أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-12-2015
9569
التاريخ: 3-1-2016
2759
التاريخ: 1-2-2016
7617
التاريخ: 29-09-2015
2697
|
قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المائدة : 91] .
الصدّ : الإعراض والصروف، صدّ : منع وصرف. الشيطان بنص القرآن يمنع الانسان عن ممارسة الذكر، اي استحضار اللّه تبارك وتعالى، ويبدو ان عمليّة الصد هذه تشكل حاجزا كثيفا بين الانسان وهذه العبادة الحضارية الراقية لانها- عمليّة الصد- من عمل الشيطان الذي يتمتع بقابليّة معروفة على اغواء الذين لا يستمعون الى نداء العقل والضمير. ان المعنى اللغوي لكلمة (صدّ) تعزّز هذا التصور، لان الصدّ ينصرف الى المنع البالغ الشدّة، ولكن هذا الصد ينعكس بدوره داخل الانسان حيث يوسع من دائرة نفوذ الشيطان، وذلك اذا ما انتبه الانسان الى نفسه وقاوم إغراء هذا المخلوق اللعين. يقول تعالى : {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة : 19] .
نسي الشيء ينساه نسيا ونسيانا : ذهل عنه، وغاب الشيء عن ذكره وحفظه، ويقال، نسي الشيء : فرّط في تذكره حتى غاب عن حفظه. ان عمل الشيطان هذا ابلغ من غيره في تحقيق هذه النتيجة. انه النسيان، وانساء الشيطان ادهى من إنساء الإنساء الناتج عن اللهو او الافتتان بالابهة العائلية او المتولد من اتباع الهوى او اضلال الخليل السيّئ العقيدة.
من العرض السابق نستطيع أن نطرح المختصر السريع التالي : أنّ هناك جملة عوامل تحول بين الانسان وذكر اللّه تعالى، اهمها :
أولا :
الانغماس المحموم في جحيم الكسب المادّي غير المحدود.
ثانيا :
الافتتان بالابهة العائلية.
ان كلا العاملين المذكورين (يلهي) عن ذكر اللّه، وقد يتواصل تأثيرهما الخطير فيعطي نتيجة خطيرة للغاية.
ثالثا :
اتباع الهوى، اي الشهوة المجنونة الحاكمة المتسلطة، فان هذا الهوى (يضلّ) الانسان عن ذكر اللّه (و يصدّه) عن ذلك. بل (و يكذّب) حقيقة الذكر في داخل الانسان.
رابعا :
اتباع الخليل السيّئ العقيدة، فهو (يضل) صاحبه عن ممارسة هذه العبادة الحقة.
خامسا :
الشيطان بمعناه الميتافيزي القرآني، فإنه (يصدّ) الانسان عن ذكر اللّه ثم (ينسيه) هذا الذكر على مديات بعيدة من الزمن والفعل.
هذه العوامل بطبيعة الحال ليست متفاصلة، متعاندة، وآثارها هي الأخرى، فهناك علائق وثيقة بين الهوى والشيطان وعبادة المال والخليل السيّئ العقيدة، وربما هناك تواصل بين آثار هذه العوامل السوداء، وقد تتداخل بشكل وآخر، وتتبادل التأثير والتأسيس.
ولو اخذنا النسيان مقياسا عامّا ساريا في هذه المجالات (اللهو، الصد، الضلال، التكذيب، النسيان الشيطاني) لامكننا القول، ان الموقف المرفوض قرآنيا من الذكر انما هو نسيان الذكر، اي العوامل السالفة انما تسبب نسيان الذكر، ولكن هذا النسيان درجات، وذلك تبعا لأسبابه الكامنة وراءه (عبادة المال، الافتتان العائلي، اتباع الهوى، الخليل السيّئ العقيدة، الشيطان الميتافيزي).
