أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2017
2257
التاريخ: 6-11-2017
1503
التاريخ: 2023-08-09
1149
التاريخ: 29-4-2021
2076
|
جاء في سورة الانعام : « قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم : ألا تشركوا شيئا ... ولا تقربوا الفواحش ـ ما ظهر منها وما بطن ـ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ... » وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى . وبعهد أوفوا ... » ( 1 )
وجاء في سورة الحجرات : « يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم » .
فاذا نظرنا إلى الآيات الآنفة الذكر في ضوء المجالين السالفين ـ علاقة المسلم بالكون وبالمجتمع ـ امكننا أن نحدد الخلق الإسلامي تحديداً دقيقاً . فتتلخص علاقة الإنسان بالكون في الإيمان بوحدانية الله .
أما علاقته بالآخرين فتبدو في الإقلاع عن الزنى والقتل ونكث العهد والغدر وتجنب الظلم بشتى صوره . تلك هي ـ بنظرنا ـ الاسس التي يرتكز عليها الإسلام في جوانبه الاخلاقية .
وقد جاء أغلبها بصيغة السلب ـ النهي ـ لان أضدادها ، على ما يلوح ، كانت هي : الاخلاق الشائعة في المجتمع العربي الجاهلي . فالأخلاق التي حثت الآيات السالفة الذكر العرب على التمسك بها هي الاخلاق الإسلامية ، وتطبيقها على العرب ما نسميه : « الخلق العربي الإسلامي ».
والأخلاق التي نهى الاسلام العرب عن السير وفق مستلزمها هي ما ندعوه : « الخلق الجاهلي » أي أخلاق العرب في جاهليتهم .
والاخلاق التي نهي الاسلام العرب على السير وفق مستلزماتها هي ما ندعوه : « الخلق الجاهلي » أي أخلاق العرب في جاهليتهم .
ذكر أبو عمرو ـ سفيان بن عبد الله : « قال : قلت يا رسول الله قل لي قولا في الاسلام لا أسأل عنه أحد غيرك قال : قل آمنت بالله ثم أستقم » ( 2 ) . فأوجز الرسول ـ بذلك ـ الاسلام ـ الاسلام في جانبيه العقائدي والأخلاقي .
فالإيمان بالله يستلزم القيام بالشعائر الدينية المعروفة . والإستقامة تتضمن السير وفق مستلزمات الأخلاق الاسلامية التي شرحناها .
ومن الطريف أن نذكر هنا أننا عثرنا على أكثر من ثلاثين آية تشير إلى أن الاسلام يتضمن الايمان بالله واستقامة الأخلاق ( 3 ) . فهل آمن الامويون بالله ؟ ومن ثم استقاموا ؟
إن تاريخهم يشير بصراحة ووضوح إلى الإجابة بالنفي عن هذين السؤال ـ هذا باستثناء سيرة عمر بن عبد العزيز . فقد كان الأمويون في صراع رهيب مع مبادئ الإسلام منذ انبثاق نوره ـ في عهد الرسول ـ حتى سقوط دولتهم عام 132 هـ .
وقد ظهر لي كذلك أن الامويين قد اتخذوا الدين الاسلامي ستاراً لتثبيت أخلاقهم الجاهلية التي حاربها الاسلام .
فقد تعاونوا ـ أباً عن جد عدا عمر بن عبد العزيز ـ على فصم عرى الاسلام عروة فعروة . ولم يسلم جانب من جوانب الدين من التعرض لاعتداءاتهم المتكررة كلما آنسوا ـ في ذلك الاعتداء ـ تركيزاً لأسس حكمهم الجاهلي البغيض . فلا يمكن أن يجمع المرء ـ على ما رأى ـ بين الأمويين والاسلام .
وإما أن يخلد الامويين على أساس أخلاقهم العربية الجاهلية التي مسخها الاسلام .
فإما أن يخلد الاسلام ـ بتعاليمه وأخلاقه ـ ويشجب الأمويون .
لأن محاولة الجمع بين الأمويين والاسلام فاشلة ويائسة بعد التحليل الدقيق .
وهناك أمر آخر لابد من الإشارة إليه في هذا الصدد؛ هو: أن الحكام الامويين قد أخذوا يتسابقون ـ كما سنرى ـ على الايغال في الخروج على مبادئ الاسلام .
وأخذ الخلف منهم يسبق السلف ـ بمراحل ـ في هذا المضمار .
وبما أن الامويين قد اغتصبوا الحكم الاسلامي : اغتصبوا الحكم الاسلامي اغتصاباً ، ولم يكن لهم ـ من الناحية الشرعية ـ ما يؤهلهم لزعامة المسلمين ، الانسب أن رأيناهم يسمعون إلى تثبيت أركان حكمهم بوسائل فاسدة من الرشوة والملاينة ، ومن الأرهاب والتنكيل حسبما تستلزم الظروف والمناسبات، فانفسح ـ بسياستهم تلك ـ باب الشر على مصراعيه أمام الوصوليين الانتهازيين .
وأغدق الامويون عليهم العطايا وخلعوا عليهم الجاه والمناصب والنفوذ على حساب الدين .
وقد حول الامويون ـ كذلك ـ نشاط المشتغلين في الامور الدينية إلى وعظ الرعايا المسلمين وحثهم على التذرع بالصبر ، والطاعة ، والخضوع للأوضاع السياسية القائمة .
