المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الماتريدية  
  
2311   02:30 صباحاً   التاريخ: 26-05-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : المذاهب الاسلامية
الجزء والصفحة : ص61-71
القسم : العقائد الاسلامية / فرق و أديان / الماتريدية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-05-2015 1225
التاريخ: 26-05-2015 2312
التاريخ: 26-05-2015 1314

 في الوقت الّذي ظهر مذهب الإمام الأشعري بطابع الفرعيّة لمذهب أهل الحديث، ظهر مذهب آخر بهذا اللون والشكل لغاية نصرة السنّة وأهلها، وإقصاء المعتزلة عن الساحة الإسلامية، وهو مذهب الإمام محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي (المتوفّى 333هـ)؛ أي بعد 9 أو ثلاثة أعوام من وفاة الإمام الأشعري.

والداعيان كانا في عصر واحد، ويعملان على صعيد واحد، ولم تكن بينهما أيّة صلة، فالإمام الأشعري كان يكافح الاعتزال ويناصر السنّة في العراق، متقلّداً مذهب الشافعي في الفقه، والماتريدي ينازل المعتزلة في أقصى الشرق الإسلامي (ماوراء النهر)، متقلّداً رأي الإمام أبي حنيفة في الفقه، فكانت البصرة يومذاك محط الأهواء والعقائد ومَعْقَلِها، كما كانت أرض خُراسان مأوى أهل الحديث ومهبطهم.

 

منهج الإمام الماتريدي موروث عن أبي حنيفة:

المنهج الّذي اختاره الماتريدي، وأرسى قواعده، وأوضح براهينه، هو المنهج الموروث عن أبي حنيفة (المتوفّى 150هـ) في العقائد، والكلام، والفقه ومبادئه، والتاريخ يحدثنا أنّ أبا حنيفة كان صاحب حلقة في الكلام قبل تفرّغه لعلم الفقه، وقبل اتّصاله بحمّاد بن أبي سليمان الّذي أخذ عنه الفقه.

وليس الماتريدي نسيج وحده في هذا الأمر، بل معاصره أبو جعفر الطحاوي صاحب (العقيدة الطحاوية) (المتوفّى 321هـ) مقتفٍ أثر أبي حنيفة، حتّى عَنْوَن صدر رسالته المعروفة (بالعقيدة الطحاوية) بقوله: (بيان عقيدة فقهاء الملّة): أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.(1)

 

لمحة إلى سيرة الماتريدي:

اتفق المترجمون له على أنّه توفّى عام 333هـ، ولم يعيّنوا ميلاده، لكن القرائن تشهد أنّه من مواليد عام 248هـ، وقد ولد بـ (ماتريد)، وهي من توابع سمرقند في بلاد في ماوراء نهر جيحون، ويوصف بالماتريدي تارة، وبالسمرقندي أُخرى، ونسبه ينتهي إلى أبي أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري مضيّف النبيّ في دار الهجرة.

مشايخه:

قد أخذ العلم عن عدّة من المشايخ، هم:

1 ـ أبو بكر أحمد بن إسحاق الجوزجاني.

2 ـ أبو نصر أحمد بن العياضي.

3 ـ نصير بن يحيى، تلميذ حفص بن سالم (أبو مقاتل).

4 ـ محمد بن مقاتل الرازي.

قال الزبيدي: تخرّج الماتريدي على الإمام أبي نصر العياضي. ومن شيوخه الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق بن صالح الجوزجاني صاحب الفرق والتمييز، ومن مشايخه محمد بن مقاتل الرازي قاضي الريّ.

والأوّلان من تلاميذ أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، وهو من تلاميذ أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.

وأمّا شيخه الرابع ـ أعني: محمد بن مقاتل ـ؛ فقد تخرَّج على تلميذ أبي حنيفة مباشرة، وعلى ذلك، فالماتريدي يتّصل بإمامه تارة بثلاثة وسائط، وأُخرى بواسطتين، فعن طريق الأوّلين بوسائط ثلاث، وعن طريق الثالث بواسطتين.(2)

 

تلاميذه:

تخرّج عليه عدة من العلماء، منهم:

1 ـ أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الشهير بالحكيم السمرقندي (المتوفّى 340هـ).

2 ـ أبو الليث البخاري.

