أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-10-2014
1405
التاريخ: 10-5-2020
1231
التاريخ: 25-10-2014
1469
التاريخ: 3-07-2015
2134
|
كل ما أوجب اتّصاف الواجب به كمالاً وبهاءً بلا استتباع نقص ، فهو صفة ثبوتية ، وما لم يكن كذلك فهو صفة سلبية ؛ لِما (معلوم).. من أنّه كامل في غاية الكمال ، كيف وهو مصدر كلّ كمال فلا سبيل للنقص إليه أبداً ؟ .
وأمّا ما ذكره بعض المتكلّمين ، وشاع في الألسن ، من حصر الصفات الثبوتية في الثمانية ، (1) والسلبية في السبعة ، (2) فخطأ محض ، ولعلّه ؛ للاهتمام بها ، أو لوقوع الاختلاف فيها ، أو لاحتياجها إلى الاستدلال ، وغير ذلك من الاعتبارات ، وإلاّ فلا حدّ لحميد صفاته وجميل أفعاله .
وقد ورد في الشرع له تعالى أوصاف كثيرة جمّة ، كما يظهر لمَن راجع الأخبار ولا سيما الأدعية .
ثمّ إنّ مصادر هذه النعوت ـ كالعلم والقدرة والرحمة مثلاً ـ تسمّى في اصطلاحهم بـ (صفات الله) ، ومشتقاتها ـ مثل العالم والقادر والرحيم ـ بـ ( أسماء الله ) .
إذا تبيّن ذلك فاعلم أنّ جميع صفاته تعالى :
إمّا حقيقة محضة ، وهي ما لا تحقّق له إلاّ بعد وجود شيء آخر ، كالرزق والخلق والرحمة وغيرها ، فإنّها لا تثبت إلاّ إذا كان هناك موجود مرزوق مخلوق مرحوم .
وإمّا حقيقية ذات إضافة ، وهي ما لا يتوقف مفهومه على شيء آخر ، وليس الإضافة مأخوذةً في واقعها ، إلاّ أنّها تعرض له ، وان شئت فقل : إنّ تحقّق هذا القسم من الصفات غير موقوف على أمر ثانٍ ، لكن ترتّب أثرها لا يكون إلاّ بإضافتها إلى شيء مقدور ، كالقدرة مثلاً ، فإنّ أصل تحقّقها له تعالى لا يحتاج إلى شيء آخر ، فليست الإضافة معتبرةً في مفهومها ، لكن أثر القدرة لا يتنجّز إلاّ بوجود مقدور .
وإمّا سلبية ، وهي ما يُعتبر في مفهومها السلب ، كالبساطة والتجرّد والوحدة والغنى وأشباهها ؛ إذ الأَوّل سلب التركيب ، والثاني سلب المادة وعوارضها ، والثالث سلب الشركة ، والرابع سلب الفقر وهكذا ، فهذا القسم وإن كان على صورة الثبوت لكنّها من النفي حقيقة ، على حدّ سلب الجسمية والمعاني والرؤية والحلول والاتحاد ، وغيرها من الصفات السلبية ظاهراً وواقعاً.
ثمّ يقال للقسم الأَوّل والثالث : الصفات الذاتية ، والصفات الكمالية ، ويعبّر عن القسم الثاني بالصفات الفعلية ، والصفات الإضافية ، والصفات الجمالية ، وهنا قسم آخر لم يذكروه وسمّيناه بالصفات المدحية ... ، ويسمّى الجميع بالصفات الثبوتية ، وأمّا القسم الرابع فيقال له ـ بكلا نوعيه ـ الصفات السلبية ، والصفات الجلالية ، والصفات التقديسية ، والذي يهم في المقام بيانه هو فرق الذاتية والفعلية ، وأنّه كيف نعرف أنّ هذه الصفة الثبوتية فعلية وهي حادثة ، وتلك ذاتية وهي قديمة ؟
وإليك ذكر ما يفرّق بينها من الموازين .
