المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17644 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

hydronymy (n.)
2023-09-19
Efim Isaakovich Zelmanov
21-3-2018
من معاني استوائه الى السماء
1-12-2015
اللطافة في الخطاب
21-5-2020
من الّذي جعل الهجرة مبدءً للتاريخ؟
4-5-2017
Hamel Basis
2-8-2021


تفسير الآية (123-140) من سورة الشعراء  
  
3894   06:41 مساءً   التاريخ: 24-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الشين / سورة الشعراء /

قال تعالى : {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (127) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُو الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء : 123 - 140] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

أخبر سبحانه عن عاد فقال {كذبت عاد المرسلين} والتأنيث لمعنى القبيلة لأنه أراد بعاد القبيلة {إذ قال لهم أخوهم} في النسب {هود أ لا تتقون} الله باجتناب معاصيه {إني لكم رسول أمين} إلى قوله {رب العالمين} مر تفسيره {أ تبنون بكل ريع} أي بكل مكان مرتفع وقيل بكل شرف عن ابن عباس وقيل بكل طريق عن الكلبي والضحاك {آية تعبثون} أي بناء لا تحتاجون إليه لسكناكم وإنما تريدون العبث بذلك واللعب واللهو كأنه جعل بناهم ما يستغنون عنه عبثا منعم عن ابن عباس في رواية عطا .

ويؤيده الخبر المأثور عن أنس بن مالك إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) خرج فرأى قبة مشرفة فقال : ما هذه؟ قال له أصحابه هذا لرجل من الأنصار فمكث حتى إذا جاء صاحبها فسلم في الناس أعرض عنه وصنع ذلك به مرارا حتى عرف الرجل الغضب والإعراض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه وقال والله إني لأنكر نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أدري ما حدث في وما صنعت قالوا خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فرأى قبتك فقال لمن هذه فأخبرناه فرجع إلى قبته فسواها بالأرض فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذات يوم فلم ير القبة فقال ما فعلت القبة التي كانت هاهنا ؟ قالوا شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها فقال إن لكل بناء يبني وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لا بد منه .

وقيل : معناه أنهم كانوا يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة والسائلة فيسخروا منهم ويبعثوا بهم عن الكلبي والضحاك وقيل إن هذا في بنيان الحمام أنكر هود عليهم اتخاذهم بروجا للحمام عبثا عن سعيد بن جبير ومجاهد {وتتخذون مصانع} أي حصونا وقصورا مشيدة عن مجاهد وقيل مأخذا للماء تحت الأرض عن قتادة {لعلكم تخلدون} كأنكم تخلدون فيها فلا تموتون فإن هذه الأبنية بناء من يطمع في الخلود قال الزجاج معناه تتخذون مباني للخلود لا تتفكرون في الموت {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} البطش : الأخذ باليد أي إذا بطشتم بأحد تريدون إنزال عقوبة به عاقبتموه عقوبة من يريد التجبر بارتكاب العظائم كما قال {إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض} .

وقيل معناه وإذا عاقبتم قتلتم فمعنى الجبار القتال على الغضب بغير حق {فاتقوا الله وأطيعون} مر معناه {واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون} أي أعطاكم ما تعلمون من الخير والأمداد اتباع الثاني ما قبله شيئا بعد شيء على انتظام وهؤلاء أمدوا بأنواع من النعم وهو قوله {أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون} فأعطاهم رزقهم على إدرار {إني أخاف عليكم} إن عصيتموني {عذاب يوم عظيم} يريد يوم القيامة وصفه بالعظم لما فيه من الأهوال العظيمة {قالوا سواء علينا أ وعظت أم لم تكن من الواعظين} أي أ نهيتنا أم لم تكن من الناهين لنا عن الكلبي والمعنى أنا لا نقبل ما تدعونا إليه على كل حال أ وعظت أم سكت أي حصول الوعظ منك وارتفاعه مستويان عندنا ثم قالوا .