3 ـ أبو محمد عبد الكريم بن موسى البزدوي، جدّ محمد بن محمد بن عبد الكريم البزدوي مؤلّف (أُصول الدين).

 

مصنّفاته:

سجَّل المترجمون للماتريدي كُتُباً له تعرب عن ولعه بالكتابة والتدوين والإمعان والتحقيق، غير أنّ الحوادث لعبت بها، ولم يبقَ منها إلاّ ثلاثة:

1 ـ كتاب (التوحيد) وهو المصدر الأوّل لطلاّب المدرسة الماتريديّة وشيوخها، الّذين جاءوا بعد الماتريدي، واعتنقوا مذهبه، وهو يستمد في دعم آرائه من الكتاب والسنّة والعقل، ويعطي للعقل سلطاناً أكبر من النقل.

وقد قام بتحقيق نصوصه ونشره الدكتور فتح الله خليف عام 1390هـ، وطبع الكتاب في بيروت مع فهارسه في 412 الصّفحة.

2 ـ (تأويلات أهل السنّة) في تفسير القرآن الكريم، وهو تفسير في نطاق العقيدة السنّية، وقد مزجه بآرائه الفقهيّة والأُصوليّة وآراء أُستاذه الإمام أبي حنيفة، فصار بذلك تفسيراً عقائديّاً فقهيّاً، وهو تفسير عام لجميع السور، والجزء الأخير منه يفسّر سورة المنافقين إلى آخر القرآن، وقد وقفنا من المطبوع منه على الجزء الأوّل وينتهي إلى تفسير الآية 114 من سورة البقرة.

حقّقه الدكتور إبراهيم عوضين، وطبع في القاهرة عام 1390هـ.

 

وأمّا كُتبه الأُخرى، فإليك بيانها:

3 ـ المقالات.

4 ـ مآخذ الشرائع.

5 ـ الجدل في أُصول الفقه.

6 ـ بيان وهم المعتزلة.

7 ـ رد كتاب الأُصول الخمسة للباهلي.

8 ـ كتاب رد الإمامة.

9 ـ الرد على أُصول القرامطة.

10 ـ رد تهذيب الجدل للكعبي.

إذا عرفت مؤسّس المذهب وشيوخه وتلامذته ومؤلّفاته، فلنعرج على أُصول المذهب الماتريدي، فنقول:

إنّ المذهب الأشعري والماتريدي يتحرّكان في فلك واحد، وكانت الغاية هي الدفاع عن عقيدة أهل السنّة والوقوف في وجه المعتزلة، ومع ذلك لا يمكن أن يتّفقان في جميع الأُصول الرئيسيّة، فضلاً عن التفاريع؛ وذلك لأنّ الأشعري اختار مذهب الإمام أحمد، وطابع منهجه هو الجمود على الظواهر وعدم العناية بالعقل والبرهان.

وأمّا الماتريدي، فقد تربّى على منهج تلامذة الإمام أبي حنيفة، ويعلو على ذلك المنهج الطابع العقلي والاستدلالي، كيف ومن أُسس منهجه الفقهي هو العمل بالقياس والاستحسان.

وعلى ضوء هذا فلا يمكن أن يكون التلميذان متوافقين في الأُصول.

والّذي تبيّن لي بعد التأمّل في آراء الماتريدي في كثير من المسائل الكلاميّة، أنّ منهجه كان يتمتّع بسِمَات ثلاث:

1 ـ إنّ الماتريدي أعطى للعقل سلطاناً أكبر، ومجالاً أوسع، وذلك هو الحجر الأساس للسِمَتين الأخيرتين.

2 ـ إنّ منهج الماتريدي أبعد عن التشبيه والتجسيم من الأشعري، وأقرب إلى التنزيه.

3 ـ إنّه وإن كان يّشُنُّ هجوماً عنيفاً على المعتزلة، ولكنّه إلى منهجهم أقرب من الإمام الأشعري.

 

وإليك بيان بعض الفوارق بين المنهجين:

1. معرفته سبحانه واجبة عقلاً:

اختلف المتكلّمون في وجوب المعرفة، فالأشعري وأتباعه على أنّه سمعي؛ بمعنى أنّه أمَرَ سبحانه بمعرفته، والمعتزلة على أنّه عقلي.

