤساء والأمراء ثابتة غير زائلة، وليس كذلك
الحاجة إلى الوكيل فإن من لا ضيعة له ولا عقار له، ولا ما يجري مجراهما مما يتصرف فيه
الوكلاء لا حاجة به إلى الوكيل، ولا يعده العقلاء في ترك الاستعانة بوكيل مهملا ومفرطا،
وليس نجد أحدا من العقلاء يستغني عن أن يكون له رئيس يأخذ على يده ويمنعه عن كثير مما
يتسرع (6) بطباعه وهواه إليه من القبائح. وحكم سائر من يجوز عليه فعل القبيح من المكلفين
حكم صاحب الضياع والأموال التي لا يتسع لتدبيرها والقيام بها، وكما أن من هذه حاله
إذا ترك إقامة الوكيل والاستعانة به كان مفرطا مذموما موبخا (7) وأعقبه ذلك غاية الضرر
فكذلك حال المكلفين متى خلوا من الرؤساء والأمراء.
____________
(1)
قال الأزهري: " الضيعة عند الحاضرة النخل والكرم والأرض والعرب لا تعرف الضيعة
إلا الحرفة والصناعة ".
(2)
غ " أمين ".
(3)
المغني 20 / 30.
(4) دخلا، خ ل.
(5) أي نراه مستحيلا.
(6)
يتسرع: يبادر.
(7) التوبيخ: التهديد والتأنيب.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|