{إن هذا إلا خلق الأولين} أي : ما هذا الذي جئتنا به إلا كذب الأولين الذين ادعوا النبوة ولم يكونوا أنبياء وأنت مثلهم ومن قرأ خلق الأولين بضم الخاء فالمعنى ما هذا الذي نحن عليه من تشييد الأبنية واتخاذ المصانع والبطش الشديد إلا عادة الأولين من قبلنا وقيل معناه ما هذا الذي نحن فيه إلا عادة الأولين في أنهم كانوا يحيون ويموتون ولا بعث ولا حساب وقيل معناه ما الذي تدعيه من النبوة والرسالة إلا عادة الأولين {وما نحن بمعذبين} على ما تدعيه لا في الدنيا ولا بعد الموت {فكذبوه فأهلكناهم} بعذاب الاستئصال {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} قد مر تفسيره .

_______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص343-344 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

تقدمت قصة هود في سورة الأعراف الآية 65 - 72 ج 3 ص 346 - 348 وأيضا ذكرت في سورة هود الآية 50 - 60 ج 4 ص 237 - 243 .

{كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهً وأَطِيعُونِ وما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ} .

تقدم مثله بالنص الحرفي في المقطع السابق الآية 105 - 110 من غير تعديل إلا في الاسم ، فهناك قوم نوح ، وهنا هود وعاد ، والسر ان رسالة الأنبياء واحدة تحدها الدعوة إلى الايمان باللَّه الأحد ، وطاعته في أمره ونهيه .

{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} . الريع المكان المرتفع ، والمراد بالآية هنا البناء ، وكل بناء يسد حاجة من حاجات الحياة فهو خير ، ومن الدين لأن دين اللَّه هو دين الحياة ، أما البناء الذي لا جدوى منه إلا التكاثر والتفاخر فهو شر دينا وعقلا ، وهذا النوع من البناء هو المقصود بالآية بدليل قوله تعالى : {تَعْبَثُونَ} فإن العبث هو الذي لا تدعو الحاجة إليه {وتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} .

ليس المراد بالمصانع هنا ما نفهمه نحن من هذه الكلمة لأن المصانع التي تنتج ما ينفع الناس هي من صميم الدين ، وانما المراد بالمصانع البناء الذي لا نفع فيه من أي نوع كان .

{وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللَّهً وأَطِيعُونِ} . بطش الجبار أن يظلم ، ويقسو في ظلمه ، ويتعاظم لأنه قادر على ظلم الضعيف ، والثابت في دين اللَّه ان الظلم من أكبر الكبائر ، بل هو تماما كالكفر باللَّه ، وأثبتنا ذلك فيما سبق بنص القرآن . . وأفحش أنواع الظلم ظلم الضعيف . . وقد نزلت هذه الآية حيث لا أسلحة جهنمية ، ولا ملايين يخصصها تجار الحروب لقتل الناس بالجملة . . .

نزلت يوم كان البطش باليد ، وأقصاه بالسيف أو الرمح أو السهم ، وإذا وصف سبحانه بأقبح الصفات وأفحشها من اعتدى على الضعفاء بصفعة كف ، وهدده بأشد العقوبات فبأي شيء يجازي الذين يمطرون الشعوب المستضعفة بالصواريخ وقنابل النابالم ، وبالأسلحة الكيمائية وغيرها من أسباب الفناء والهلاك ، ويملئون الأرض بالقواعد العسكرية ، والسماء بالسفن العدوانية لا لشيء إلا ليتحكموا بأرواح العباد ، ومقدرات البلاد حسب أهوائهم ومصالحهم ؟ .

{واتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وبَنِينَ وجَنَّاتٍ وعُيُونٍ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} . دعاهم هود إلى طاعة اللَّه ، وذكرهم بنعمه عليهم ، وإمهاله لهم ، وحذرهم من عاقبة التمادي في البغي ، فما زادهم ذلك إلا فرارا واستكبارا {قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ} فما نحن لك بمؤمنين ، ولا يزيدنا وعظك إلا إدبارا عنك ، فلا تتعب نفسك في غير جدوى {إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} . هذا إشارة إلى دينهم ، وما يعبدون من الأصنام ، وانهم ليسوا بتاركيها لأنهم ورثوا عبادتها أبا عن جد . .