ولكن ما معنى النسيان؟ في الحقيقة هناك اكثر من صيغة للنسيان الذي نحن في صدده، فهو قد يعني ذلك (الامحاء) الصوري، فان انسانا ما قد لا يأتي اسم اللّه على لسانه، ولا يستحضره في غفلته وشعوره، ولكن هناك نسيان من نوع آخر، هو اهمال اللّه في الحياة والسلوك والتفكير، وقد يذكر أحدهم اللّه تعالى لكن في معرض النفي او الاستهزاء او التكبر ... او ... او ...
و العياذ باللّه وهذا هو النسيان المعنوي، أي الذي يتصل بأفق الفكر والتصور، وقد يذكر أحدهم اللّه امام الآخرين رياء وتملقا، أي لغاية انتهازيّة، وهذا هو الآخر نسيان. اذن هناك نسيان عن علم واصرار!!، فليس كل نسيان يعنى غياب الصورة بالمعنى التقليدي المعروف، وعليه فان كثيرا من الناس يذكر اللّه تعالى، يتحدث عنه ولكن هو ناس، غافل، ضال.
قال تعالى : {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة : 67] . : { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص : 26].
فالنسيان لا ينصرف فقط الى ذلك الغياب الحسي البحت. بل هو يعني الاهمال والازدراء، اي الغياب المعنوي، انه (الامّحاء) الروحي، الجوهري، الصميمي، ليس هو غيابا زمنيا بالدرجة الاولى. بل هو غياب منطقي في الاعمال والاقوال والتصرفات والسلوك والفكر والعلاقة مع الآخر والتفاعل مع الاشياء.
فعباد المال، قد يذكرون اللّه على السنتهم، ولكن عرضا، وبدون تفكر. والمنهمكون في لذة محمومة قد يذكرون اللّه ولكن في معرض اللهو والخفّة، والذي ينكر وجود اللّه قد يذكره آلاف المرات بلسانه الكليل، ولكن في معرض الانكار!! والمنافق قد يذكر اللّه بخشوع وخضوع ولكن حضور اللّه في روحه معدوم. هذا هو النسيان الذي نقصده.
ان اللّهو والصدّ والضلال والتكذيب والنسيان الشيطاني ازاء الذكر ...
انها جميعا نسيان، ولكن بمعنى الإهمال وعدم الجديّة، غياب منطقي وفعلي للّه في الحياة.
الآن ما ذا ينتظرنا؟ لا بد ان نعود الى التفسير بالتناظر ...
لقد استمعنا الى عوامل الطرد ، فما هي عوامل الجذب ؟! وباختصار شديد، ان الفعل الراجح، اي الذي يقدر مسئولية هذا الكون ، والذي يتعامل مع الاشياء بجدية ومنطق ، هذا العقل من اهم عوامل الجذب في هذا المجال ، يدعو الى ممارسة الذكر، كحق عبادي اصيل. قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر : 27، 28]
هذا هو العقل الراجح، يستنطق دلالة الكون، فيخشى اللّه تعالى، وذلك هو الذكر، اي استحضار اللّه في الذهن مع الخشية، بلفظ او دونه، والقرآن يعقد تناظرا فذا بين ذلك النفر من الناس، العابث في طاقة الحياة، الساهي عن حركة هذا الوجود، وبين ذلك النفر الذي يقدّر ويثمّن امانة الكون وضخامة دلالته ، اولئك لا يذكرون اللّه فيما هؤلاء مغرمون بهذه العبادة الراقية السامية. قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء : 225] ، {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء : 226] ، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } [الشعراء : 227]
واذا كان العقل الراجح من اهم عوامل الجذب، فان تزكية الذات وتنمية قواها الخيّرة من عوامل الجذب الاخرى في هذا المجال الحي من السلوك الانساني الجميل. قال تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } [الأعلى : 14، 15]
واعتقد ان مركب (العقل- الذات) يشكل معادلة واضحة متكاملة في بيان عوامل الجذب بالنسبة للذكر، العقل في وعيد الذات بطهارتها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|