أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
1946
التاريخ: 27-5-2017
2622
التاريخ: 6-11-2017
1503
التاريخ: 24-5-2017
1865
|
ومما يضحك الثكلى :
ذكر لنا الزبير بن بكار وغيره نموذجا مخجلا ، يضحك حتى الثكلى من خطب عدد من سادة القبائل (1) ، ممن كان الخلفاء يولونهم أمور الناس في عنفوان الدولة الأموية. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى الانحطاط الفكري الذي كان يهيمن على طبقة الرؤساء وأصحاب النفوذ آنئذ ، فكيف يمكننا أن نتصور حالة سائر الناس ممن كانوا لا يملكون إمكانيات حتى الحصول على لقمة العيش ، والاحتفاظ برمق الحياة؟
قال الزبير بن بكار : «شكا عبد الله بن عامر إلى زياد بن أبيه ـ وهو كاتبه على العراق ـ الحصر على المنبر ، فقال : أما إنك لو سمعت كلام غيرك في ذلك الموقف استكثرت ما يكون منك.
قال : فكيف أسمع ذاك.؟!
قال : رح يوم الجمعة وكن من المقصورة بالقرب حتى أسمعك خطب الناس.
فلما كان يوم الجمعة قال زياد : إن الأمير سهر البارحة فليس يمكنه الخروج إلى الصلاة.
والتفت إلى رجل من سادة بني تميم ، فقال له : قم فاخطب ، وصلّ بالناس.
فلما أوفى على ذروة المنبر قال : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أشهر.
قالوا : قبحك الله ، جل ثناؤه يقول : في ستة أيام.
وتقول أنت : في ستة أشهر.
فنزل والتفت إلى شريف لربيعة ، فقال له : قم فاخطب.
فلما ارتقى المنبر ضرب بطرفه ، فوقع على جار له كان يخاصمه في حد بينهما.
فقال : الحمد لله. وارتج عليه.
فقال لجاره : أما بعد فإن نزلت إليك يا أصلع لأفعلن بك ، ولأفعلن.
فأنزلوه. فالتفت إلى رئيس من رؤساء الأزد ، فقال له : انهض فأقم للناس صلاتهم ، فلما تسنم المنبر قال : الحمد لله ، ولم يدر ما يقول بعد ذلك ، فقال : أيها الناس ، قد والله هممت أن لا أحضر اليوم ، فقالت لي امرأتي : أنشدتك بالله إن تركت فضل الصلاة في المسجد يوم الجمعة ، فأطعتها ، فوقفت هذا الموقف الذي ترون. فاشهدوا جميعا أنها طالق.
فأنزلوه إنزالا عنيفا. وأرسل زياد إلى عبد الله بن عامر ، أنه ليس أحد يقيم صلاتهم ، ولا بد أن تحمل على نفسك. فخرج فخطب فتبين فضله في الناس على سائر الناس (2).
التركة الموروثة :
أما بالنسبة إلى حجم التركة التي ورثها الناس عن سلفهم الصالح (على حد تعبيرهم) فقد ادعوا : أنه قد وصل إليهم من حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ من غير طريق أهل البيت «عليهم السلام» ـ نزر قليل ، لا يتناسب مع الحاجات التي تواجه الناس ، ولا تتوافق مع هذا التراث الضخم جدا ، الذي سطره علماؤهم عبر القرون المتمادية ، فهم يقولون :
١ ـ إن حديث النبي «صلى الله عليه وآله» أربعة آلاف حديث (3).
٢ ـ عن أحمد بن حنبل : «الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي «صلى الله عليه وآله» ينبغي أن تكون ألفا وماءتين» (4).
٣ ـ لكن نصا آخر يقول : إنه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول الأحكام ، ومثلها في أصول السنة (5).
ثم إنهم يقولون : إن هذا الواصل لم يصح منه عندهم إلا أقل القليل ، حيث قد بلغت رواية أبي حنيفة سبعة عشر حديثا فقط.
أما مالك ، فإنما صح عنده ما في كتاب الموطأ ، «وغايتها ثلاث مئة حديث ، أو نحوها» (6).
فمن أين إذن جاءت هذه الآلاف المؤلفة من الأحاديث التي وصفوها بالثبوت والصحة ، فملأت صحيحي البخاري ومسلم ، ومستدرك الحاكم ، وباقي الصحاح الست ، وصحيح ابن حبان ، وصحيح أبي عوانة. وغير ذلك كثير؟
هذا فضلا عن غيرها من مئات الألوف بل الملايين من الأحاديث التي يزعم حفاظ الحديث أنها عندهم.
بل إن أحمد بن حنبل الذي يقول ما قدمناه هو نفسه قد ألف المسند الذي يضم أربعين ألف حديث ، منها عشرة آلاف مكررة (7).
ويزعمون : أنه ليس فيه حديث موضوع عدا ثلاثة أو أربعة أحاديث تكلموا فيها. بل لا يتأتى الحكم بكون واحد منها موضوعا إلا الفرد النادر، مع الاهتمام القوي في دفع ذلك (8).
نعم ، من أين جاءت هذه الأحاديث والروايات ، إن ذلك لمريب حقا ، وإنه أيضا لغريب وعجيب!!
__________________
(1) الموفقيات ص ٢٠٣ ـ ٢٠٥ وراجع : جمهرة خطب العرب ج ٣ ص ٣٥٥.
(2) الأخبار الموفقيات ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ح ١١٩.
(3) علوم الحديث لابن الصلاح ص ٣٦٧ والباعث الحثيث ص ٨٥ والسنة قبل التدوين عن فتح المغيث ج ٤ ص ٣٩ وعن تلقيح فهوم أهل الآثار.
(4) إرشاد الفحول ص ٢٥١.
(5) مناقب الشافعي ج ١ ص ٤١٩ وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص ٢٤٣.
(6) المقدمة لابن خلدون ص ٤٤٤ وأضواء على السنة المحمدية ص ٣٨٨.
(7) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٢٣٦.
(8) راجع : تعجيل المنفعة برجال الأربعة ص ٦. وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص ٣٧ عنه. والقول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد ، لابن حجر العسقلاني. وذيل القول المسدد للمدراسي.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|