هذه هي حجتهم ، ولا شيء غيرها : انا وجدنا آباءنا على أمة ، وأنا على آثارهم مهتدون {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ} . أنذر هود قومه بالأدلة والبراهين فلم يكترثوا فكانوا من الهالكين .

________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج5 ، ص 508-510 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

تشير الآيات إلى قصة هود (عليه السلام) وقومه وهو قوم عاد .

قوله تعالى : {كذبت عاد المرسلين} قوم عاد من العرب العاربة الأولى كانوا يسكنون الأحقاف من جزيرة العرب لهم مدنية راقية وأراض خصبة وديار معمورة فكذبوا الرسل وكفروا بأنعم الله وأطغوا فأهلكهم الله بالريح العقيم وخرب ديارهم وعفا آثارهم .

وعاد فيما يقال اسم أبيهم فتسميتهم بعاد من قبيل تسمية القوم باسم أبيهم كما يقال تميم وبكر وتغلب ويراد بنو تميم وبنو بكر وبنو تغلب .

وقد تقدم في نظير الآية من قصة نوح وجه عد القوم مكذبين للمرسلين ولم يكذبوا ظاهرا إلا واحدا منهم .

قوله تعالى : {إني لكم رسول أمين - إلى قوله - رب العالمين} تقدم الكلام فيها في نظائرها من قصة نوح (عليه السلام) .

وذكر بعض المفسرين أن تصدير هذه القصص الخمس بذكر أمانة الرسل وعدم سؤالهم أجرا على رسالتهم وأمرهم الناس بالتقوى والطاعة للتنبيه على أن مبنى البعثة هو الدعاء إلى معرفة الحق والطاعة فيما يقرب المدعو من الثواب ويبعده من العقاب وأن الأنبياء (عليهم السلام) مجتمعون على ذلك وإن اختلفوا في بعض فروع الشرائع المختلفة باختلاف الأزمنة والأعصار ، وأنهم منزهون عن المطامع الدنيوية بالكلية انتهى .

ونظيره الكلام في ختم جميع القصص السبع الموردة في السورة بقوله : {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} ففيه دلالة على أن أكثر الأمم والأقوام معرضون عن آيات الله ، وأن الله سبحانه عزيز يجازيهم على تكذيبهم رحيم ينجي المؤمنين برحمته ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الكلام على غرض السورة .

قوله تعالى : {أ تبنون بكل ريع آية تعبثون} الريع هو المرتفع من الأرض والآية العلامة والعبث الفعل الذي لا غاية له ، وكأنهم كانوا يبنون على قلل الجبال وكل مرتفع من الأرض أبنية كالأعلام يتنزهون فيها ويفاخرون بها من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك بل لهوا واتباعا للهوى فوبخهم عليه .

وقد ذكر للآية معان أخر لا دليل عليها من جهة اللفظ ولا ملاءمة للسياق أضربنا عنها .

قوله تعالى : {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} ، المصانع على ما قيل : الحصون المنيعة والقصور المشيدة والأبنية العالية واحدها مصنع .

وقوله : {لعلكم تخلدون} في مقام التعليل لما قبله أي تتخذون هذه المصانع بسبب أنكم ترجون الخلود ولولا رجاء الخلود ما عملتم مثل هذه الأعمال التي من طبعها أن تدوم دهرا طويلا لا يفي به أطول الأعمار الإنسانية ، وقيل في معنى الآية ومفرداتها وجوه أخرى أغمضنا عنها .

قوله تعالى : {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} قال في المجمع : ، البطش العسف قتلا بالسيف وضربا بالسوط ، والجبار العالي على غيره بعظيم سلطانه .

وهو في صفة الله سبحانه مدح وفي صفة غيره ذم لأن معناه في العبد أنه يتكلف الجبرية . انتهى .

