أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2016
3072
التاريخ:
4196
التاريخ: 19-05-2015
3035
التاريخ: 7-8-2016
3320
|
كان المأمون قد أنفذ إلى جماعة من الطالبيّة فحملهم من المدينة وفيهم الرضا (عيله السلام) فأخذ بهم على طريق البصرة حتّى جاؤوه بهم وكان المتولي لأشخاصهم المعروف بالجلودي فقدم بهم على المأمون فأنزلهم داراً وأنزل الرضا (عليه السلام) داراً وأكرمه وعظّم أمره ثمّ أنفذ إليه أنّي اُريد ان أخلع نفسي من الخلافة واُقلّدك إيّاها فأنكر الرضا (عليه السلام) هذا الاَمر وقال له : اُعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد فرد عليه الرسالة : فإذا أبيت ما عرضته عليك فلا بدّ من ولاية العهد من بعدي فأبى عليه الرضا (عليه السلام) إباءً شديداً ؛ فاستدعاه إليه وخلا به ومعه ذو الرئاستين الفضل بن سهل وردد عليه هذا الكلام فقال (عليه السلام) : اعفنى من ذلك يا أمير المؤمنين ؛ فقال له المأمون كالمهدّد : إنّ عمر بن الخطّاب جعل الاَمر شورى في ستّة أحدهم جدّك أمير المؤمنين وشرط فيمن خالف ذلك أن يضرب عنقه ولا بدّ من قبولك ما اُريده منك .
فقال الرضا (عليه السلام) : فإنّي اُجيبك إلى ما تريده من ولاية العهد على أنّي لا آمر ولا أنهي ولا اُفتي ولا أقضي ولا اُولّي ولا اُعزل ولا اُغيّر شيئاً ممّا هو قائمٌ فأجابه المأمون إلى ذلك كلّه.
وذكر رواة السير : أنّ المأمون لمّا أراد العقد للرضا (عليه السلام) أحضر الفضل بن سهل والحسن بن سهل فأعلمها بما قد عزم عليه من ذلك وقال : إنّي عاهدت الله تعالى أنّني إن ظفرت بالمخلوع أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب وما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل على وجه الاَرض ؛ فلمّا رأيا عزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته فأرسلهما ألى الرضا فعرضا ذلك عليه فامتنع منه فلم يزالا به حتّى أجاب ورجعا إلى المأمون فعرّفاه إجابته فسّر به وجلس للخاصّة في يوم خميس وخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس برأي المأمون في عليّ بن موسى (عليه السلام) وانّه قد ولاه عهده وقد سمّاه الرضا وأمرهم بلبس الخضرة والعَود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا رزق سنة ؛ فلمّا كان ذلك اليوم ركب الناس على طبقاتهم من القوّاد والحجّاب والقضاة وغيرهم في الخضرة وجلس المأمون ووضع للرضا (عليه السلام) وسادتين عظيمتين حتّى لحق بمجلسه وفرشه وأجلس الرضا (عليه السلام) عليهما في الخضرة وعليه عمامة وسيف ثمّ أمر ابنه العبّاس بن المأمون فبايع له أوّل الناس فرفع الرضا (عليه السلام) يده فتلقّى بها وجه نفسه وببطنها وجوههم فقال المأمون : ابسط يدك للبيعة فقال الرضا (عليه السلام) : إنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) هكذا كان يبايع ؛ فبايعه الناس ويده فوق أيديهم ووضعت البدر وقامت الخطباء والشعراء فجعلوا يذكرون فضل الرضا (عليه السلام) وما كان من المأمون في أمره ثمّ دعا أبو عبّاد بالعبّاس بن المأمون فوثب فدنا من أبيه فقبّل يده وأمره بالجلوس ثمّ نودي محمد بن جعفر بن محمد وقال له الفضل بن سهل : قم فقام فمشى حتّى قرب من المأمون فوقف فلم يقبّل يده فقيل له : إمض فخذ جائزتك وناداه المأمون : إرجع يا أبا جعفر إلى مجلسك جعل أبو عبّاد يدعو بعلويّ وعبّاسيّ فيقبضان جوائزهما حتّى نفدت الاَموال فرجع ثم قال المأمون للرضا (عليه السلام) : اخطب الناس فحمد الله سبحانه وأثنى عليه وقال : إنّ لنا عليكم حقّاً برسول الله (صلى الله عليه واله) ولكم علينا حقّاً به فإذا أنتم أدّيتم إلينا ذلك الحقّ وجب علينا الحقّ لكم ؛ ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس وأمر المأمون فضربت الدراهم وطبع عليها إسم الرضا (عليه السلام) وخطب للرضا في كلّ بلد بولاية العهد ؛ وخطب عبدالجبّار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول الله (صلى الله عليه واله) بالمدينة فقال في الدعاء له : ولي عهد المسلمين عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ (عليهم السلام) .
