أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-07-2015
1580
التاريخ: 5-10-2014
1763
التاريخ: 13-02-2015
1679
التاريخ: 22-04-2015
1548
|
أزمة الثقة اليوم أصبحت خطيرة في النفوس الضعيفة والمشككة بكل شيء من حولها، خصوصا بعد توالي أزمات عديدة من التمزق الاجتماعي، والتخلف الحضاري الذي كان من نتاجه تقسيم الأمة الإسلامية الواحدة إلى عدة مجتمعات مقسمة تتفاوت صعودا وهبوطا في مستواها الحضاري.
وأصبحت الوحدة حلم يراود جميع أبناء الأمة الإسلامية بل وفي بعض الأحيان أنها كالسراب اللامع من بعيد ، صعب المنال ، ومستحيل التحقيق.
هذا هو ما يتفق عليه أغلبية أبناء الأمة الإسلامية. فالكل يدّعي بأن شيئا أسمه الوحدة كان ولن يكون، وكلمة المستحيل هي التي طبعت في أذهاننا لسنوات طوال، بعد ما عانينا من الضعف والتحلل بين أبناء الشعوب الإسلامية ، وخصوصا تخلفنا على الصعيد التكنولوجي والصناعي والتقني أضاف إلى بلوانا وإحباطنا ويلات كثيرة.
ولكن كيف يمكن أن نمحو هذا الإحباط ونردّ هذا اليأس من جديد. فما هو السبيل لذلك؟! لعل هذا التصور ناشئ من عدم وضوح الرؤية المتكاملة لبرامج الشريعة الإسلامية في نظرتها إلى الحياة العميلة، وكيف يتأقلم الإنسان فيها مع بني البشر، وبعبارة أخرى عدم امتلاك معالم واضحة لبرنامج الإسلام في كيفية الحكم وإدارة شئون الناس، ومعرفة هذه المعالم تجعل من هذا الإنسان يمتلك رؤية واضحة حول برنامج الإسلام.
على المسلم أن يبحث في كتاب ربه عن نقاط القوة ونقاط الالتقاء بين أبناء المجتمع الواحد، ويبحث عن نقاط الضعف والخلل الذي يمزق وحدة الأمة فيقاومه ويتصدى له، فالشعور بالإحباط والحواجز النفسية ومشاكل الحياة المادية المتوارثة والمصطنعة- كالحدود والإقليم والوطن والقبيلة والدم والعشيرة والعصبية والقوم- كل هذه حواجز دعا القرآن إلى عدم الاهتمام بها، وعدم جعلها عقبة أمام الالتقاء مع بعضنا البعض.
لم يلغها الدين من الأساس حيث لا يمكن ذلك، ولكن لم يجعلها أيضا مقياسا للتعامل بين الناس، بل جعل الإيمان هو المقياس لترفع تلك الحواجز، أو التخفيف من حدتها حتى لا يتحول المجتمع إلى أحزاب وجبهات قومية ووطنية وإقليمية متصارعة، وجعل نقطة الالتقاء هي توحيد (اللّه) والتوجه إليه، فقال سبحانه وتعالى : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء : 92]
فالتوحيد فعلا نقطة التقاء بين البشر مع اختلاف طبائعهم وأمزجتهم ومللهم، والقرآن رسالة رب العالمين، انه نقطة التقاء أخرى بين المسلمين قاطبة مع اختلافهم في الجنس واللون واللغة، فربهم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم القرآن واحد، وقبلتهم واحدة، وأبيهم واحد، وأمهم واحدة، فألغى الإسلام كل الفوارق الإقليمية والقومية والعرقية وساوى بين أبناء الإنسانية «كلكم من آدم، وآدم من تراب» (1)
، وجعل المسلمين الذين ينضوون تحت راية «لا إله إلّا اللّه، محمد رسول اللّه»، يتعاونون مع غيرهم من أبناء الديانات الأخرى وفق مجموعة من القوانين والشروط وضعها الإسلام لتنظيم هذه العلاقة دون أن يكون هناك إجحاف أو تعرض لحق من حقوقهم، لأن التفاضل الحقيقي في عرف الإسلام هو التقوى
قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) : «لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى» (2) .
إذا وحدة الأمة في إيمانها بالتوحيد فإنها وان اختلفت فكريا ومذهبيا نتيجة الاجتهادات فهي تمتلك عناصر الوحدة فلا مبرر لتفرقها بعد ذلك، وهذه هي حقيقة الإيمان باللّه سبحانه الذي يعد أصلا من الأصول، وعليه تقوم وحدة هذه الأمة {وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}.
وتحقيق هذه الدعوة القرآنية التي تكررت في آياته بامتلاك الوسائل والأساليب الكفيلة بتطبيقها، فهي ليست شعارا أو مادة إعلامية، بل هي دعوة حقيقية لبناء حياة جديدة تختلف عن تلك التي اعتادها الناس، فقد اعتادوا بأن يعيشوا مع أبناء قومهم أو عشيرتهم دون الاختلاط مع جنس آخر، فالقرآن أراد أن تكون هذه الجنسيات تتأقلم مع بعضها البعض برفع تلك الحواجز النفسية والمادية والعرقية في حياة جديدة، كما صنع أول الدعوة نبي الإسلام محمد بن عبد اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)، فبنى تلك الأمة الواحدة التي اشتركت فيها كل الجنسيات تحت راية واحدة، ورب واحد، وعقيدة واحدة، فخاطبهم القرآن قائلا {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران : 110]
ولعل القرآن يشير موضحا إلى العوامل التي جعلت هذه الأمة أمة واحدة متماسكة البناء داخليا تهابها الأمم الأخرى خارجيا، وكانت خير الأمم، لأنها اعتمدت الإيمان باللّه {وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } سلوكا ومنهجا وقاعدة للانطلاق لبناء هذه الحضارة فكانوا حياتها، كما قال سبحانه وتعالى : {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}.
كما أن القرآن يشير في آيات أخرى إلى منع حالة التمزق، وما ينتج عنها من مضاعفات تؤدي إلى جعل هذه الأمة متفرقة، وتكون لقمة سائغة للعدو متى ما شاء انقضّ عليها، فيقول سبحانه وتعالى : {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران : 105]
ودعوة القرآن إلى إيجاد هذه الأمة كي تحقق نتائج إيجابية على صعيد المجتمعات المنضوية تحت هذه الوحدة حينما تسقط كل العوامل التي تؤدي إلى التمزق، فتنشط هذه المجتمعات في سعيها لتحقيق سعادة الحياة الإنسانية بمبدأ العمل الصالح القائم على أساس الإيمان {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [الرعد : 29] , والتكافل الاجتماعي القائم على أساس العدالة والمساواة وحرية الفرد المقننة ضمن ضوابط الشريعة ، كل ذلك حياها يؤدي إلى استقلالية هذه الأمة في كل شيء ، فيكون الاكتفاء الذاتي سمة رئيسية تتسم بها ، فتكون مصدر خير وإلى خير، كما كانت حينما كانت تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتنهى وتؤمن باللّه.
من هذا المنطلق نجد القرآن يؤكد على الالتزام بعناصر القوة في المجتمع، للحفاظ على تماسكه، ورفض كل عوامل الهدم والتفرقة وتمزيق وحدة الصف، فيلغي العصبيات الجاهلية، وكما يجعل مقياس الإيمان كذلك مقياس تكافؤ الفرص من غير فرق بين أصناف المسلمين.
_____________________
1. بحار الأنوار (ج70) ص 287 .
2. الترغيب (ج3) ص 612 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|