فالمعنى : وإذا أظهرتم شدة في العمل وبأسا بالغتم في ذلك كما يبالغ الجبابرة في الشدة .

ومحصل الآيات الثلاث أنكم مسرفون في جانبي الشهوة والغضب متعدون حد الاعتدال خارجون عن طور العبودية .

قوله تعالى : {فاتقوا الله وأطيعون} تفريع على إسرافهم في جانبي الشهوة والغضب وخروجهم عن طور العبودية فليتقوا الله وليطيعوه فيما يأمرهم به من ترك الإتراف والاستكبار .

قوله تعالى : {واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون} - إلى قوله - وعيون} قال الراغب : أصل المد الجر ، قال : وأمددت الجيش بمدود والإنسان بطعام قال : وأكثر ما جاء الإمداد في المحبوب والمد في المكروه ، قال تعالى : {وأمددناهم بفاكهة} {ونمد له من العذاب مدا} انتهى ملخصا .

وقوله : {واتقوا الذي أمدكم} إلخ ، في معنى تعليق الحكم بالوصف المشعر بالعلية أي اتقوا الله الذي يمدكم بنعمه لأنه يمدكم بها فيجب عليكم أن تشكروه بوضع نعمه في موضعها من غير إتراف واستكبار فإن كفران النعمة يستعقب السخط والعذاب قال تعالى : {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم : 7] .

وقد ذكر النعم إجمالا بقوله أولا : {أمدكم بما تعلمون} ثم فصلها بقوله ثانيا : {أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون} .

وفي قوله : {أمدكم بما تعلمون} نكتة أخرى هي أنكم تعلمون أن هذه النعم من إمداده تعالى وصنعه لا يشاركه في إيجادها والإمداد بها غيره فهو الذي يجب لكم أن تتقوه بالشكر والعبادة دون الأوثان والأصنام فالكلام متضمن للحجة .

قوله تعالى : {إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} تعليل للأمر بالتقوى أي إني آمركم بالتقوى شكرا لأني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم أن تكفروا ولم تشكروا ، والظاهر أن المراد باليوم العظيم يوم القيامة وإن جوز بعضهم أن يكون المراد به يوم عذاب الاستئصال .

قوله تعالى : {قالوا سواء علينا أ وعظت أم لم تكن من الواعظين} نفي لأثر كلامه وإياس له من إيمانهم بالكلية .

قيل : الكلام لا يخلو من مبالغة فقد كان مقتضى الترديد أن يقال : أ وعظت أم لم تعظ ففي العدول عنه إلى قوله : {أم لم تكن من الواعظين} النافي لأصل كونه واعظا ما لا يخفى من المبالغة .

قوله تعالى : {إن هذا إلا خلق الأولين} الخلق بضم الخاء واللام أو سكونها قال الراغب : الخلق والخلق - أي بفتح الخاء وضمها - في الأصل واحد كالشرب والشرب والصرم والصرم لكن خص الخلق - بفتح الخاء - بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق - بضم الخاء - بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة ، قال تعالى : {إنك لعلى خلق عظيم} وقرىء {إن هذا إلا خلق الأولين} انتهى .

والإشارة بهذا إلى ما جاء به هود وقد سموه وعظا والمعنى : ليس ما تلبست به من الدعوة إلى التوحيد والموعظة إلا عادة البشر الأولين الماضين من أهل الأساطير والخرافات ، وهذا كقولهم : إن هذا إلا أساطير الأولين .

ويمكن أن تكون الإشارة بهذا إلى ما هم فيه من الشرك وعبادة الآلهة من دون الله اقتداء بآبائهم الأولين كقولهم : {وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} .

واحتمل بعضهم أن يكون المراد ما خلقنا هذا إلا خلق الأولين نحيا كما حيوا ونموت كما ماتوا ولا بعث ولا حساب ولا عذاب . وهو بعيد من السياق .

قوله تعالى : {وما نحن بمعذبين} إنكار للمعاد بناء على كون المراد باليوم العظيم في كلام هود (عليه السلام) يوم القيامة .

