أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-08-2015
1752
التاريخ: 1-07-2015
1839
التاريخ: 9-2-2018
1636
التاريخ: 23-12-2020
2185
|
[اولا] الاِنسان :
الاِنسان كائنٌ مركّبٌ من الروح والجَسَد، وجَسَده يتلاشى بعد الموت وتتفرق أَجزاؤه، إلاّ أنَّ روحه تواصل حياتها، وموت الاِنسان لا يعني فناءه، ولهذا فانّه سيمرّ بحياةٍ برزخيةٍ حتى تقومَ القيامة، ولقد أشار القرآن الكريم عند بيان مراتب خَلْق الانسانِ وتكوّنه، إلى آخر مرحلةٍ من تلك المراحل، وهي التي تتحقّق بنفخ الروح في جثمانه إذ يقول: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14] كما أنّ القرآن أشار إلى حياة الاِنسان البرزخية في عدة آيات أيضاً، ومن تلك الآيات قوله: { وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100].
[ثانيا] خلق الاِنسان بفطرة سليمة :
يولَد كلُ إنسان بفطرةٍ نقيّةٍ توحيديّةٍ بحيث إذا بقي بعيداً عن تأثير العوامل الخارجية (كالتربية والصَداقةِ والاِعلام) التي تُسبِّب انحرافَ عقيدتهِ، سَلَكَ طريقَ الحق.
فليس ثمة شرّيرٌ بالولادة والخلقة بل الشرور والقبائح أُمور ذات صفة عارضة وطارئة تنشأ بسبب العوامل الباطنية والاختيارية.
ولهذا فانَّ فكرةَ المعصية الذاتية في بني آدم، المطروحة من قِبل المسيحيّة المعاصرة، لا أساس لها من الصحّة قط. يقول القرآنُ الكريمُ في هذا الصدد: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } [الروم: 30].
[ثالثا] الاِنسان كائن حرّ الاِرادة :
الاِنسان كائنٌ حرُّ الاِرادة، مخيّرٌ، يعني انّه بَعد أن يدرسَ النواحي المختلفة لموضوعٍ مّا في ضوء العقل، يختار فعلَهُ أو تركَه، دون إجبار.
يقول القرآن الكريم: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] ، ويقول أيضاً: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29].
[رابعا] الاِنسان مخلوق قابل للتربية والتأديب :
حيث إنّ الاِنسان يتمتع بفطرةٍ سليمةٍ وقوة تُمكِّنه من معرفة الخير والشرّ، كما انّه كائن مخيّر غير مجبور، لذلك كلهِ فهو موجودٌ قابل للتربية والتأْديب ، قادرٌ على سلوك طريق الرشد والتكامل ، وباب العودة إلى الله مفتوحٌ عليه، اللّهم إلاّ أن يتوبَ إلى الله لحظة المعاينة، ومشاهدة الموت التي لا تُقبل فيها التوبة، ولا تنفع فيها العودة إلى الله.
ومن أَجل هذا تكون دعوةُ الاَنبياء موجَّهة إلى جميع البشر حتى نظير فرعون كما يقول تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} [النازعات: 18، 19] وعلى هذا الاَساس يجب أن لا ييأس الاِنسانُ من الرحمةِ والمغفرةِ الاِلَهيّتين كما يقول تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].
[خامسا] الاِنسان كائن مسؤول :
حيث إنّ الاِنسان يتمتع بنورِ العقل وموهبة الاختيار لذلك فإنّه كائنٌ مسؤُولٌ، مسؤولٌ أمام الله، وأمام الانبياء، والقادة الاِلَهيين، وأمام غيره من أبناء البشر الآخرين، وأمام العالَم.
وقد صَرّحَ القرآن الكريم بهذه المسؤولية الّتي تَقَعُ على الاِنسان في آيات عديدة يقول:{ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].
ويقول كذلك: { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى } [القيامة: 36] ويقول الرسولُ الاَكرم محمد: «كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيّتهِ»(1).