وأمّا الماتريدي، فيقول: هو كالمعتزلة في وجوبها عقلاً، قال البياضي:

ويجب بمجرد العقل في مدَّة الاستدلال، معرفة وجوده تعالى، ووحدته، وعلمه، وقدرته، وكلامه، وإرادته، وحدوث العالم، ودلالة المعجزة على صدق الرسول، ويجب تصديقه، ويحرم الكفر والتكذيب به، لا من البعثة(3) وبلوغ الدعوة.(4)

إنّ القول بوجوب هذه الأُمور من جانب العقل مِن قَبْل أن يجيء الشرع دفعاً لمحذور الدور، يُعرب عن كون الداعي أعطى للعقل سلطاناً أكبر ممّا أعطاه الأشعري له.

2. الاعتراف بالتحسين والتقبيح العقليّين:

قد أنكر الشيخ الأشعري التحسين والتقبيح العقليّين حذراً من أنّ القول به تحديد لقدرة الله سبحانه وإرادته، ولكنّ الماتريدي قال بالتحسين والتقبيح العقليّين في الجملة، قال البياضي:

والحسن بمعنى استحقاق المدح والثواب، والقبيح بمعنى استحقاق الذم والعقاب على التكذيب عنده (أبو منصور الماتريدي) إجمالاً عقلي، أي يُعْلَم به حُكْم الصانع ـ إلى أن قال: ويستحيل عقلاً اتّصافه تعالى بالجور وما لا ينبغي، فلا يجوز تعذيب المطيع ولا العفو عن الكفر عقلاً، لمنافاته للحكمة، فيجزم العقل بعدم جوازه.(5)

وعلى ضوء ذلك فقد اعترف الماتريدي بما هو المهم في باب التحسين والتقبيح العقليّين؛ أعني:

أوّلاً: استقلال العقل بالمدح والذم في بعض الأفعال .

وثانياً: استقلال العقل بكونه سبحانه عادلاً، فلا يجوز عليه تعذيب المُطيع.

نعم أنكر الشيخ الماتريدي إيجاب العقل للحسن والقبح.

3. التكليف بما لا يطاق:

ذهب الأشعري إلى جواز التكليف بما لا يُطاق، ولكن الماتريدي يقول

بخلافه، قال البياضي: ولا يجوز التكليف بما لا يُطاق لعدم القدرة أو لعدم الشرط.(6)

هذا ما نقله البياضي عن الماتريدية، وأمّا نفس الإمام أبي منصور الماتريدي، فقد فصَّل في كتابه (التوحيد)، بين مضيّع القدرة فيجوز تكليفه، وبين غيره فلا يجوز.

قال: إنّ تكليف من مُنِع عن الطاقة فاسد في العقل، وأمّا من ضيَّع القوة، فهو حق أن يُكلَّف مثلُه، ولو كان لا يُكلَّف مثلُه، لكان لا يُكلَّف إلاّ من مطيع.(7)

4. أفعال الله سبحانه معلّلة بالأغراض:

ذهبت الأشاعرة إلى أنّ أفعاله سبحانه ليست معلّلة بالأغراض، وأنّه لا يجب عليه شيء، ولا يقبح عليه شيء، واستدّلوا على ذلك بما يلي:

لو كان فعله تعالى لغرض، لكان ناقصاً لذاته، مستكْمِلاً بتحصيل ذلك الغرض، لأنّه لا يصلح غرضاً للفاعل إلاّ ما هو أصلح له من عدمه، وهو معنى الكمال.(8)

وقالت الماتريدية: أفعاله تعالى معلّلة بالمصالح والحِكَم؛ تفضّلاً على العباد، فلا يلزم الاستكمال ولا وجوب الأصلح. واختاره صاحب المقاصد.(9)

5. الصفات الخبرية:

إنّ تفسير الصفات الخبرية ـ كالاستواء واليد والعين ـ أوجد اختلافاً عميقاً بين المتكلّمين، فأهل الحديث والأشاعرة من المثبتين لها، ولذلك اشتهروا بالصفاتيّة، في مقابل المعتزلة الّذين يؤوّلونها، ولا يثبتونها بما يتبادر منها في ظواهرها.

