مقا- رصّ : أصل واحد يدلّ على انضمام الشي‌ء الى الشي‌ء بقوّة وتداخل. تقول رصصت البنيان بعضه الى بعض- {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف : 4] ، وهذا كأنّه مشتقّ من الرصاص والرصاص أصل الباب. ويقال تراصّ القوم في الصفّ. وحكى عن الخليل : الرصراص : الحجارة تكون مرصوصة حول عين الماء. ومن الباب الترصيص أن تتنقّب المرأة فلا يرى الّا عيناها وهو التوصيص أيضا.

مصبا- رصصت البنيان رصّا من باب قتل : ضممت بعضه الى بعض. وتراصّ القوم في الصفّ. والرصاص بالفتح والقطعة منه رصاصة لسا- رصّ البنيان يرصّه رصّا، فهو مرصوص ورصيص، ورصّصه ورصرصه : أحكمه وجمعه وضمّ بعضه الى بعض. وكلّ ما احكم وضمّ فقد رصّ. ورصصت الشي‌ء أرصّه رصّا : ألصقت بعضه ببعض. وتراصّوا أى تصافّوا في القتال والصلاة، وتراصّ القوم : تضامّوا وتلاصقوا.

والرصص والرصاص والرصاص : معروف من المعدنيّات، مشتقّ من ذلك لتداخل أجزائه، والرصاص أكثر من الرصاص، والعامّة تقوله بكسر الراء. وشيء مرصّص : مطلّى به.

والتحقيق‌

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو الصاق الأشياء بعضها ببعض بشدّة وتداخل ممكن وإحكام تامّ. وهذا هو الفرق بينها وبين مادّة الرصف والرصع، فانّ الرصف مطلق الضمّ والإلصاق. والرصع عقد شي‌ء ثانوي بشي‌ء كالتزيين والتحلية.

فالتضعيف والتشديد في مادّة الرصّ : يدلّ على الشدّة والإحكام، كما انّ التكرار في حروف الرصراص : يدلّ على امتداد الالتصاق، كضمّ- الحجارة بعضها ببعض حول عين الماء.

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف : 4] أي لازم أن تكون جبهة المسلمين كالصفّ الواحد من جهة موقعيّة المبارزة والنظم والوحدة في الحكم والعمل والمرتبة والعنوان، بطرح الاختلاف وحذف العناوين الشخصيّة والأغراض المختلفة والإعراض عن التشتّت والانحرافات ، ثمّ يكون ارتباطهم والتصاقهم واتحادهم في تمام الإحكام وكمال الشدّة، كالبنيان المحكم المنضمّ اجزاؤه بعضها ببعض بحيث يصير واحدا.

فمحبّة اللّه تعالى انّما يتعلّق بهؤلاء المبارزين الّذين هم في صفّ واحد وفي اتّصال وانتظام تامّ وفي وحدة واستقامة كاملة ، لا مطلقا.

وأيضا لازم أن يكون الهدف : السلوك والعمل في سبيل اللّه ولوجهه لا في سبيل الهوى والشيطان- {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام : 153].