قوله تعالى : {فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية - إلى قوله - الرحيم} معناه ظاهر مما تقدم .

________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص239-242 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

جنايات عاد واعمالهم العدوانية :

والآن يأتي الكلام عن «عاد» قوم «هود» إذ يعرض القرآن جانباً من حياتهم وعاقبتهم ، وما فيها من دروس العبر ، ضمن ثماني عشرة آيةً من آياته! . . .

«عادُ» ـ كما قلنا من قبل ـ جماعة كانوا يقطنون في «الأحقاف» ، وهي منطقة في حضرموت تابعة لليمن ، تقع جنوب الجزيرة العربية . . .

فيقول القرآن : {كذّبت عادٌ المرسلين} . (2)

بالرغم من أنّهم كذبوا هوداً فحسب ، إلاّ أنّه لمّا كانت دعوة هود هي دعوة الأنبياء جميعاً ، فكأنّهم كذبوا الأنبياء جميعاً . . .

وبعد ذكر هذا الإجمال يقع التفصيل ، فيتحدّث القرآن عنهم فيقول : {إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون} .

لقد دعاهم إلى التوحيد والتقوى في منتهى الشفقة والعطف والحرص عليهم ، لذلك عبّر عنه القرآن بكلمة «أخوهم» . . .

ثمّ أضاف قائلا : {إنّي لكم رسول أمين} وما سبق من حياتي بين ظهرانيكم يدل على هذه الحقيقة ، فإنّي لم أخنكم أبداً . . . ولم تجدوا منّي غير الصدق والحق ! . . .

ثمّ يضيف مؤكّداً : لما كنتم تعرفونني جيداً {فاتقوا الله وأطيعون} . . . لأنّ إطاعتكم إيّاي إطاعة لله سبحانه . . . ولا تتصوروا بأنّي أدعوكم لأنتفع من وراء دعوتي إيّاكم في حياتي الدنيا وأنال المال والجاه ، فلست كذلك {وما أسألكم عليه من أجر أن أجري إلاّ على ربّ العالمين} . . . فجميع النِعَم والبركات من قِبَلهِ سبحانه ، وإذا أردتُ شيئاً طلبته منه ، فهوربّ العالمين جميعاً . . .

والقرآن الكريم يستند في هذا القسم من سيرة «هود» في قومه إلى أربعة أُمور على الترتيب . . .

فالأمر الأوّل : هو محتوى دعوة «هود» الذي يدور حول توحيد الله وتقواه ، وقرأنا ذلك بجلاء في ما مضى من الآي . . .

أمّا الأُمور الثلاثة الأخر فيذكرها القرآن حاكياً عن لسان هود في ثوب الإستفهام الإنكاري ، فيقول : {أتبنون بكل ريع آية تعبثون} .

«الريع» في الأصل يُطلقُ على المكان المرتفع ، أمّا كلمة (تعبثون} فمأخوذ من «العبث» ، ومعناه العمل بلا هدف صحيح ، ومع ملاحظة كلمة (آية) التي تدل على العلامة يتّضح معنى العبارة بجلاء . . . وهو أنّ هؤلاء القوم المثرين ، كانوا يبنون على قمم الجبال والمرتفعات الأُخر مبانيَ عالية للظهور والتفاخر على الآخرين ، وهذه المباني

[كالأبراج وما شاكلها] لم يكن من روائها أي هدف سوى لفت أنظار الآخرين ، وإظهار قدرتهم وقوّتهم ـ من خلالها ـ !!

وما قاله بعض المفسّرين من أنّ المراد من هذا التعبير هو المباني والمنازل التي كانت تُبنى على المرتفعات ، وكانت مركزاً للهو واللعب ، كما هو جار في عصرنا بين الطغاة . . . فيبدو بعيداً ، لأن هذا التعبير لا ينسجم مع كلمتي (الآية) و(العبث) .

