أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
3681
التاريخ: 24-04-2015
4357
التاريخ: 2024-09-01
208
التاريخ: 25-04-2015
4810
|
المفسّر في الواقع هو الروح التي تمشي في التفسير، بما لهذه الكلمة من خصائص وآثار، فهو المفسّر الواعي العالم الورع البعيد الآفاق ، وهو المفسّر المتعصّب الضيّق الافق غير الورع ، وهو المفسّر المهتدي بأضواء القرآن ، كما هو المفسّر الخابط في ظلام الحقد والعصبية ، وهو الغوّاص الذي يجتني اللؤلؤ، كما هو السطحي الذي يلمّ الصدف ، وهكذا.
ومن هنا رأينا أنّ الشروط التي تشترط فيه تكشف عن مدى أهمّيته في حقل هذا الفرع من العلوم، ذلك أنّ حضارة المسلمين من عطاء القرآن وآثاره، ولا يؤتمن على مثل هذا التراث إلّا القويّ الأمين.
وسأعرض الآن لأهمّ ما يشترط في المفسّر، ومنه نرى ما له من مكانة في نظر المعنيين بشئون التفسير.
1. الشرط الأول : أن يكون متقنا للعلوم التالية: اللغة، والنحو، والصرف ، والمعاني ، والبيان والبديع ومعرفة القراءات، ومعرفة علم الكلام بما يحتاج إليه من مقدّمات ، والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول، وتأريخ قصص القرآن والأحداث الواردة فيه. وهذه هي عين شروط المجتهد زائدا بعض العلوم الاخرى. وهذه العلوم تمكّنه من فهم القرآن الكريم وما فيه من أحكام وإرشاد وقوانين كونيّة على الإجمال وبمستوى المعلومات العامّة، أمّا إذا أراد التعمّق في بعض العلوم والإلمام الكامل بها فلا بدّ أن يكون كذلك - بالإضافة إلى ما مرّ- من أهل التخصّص بذلك الفرع من فروع المعرفة.
2. وذكروا له شرطا آخر عبّر عنه بعضهم بعلم الموهبة، والعبارة تحتمل معنيين :
المعنى الأول - أن تحصل عنده جرّاء معرفة العلوم السابقة ملكة الاجتهاد في التفسير، فإنّه ليس كل من ألمّ بتلك العلوم تحصل عنده تلك الملكة، كما هو المشاهد عند من درسوا العلوم الإسلامية المخصّصة لطالب الاجتهاد في الشريعة، ممّا يدلّ على أنّها ليست إفرازا حتميّا لمن عرف تلك العلوم بل هي هبة اخرى.
أمّا المعنى الثاني المحتمل فهو أن يكون حاذقا فطنا يلتفت إلى دقائق النكات في التعبير القرآني.
وبتعبير آخر يجب أن يكون- بالاضافة إلى ما حصل عليه بالجهد من معرفة تلك العلوم- ذكيّا وموهوبا يقرأ ما وراء السطور ويضع يده على الخصائص الخفيّة في محتوى القرآن.
وفي عقيدتي أنّ هذين الشرطين هما الحدّ الأدنى الذي لا يعتبر المفسّر بدونهما مفسّرا، فهما أشبه شيء بصفة الإجزاء بالنسبة للعبادة، وستأتي شروط أخرى هي أشبه بصفة القبول بالنسبة للعبادة في نسبتها للتفسير، وهذه الشروط هي :
3. أن يكون ممن رزق قابليّة على المعاناة الشديدة وجسرا على تحمّل الصعاب، لأنّ عطاء القرآن الكريم يتضاعف كلّما تضاعفت المعاناة والصبر، وكلّما أعطيت أخذت أضعاف ذلك.
4. أن يكون على ورع وتقوى تمنعه من التسرّع والحكم دون تثبّت ونسبة أشياء لجهات هي بريئة ممّا نسب إليها، وما أكثر ذلك على ألسنة بعض المفسّرين.
5. أن يكون سليما معافى في جسده ونفسه، فقد ثبت أنّ المصابين في هذين الجانبين تترك إصابتهم بصماتها على نتاجهم الفكري شاءوا أم أبوا، بل وحتّى من اصيب بعاهة اجتماعية ظهرت آثار إصابته في كثير ممّا عمل وكتب وقال.
هذه هي أهمّ ما يشترط في المفسّر. وقد تكون هناك شروط اخرى يشار إليها أحيانا، وكل ذلك يكشف عن أنّ المفسّر يقدّم للأجيال زادا سوف تعيش عليه دنيا الإسلام في حضارتها، وكلّ نقص في صفة من صفات هذا الزاد هو سيّئة على المفسّر، وكلّ كمال فيه هو نور له ورحمة وذخيرة عند اللّه تعالى وعند الإنسان . (1)
________________________
(1) انظر في شروط المفسّر مجمع البيان ، طبع صيدا ، ص 1- 6. لاحظ الشروط الأساسية والشروط الباقية مقترحة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|