فأوجد بعض هؤلاء الحيل الشرعية لتبرير تصرفات الامويين .
فاحتمى بذلك الأمويون ، وعصموا ملكهم من التعرض للانهيار على أيدي المطالبين بالعودة إلى القرآن وسنة الرسول ....
لفقد وضعت الأمويين تحت مجهر الاسلام ووازنت بين تصرفاتهم وبين مبادئه التي جاءت في القرآن وسيرة الرسول فاكثرت من الاستشهاد بمحتويات القرآن وأحاديث النبي ـ لانها الوثائق التاريخية ، والمستمسكات القانونية الوحيدة في هذا السبيل، كما استشهدت بحوادث كثيرة ذكرتها أمهات كتب التاريخ عن الامويين . ووازنت بين الجانبين .
وقد ظهر لي أثناء عملية الموازنة بين الجانبين بأن الدين الإسلامي شيء وتصرفات الامويين شيء آخر يختلف عنه تمام الاختلاف . فانكشف أمامي فشل المحاولة التي يبديها بعض الباحثين لتغليف سيرة الامويين بغشاء سميك من المغالطة والتدليس وإظهارها على غير مظهرها الذي جاءت به أمهات كتب التاريخ .
أما السبب الذي دعاني إلى قياس تصرفات الأمويين بمقياس الدين الاسلامي فهو : أنهم حكموا المسلمين باسم الدين ، وتظاهروا باتباع مبادئه ، وأخذ بعضهم البيعة لبعض آخر على هذا الاساس . ولا أراني بحاجة إلى أن أنبه القارئ إلى أن المحاولة التي يبديها بعض الكتاب المعاصرين لتطبيق مبادئ الدين الإسلامي على شؤون الحياة السياسية والاقتصادية في الوقت الحاضر أمر خارج عن نطاق هذه الدراسة .
فقد اقتصر البحث على تدوين سيرة الامويين في ضوء المبادئ الدينية التي تظاهروا بأنهم يسيرون وفق مستلزماتها . ولكي يستوفي البحث « الذي بين يدي القارئ » شروطه العلمية فقد تضمن الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث (4) وموازنة ذلك بتصرفات الأمويين كما جاءت في أمهات كتب التاريخ الإسلامي .
فهذا البحث إذن بحث في التاريخ الأموي لا في السياسة المعاصرة أو في الدين .
لقد اكتسب الأمويون « مجدهم » ـ عند من يقول بذلك من الباحثين ـ بواسطة الإسلام . فقد رفعهم الإسلام ـ بنظر بعض الناس ـ من حضيض الجاهلية إلى مستوياته الرفيعة . فيصبح مدح أولئك الباحثين للأمويين ، وتدوينهم سيرتهم وتدريسها للناشئة ـ هذا الأساس ـ إنما هو مدح ضمني للإسلام .
وإنني بهذا الروح ـ روح الإطراء على الإسلام أنتقد سيرة الامويين . فقد ساقني إلى الاعتقاد بأن الأمويين إنما اكتسبوا سلطاتهم على أساس هدم الإسلام ، لا على أساس رفع كلمته وتثبيت قواعد بنائه . فهم الذين انتزعوا منصب خلافة المسلمين ـ على رغم أنف الإسلام ومعتنقيه ، وساروا ـ في حياتهم العامة والخاصة ـ على نهج طوح بالمثل العليا التي جاء بها الإسلام . فذوي روح الإسلام ، وانطوت مبادؤه الاخلاقية على نفسها بدلا من أن تسير في طريق التوسع والانتشار .
____________
(1) وقد ورد شيء مشابه لهذا في سورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، وهود ، ويونس ، والرعد ، في أكثر من موضع واحد .
(2) وقد اشار الرسول ـ في قوله الآنف الذكر ـ إلى ما جاء في سورة فصلت : « إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا ... » ، وفي سورة الأحقاف : « إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون » .
أما قول الرسول الأنف الذكر فقد ورد في كتاب : « الفتوحات الوهبية » لإبراهيم المالكي ص 196 .
(3) راجع سورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأعراف ، ويونس وهود ، والرعد ، وإبراهيم ، والنحل ، والكهف ، ومريم ، والحج ، والعنكبوت ، ولقمان ، والسجدة ، وفاطر ، وفصلت والجاثية ، ومحمد . وجميع تلك الآيات تبدأ بـ :
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار ... » ويلوح لي ان الإسلام يهدف ـ من الإيمان بالله ـ تقويم الأخلاق .
وفي سيرة النبي من الأمثلة على ذلك الشيء الكثير . « روي عن ابن عباس أنه قال : كنا مع النبي في سفر . فمنا الصائم ومنا المفطر . فأنزلنا منزلا في يوم حار ... فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب . فقال الرسول : ذهب المفطرون بالأجر كله » جورج جرداق : الإمام علي ، ص 94 .
(4) وهي الجانب النظري ـ الدستوري ـ الذي ادعى الأمويون بأنهم يسيرون وفق مستلزماته في تصرفاتهم العامة والخاصة باعتبارهم « خلفاء » المسلمين ـ « خلفاء » النبي في رعاية رسالته والسير وفق هديه الذي نطق به القرآن والحديث .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|