كما أنّ هناك احتمال ثالث ذكره بعض المفسّرين ، وهو أنّ عاداً كانت تبني هذه البنايات للاشراف على الشوارع العامّة ، ليستهزئوا منها بالمارة ، إلاّ أن التّفسير الأوّل يبدو أكثر صحة من سواه . . .

وأمّا الأمر الثّالث الذي ذكره القرآن حاكياً على لسان هود منتقداً به قومه ، فهو قوله : {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} .

«المصانع» جمع «مصنع» ومعناه المكان أو البناء المجلّل المحكم ، والنّبي هود لا يعترض عليهم لأنّ لديهم هذه البنايات المريحة الملائِمة ، بل يريد أن يقول لهم : إنّكم غارقون في أمواج الدنيا ، ومنهمكون بعبادة الزينة والجمال والعمل في القصور حتى نسيتم الدار الآخرة! . . . فلم تتخذوا الدنيا على أنها دار ممر ، بل اتخذتموها دار مقر دائم لكم . . .

أجل ، إنّ مثل هذه المباني التي تُذهل أهلها ، وتجعلهم غافلين عن اليوم الآخر ، هي لا شك مذمومة !

وفي بعض الرّوايات عن أنس بن مالك أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خرج فرأى قبة فقال : ما هذه؟ فقالوا له أصحابه : هذا الرجل من الأنصار فمكث حتى إذا جاء صاحبها فسلم في الناس أعرض عنه وصنع ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب به وبالاعراض عنه ، فشكى ذلك إلى أصحابه وقال : والله إليّ لأنكر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ما أدرى ما حدث فيّ وما صنعت؟

قالوا : خرج رسول الله فرأى قبّتك فقال : لمن هذه؟ فأخبرناه ، فرجع الى قبّته فسواها بالأرض ، فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم فلم ير القبة فقال : ما فعلت القبة التي كانت ها هنا قالوا : شكى إلينا صاحبها اعرافك عنه فاخبرناه فهدمها فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) : «إن كلّ ما يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة ، إلاّ ما لابُدّ منه» . (3)

ويعرف من هذه الرّواية وما شابهها من الرّوايات نظر الإسلام بجلاء ، فكل بناء «طاغوتي» مشيد بالإسراف والبذخ ومستوجب للغفلة . . . يمقته الإسلام ، ويكره للمسلمين أن يبنوا مثل هذه الأبنية التي يبنيها المستكبرون المغرورون الغافلون عن الله ، ولا سيما في محيط يسكن فيه المحرومون والمستضعفون . . .

إلاّ أن ما ينبغي التنويه به ، أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يستعمل القوة للوصول إلى هذا الهدف الإِنساني أبداً ، ولم يأمر بتخريب البناء ، بل استطاع أن يحقق هدفه برد فعل لطيف كالإِعراض وعدم الإِهتمام بالبناء مثلا! . . .

ثمّ ينتقد النّبي «هود» قومه على قسوتهم وبطشهم عند النزاع والجدال فيقول : {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} .

فمن الممكن أن يعمل الإنسان عملا يستوجب العقوبة ، إلاّ أنّه لا يصح تجاوز الحد والإِنحراف عن جادة الحق والعدل عند محاسبته ومعاقبته ، وأن يعامل ذو الجرم الصغير معاملة ذي الجرم الكبير . . . وأن تسفك الدماء عند الغضب ويقع التماصع بالسيف (4) ، فذلك ما كان يلجأ إليه الجبابرة والظلمة والطغاة آنئذ . . .

ويرى الراغب في المفردات أن «البطش» على زنة (نقش) هو أخذ الشيء بقوّة وقسّوة واستعلاء . . .

وفي الحقيقة أن هوداً يوبخ عبدة الدنيا عن طرق ثلاثة :

الأوّل : علاماتهم التي كانت مظهراً لحبّ الإستعلاء وحب الذات ، والتي كانت تبنى على المرتفعات العالية ليفخروا بها على سواهم .

ثمّ يوبخهم على مصانعهم وقصورهم المحكمة ، التي تجرهم إلى الغفلة عن الله ، وإن الدنيا دار ممر لا مقر .

