أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-24
1254
التاريخ: 2023-07-24
1040
التاريخ: 27-09-2015
1335
التاريخ: 26-11-2014
1392
|
هو الاتجاه التوحيدي أو الموضوعي في التفسير.
هذا الاتجاه، لا يتناول تفسير القرآن آية فآية بالطريقة التي يمارسها التفسير التجزيئي، بل تقوم فيه الدراسة القرآنية على أساس الموضوعات في حقول العقيدة والاجتماع وغيرهما.
فمثلا نجد الباحث في هذا الإتجاه، يبحث عقيدة التوحيد، أو النبوة، أو المذهب الاقتصادي، أو سنن التاريخ، أو عن السماوات والارض، كل ذلك في القرآن الكريم، وهكذا.
ويستهدف التفسير التوحيدي الموضوعي من القيام بهذه الدراسات، تحديد موقف نظري للقرآن الكريم، وبالتالي للرسالة الاسلامية من ذلك الموضوع من موضوعات البحث في الحياة، أو الكون، أو الإنسان.
وينبغي أن يكون واضحا، أن الفصل بين الاتجاهين المذكورين ليس حديا على مستوى الواقع العملي والممارسة التاريخية لعملية التفسير، لأن الاتجاه الموضوعي بحاجة طبعا إلى تحديد المدلولات التجزيئية في الآيات التي يريد التعامل معها، ضمن اطار الموضوع الذي يتبناه. كما أن الباحث وفق الاتجاه التجزيئي، قد يعثر أثناء عملية بحثه على حقيقة قرآنية من حقائق الحياة الأخرى، ولكن الاتجاهين على أي حال، يظلان على الرغم من ذلك مختلفين في ملامحهما وأهدافهما وحصيلتهما الفكرية.
ومما ساعد على شيوع الاتجاه التجزيئي للتفسير وسيطرته على الساحة قرونا عديدة، النزعة الروائية والحديثية للتفسير، حيث إن التفسير لم يكن في البداية الا شعبة من الحديث بصورة أو بأخرى، إذ كان الحديث هو الاساس الوحيد له تقريبا، مضافا إلى بعض المعلومات اللغوية والادبية والتاريخية ، التي اعتمد عليها التفسير طيلة فترة طويلة من الزمن.
ومن هنا لم يكن بإمكان تفسير يقف عند حدود المأثور من الروايات عن الرسول والأئمة، والصحابة والتابعين، تلك الروايات التي كانت تثيرها استفهامات عقلية على الأغلب من قبل السائلين، ان يتقدم خطوة أخرى، وأن يحاول تركيب مدلولات القرآن والمقارنة بينها، واستخراج النظرية من وراء هذه المدلولات اللفظية.
التفسير كان بطبعه تفسيرا لفظيا للمفردات، وشرحا للمستجد من المصطلحات ، وتطبيقا لبعض المفاهيم على اسباب النزول، ومثل هذه العملية لم يكن بإمكانها ان تقوم بدور اجتهادي مبدع، يستكشف ما وراء المدلول اللغوي واللفظي من الأفكار الاساسية، التي حاول القرآن الكريم ان يعطيها من خلال المتناثر من آياته الشريفة.
ويمكننا ان نقرب إلى اذهانكم فكرة هذين الاتجاهين المختلفين في تفسير القرآن الكريم، بمثال من تجربتكم الفقهية، فالفقه هو بمعنى من المعاني، تفسير
للأحاديث الواردة عن النبي والأئمة (عليهم السلام)، ونحن نعرف من البحث الفقهي، ان هناك كتبا فقهية شرحت الاحاديث حديثا حديثا، وتكلمت عنه دلالة أو سندا أو متنا، أو دلالة وسندا ومتنا ، على اختلاف اتجاهات الشراح. كما نجد ذلك في شراح الكتب الاربعة، وشراح الوسائل، غير ان القسم الأعظم من الكتب الفقهية في هذا المجال، لم تتجه هذا الاتجاه، بل صنفت البحث إلى مسائل وفقا لوقائع الحياة، وجعلت في اطار كل مسألة الاحاديث التي تتصل بها، وفسرتها بالقدر الذي يلقي ضوءا على تلك المسألة، ويؤدي إلى تحديد موقف الاسلام من تلك الواقعة التي تفترضها المسألة المذكورة ، وهذا هو الاتجاه الموضوعي على الصعيد الفقهي، بينما ذاك هو الاتجاه التجزيئي في تفسير الاحاديث على هذا الصعيد.