[سادسا] ملاك التفاضل بين الناس :
لا فَضْلَ لإنسان على إنسان آخر إلاّ بما يكسبه، ويحصل عليه من الكمالات المعنوية، وأفضل هذه الكمالات التي هي ملاكُ التفوّق والاَفضليّة هو التقوى كما يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } [الحجرات: 13] وعلى هذا الاَساس لا تكون الخصائصُ العرقية والجغرافية وغيرها من وجهة نظر الاِسلام سبباً للتمييز، ومبرِّراً للتفاخر والتكبّر، والاستعلاء على الآخرين.
[سابعا] ثبات الاُسس الاَخلاقية :
الاُسُسُ الاَخلاقية التي تُمثّل ـ في الحقيقة ـ أُسُسَ الهويّة الاِنسانية، ولها جذورٌ فطريّةٌ، أُسسٌ ثابتةٌ وخالدةٌ، وهي لا تتغيّر بسبب مُضِيّ الزمان وطروءِ التحوّلات والتطوّرات الاِجتماعية.
فمثلاً؛ حسنُ الوفاء بالعهد والعقد، أو حسن مقابلة الاِحسان بالاِحسان، قضيّةٌ خالدةٌ، وحقيقةٌ ثابتةٌ مطلقاً، وهذا القانون الاَخلاقي لا يتغير أبداً.
وهكذا الحكمُ بقبح الخيانة وخُلف الوعد.
وعلى هذا الاَساس فإنّ في الحياة البشرية الاجتماعية طائفةً من الاُصول والاُسُس التي امتزجت بالفطرة، والطبيعة البشرية وتكون ثابتةً وخالدةً.
وقد أشارَ القرآنُ الكريمُ إلى بعض هذه الاُصول والاُسُس العقليّة الاَخلاقية الثابتة إذ قال: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] { مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ } [النحل: 90].
[ثامنا] العلاقة بين عمل الاِنسان والظواهر الكونية :
إنّ أعمال الاِنسان وتصرّفاته مضافاً إلى أنّها تستتبع أجراً، أو عقاباً مناسباً لها في اليوم الآخر (القيامة)، لا تخلو من نتائج حَسَنة أو سَيّئة في هذه الدنيا، لاَنّ ثمت قوىً شاعرةً ومدركةً وُصِفت في القرآن الكريم بالمدبّرات{ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات: 5].
تدبّر أُمورَ الكون بإذن الله، ولن تقفَ من أعمال الاِنسان حَسَنة كانت أو سيّئة موقفَ المتفرج، وفي الواقع إنّ عملَ الاِنسان فعلٌ، وبعضُ حوادث العالَم المنتهية إلى تلك المدبرات ردةُ فعل على عمله. وهذه حقيقةٌ كَشَفَ الوحيُ القناع عنها، وتوصّل إليها الاِنسانُ بعلمه إلى درجة مّا أيضاً.
وللقرآن الكريم في هذا المجال آياتٌ عديدةٌ نذكر منها على سبيل المثال ما يلي: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96].
[تاسعا] العلاقة بين تقدّم الاُمم أو تخلّفها وبين عقائدها وأخلاقها :
إنّ تقدّمَ الاُمم أو تخلّفها نابعٌ من عِلَل وعواملَ داخليّة تعود في الاَغلب إلى عقائدها وأخلاقها، وبالتالي إلى سلوكها أَنفسها، مضافاً إلى بعض العوامل الخارجية. على أنّ هذا الاَصل لا يتنافى مَعَ مبدأ القضاء والقدر الاِلَهيّين، لاَن هذا الاَصل (أي تأثير سلوك الاُمم في مصيرها) هو نفسُه من مظاهر التقدير الاِلَهي الكلّي .
يعني أنّ المَشيئة الاِلَهيّة الكُليّة تعلّقت بأن تَصنع الاُممُ هي مصائِرَها كأن يحظى المجتمعُ الذي يقيمُ علاقاته الاجتماعية على أساس العَدالة، بحياة طيبة، ومستقرة، ويكون وضع الاُمة التي تقيم علاقاتها الاجتماعية على خلاف ذلك سَيّئاً، وحالتها متدهورةً.