وأخيراً فإنّه ينتقدهم في تجاوزهم الحدّ والبطش عند الإنتقام . . .

والقدر الجامع بين هذه الأُمور الثلاثة هو الإِحساس بالإِستعلاء وحبّ البقاء . ويدلّ هذا الأمر على أن عشق الدنيا كان قد هيمن عليهم ، وأغفلهم عن ذكر الله حتى ادعوا الألوهية . . . فهم باعمالهم هذه يؤكّدون هذه الحقيقة ، وهي أن «حب الدنيا رأس كل خطيئة» . (5)

والقسم الثّالث من حديث هود ممّا بيّنه لقومه ، هو ذكر نعم الله على عباده ليحرك فيهم ـ عن هذا الطريق ـ الإِحساس بالشكر لعلهم يرجعون نحو الله . . .

وفي هذا الصدد يتبع النّبي هود أسلوبي الإجمال والتفصيل ، وهما مؤثران في كثير من الأبحاث ، فيلتفت نحوهم أولا فيقول : {واتقوا الذي أمدّكم بما تعلمون} . (6)

وبعد هذا التعبير المُجل يذكر تفصيل نعم الله عليهم ، فيقول : {أمدكم بأنعام وبنين} . . .

فمن جهة وفّر لكم الأُمور المادية ، وكان القسم المهم منها ـ خاصّة في ذلك العصر ـ الأنعام والمطايا من النياق وغيرها . ومن جهة أخرى وفرّ لكم القوّة الكافية وهي «الأبناء» للحفاظ على الأنعام وتدجينها . . .

وهذا التعبير تكرر في آيات مختلفة ، فعند عدّ النعم المادية تذكر الأموال أولا ثمّ الأبناء ثانياً ، وهم الحفظة للأموال ومنمّوها ، ويبدو أن هذا ترتيب طبيعي ، لا أن الأموال أهم من الأبناء . . . إذ نقرأ في الآية (6) من سورة الإِسراء . . . {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} [الإسراء : 6] . . .

ثمّ يضيف بعد ذلك : {وجنات وعيون} .

وهكذا فقد وفر الله لكم سبل الحياة جميعاً ، من حيث الأبناء أو القوّة الإِنسانية ، والزراعة والتدجين ووسائل الحمل والنقل ، بشكل لا يحس الإِنسان معه بأي نقص أو قلق في حياته ! .

لكن ما الذي حدث حتى نسيتم واهب هذه النعم جميعاً ، وأنتم تجلسون على مائدته ليل نهار ، ولا تعرفون قدره؟!

وأخيراً ، فإنّ هوداً في آخر مقطع من حديثه مع قومه ينذرهم ويهددهم بسوء الحساب وعقاب الله لهم ، فيقول : {إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} . . .

ذلك اليوم الذي ترون فيه نتائج أعمالكم وظلمكم وغروركم واستكباركم ، وحب الذات وترك عبادة الله . . . ترون كل ذلك بأم أعينكم .

وعادة ـ يستعمل لفظ (اليوم العظيم) في القرآن ، ويراد منه يوم القيامة العظيم من كل وجه . . . إلاّ أنّه قد يستعمل في القرآن في اليوم الصعب الموحش المؤلم على الأُمم . . .

كما نقرأ في هذه السورة في قصة «شعيب» ، أن قومه بعد أن جحدوه ولم يؤمنوا به وعاندوه واستهزؤوا به ، أرسل الله عليهم صاعقة «وكانت قطعة من الغيم» فعاقبهم بها ، فسّمي ذلك اليوم باليوم العظيم ، كما تقول الآية : {فأخذهم عذاب يوم الظلة إنّه كان عذاب يوم عظيم} .

فبناءً على هذا قد يكون التعبير بـ «يوم عظيم» في الآية محل البحث ، إشارة إلى اليوم الذي ابتلي به المعاندون من قوم هود (عاد) بالعذاب الأليم وهو الاعصار المدمر ، وسيتجلى الشاهد على هذا المعنى في الآيات المقبلة . . .

