المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



عبد الله بن الزبير  
  
2787   08:29 صباحاً   التاريخ: 15-8-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:343
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2016 2436
التاريخ: 11-3-2016 2841
التاريخ: 10-08-2015 4351
التاريخ: 11-3-2016 2163

 

عبد الله (1) بن الزبير

كوفي المنزل والمنشأ من بني أسد «كان من شيعة بني أمية وذوي الهوي فيهم والتعصب والنصرة على عدرهم» ونراه يلهج بالشعر منذ خلافة معاوية، وحدث أن فسد ما بينه وبين عبد الرحمن بن أم الحكم واليه على الكوفة فأخذ يهجوه، ويقال إن يزيد بن معاوية هو الذي كان يغريه على ذلك، إذ كان يبغض ابن أم الحكم، ولما طلبه استجار منه بمروان بن الحكم وهو على المدينة فأجاره، ومدحه. ونراه يمدح عمرو بن عثمان مديحا رائعا، إذ يقول:

سأشكر عمرا إن تراخت منيتي … أيادي لم تمنن وإن هي جلت

فتي غير محجوب الغني عن صديقه … ولا مظهر الشكوي إذا النعل زلت

رأي خلتي من حيث يخفي مكانها … فكانت قذي عينيه حتي تجلت (2)

ويمدح أسماء بن خارجة، ويقال إنه شفع له عند ابن أم الحكم، فعفا عنه، ولم يكتف أسماء بذلك فقد وصله وجعل له ولعياله عطاء دائما، مما جعله يشيد به بمثل قوله:

ولا مجد إلا مجد أسماء فوقه … ولا جري إلا جري أسماء فاضله

فتي لا يزال الدهر ما عاش مخصبا … ولو كان بالموماة تخدي رواحله (3)

وعزل ابن أم الحكم عن الكوفة وضمت الى عبيد الله بن زياد مع البصرة، فلزمه يمدحه وينوه به في قصائد كثيرة، ومن قوله فيه:

تصافي عبيد الله والمجد صفوة ال‍ … حليفين ما أرسي ثبير ويثرب (4)

وأنت الى الخيرات أول سابق … فأبشر فقد أدركت ما كنت تطلب

 

ويتوفي يزيد بن معاوية، وتموج الفتنة بالعراق، فيفر ابن زياد الى الشام وتخلص الكوفة للمختار الثقفي فيتحول إليه ابن الزبير يتوعده ويتهدده بكتائب المروانيين. ويغلب مصعب على الكوفة ويؤتي به أسيرا، فيمن عليه ويصله ويحسن إليه، فيمدحه، ولكنه لا ينتقل بولائه الى أخيه عبد الله، إذ نراه يهجوه حين يبلغه قتله لبعض شيعة بني أمية، وله يقول:

أيها العائذ في مكة كم … من دم أهرقته في غير دم

أيد عائذة معصمة … ويد تقتل من حل الحرم

ولما قضي عبد الملك على مصعب، وخلص له العراق، وأرسل الحجاج للقضاء على ابن الزبير بمكة مضي ينذره بسوء المصير قائلا:

كأني بعبد الله يركب ردعه … وفيه سنان زاعبي محرب (5)

وقد فر عنه الملحدون وحلقت … به وبمن آساه عنقاء مغرب (6)

تولوا فخلوه فشال بشلوه … طويل من الأجذاع عار مشذب (7)

بكفي غلام من ثقيف نمت به … قريش وذو المجد التليد معتب

ويلزم بشر بن مروان في ولايته على العراق، ويمدحه مدائح كثيرة وقد توفي في خلافة عبد الملك، ويظهر أنه لم يعش طويلا بعد بشر، ويقال إنه عمي بأخرة، ويقول أبو الفرج إنه كان هجاء يرهب شره.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في ترجمته الأغاني (طبع دار الكتب) 14/ 217 وما بعدها والخزانة 1/ 345 ومعاهد التنصيص 1/ 20.

(2) الخلة: الحاجة والخصاصة. والقذي: ما يقع في العين.

(3) الموماة: المفازة. تخدي الناقة: تسرع في سيرها.

(4) ثبير: جبل يظاهر مكة. يثرب: مدينة الرسول صلي الله عليه وسلم.

(5) يقال ركب ردعه: إذا سقط قتيلا يتشخب دمه. والزاعبية: ضرب من الرماح. محرب: محدد.

(6) يقال عنقاء مغرب على الوصف وبالإضافة يقصد حوم الطير على أشلائهم.

(7) الشلو: الجسد. شال به: رفعه أي أنه صلب على جذع طويل. مشذب: مصلح مقوم.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.