كتاب الجواهر في الحقيقة، شرح شامل لروايات الكتب الاربعة ، ولكنه ليس شرحا يبدأ بالكتب الأربعة رواية رواية ، وانما يصنف روايات الكتب الأربعة وفقا لمواضيع الحياة، كتاب البيع، كتاب الجعالة ، كتاب إحياء الموات، كتاب النكاح، ثم يجمع تحت كل عنوان من هذه العناوين، الروايات التي تتصل بذلك الموضوع، ويشرحها ويقارن فيما بينها ليخرج بنظرية، لانه لا يكتفي بأن يفهم معنى هذه الرواية فقط بصورة منفردة، ومعنى هذه الرواية بصورة منفردة، اذ مع هذه الحالة من الفردية، لا يمكن ان يصل إلى الحكم الشرعي، وإنما يصل إلى الحكم الشرعي عن طريق دراسة مجموعة من الروايات، التي تحمل مسئولية توضيح حكم واحد، أو باب واحد من ابواب الحياة، ثم عن طريق هذه الدراسة الشاملة ، يستخرج نظرية واحدة تعطى من خلال مجموعة من الروايات لا من خلال رواية رواية.
هذا هو الاتجاه الموضوعي في شرح الاحاديث.
ومن خلال المقارنة بين الدراسات القرآنية والدراسات الفقهية، نلاحظ اختلاف مواقع الاتجاهين على الصعيدين . فبينما انتشر الاتجاه الموضوعي وساد
على الصعيد الفقهي منذ خطوات نموّه الأولى، نجد أن الاتجاه التجزيئي للتفسير القرآني قد سيطر على الساحة عبر ثلاثة عشر قرنا تقريبا، إذ كان كل مفسر يبدأ كما بدأ سلفه فيفسر القرآن آية آية.
وأما ما ظهر على الصعيد القرآني من دراسات تسمى بالتفسير الموضوعي احيانا، من قبيل دراسات بعض المفسرين حول موضوعات معينة تتعلق بالقرآن الكريم، كأسباب النزول، أو القراءات، أو الناسخ والمنسوخ، أو مجازات القرآن، فليست من التفسير التوحيدي والموضوعي بالمعنى الذي نريده إذ إن الدراسة الموضوعية هي تلك التي تطرح موضوعا من الموضوعات في أي حقل من حقول الانسان والكون والحياة، وتتجه إلى درسه وتقييمه من زاوية قرآنية، بهدف الخروج من خلاله بنظرية قرآنية محددة أزاءه في حين ان هذه الدراسات، ليست في الحقيقة الا تجميعا عدديا لقضايا من التفسير التجزيئي، لوحظ فيما بينها شيء من التشابه ليس إلا.
واكثر ظني ان الاتجاه التوحيدي الموضوعي في الفقه بامتداده وانتشاره، ساعد بدرجة كبيرة، على تطوير الفكر الفقهي وإثراء الدراسات العلمية في هذا المجال، بقدر ما ساعد انتشار الاتجاه التجزيئي في التفسير على اعاقة الفكر الاسلامي القرآني عن النمو المكتمل، وساعد على اكتسابه حالة تشبه الحالات التكرارية الجامدة خلال قرون متطاولة، كما كان الحال في الفترة ما بعد تفاسير امثال الطبري والرازي والشيخ الطوسي، على الرغم من ألوان التغير التي حفلت بها الحياة في مختلف الميادين، وسوف يتضح إن شاء اللّه تعالى من خلال المقارنة بين الاتجاهين : الاتجاه التجزيئي والإتجاه التوحيدي ، السبب والسر الذي يكمن وراء هذه الظاهرة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|