أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2023
1399
التاريخ: 19-6-2016
2057
التاريخ: 29-12-2022
1079
التاريخ: 11-4-2017
2229
|
ان المقولة الشائعة بأن المرأة ناقصة العقل تسربت من بعض الاحاديث الواردة في هذا المضمار ، وقد استقطعت من الروايات استقطاعا غير صحيح ، دون ان يراعي في ذلك التفاصيل والتفاسير التي وردت في شانها .
في البداية لابد من الاشارة الى ان الغرائز المودعة في الانسان تختلف من جنس الى آخر فالجنس اللطيف الذي اودعت فيه تلك الغرائز تختلف نسبتها عن التي اودعت في الجنس الخشن، اذ تزيد النسبة تارة في هذا وتارة اخرى في تلك حسب الحاجة والواجبات ، وعلى سبيل المثال فان نسبة العاطفة المودعة في النساء هي اكبر من النسبة المودعة في الرجال ، وهذا ما يلاحظ عليها ولا حاجة الى دليل علمي يثبت ذلك ، ومع هذا فقد تحدث عنه العلماء بعدما انكشفت لهم الكثير من الحقائق عن الانسان وتكوينه كرجل وامرأة. ومن هنا فقد اوكل اليها بعض الاعمال والواجبات المناسبة مع غرائزها واحاسيسها المرهفة وتكوينها الجسدي ، بينما اوكل الى الرجل مهام اخرى يتناسب وغرائزه وإحساساته وطبيعة تركيبته الجسدية ، ومن هنا لو قيست المرأة بالرجل لوجدناها اكثر عاطفية من الرجل ، بينما يلاحظ ان الرجل اكثر عقلانية من المرأة ، ولذلك صح القول ان الرجل غير عاطفي والمرأة غير عقلانية بهذا المنظور ، ولا يعني بالطبع ان الرجل ليس له عاطفة ولا يتعامل معها ، وان المرأة ليس لها عقل ولا تتعامل معه ، بل المراد ان الرجل لا يتعامل مع الامور التي تحيط به بعاطفته بل يتعامل معها بعقله بشكل عام ، وان المرأة تتعامل مع الامور المحيطة بها بعاطفية شديدة ، والحاصل انهما عاقلان عاطفيان ولكن احدهما يقدم العاطفة على العقلانية ، والآخر يقدم العقلانية على العاطفة ، وهذا في الاعم الاغلب .
ولنعد في الحديث الوارد في هذا المقام حتى لا نبتعد عن الموضوع ، فان هناك حديثان احدهما منسوب الى الرسول [صلى الله عليه واله] وهو برواية امير المؤمنين (عليه السلام) والذي يقول: «يا ايتها المرأة لاتكن ناقصات الدين والعقل» (1) ، والثانية مروية عن امير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول : «معاشر الناس ان النساء نواقص الايمان نواقص الحظوظ ، نواقص العقول» (2) بغض النظر من ان المجلسي روى الحديث الاول عن تفسير العسكري الذي ذهب البعض الى عدم حجيته للطعن في نسبته الى الامام الحسن العسكري (عليه السلام) ، وروى الحديث الثاني عن نهج البلاغة التي ارسل السيد الرضي روايته ، ورغم انا لنا راي اخر بالنسبة الى المصدرين حيث نرى بانهما موثوقان حالهما حال سائر المصادر الروائية التي لابد من دراسة كل حديث لوحده فإنما اشرنا الى ذلك لان الذين يرجون مثل هذه الاحاديث هم انفسهم لا يعتمدون على مثل هذه المصادر ، ولكن الاهواء اخذت بهم الى قبول ما يناسبهم وترك ما لا يناسبهم .
ولنعد الى نص الروايتين لنقول : ان الذين ينقلون مثل هذه الروايات لا يذكرونها بحذافيرها ، وهو كما لو تليت آية الصلاة : « لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ » (3) دون ان يقرأ ما بعدها : « وَأَنتُمْ سُكَارَى» . فبالنسبة الى الرواية الاولى فقد فسر الرسول [صلى الله عليه واله] كلامه بعدها مباشرة حين سالته المرأة التي خاطبها وكانت موفدة بني جنسها حيث تقول الرواية : «اذ جاءت امرأة فوقفت قبالة رسول الله [صلى الله عليه واله] وقالت : بابي انت وامي يا رسول الله ، انا وافدة النساء اليك فما من امرأة يبلغها مسيري هذا اليك إلا سرها ذلك ، يا رسول الله ان الله عز وجل رب الرجال والنساء وخالق ورازق الرجال والنساء ، وإن آدم أبو الرجال والنساء ، وان حواء ام الرجال والنساء ، وانك رسول الله الى الرجال والنساء ، فما بال المرأتين برجل في الشهادة وفي الميراث ؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه واله]: يا ايتها المرأة ، ان ذلك قضاء من ملك عدل حكيم لا يجور ولا يحيف ولا يتحامل ، لا ينفعه ما منعكن ، يدبر الامر بعلمه ، يا ايتها المرأة لا تكن ناقصات الدين والعقل . قالت : يا رسول الله وما نقصان ديننا ؟ قال [صلى الله عليه واله]: ان احداكن تقعد نصف دهرها لا تصلي بحيضة عن الصلاة لله ، وانكن تكثرن اللعن وتكفرن العشيرة ، وتمكث احداكن عند الرجل عشر سنين فصاعدا يحسن اليها ، ينعم عليها فاذا ضاقت يده او خاصمها قالت له : ما رأيت فيك خير قط ، ومن لم يكن من النساء هذا خلقها فالذي يصيبها من هذا النقصان يحثه عليها التصبر فيعظم الله ثوابها فابشري » .