وأقصى ما عند الأشاعرة في إثباتها لله سبحانه هو إثباتها بلا كيفيّة، وإنّه سبحانه مستوٍ على العرش بلا كيفيّة، وله يد بلا كيفيّة، وهكذا سائر الصفات الواردة في الكتاب والسنّة. وهم في هذا المقام يتذرّعون بقولهم: (بلا كيف، وبلا تشبيه).

وأمّا الماتريدية، فالظاهر أنّ منهجهم هو التنزيه، ظاهراً وباطناً، ولكنّهم بين مفوِّضٍ معانيها لله سبحانه أو مفسِّرٍ لها مثل العدليّة الّذين سمّتهم الأشاعرة بالمؤوِّلة.

مثلاً؛ يقول أبو منصور ـ أحد أقطاب الماتريدية: ليس في الارتفاع إلى ما يعلو من مكان ـ للجلوس أو القيام ـ شرف ولا علوّ، ولا وصف بالعظمة والكبرياء، كمن يعلو السطوح والجبال فإنّه لا يستحق الرفعة على من دونه عند استواء الجوهر، فلا يجوز صرف تأويل الآية إليه، مع ما فيها من ذكر العظمة والجلال، إذ ذكر في قوله تعالى: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأعراف: 54] ، فذلك على تعظيم العرش.(10)

وفي خاتمة المطاف نلفت نظر القارئ إلى ما ذكره الكاتب المصري أحمد أمين حول عقيدة الأشاعرة في الصفات الخبريّة، قال:

وأمّا الأشاعرة، فقالوا: إنّها مجازات عن معان ظاهرة، فاليد مجاز عن القدرة، والوجه عن الوجود، والعين عن البصر، والاستواء عن الاستيلاء، واليدان عن كمال القدرة، والنزول عن البرد والعطاء، والضحك عن عفوه.(11)

وما ذكره هو نفس عقيدة المعتزلة، لا الأشاعرة ولا الماتريدية، فالمعتزلة هم المؤوِّلة، يؤوّلون الصفات بما ذكره، والأشاعرة من المثْبِتة، لكن بقيد (بلا كيف)، والماتريدية هم المفوِّضة، يفوّضون معانيها إلى قائلها.

6. صفاته عين ذاته:

ذهبت الأشاعرة إلى أنّ صفاته سبحانه زائدة على ذاته، وأمّا الماتريدية فذهبوا إلى ما اختارته العدليّة من عينيّة الصفات للذّات، يقول النسفي ـ الّذي هو من الماتريدية:

ثُمَّ اعلم أنّ عبارة متكلّمي أهل الحديث في هذه المسألة، أن يقال: إنّ الله تعالى عالم بعلم، وكذا فيما وراء ذلك من الصفات، وأكثر مشايخنا امتنعوا عن هذه العبارة؛ احترازاً عمّا تُوهم أنّ العلم آلة وأداة؛ يقولون: إنّ الله تعالى، عالم، وله علم، وكذا فيما وراء ذلك من الصفات، والشيخ أبو منصور الماتريدي يقول: إنّ الله عالم بذاته، حيٌّ بذاته، قادر بذاته، ولا يُرِيد منه نفي الصفات؛ لأنّه أَثْبَت الصفات في جميع مصنّفاته، وأتى بالدلائل لإثباتها، ودفع شبهاتهم على وجه لامحيص للخصوم عن ذلك، غير أنّه أراد بذلك دفع وهم المغايرة، وأنّ ذاته يستحيل أن لا يكون عالماً.(12)

هذه نماذج ممّا اختلفت فيها الماتريدية والأشاعرة، وإن كان مورد الاختلاف أكثر من ذلك.

وبذلك ظهر أنّ جنوح الماتريدية إلى العدليّة أكثر من الأشاعرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العقيدة الطحاوية: 25.

(2) إتحاف السادة المتّقين: 2/5.

(3) كذا في المصدر، والظاهر زيادة (لا)؛ والصحيح: (من البعثة).

(4) إشارات المرام: 53.

(5) إشارات المرام، فصل الخلافيّات بين الماتريدية والأشاعرة، 54.

(6) المصدر السابق: 54.

(7) التوحيد: 266.

(8) المواقف: 331.

(9) إشارات المرام: 54.

(10) التوحيد: 69 و70.

(11) ظهر الإسلام: 4/ 94، ط الثالثة، عام 1964.

(12) العقائد النسفيّة: 76.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.