ستّة آباءٍ هُم ما هُم * أفضُ مَنْ يَشرَبُ صَوبَ الغمامِ
وذكر المدائنيّ عن رجاله قال : لمّا جلس الرضا (عليه السلام) لولاية العهد قام بين يديه الخطباء والشعراء وخفقت الاَلوية على رأسه فذكر بعض من حضر ذلك المجلس ممّن كان يختصّ بالرضا (عليه السلام) قال : نظر إليّ وكنت مستبشراً بما جرى فأومأ إليّ أن اُدن فدنوت منه فقال لي من حيث لا يسمعه غيري : لا تشغل قلبك بهذا الاَمر ولا تستبشر له فإنّه شيء لا يتمّ .
وذكر الصوليّ بإسناده عن الفضل بن سهل النوبختي أو عن أخ له قال : لمّا عزم المأمون على العقد للرضا (عليه السلام) بالعهد قلت : والله لاَعتبرنّ بما في نفس المأمون أيحبُّ تمام هذا الاَمر أو هو تصنّع منه؟ فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني بأسراره على يده : قد عزم ذو الرئاستين على عقد العهد والطالع السرطان وفيه المشتري والسرطان وإن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتمّ أمر يعقد فيه ومع هذا فإنّ المرّيخ في الميزان في بيت العاقبة وهذا يدلّ على نكبة المعقود له وقد عرّفت أمير المؤمنين ذلك لئلاً يعتب عليّ إذا وقف على هذا من غيري ؛ فكتب إليّ : إذا قرأت جوابي إليك فأردده إليّ مع الخادم ونفسك أن يقف أحدٌ على ما عرّفتنيه أو أن يرجع ذو الرئاستين عن عزمه فإنّه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك وعلمت أنّك سببه ؛ قال : فضاقت عليّ الدنيا وبلغني أنّ الفضل بن سهل قد تنبّه على الاَمر ورجع عن عزمه وكان حسن العلم بالنجوم فخفت والله على نفسي وركبت إليه فقلت له : أتعلم في السماء نجماً أسعد من المشتريّ؟ قال : لا قلت : أتعلم في الكواكب نجماً يكون في حال أسعد منها في شرفها؟ قال : لا قلت : فأمض العزم على ذلك إن كنت تعقده وسعد الفلك في أسعد حالاته فأمضى الاَمر على ذلك فما علمت أنّي من أهل الدنيا حتّى وقّع العقد فزعاً من المأمون.
وروى عليّ بن إبراهيم عن ياسر الخادم والريّان بن الصلت جميعاً قالا : لمّا حضر العيد وكان قد عُقد للرضا (عليه السلام) الاَمر بولاية العهد بعث المأمون إليه في الركوب إلى العيد والصلاة بالناس والخطبة بهم فبعث إليه الرضا (عليه السلام) : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الاَمر فاعفني عن الصلاة بالناس ؛ فقال له المأمون : إنّي اُريد أن تطمئنّ قلوب الناس ويعرفوا فضلك ؛ ولم يزل الرسول يتردّد بينهم في ذلك فلمّا ألحّ عليه المأمون أرسل (عليه السلام) إليه : إن أعفيتني فهو أحبُّ إليّ وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ؛ فقال المأمون : اُخرج كيف شئت وأمر القوّاد والناس أن يبكروا إلى باب الرضا (عليه السلام) فقعد الناس لاَبي الحسن في الطرقات والسطوح واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه وصار جميع القوّاد والجند إلى بابه فوقفوا على دوابّهم حتّى طلعت الشمس فاغتسل أبو الحسن (عليه السلام) ولبس ثيابه وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفيه ومسّ شيئاً من الطيب وأخذ بيده عكّازة وقال لمواليه : إفعلوا مثل ذلك .