واما بالنسبة الى الرواية الثانية فكمالها بالتالي : « معاشر الناس ان النساء نواقص الايمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ، فاما نقصان ايمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في ايام حيضهن ، واما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين منهن كشهادة الرجل الواحد ، واما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الأنصاف ، فاتقوا شرار النساء » .
وللحديثين تكملة سبق وذكرناها سابقا وهي حول بعض صفات المرأة وخصوصياتها ، والملاحظ من الحديثين بيان واقع الحال من نقصان الدين اريد به ان الصلوات الخمس مفروضة عليها باقل من الثلث تقريبا (4) ، وهذا يعد قلة حظ في العبادة المفروضة ، والتي يمكنها تداركها بالجلوس في مصلاها والتعبد لله تعالى بما لا يشترط فيه الطهارة ، وهو في الاساس تخفيف عنها لما يصيبها من التعب والارهاق ايام الدورة الشهرية ، بل ان الله سبحانه وتعالى عوضها عن ذلك بما ورد عن الرسول [صلى الله عليه واله] مخاطبا لهن : حيض يوم تكن خير من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ، وقال [صلى الله عليه واله] ايضا: «من ماتت في حيضها ماتت شهيدة » (5) وهذا الامر ينطبق على المرأة النفساء فان الصلاة وضع عنها ولكن عوضها الله عن ذلك بما روي عن النبي [صلى الله عليه واله]: « النفاس خير لهن من عبادة سبعين سنة صيام نهارها وقيام ليلها » (6) وقال [ صلى الله عليه واله ]:
« ايما امرأة مسلمة ماتت في نفاسها ، لم ينشر لها ديوان يوم القيامة » (7) وان نقصان العقل فالمراد به نقصان الذاكرة (8) ، ومن هنا فقد جاءت شهادتها بنصف شهادة الرجل ، وقد وردت علة ذلك في قوله تعالى : {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] ، وقد توصل العلم الحيث الى ان المرأة يطرأ عليها النسيان اكثر من الرجل وربما بنسبة النصف ، وقد حلل العلماء هذه المسالة علميا بما يطابق الآية الكريمة ، وبما لا شائبة فيه وقد سبق وتحدثنا عن ذلك في محله ولا حاجة الى التكرار (9) .
ومما يدل على ان المراد ليس نقصان العقل الذي هو القوة المدركة بل المراد به قوة الذاكرة ، ان للعقل معاني متعددة منها العلم (10) والذي هو قبال غيبوبته وقد شاع استعمال اللفظ فيما له ارتباط بحقيقة اخرى ولو بأدنى مناسبة ، وذلك من باب انه من مستلزماته ، ومن تلك مفردة «العقل» المستخدمة هنا في قوة الذاكرة بدلا من القوة المدركة ، ويكفي في ذلك مجرد ان القوتان مرتبطتان بالمخ ووظائفه ، وعلى اي حال فان المسالة مأخوذة على الاعم الاغلب والذي هو مناط لوضع القوانين بشكل عام .
ومما قدمناه اتضح ان المراد بنقصان العقل هو قلة الذاكرة وليس كما ذهب اليه المغرضون الذين ارادوا التلاعب بالألفاظ ليس لصالح الرجل بل لضرب الاسلام والانتقاص من المرأة ، والا فان في النساء منهن راجحات العقول على الرجال كما يشهد بذلك التاريخ ومواقف النساء المسلمات على عهد الرسول [ صلى الله عليه واله ] والائمه الاطهار (عليهم السلام) .
____________________
(1) بحار الانوار 101/306 عن تفسير العسكري : 276 .
(2) بحار الانوار : 32/247 . عن نهج البلاغة : الخطبة 23 .
(3) سورة النساء ، الآية : 43 .
(4) باعتبار ان الدورة الشهرية تستغرق 3 ــ 10 ايام ، وهو ما يعادل تقريبا ثلث الشهر القمري ، كما هو المتعارف عليه ــ المعدة .
(5) راجع مستدرك وسائل الشيعة : 2/41 عن لب اللباب للقطب الراوندي وفيه روايتان اخريتان تشيران ان في غسلها عن الحيض اجر كبير وفي الاخرى ان بغسلها تكفر عن ذنوبها .
(6) مستدرك وسائل الشيعة : 2/50 عن لب اللباب للراوندي .
(7) مستدرك وسائل الشيعة : 2/50 عن الهداية : 22 وجاء في المصدر عن امالي الطوسي وعوالي اللآلي ولب اللباب ايضا : احاديث تشير الى غفران الله للتي تموت في نفاسها وان الله سبحانه وتعالى لا يحاسبها .
(8) لا يعد نقصان الذاكرة عيبا خلقيا او عقليا ، لكن يمكن اعتباره حجابا لحماية المرأة من عملية تكرار الالم الناتج من تكرار الدورة الشهرية والوضع « الولادة» ، او بشكل عام حتى لا ترهق ــ المعدة .
(9) اورد الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتاب حول الاعجاز العلمي في القرآن والسنة تحقيقا علميا اخذه من بعض الاطباء ذوو الاختصاص في تركيبة الانسان ، تذكر فيه موضع الذاكرة في رأس الرجل والمرأة ومقدار التخزين بالإضافة الى العوارض بشكل دقيق ، وقد ذكر بان العلماء حددوه بنسبة النصف ، فمن اأاد التفاصيل فليراجع مظانه ــ المعدة .
(10) راجع تاج العروس : 30/18 ، وفيه « وعليه اقتصر الكثيرون » مما يعني انه المرادف للعقل
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|