1 ـ كلّ صفة أمكن نفيها عن الواجب القديم ، وصحّ إثبات نقيضها له ، فهي فعلية ، وإلاّ فهي ذاتية ؛ وذلك لأنّ الصفة الذاتية إمّا واجبة بل عين ذاته كما هو الحق ، وإمّا واجبة الثبوت للذات فلا يمكن انفكاكها عنها (3) .
2 ـ كلّ صفة كان لها ضدّ وجودي فهي فعلية ؛ إذ الذاتية عين الذات ، وستعرف في محله أن لا ضدّ للذات الواجبة ، وأمّا إذا لم يكن لها ضدّ فلا يجب أن تكون ذاتيةً ، فالملازمة من أحد الطرفين كما لا يخفى .
3 ـ كلّ صفة اعتبرت في مفهومها الإضافة فهي فعلية ؛ لاحتياجها إلى غير الواجب، فلا يعقل كونها ذاتيةً ، وهذا واضح ، وكلّ صفة لم تكن إضافية محضة فهي ذاتية ؛ إذ لا واسطة بين الفعلية والذاتية ؛ فحيث إنّ الصفة غير الإضافية المحضة لا تكون فعليةً ؛ للزوم الإضافة في قوام الفعل ، فهي ذاتية لا محالة .
4 ـ كلّ ما وقع تحت قدرته فهو من الصفات الفعلية ، وما لم يقع فهو من الصفات الذاتية ؛
والسر في ذلك واضح ، فإنّ الخارج عن القدرة ليس إلاّ الواجب .
5 ـ كلّ صفة أمكنة وقوعها تحت الإرادة فهي فعلية ، وإلاّ فهي ذاتية ، ويظهر وجهه ممّا سبق .
وأمّا قوله تعالى : {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشورى: 29]، وقوله ( عليه السلام ): ( شاء ـ أي الله ـ أن لا يكون شيء في ملكه إلاّ بعلمه ) حيث تعلّق المشية بالقدرة وبكون الشيء معلوماً له تعالى ، مع أنّ القدرة والعلم من الصفات الذاتية ، فلابدّ من توجيههما بوجه مقبول .
6 ـ كلّ صفة وقعت في حيّز ألفاظ دالّة على الحدوث والإمكان فهي فعلية لا محالة ، ومن الألفاظ المذكور : سوف ، سين الاستقبال ، جملة من حروف الجر ، عسى ، ونظائرها ، الفاء العاطفة الدالة على الترتيب ، ثمّ ، إذا ، إن ، لو ، وغير ذلك .
قال الله تعالى : {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ} [المائدة: 54]، {سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة: 71]، {لِيُضِلَّ قَوْمًا} [التوبة: 115]، {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } [التوبة: 102]، {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى} [المؤمنون: 45]، {إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ } [النحل: 40]، {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] ، { وَلَوْ شِئْنَا} [الأعراف: 176].
وأمّا قوله تعالى : {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ } [الأنفال: 23]، وقوله : {إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة: 143] وأمثاله فسيأتي ما يتعلّق به في مبحث علمه إن شاء الله .
ثمّ إنّ هذا الميزان الأخير السادس ـ لمكان اتخاذه من ظواهر الألفاظ ـ ظني غير قطعي ...
____________________
(1) كما قال شاعرهم :
عالم وقادر وحى است مريد ومدرك *** هم قديم وابدى دان متكلم صادق
(2) كما قيل :
نه مركّب بود ونه جسم مرئى نه محل *** لا شريك است ومعانى تو غنى دان خالق
(3) وأمّا الصدق والعدل ، وأن لا يجوز سلبهما عن الله تعالى في شيء من الأوقات عند الناس، إلاّ أنّ سلبهما بسلب منشائهما ، فيقال : إنّه لم يكن متكلّماً ومعاملاً أزلاً فلا يكون صادقاً وعادلاً.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|