فخرجوا بين يديه وهو حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمّرة فمشى قليلاً ورفع رأسه إلى السماء وكبّر مواليه معه ومشى حتّى وقف على الباب فلمّا رآه القوّاد والجند في تلك الصورة سقطوا كلّهم إلى الاَرض وكان أحسنهم حالاً من كان معه سكّين قطع بها شرابة آيلته ونزعها وتحفّى وكبّر الرضا (عليه السلام) على الباب وكبّر الناس معه فخيل إلينا أنّ السماء والحيطان تجاوبه وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لمّا رأوا أبا الحسن (عليه السلام) وسمعوا تكبيره وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس وخفنا كلّنا على دمائنا فأنفذ إليه أن يرجع فبعث إليه المأمون : قد كلّفناك شططاً وأتعبناك ولست اُحبّ أن تلحقك مشقّة فارجع وليصلّ بالناس من كان يصلّي بهم على رسمه فدعا أبو الحسن (عليه السلام) بخفّه فلبسه وركب ورجع واختلف أمر الناس في ذلك اليوم ولم تنتظم صلاتهم .
وروى عليّ بن إبراهيم عن ياسر قال : لمّا عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى بغداد خرج معه ذو الرئاستين وخرجنا مع أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فورد على الفضل كتاب من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل : إنّي نظرت في تحويل السنة فوجدت فيه أنّك تذوق في شهر كذا يوم الاَربعاء حرّ الحديد وحرّ النار وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا الحمّام في هذا اليوم وتحتجم فيه تصبّ على بدنك الدّم ليزول عنك نحسه . فكتب ذو الرئاستين بذلك إلى المأمون وسأله أن يسأل أبا الحسن في ذلك فكتب إلى الرضا (عليه السلام) يسأله فيه فأجابه : لست بداخل الحمّام غداً فأعاد عليه الرقعة مرّتين فكتب إليه أبو الحسن (عليه السلام) : إنّي رأيت رسول الله (صلى الله عليه واله) في هذه الليلة فقال لي : يا عليّ لا تدخل الحمّام غداً ولا أرى لك يا أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمّام . فكتب إليه المأمون : صدقت يا أبا الحسن وصدق رسول الله (صلى الله عليه واله) ولست بداخل الحمّام غداً والفضل أعلم .
قال ياسر : فلمّا أمسينا قال لنا الرضا (عليه السلام) : قولوا : نعوذ بالله من شرّ ما ينزل في هذه الليلة فلم نزل نقول ذلك فلّما صلّى الرضا (عليه السلام) الصبح قال لي : اصعد السطح فاستمع هل تجد شيئاً فلمّا صعدت سمعت الصيحة فكثرت وزادت فلم نشعر بشيء فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان من داره إلى دار أبي الحسن (عليه السلام) وهو يقول : يا سيّدي يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل فإنّه دخل الحمّام ودخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه وأُخذ ممّن دخل عليه ثلاثة نفر أحدهم ابن خالة الفضل ابن ذي القلمين .
قال : واجتمع الجند والقوّاد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون فقالوا : هو اغتاله وشغبوا عليه وطلبوا بدمه وجاؤوا بالنيران ليحرقوا الباب قال المأمون لاَبي الحسن (عليه السلام) : يا سيّدي إن رأيت أن تخرج إليهم وترفق بهم حتّى يتفرّقوا؟ قال : نعم ؛ فركب أبو الحسن وقال لي : يا ياسر اركب فركبت فلمّا خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس وقد ازدحموا فأومأ إليهم بيده تفرّقوا ؛ قال : ياسر فأقبل الناس وقد يقع بعضهم على بعض وما أشار إلى أحد إلاّ ركض ومضى.
وقال أبو عليّ السلامي : إنّما قتل الفضل بن سهل غالب خال المأمون في حمّام سرخس مغافضة في شعبان سنة ثلاث ومائتين .
عليّ بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن إبراهيم بن محمد الحسينيّ قال : بعث المأمون إلى أبي الحسن (عليه السلام) جارية فلمّا اُدخلت عليه اشمأزّت من الشيب فردّها إلى المأمون وكتب إليه :
نعى نفسي إلى نفسي المشيبُ * وعندَ الشيبِ يتّعظُ اللبيبُ
فقد ولّى الشبابُ إلى مداهُ * فلستُ أرى مواضعه تؤوبُ
سأبكيهِ وأندبهُ طويلاً * وأدعوهُ إليّ عسى يجيبُ
وهيهاتَ الذي قد فاتَ منهُ * تمنّيني بهِ النفسُ الكذوبُ
وراعَ الغانياتِ بياضُ رأسي * ومَن مُدّ البقاءُ له يشيبُ
أرى البيضَ الحسانِ يحدنَ عنّي * وفي هجرانهنّ لنا نصيبُ
فإن يكن الشبابُ مضى حبيباً * فإنّ الشيبَ أيضاً لي حبيبُ
سأصحبهُ بتقوى اللهِ حتّى * يفرّقَ بيننا الاَجلُ القريبُ
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|