أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2021
3621
التاريخ: 2023-02-10
1223
التاريخ: 2023-05-01
866
التاريخ: 5-7-2021
1925
|
ثانياً : الخصخصـة في أوربـا الغربيـة (6)
هناك ادعاء رائج بأن الخصخصة هي في منزلة ثورة حدائية في التنظيم الاقتصادي معاكسة للعهود البائدة حين كانت الدولة الفاعل الأكبر في الاقتصاد.
وهناك ادّعَاء رائج آخر مفاده أن الارتقاء بالكفاءة الاقتصادية للمنشآت المؤمّمة كان الدافع الأساس وراء انطلاق الخصخصة في أوروبا الغربية في عهد رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتـشر، وكلا الادعاءين غير صحيح، إذ تراوح التنظيم الاقتصادي في أوروبا الغربية بين عمليات تأميم تكبّر القطاع العام وعمليات خصخصة تقلّص هذا القطاع، وحدث ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من اتجاه .
في أوائل القرن العشرين وحتى زمن الكساد الكبير في عام 1929، مرّت الأقطار الأوروبية (باستثناء الاتحاد السوفياتي) في حقبة تميزت بسيادة دور القطاع الخاص على حساب دور القطاع العام الذي عانى حينئذ محدودية في دوره. فلما حدث الكساد الكبير، اجتاحت بعض الدول الأوروبية نزعة إلى زيادة التدخل الحكومي في الاقتصاد. فعمدت الحكومات في فرنسا وبلجيكيا إلى تأسیس مؤسسات حكومية مالية استولت على القطاع المصرفي. وفي ألمانيا، في عهد جمهورية فيمار وحتى مجيء عهد الاشتراكية الوطنية (النازية)، قامت الحكومة بعمليات تأميم واسعة في القطاع الصناعي بهدف دعم عملية التصنيع. وفي النمسا ، أقرَّت الحكومة إجراءات شملت تأمیم منشآت في قطاعات البنوك والاتصالات والنقل.
في إيطاليا، أنشأت الحكومة الفاشية في عام 1933 "مؤسسة صناعية قابضة" لإعادة الحياة إلى الصناعة الإيطالية، باسم "مؤسسة إعادة بناء الصناعة"، (Institutoper la Recostruzione Industriale (IRI وفي إسبانيا، استوردت الحكومة بعد الحرب الأهلية الأنموذج الإيطالي، فأقامت "المؤسسة الوطنية للصناعة" (Institute Nationale Industria (INI)) بهدف تعزيز التنمية الوطنية وتشجيع التصنيع بإحلال الإنتاج المحلي محل المستورد، وتنشيط التنمية في المناطق الأقل نماءً.
أما في شمال أوروبا، فأنشأت السويد في بداية القرن العشرين مشروعات تملكها الدولة بهدف الاستغلال الكفؤ للمصادر الطبيعية، خصوصاً الفحم والأخشاب والحديد والصلب. وفي فنلندا، لوحظ أن تقصير القطاع الخاص في توفير رؤوس الأموال المخاطرة، دفع الحكومة إلى الاستثمار الواسع في استخراج المواد الأولية وإنشاء البنى الأساسية، بما يقود إلى حفز النشاط الاقتصادي بشكل عام.
في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، شهدت أوروبا موجة جديدة من التأميم في إطار إعادة إعمار ماخربته الحرب. ففي المملكة المتحدة، أصبح قطاع المنشآت التي تملكها الدولة أحد أكبر القطاعات في أوروبا الغربية. وفي فرنسا استولت الدولة بين عامي 1945 و 1946 على مرافق الفحم والغاز والكهرباء والسكك الحديد وقطاعي المصارف والتأمين. وأسست الحكومة الفرنسية "المفوضية العامة للتخطيط" ، لتخطيط النشاطات في القطاع العام والتنسيق بينها. وفي بلجيكا والنمسا ، تم اتخاذ إجراءات مشابهة لتوسيع دور القطاع العام في النشاط الإنتاجي .
حدثت الموجة الثالثة من توسُّع دور الدولة في الاقتصاد في أوروبا في أعقاب الصدمة النفطية بين منتصف سبعينيات القرن الماضي ومنتصف ثمانينياته. ففي تلك الآونة، عمدت الحكومات الأوروبية إلى استعمال تملّك الدولة المنشآت الإنتاجية (التأميم) وسيلة لإحداث الاستقرار الاقتصادي ورفع معدلات العمالة إضافة إلى إنقاذ المنشآت الخاصة المهددة بالانهيار، والمحافظة على مستويات جيدة من الاستثمار، خصوصاً في الأقاليم الأقل نمواً. ولا ريب في أن أهداف تلك السياسات والإجراءات كانت اجتماعية أكثر منها اقتصادية .
استمرت موجة المحاباة والتحيُّز لدور القطاع العام والتوسع في مدى هذا الدور حتى بداية الثمانينيات، حين اصطدمت بمتطلبات التنافس في الأسواق الدولية. ففي حين ساعد النشاط الإنتاجي الواسع للقطاع العام في الاستقرار الاقتصادي، وفي تخفيف المضاعفات الاجتماعية التي خلّفَتها الحرب العالمية الثانية، وفي إنجاز التكيّف مع عملية إعادة الإعمار بسهولة ويسر، فإن عبء المعونات الاجتماعية التي أدمجت في أسعار منتوجات المنشآت العامة، انعكس سلباً على إنتاجية تلك المنشآت وكفاءتها وقدرتها على المنافسة. وأصبحت معالجة مشكلة الدعم الحكومي المتصاعد وما تمخض عنه من مظاهر نقص الكفاءة في المنشآت العامة في رأس أولويات السياسة الاقتصادية لمعظم البلدان الأوروبية، وشكّل ذلك الدافع الأكبر لانبثاق سياسات الخصخصة، ولاشتداد زخمها في بداية تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً بعد معاهدة ماستریخت (Maastricht) في الاتحاد الأوروبي في عام 1991. حينئذ، ارتئوا أن إعادة الهيكلة وإجراء الخصخصة على المنشآت الإنتاجية الحكومية هي إحدى ضرورات التحديث الاقتصادي، فضلاً عن فائدتها في تحقيق عوائد للخزينة العامة تغنيها عن زيادة العبء الضريبي وتحمل التكاليف السياسية لهذا الإجراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6) Bernardo Bortolotti and Valentina Milella, (Privatization in Western Europe) in: Roland, ed., chap. 2.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|