إنّ هذا الاَصلَ هو ما يسمّى حسب مصطلح القرآن الكريم بالسنن الاِلَهيّة حيث قال {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 42، 43] وقال: { وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران: 140,139].
[عاشرا] وضوح المستقبل البشري :
إنّ مستقبلَ البشريّة واضحٌ لا إبهام فيه، صحيح أنّ حياة البشرية اقترنت في الاَغلب مع أَلوان مختلفة من التمييز، والفوضى، إلاّ أنّ هذا الوضع لن يستمرَّ إلى الاَبد، بل يَتحرَّك التاريخ البشري باتجاه مستقبلٍ مشرقٍ يسودُ فيه العدلُ، ويخيِّم عليه القسطُ الشاملُ، وتكونُ الحاكميةُ في الاَرض لمِن أسماهم القرآن الكريم بالصالحين إذ قال تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] ويقول أيضاً: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 55] على هذا الاَساس فإنّ النصر النهائي في مستقبل التاريخ، وفي خاتمة المطاف في حَلَبة الصراع المستمر بين الحق والباطل إنّما هو للحقِ دون سواه، وإن تأخر ذلك بعض الشيء وطال الاَمَد، كما يقولُ القرآن الكريم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } [الأنبياء: 18].
[حادي عشر] كرامة الاِنسان وحرّيته :
يحظى الاِنسانُ ـ حسب رؤية القرآن الكريم ـ بكرامةٍ خاصّة إلى دَرَجةِ أنّه أصبحَ مَسجوداً للملائكة كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } [الإسراء: 70] وحيث إنّ جوهر الحياة الاِنسانية يكمنُ في حفظ الكرامة والعزّة ، لهذا منَعَ الاِسلامُ من أيّ عمل يضرَّ بهذه الموهبة ، وبعبارة أكثر وضوحاً ؛ إن أيّ نوع من التسلّط على الآخرين وكذا قبول السلطة من الآخرين ممنوعٌ من وجهة نظر الاِسلام منعاً باتاً، فلابدّ أن يعيش المرء حُرّاً كريماً بعيداً عن أي شكلٍ من أشكال الصغار والذل.
قال الاِمامُ أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب: «ولا تكُنْ عَبْدَ غيرِك وقدْ جَعَلك الله حُرّاً»(2).
كما قال أيضاً: «إنّ الله تبارَك وتعالى فَوَّض إلى المؤمن كلَّ شيء إلاّ إِذلالَ نفسهِ»(3).
ومن الواضح جداً انّ الحكومات الاِلَهيّة المشروعة لاتنافي هذا الاَصل ...
[ثاني عشر]: رؤية الاِسلام للعقل الاِنساني:
إنّ للعقل الاِنساني مكانةً خاصةً في رؤية الاِسلام ونظره، وذلك لاَنّ ما يميّز الاِنسان عن سائر الاَحياء بل ويجعله مفضّلاً عليها هو عقله ومدى قوته التفكيرية.
من هنا دُعِيَ البشر ـ في آيات عديدة من القرآن الكريم ـ إلى التفكّر والتأمّل، والتدبّر والتعقّل، إلى درجة، عُدَّت تنمية القوة العقليّة، والتفكّر في مظاهر الخلق، من علائم العقلاء وذوي الاَلباب قال تعالى في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 191].
هذا وإنّ الآيات التي ترتبط بضرورة التفكّر والتأمّل في مظاهر الخلقة أكثر بكثير من أن يمكن سردها في هذا البيان المقتضب.
وعلى أساس هذه الرؤية نجد القرآن الكريمَ ينهى الناس عن التقليد الاَعمى، وعن الاتّباع غير المدروس للآباء والاَجداد.
