أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-10
1367
التاريخ: 9-10-2014
1967
التاريخ: 2023-03-04
1514
التاريخ: 2023-02-19
1425
|
التاريخ النقلي ونعني به ضبط الحوادث الكلية والجزئية بالنقل والحديث مما لم يزل الإنسان من أقدم عهود حياته وأزمان وجوده في الأرض مهتما به ، ففي كل عصر من الأعصار على ما نعلمه عدة من حفظته أو كتابه والمؤلفين فيه ، وآخرون يعتورون ما ضبطه أولئك ويأخذون ما أتحفوهم به ، والإنسان ينتفع به في جهات شتى من حياته كالاجتماع والاعتبار والقص والحديث والتفكه وأمور أخرى سياسية أو اقتصادية أو صناعية وغير ذلك.
وأنه على شرافته وكثرة منافعه لم يزل ولا يزال يعمل فيه عاملان بالفساد يوجبان انحرافه عن صحة الطبع وصدق البيان إلى الباطل والكذب: أحدهما: أنه لا يزال في كل عصر محكوما للحكومة الحاضرة التي بيدها القوة والقدرة يميل إلى إظهار ما ينفعها ويغمض عما يضرها ويفسد الأمر عليها ، وليس ذلك إلا ما لا نشك فيه أن الحكومات المقتدرة في كل عصر تهتم بإفشاء ما تنتفع به من الحقائق وستر ما تستضر به أو تلبيسها بلباس تنتفع به أو تصوير الباطل والكذب بصورة الحق والصدق ، فإن الفرد من الإنسان والمجتمع منه مفطوران على جلب النفع ودفع الضرر بأي نحو أمكن ، وهذا أمر لا يشك فيه من له أدنى شعور يشعر به الأوضاع العامة الحاضرة في زمان حياته ويتأمل به في تاريخ الأمم الماضية والبعيدة.
وثانيهما : أن المتحملين للأخبار والناقلين لها والمؤلفين فيها جميعهم لا يخلون من إعمال الإحساسات الباطنية والعصبيات القومية فيما يتحملون منها أو يقضون فيها ، فإن جملة الأخبار في الماضين ، والحكومة في أعصارهم حكومة الدين ، كانوا منتحلين بنحلة ومتدينين كل بدين ، وكانت الإحساسات المذهبية فيهم قوية والعصبيات القومية شديدة فلا محالة كانت تداخل الأخبار التاريخية من حيث اشتمالها على أحكام وأقضية كما أن العصبية المادية والإحساسات القوية اليوم للحرية على الدين وللهوى على العقل يوجب مداخلات من أهل الأخبار اليوم نظير مداخلات القدماء فيما ضبطوه أو نقلوه ، ومن هنا أنك لا ترى أهل دين ونحلة فيما ألف أو جمع من الأخبار أودع شيئا يخالف مذهبه فما ضبطه أهل كل مذهب موافق لأصول مذهبه ، وكذا الأمر في النقل اليوم لا ترى كلمة تاريخية عملته أيديهم إلا وفيه بعض التأييد للمذهب المادي.
على أن هاهنا عوامل أخرى تستدعي فساد التاريخ ، وهو فقدان وسائل الضبط والأخذ والتحمل والنقل والتأليف والحفظ عن التغير والفقدان سابقا وهذه النقيصة وإن ارتفعت اليوم بتقارب البلاد وتراكم وسائل الاتصال وسهولة نقل الأخبار والانتقال والتحول لكن عمت البلية من جهة أخرى وهي: أن السياسة داخلت جميع شئون الإنسان في حياته ، فالدنيا اليوم تدور مدار السياسة الفنية ، وبحسب تحولها تتحول الأخبار من حال إلى حال ، وهذا مما يوجب سوء الظن بالتاريخ حتى كاد أن يورده مورد السقوط ، ووجود هذه النواقص أو النواقض في التاريخ النقلي هو السبب أو عمدة السبب في إعراض العلماء اليوم عنه إلى تأسيس القضايا التاريخية على أساس الآثار الأرضية ، وهذا وإن سلمت عن بعض الإشكالات المذكورة كالأول مثلا ، لكنها غير خالية عن الباقي ، وعمدته مداخلة المؤرخ بما عنده من الإحساس والعصبية في الأقضية ، وتصرف السياسة فيها إفشاء وكتمانا وتغييرا وتبديلا ، فهذا حال التاريخ وما معه من جهات الفساد الذي لا يقبل الإصلاح أبدا.
ومن هنا يظهر : أن القرآن الشريف لا يعارض في قصصه بالتاريخ إذا خالفه ، فإنه وحي إلهي منزه عن الخطأ مبرأ عن الكذب ، فلا يعارضه من التاريخ ما لا مؤمن له يؤمنه من الكذب والخطأ ، فأغلب القصص القرآنية كنفس هذه القصة قصة طالوت يخالف ما يوجد في كتب العهدين ، ولا ضير فيه فإن كتب العهدين لا تزيد على التواريخ المعمولة التي قد علمت كيفية تلاعب الأيدي فيها وبها ، على أن مؤلف هذه القصة وهي قصة صموئيل وشارل بلسان العهدين ، غير معلوم الشخص أصلا ، وكيف كان فلا نبالي بمخالفة القرآن لما يوجد منافيا له في التواريخ وخاصة في كتب العهدين ، فالقرآن هو الكلام الحق من الحق عز اسمه.
على أن القرآن ليس بكتاب تاريخ ولا أنه يريد في قصصه بيان التاريخ على حد ما يرومه كتاب التاريخ ، وإنما هو كلام إلهي مفرغ في قالب الوحي يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ، ولذلك لا تراه يقص قصة بتمام أطرافها وجهات وقوعها ، وإنما يأخذ من القصة نكات متفرقة يوجب الإمعان والتأمل فيها حصول الغاية من عبرة أو حكمة أو موعظة أو غيرها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|