أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2020
2646
التاريخ: 25-2-2019
2259
التاريخ: 11-10-2016
1878
التاريخ: 4-2-2021
2061
|
الدعاء : هو الوسيلة بين العبد وخالقه ، واتصال من عالم الملك بعالم الملكوت ، الذي هو من أهم الأسباب الطبيعية الاختيارية الواقعية ، لنجح المطلوب والنيل إلى المقصود ، فإنه كما تترقب المسببات على الأسباب المقتضية لها ، فإن قانون السببية الذي جعله الله تعالى وسيلة لتحقق المسببات الوجودية من دون أن يكون في البين فيض من الأسباب مستقلة من دون الله تعالى ، كذلك فإن للإنسان شعوراً باطنياً وحسا وجدانياً ، أن له ملجأ يأوي إليه في حوائجه ليقضيها ، وأن له سبباً معطياً ، لا ينضب معينه ، وهو مسبب الأسباب ، وهو ليس كالأسباب الظاهرية التي يمكن أن يتخلف عنها أثرها. وهذا الشعور الباطني يكن أن يشتد عند فرد ، بحيث لا يرى للمنبات إلا سبباً واحداً ، وينقطع عن أي سبب دونه ، فيعتصم به ، ولا يتخلى عنه ، ويتوكل عليه في كل حوائجه ، فتنكشف لديه الأشياء على حقائقها ، ويرى زيف الأسباب.
نعم ، قد يعرض على هذا الشعور الباطني والحسي الوجداني بعض الظلمات الأوهام ، فيوجب طمس هذا النور الفطري أو خفائه ، تبعاً لشدة ما يتخيله وضعفه ، فيتخيل خلاف ما هو المركوز في فطرته ، وهذا لا يختض بهذا النور الفطري ، بل يشمل جميع ما يتعلق بالفطرة والشعور الباطني ، ولذا قد يرجع ويقيء إلى فطرته عند تزاحم المشاكل وعدم نفع أي سبب في رفعها ، كما ورد فى قضية من ركب البحر ، فانكسرت به السفينة وأيقن بالهلاك ، فعند ذلك يدعو من ينجيه ، قال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } [يونس : 22].
ولا يستفاد من ذلك أنه حينئذ لا يمكن تخلف المدعو عن الدعاء ، إذا كان الأمر كذلك ، فإذ أمر الدعاء والمسببات الظاهرية في ذلك سواء ، فإنه كثيراً ما كانت هناك عوامل تثبط الأسباب وتمنعها عن الأثر ، فكذلك في الدعاء ، فإذ هناك موانع كثيرة عن تحقق المدعو به ، قد ندركها ، وقد لا ندركها ، بل الأمر في الدعاء أشد ، لفرض أنه ارتباط مع عالم الغيب غير المتناهي الخارج عن الحس ، فلا بد أن تكون الأسباب الموصلة إليه أدق وأرق ، وهذا محسوس في عالم الماديات أيضاً ، فإن كلما كان الشيء ألطف وأدق ، كان السبب الموصل إليه كذلك.
فحقيقة الدعاء هي الشعور الباطني في الإنسان بالصلة والارتباط بعالم لا مبدأ له ولا نهاية ، ولا حد ولا غاية لسعة رحمته وقدرته وإحاطته بجمع ما سواه ، فوق ما نتعقل من معنى السعة والإحاطة والقدرة ، يقضي له حوائجه ، بحيث يجعل المدعو تحت قدرة الداعي جميع وسائل نجح طلباته ، فيقع التجاذب بين الموجودات الخارجية وبين قلب هذا الداعي ؛ فيصير موجداً وفاعلا لما يدعو به ، فيتحد الداعي والدعوة والمدعو به في بعض المراتب ، ولا تحصل هذه المرتبة إلا لمن انسلخ عن ذاته بالكلية ، وفنى في مرضاة الواحدية الأحدية ، فلا يرى في الوجود سوى المدعو ، سراب كان ذلك ملكة أم حالا ، فيتحد العاقل والمعقول ، كما أثبته بعض أكابر الفلاسفة ، ولعله المراد من الاسم الذي هو غيب الغيوب والسر المحجوب ، فروح الدعاء هي ارتباط الداعي مع الله عز وجل بالشرائط المقررة المذكورة في محالها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|