[ثالث عشر]: الانسجام بين الحرية الفردية ومبدأ التكامل المعنوي:
إنّ الحريات الفرديّة (الشخصيّة) في المجالات الاقتصادية السياسيّة مقيّدة في الاِسلام بأنْ لا تُنافي مبدأَ التكامل المعنوي للاِنسان كما هي مقيّدة بأن لا تضرّ بالمصالح العامة.
وفي الحقيقة إن حكمة التكليف بالوظائف والواجبات الدينية في الاِسلام تكمن في أنّ الاِسلام يريد بهذه الوظائف التي يُكلّف بها الاِنسان أن يحافظ على كرامته الذاتيَّة، وفي الوقت نفسه يضمن سلامة واستمرار المصالح الاِجتماعية.
إنّ مَنع الاِسلام من الوثنيّة ، ونهيه المؤكد عن تعاطي ومعاقرة الخمر وما شابه ذلك إنّما هو للحفاظ على الكرامة الاِنسانية (فرداً وجماعة). وبهذا تتضح حكمة التشريعات الجزائية في الاِسلام أيضاً.
فالقرآن الكريم يعتبر القصاص ضماناً للحياة الاِنسانية إذ يقول: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 179] يقول النبي الاَكرم محمد : «إنّ المعصيةَ إذا عَمِلَ بها العبدُ لم تَضرّ إلاّ عامِلَها، فإذا عَمِل بها علانيةً، ولم يُغَيّر أضرّت بالعامة».
ويضيف الاِمام جعفر الصادق بعد نقل هذا الحديث قائلاً: «ذلك أنّهُ يُذلّ بعَملِه دينَ الله، وَيَقْتدي به أهلُ عَداوةِ اللهِ»(4).
[رابع عشر] لا إكراه في الدين :
إنّ من مظاهر الحرية الفردية في الاِسلام هو أن لا يُجبرَ الشخصُ على قبول الدين واعتناقه كما قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].
وذلك لاَن الدين المطلوب في الاِسلام هو الاعتقاد والاِيمان القلبيّان وهما لا يتحقّقان في قلب الاِنسان بالعُنف والقهر، والقسر والاِجبار، بل ينشئان بعد حصول مقدمات أهمها اتضاح الحق والباطل وتميّز أحدهما عن الآخر .
فإذا حَصَلت مثل هذه المعرفة اختار الاِنسانُ الحقَّ في ظروف طبيعية قطعاً.
صحيح أن «الجهاد» هو أحد الفرائض والواجبات الاِسلامية المهمّة جداً، ولكن لا يعني الجهادُ قط إجبارَ الآخرين على اعتناق الاِسلام، بل المقصود منه إزالة الموانع والعراقيل عن طريق الدعوة الاِسلامية وإبلاغ الرسالة الاِلَهيّة إلى مسامع الناس في العالم كَيما يتبيّن الرشد من الغيّ.
ومن الطبيعيّ إذا مَنَعَ أرباب الثروة والسلطة انطلاقاً من الدوافع المادية والشيطانية من إبلاغ الرسالة الاِلَهيّة الهادية إلى مسامع الناس وأفئدتهم، اقتضت فلسفة النبوة (وهي هداية البشرية وإرشادهم) أن يقوم المجاهدون بإزالة هذه الموانع، والعراقيل، لتتوفّر الشروط والظروف اللازمة لاِبلاغ دعوة الحق إلى أبناء البشرية.
اتّضح مّما سبق من الاَبحاث ـ رؤية الاِسلام حول الكون والاِنسان والحياة ـ على أنّ هناك نقاطاً وأصولاً أُخرى أيضاً ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد: 2 | 54 ؛ وصحيح البخاري: 3 | 284 (كتاب الجمعة، الباب11، الحديث2).
(2) نهج البلاغة، قسم الكتب، الكتاب رقم 38.
(3) | 424 (كتاب الاَمر بالمعروف الباب 12، الحديث 4).
(4) وسائل الشيعة: 11 | 407، (كتاب الاَمر بالمعروف).
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|