أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-02-2015
1586
التاريخ: 24-11-2015
1824
التاريخ: 22-04-2015
1793
التاريخ: 15-02-2015
1488
|
لا شكّ أنّ الحفاظ على الصحّة الفرديّة والصحّة العامّة وتهيئة الأجواء المناسبة لذلك لا يمكن أن يتوفّر إلاّ بأمرين :
أ ـ التوجيه والتثقيف الصحّي المستمر.
ب ـ تهيئة الأجواء الصحّية في الوسط الاجتماعيّ من قبيل إقامة المستشفيات والمصحّات ، وإجراء التلقيح الصحّي للوقاية إذا داهم البلد مرض معد ، وإقامة المختبرات والمؤسّسات للتحقيق في شؤون الطبّ ، وتعاهد أمر التنظيف البلديّ.
ومن المعلوم أنّ كلّ هذه الوظائف الثقيلة لا يمكن القيام بها إلاّ بواسطة الأجهزة المزوّدة بالتخطيط والقانون والمال ... ولهذا فإنّ مسؤوليّة العناية بالصحّة الفرديّة والصحّة العامّة تقع في الدرجة الاُولى على عاتق الحكومة الإسلاميّة استلهاماً من الأحاديث الحاثّة على الصحّة في المجالين ، بل ويمكن القول بأنّ هذه المسألة من أهمّ الواجبات التي تقع على كاهل الحكومة ... إذ الحصول على اُمّة قوّية متحرّكة متقدّمة منتجة مدافعة عن نفسها لا يتيسّر إلاّ بوجود اُمّة سالمة تتمتّع بالصحّة والعافية الكاملة.
إنّ على الحكومة الإسلاميّة أن تهتمّ ـ بواسطة أجهزتها المختصّة ومؤسسات وزارة الصحّة ـ بالصحّة العامّة فتراقب نظافة الشوارع والأزقّة ، وتراقب صانعي المأكولات والأطعمة والقصّابين والحمامات والمسابح العامّة لتكون موافقة مع قوانين الصحّة ، وتقيم المستشفيات والمصحّات ، وتقوم بتلقيح الأطفال والكبار ضد الأمراض الداهمة ، وتقوم بتوجيه النّاس إلى وظائفهم الصحّية وتفرض رقابة مشدّدة على الاجتماعات من الناحية الصحّية لتمنع من تسرّب أي مرض يهدّد سلامة الاُمّة ، ولعلّ من أهمّ ما يجب على الحكومة الإسلاميّة هو برنامج الضمان الصحّي لجميع افراد الاُمّة بلا استثناء ، لينشأوا أصحّاء البدن أقوياء البنية ... أخذا بقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) : « المُؤمنُ القويّ خير وأحبّ إلى الله من المُؤمن الضّعيف وفي كُلّ خير » (1)
وقد كان هذا هو سيرة المسلمين شعوباً وحكومات منذ الصدر الأوّل للإسلام ويدلّ على ذلك ما أقاموه هنا وهناك من مؤسّسات صحّية ، وشيّدوه من مختبرات علميّة طبيّة ، فقد كانت الحكومات الإسلاميّة الغابرة ترى نفسها ملزمة بإقامة الصحّة ورعايتها في المجتمع الإسلاميّ ، فكان القسم الأكبر من وظائف الصحّة الاجتماعيّة على عاتق المحتسبين ، وفي ذلك كتب ابن الاخوة الذي كان يعيش في القرن السابع الهجريّ حول وظائف المحتسب في هذا المجال قائلاً :
) في الحسبة على الفرّانين والخبّازين : ينبغي أن يأمرهم المحتسب بغسل المعاجن وتنظيفها ، ولا يعجن العجّان بقدميه وبركبتيه ولا بمرفقيه ، فربما قطر في العجين شيء من عرق أبطيه أو بدنه ، وأن يعجن ملثّماً لأنّه ربّما عطس أو تكلّم فقطر شيء من بصاقه في العجين.
وقال في الحسبة على الجزّارين ( القصّابين ) : يجب على المحتسب أن يمنعهم من الذبح على أبواب دكاكينهم فإنّهم يلوّثون الطريق بالدم والروث.
وقال في الحسبة على الطبّاخين : يأمرهم بتغطية أوانيهم وحفظها من الذباب وهوامّ الأرض بعد غسلها بالماء الحارّ.
وقال في الحسبة على صانعي الأدوية والعقاقير : ويعتبر عليهم في عقاقير الأقراص والمعاجين قبل عملها بمن ظهرت مخبرته وكثرت تجربته للعقاقير ويكون من أهل الخير والصلاح ، فإنّها إذا اختلّ أمرها أضرّت بالمريض لا محالة (2)
وقال في الحسبة على الأطباء والجرّاحين والمجبّرين : الطبيب هو العارف بتركيب البدن ومزاج الأعضاء والأمراض الحادثة فيها وأسبابها وأعراضها وعلاماتها والأدوية النافعة فيها والاعتياض عمّا لم يوجد منها والوجه في استخراجها وطريق مداواتها بالتساوي بين الأمراض والأدوية في كمّياتها ولا يجوز له الإقدام على علاج يخاطر فيه ولا يتعرّض لما لا علم له فيه ففي الخبر : « من تطبّب ولم يُعلم منهُ طبّ قبل ذلك فهو ضامن » (3)
وينبغي أن يكون لهم مقدم من أهل صناعتهم فقد حكي أنّ ملوك اليونان كانوا يجعلون في كلّ مدينة حكيماً مشهوراً بالحكمة ثمّ يعرضون عليه بقيّة أطبّاء البلد فيمتحنهم فمن وجده مقصّراً في علمه أمره بالاشتغال وقراءة العلم ونهاه عن المداواة (4)
وينبغي إذا دخل الطبيب على المريض أن يسأله عن سبب مرضه وعن ما يجد من الألم ثمّ يرتّب له قانوناً من الأشربة وغيره من العقاقير ثمّ يكتب له نسخة لأولياء المريض بشهادة من حضر معه عند المريض وإذا كان من الغد حضر ونظر إلى قارورته ( أي بوله ) وسأل المريض هل تناقص به المرض أم لا ثمّ يرتّب له ما ينبغي على حسب مقتضى الحال ... وهكذا حتّى يبرأ المريض ، وينبغي للمحتسب أن يأخذ على الأطباء عهداً أن لا يعطوا أحداً دواء مضرّاً ولا يركّبوا له سمّاً ولا يصفوا سمّاً عند أحد من العامّة ولا يذكروا للنساء الدواء الذي يسقط الأجنّة ولا للرجال الذي يقطع النسل وليغضّوا أبصارهم عند المحارم عند دخولهم على المرضى ... ) (5)
______________________
(1) سنن ابن ماجة : 2 ، كتاب الزهد ، الباب 14 ، الحديث 5 ، رقم التسلسل 4168.
(2) هذه ملاحظة في الطب مهمّة جداً وقد عرفها العالم اليوم ، حيث أسّس جهازاً خاصاً بمراقبة الأدوية والعقاقير قبل إنزالها إلى الأسواق.
(3) مجمع البحرين ( مادّة طبب)
(4) هذا هو ما عرفه العالم الحديث اليوم وأخذ به حتّى أنّه لا يجيز طبيباً ولا يسمح له بفتح العيادة الطبيّة ومعالجة المرضى إلاّ بعد تقديم اطروحة تشهد على إكتماله في هذا الفن.
(5) راجع معالم القربى في أحكام الحسبة من 90 إلى 170 والكتاب برمّته جدير بالمطالعة جدّاً.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|