كما يمكن أن يكون إشارة إلى يوم القيامة وعذابه . . . أو إلى العذابين معاً ، فيوم الاعصار يوم عظيم ، ويوم القيامة يوم عظيم أيضاً . . .

 

وقوله تعالى : {قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الوَاعَظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء : 136 - 140] .

 

لا تتعب نفسك في نصحنا :

رأينا في الآيات المتقدمة أحاديث النّبي هود المحترق القلب شفقةً لقومه المعاندين «عاد» وما حملته هذه الأحاديث من معان غريزة سامية . . . والآن ينبغي أن نعرف جواب قومه الجارح وغير المنطقي ولا المعقول ، يقول القرآن في هذا الصدد {قالوا سواء علينا أوَعظت أمْ لم تكن من الواعظين} فلن يؤثر ذلك فينا ، فلا تتعب نفسك .

أمّا اعتراضك علينا بهذه الاُمور فلا محل له من الاعراب {إن هذا إلاّ خُلق الأوّلين} .

وليس الأمر كما تقول ، فإنّه لا شيء بعد الموت {وما نحن بمعذّبين} لا في هذا العالم ، ولا في العالم الآخر .

و«الخُلقُ» ـ بضم الخاء واللام ـ معناه العادة والسلوك والأخلاق لأن هذه الكلمة جاءت بصيغة الإفراد بمعنى الطبع والسجّية والعادة الأخلاقية . . . وهى هنا إشارة إلى الأعمال التي كانت تصدر منهم كعبادة الأصنام ، وبناء القصور العالية الجميلة ، وحب الذات ، والتفاخر عن طريق تشييد الأبراج على النقاط المرتفعة ، وكذلك البطش عند الإِنتقام أوالجزاء . . . أي إن ما نقوم به من أعمال هوما كان يقوم به السلف فلا مجال للاعتراض والانتقاد! . . .

وفسّر «الخلقُ» بعضهم بالكذب ، أي إنّ ما تقوله في شأن الله والقيامة كلام باطل قيل من قبل (إلاّ أن هذا التّفسير إنّما يُقبل إذا قرىء النص : إن هذا إلاّ خَلْقُ الأولين . فيكون الخلق فيه على وزن (الحلق) إلاّ أن القراءة المشهورة ليست كذلك!) .

ويبيّن القرآن عاقبة قوم هود الوبيلة فيقول : {فكذبوه فأهلكناهم} .

وفي ختام هذه الاحداث يذكر القرآن تلكما الجملتين المعبرّتين ، اللتين تكررتا في نهاية قصص نوح وإبراهيم وموسى عليهما السلام . . . فيقول : {إن في ذلك لآية} على قدرة الله ، واستقامة الأنبياء وعاقبة المستكبرين السيئة ، ولكن مع ذلك {وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربّك لهو العزيز الرحيم} .

فيمهلُ إمهالا كافياً ، ويمنح الفرصة ، ويبيّن الدلائل الواضحة للمضلينَ ليهتدوا . . . إلاّ أنه عند المجازاة والعقاب ، وبعد إتمام الحجة يأخذ أخذاً عسيراً لا مفرّ لأحد منه أبداً . . .

______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص334-340 .

2 ـ لما كانت «عاد» قبيلةً ، وتتألف من جماعة من الناس أُنث الفعل كما يُرى ، فجاء {كذبت عاد} لأنّ لفظي القبيلة والجماعة مؤنثان . . .

3 ـ مجمع البيان : ذيل الآية محل البحث ، نور الثقلين ، ج 4 ، ص 63 .

4 ـ التماصع ، التطاحن والقتال . (المصحح)

5 ـ تفسير الفخر الرازي ذيل الآية محل البحث .

6 ـ (أمدّ) مأخوذ من «الإمداد» ، ويطلق في الأصل على أمور توضع بعضها بعد بعض بشكل منظم ، وحيث أن الله يرسل نعمه بشكل منظم إلى عباده استعملت هذه الكلمة هنا أيضاً . . .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .