المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

الخطاب والسياق
27-02-2015
مقتل الامام الحسين عليه السلام
17-11-2016
شروط المال المشفوع فيه
16-10-2017
حالات إباحة القذف في القانون المصري
24-5-2021
رجع إلى أهل الأندلس
29-12-2022
d-Analog
18-8-2019


إعتبار قول اللغوي  
  
1634   11:46 صباحاً   التاريخ: 17-7-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏1، ص: 507
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016 1309
التاريخ: 13-9-2016 899
التاريخ: 5-9-2016 1161
التاريخ: 6-9-2016 929

من جملة الظنون التي ادّعي خروجها عن الأصل واقيم الدليل على حجيّتها الظّن الحاصل من قول اللغوي، والظاهر أنّ المراد به هنا الظنّ النوعي كما في باب الظواهر دون الفعلي، والمراد حجيّة قوله في تشخيص ظواهر الألفاظ بعد فهم مراده الجدّي من ظواهر كلامه أو نصوصه، فيقال: هذا الذي ثبت مراديّته جدّا بظاهر كلامه- كما مرّ في الباب المتقدّم- أو بنصّه يجب الحكم بمطابقته مع الواقع.

 

والحاصل: أنّ الكلام هنا في تطبيق الإرادة الجدّي مع الواقع بحسب العمل، وهو غير تطبيق الإرادة الاستعماليّة مع الإرادة الجدّية، فالمدّعى تصديقه في العمل وترتيب آثار الصدق على مفاد قوله في مقام تشخيص الظواهر وإن لم يورث الظّن الفعلي، نظير حجيّة قول العادل، فكما لو أخبر العادل وكان ظاهر كلامه أو نصّه ملكيّة هذا لزيد يرتّب عليه آثار الملكيّة الواقعيّة تعبّدا وإن لم يورث الظنّ فعلا، فكذا لو أخبر اللغوي بأنّ لفظ الصعيد موضوع لمطلق وجه الأرض، وظاهر هذا شموله للرمل والحجر أيضا، فلا بدّ من ترتيب أثر الواقع على هذا الظاهر وإن لم يظن بالصدق، فيحكم بترتيب الأثر الشرعي المرتّب على الصعيد على الرمل وو الأحجار(1) .

والدليل الذي أقاموه على هذا المدّعى وجهان:

الأوّل: أنّ اللغوي خبرة في هذا الباب، وقول الخبرة حجّة.

وجوابه أنّ الصغرى وهي خبروية اللغوي في مقام تشخيص الظواهر يمكن أن يمنع حقّ المنع، وذلك لأنّه ليس وظيفة اللغوي إلّا تتّبع موارد الاستعمال، فيذكرون عقيب كلّ مادّة معاني عديدة، ويستشهدون لكلّ معنى ببعض أشعار العرب أو كلام سمعوه من العرب، فكلّ معنى وجدوا استعمال اللفظ فيه في لسان العرب نقلوه، وربّما كان في البين قرينة على هذا المعنى ولم ينبّهوا لذلك؛ لأنّهم ليسوا في هذا المضمار.

وبالجملة، لم يجر ديدنهم على تميّز الحقيقة عن المجاز، أو المشترك عن الحقيقة والمجاز، فلم يجدي شيئا لما هو المهمّ لنا وهو كون اللفظ عند التجرّد عن القرينة ظاهرا في المعنى الفلاني؛ لما مرّ من أنّهم ليسوا بصدد بيان التجرّد عن القرينة والاحتفاف بها، فلو شككنا من جهة موارد الاستعمال كان للرجوع إليهم وجه، لأنّهم خبرة هذا المقام.

فلو عيّن بعضهم بواسطة بعض الأمارات والعلامات الدالّة على الحقيقة مثل أصالة عدم القرينة ونحوها المعنى الحقيقي عن غيره فهو في هذا التعيين غير خبرة ويكون كواحد منّا، وخبرويّة هذا المقام إنّما يحصل بالفحص في استعمالات العرب ومحاوراتهم والممارسة لذلك حتّى يحصل له القطع في كلّ مورد مورد بأنّ المعنى الفلاني قد أراده المستعمل من حاقّ اللفظ، وفهمه المخاطب أيضا كذلك، وأنّ المعنى الفلاني ليس هكذا، وإنّما اريد وفهم بمعونة القرينة الخارجة عن حاقّ اللفظ لا أن يحرز ذلك بالأمارات الظنيّة.

فعلم أنّ الرجوع إلى قول اللغوي بعد تسليم الكبرى المذكورة أعني حجيّة قول الخبرة يبتني على إحراز مقدّمتين، الاولى: كون اللغوي بصدد تميز الحقائق عن المجازات لا صرف موارد الاستعمال، والثانية: كونه خبرة في معرفة الحقائق والمجازات لا متّكئا على الأمارات المعمولة.

وأمّا لو كان الشكّ في مقام آخر وهو أنّ الانفهام والتبادر هل هو من حاقّ اللفظ أو من القرينة فحالهم في ذلك حالنا بلا فرق، وليس لهم خبرويّة فيه أصلا، وبالجملة، فالصغرى ممنوعة وإن كان الكبرى وهي حجيّة قول الخبرة مسلّمة بالوجدان، بل عليه الفقهاء في مسألة التقويم ومسألة التقليد، فرجوع الجاهل في كلّ صنعة إلى العالم بها ممّا لا ينكر وإن كان يظهر من شيخنا المرتضى قدّس سرّه منع الكبرى أيضا.

لا يقال: إنّك تسلّمت خبروية اللغوي في تشخيص موارد الاستعمال، وهذا المقدار يكفينا؛ فإنّ الشكّ الحاصل في مرحلة وجود القرينة وعدمها يرفع بأصالة عدم القرينة، فيثبت بذلك أنّ الانفهام من حاقّ اللفظ.

لأنّا نقول: لا يثبت بذلك حجيّة قول اللغوي مستقلا كما هو المدّعى، نعم الكلام في الأصل المذكور وجريانه في هذا المقام أو لا؟ كلام آخر يأتي، وعلى فرض الجريان لا ربط له بحجيّة قول اللغوي.

الوجه الثاني: مقدّمات انسداد باب العلم، وبيانه أنّ الاستنباط لا شكّ في كونه واجبا على المجتهدين، ولا شكّ في توقّفه على فهم الألفاظ الواقعة في الكتاب والسنّة، ولا طريق له سوى الرجوع إلى كتب اللغة، فلو لم يكن قول اللغوي حجّة يلزم تعطيل باب الاجتهاد؛ لانسداد باب العلم بمعاني الألفاظ.

والجواب أنّ المقدّمات المذكورة بين ما يمكن منعه، وبين ما لو سلّم صحّته فلا ينتج المدّعى، وبيان ذلك أنّ الملازمة بين الانسداد وعدم الحجيّة ممنوعة، فلنا أن نقول بعدم حجيّة قول اللغوي، ومع ذلك لا يلزم كون باب العلم بمداليل الألفاظ مسدودا، بل هو مفتوح؛ فإنّ من المعلوم إمكان تحصيل القطع في عامّة الألفاظ بدون الرجوع إلى اللغة والاستفسار من أهلها؛ فإنّ أحدا لا يشكّ في معنى «ضرب» وهكذا غيره إلّا ما شذّ وندر، ولا يلزم من إجراء الأصل في هذا الشاذ النادر محذور.

وأمّا مدرك هذا القطع فلا نحتاج إلى تشخيصه، ولا يضرّ كونه اتّفاق أهل اللغة؛ إذ لا منافاة بين عدم حجيّة الظنّ الحاصل من قول واحد واحد منهم، وبين حصول القطع من اجتماع الظنون الغير المعتبرة. وبالجملة، لا نحتاج في تشخيص معاني الألفاظ إلى الاستفسار من أهل اللغة في عامّة الألفاظ.

والحاصل: إن كان مقصود المستدلّ إثبات الحجيّة مع ملاحظة انسداد باب العلم بمعظم الأحكام وسائر مقدّمات دليل الانسداد فهذا منتج لحجيّة كلّ ظنّ فعلي، وقول اللغوي إذا حصل منه الظّن الفعلي يصير حجّة بملاك مطلق الظنّ وإن فرض انفتاح باب العلم باللغات في غير هذا المورد، والمقصود إثبات كونه ظنّا مخصوصا.

وإن كان المقصود إثباتها مع قطع النظر عن انسداد العلم بمعظم الأحكام بمعنى أنّ أخبار الثقات كانت حجّة وهي وافية بمعظم الفقه، ومعاني ألفاظها أيضا غالبا طريق العلم بها موجود ولا يحتاج إلى الرجوع إلى اللغوي ولا يلزم من عدم الرجوع إليه إلّا الانسداد في الشاذ النادر، فالقاعدة في هذا الشاذ النادر يقتضي الرجوع إلى الاصول العمليّة بعد انقطاع اليد عن العلم والعلمي وإن فرض انسداد باب العلم باللغات في غير الأحكام، ولا يقتضي مجرّد وجوب الاجتهاد على المجتهد حجيّة قول اللغوي في هذا المورد.

فإن قلت: نعم لا حاجة إليه بالنسبة إلى تشخيص أصل المعاني، وأمّا موارد الحاجة إلى قوله في تفصيل المعاني وتعيين الحال في المصاديق المشكوكة فأكثر من أن يحصى كما في ألفاظ الوطن والمفازة والتمر وغيرها.

قلت: الإنصاف عدم الحاجة رأسا في تعيين تفاصيل المعاني أيضا: ووجه ذلك أنّا نقطع بأنّه كما في لغة العرب لفظ الماء بإزاء المعنى الخاص كذلك في لغة الفرس لفظ (آب) موضوع له، وإذا خلط مقدار من التراب في مقدار من الماء بحيث حصل لنا الشكّ في صدق مفهوم (آب) فلا شكّ أنّ العرب أيضا في صدق الماء عليه متحيّر وشاكّ، فلا معنى لرجوع طائفة الفرس إلى طائفة العرب في تشخيص مصاديق المفاهيم بعد فرض عموم التحيّر وثبوت الشكّ في كلتا الطائفتين، بل المرجع ليس إلّا تخلية كلّ طائفة ذهنه واستفهام الحال من المخلّى بالذهن من هذه الطائفة لا استفهام العجمي من المخلّى بالذهن العربي.

وكذا الحال في سائر الألفاظ المشكوكة في سعة مفاهيمها وضيقها، فإنّ الوطن نقطع بأنّ مرادفه في الفارسيّة (جايگاه)، وكذا المفازة؛ فإنّها اسم للمهالك، سميّت‏ بالمفاوز تفؤّلا بالخير، فنقطع بأنّ بإزاء الصحاري المخوفة المهلكة اسما في الفارسيّة أيضا، ثمّ لو بقينا على الشكّ ولم يتّضح الحال بعد تخلية الذهن أيضا في نادر من المقامات فلا بأس بإجراء الأصل في هذا المقام، ولا يلزم ارتفاع الدين بالأصل كما هو إحدى مقدّمات الانسداد.

ثمّ لو سلّمنا تماميّة مقدّمات الانسداد فمقتضاها حجيّة كلّ ظنّ فعلي، ومن جملته الظنّ الحاصل من قول اللغوي، مثلا إذا قال اللغوي: الصعيد اسم لمطلق وجه الأرض فحصل الظنّ بصدقه فيحصل الظنّ قهرا بترتّب حكم الصعيد على الرمل والحصى، وأين هذا من المدّعى من اختصاص الحجيّة بخصوص الظنّ الحاصل من قول اللغوي.

وبالجملة، نتيجة مقدّمات الانسداد على فرض تسليمها مخالفة للمدّعى من جهتين، الاولى: أنّ نتيجتها حجيّة الظنّ الشخصي الفعلي والمدّعى هو الظنّ النوعي.

والثانية: أنّه لا اختصاص بحسب هذه المقدّمات بالظّن الناشي من قول اللغوي والمدّعى هو الاختصاص بهذا الظن.

والحاصل أنّ معنى الحجيّة صحّة الاعتذار، فلو تيمّم على الحصى مع إمكان التراب، فسأل اللّه عن ذلك يوم القيامة أمكن أن يجاب بأنّه: قد قال الجوهري مثلا بأنّ الصعيد أعمّ، فإن حصل الاطمئنان بحيث صحّ الجواب عند سؤال اللّه فهو معنى الحجّة، وإن لم يحصل هذا الاطمئنان والجزم فلا حجيّة.

والإنصاف عدم حصوله من هذه الأدلّة، فإذن فلا بدّ من الرجوع في كلّ مقام إلى الأصل المناسب به، ففي هذا المثال يرجع إلى الأصل الجاري في الأقلّ والأكثر، لكون الترديد بين مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب الخاص، فإن قلنا إنّه البراءة حكم بها، وإن قلنا إنّه الاشتغال حكم به.

بقي الكلام في أنّه هل يفيد ضمّ أصل عدم القرينة إلى قول اللغوي في تشخيص الظواهر أولا؟ فإنّه قد ذكرنا خبرويّته في تشخيص أصل موارد استعمال اللفظ في كلام العرب، فبعد تشخيص كون المعنى من موارد استعمال اللفظ بالرجوع‏ إلى اللغوي يرفع احتمال الاتكال إلى القرينة بأصالة عدمها، فيثبت بذلك كون المعنى حقيقيّا، فينفع ذلك للمواضع التي نجد اللفظ في كلام الشارع أو غيره بدون قرينة، فنحمله على هذا المعنى.

فنقول: قد تقدّم في بعض المباحث السابقة أنّ القدر المعلوم من العمل بهذا الأصل هو ما إذا كان الشكّ في المراد مع محرزيّة الموضوع له، مثلا لفظ الأسد الذي نعلم بأنّه موضوع للحيوان المفترس، ومجاز في الرجل الشجاع لو شككنا في أنّ المتكلم ب (جئني بأسد) هل أراد الأوّل أو الثاني، فعند هذا يجري الأصل لتشخيص المراد.

وما نحن فيه عكس هذا، فنعلم أنّ هذا المعنى مراد في استعمال العرب، والشكّ في المعنى الموضوع له، وهذا هو الذي وقع محلا للنزاع بين السيّد والمشهور، فذهب السيّد إلى أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة، وذهب المشهور في قباله إلى أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة، فلا يمكن الجزم لمكان هذا النزاع بحجيّة الأصل المذكور لإثبات الوضع في مقام الشكّ في الموضوع له مع إحراز المراد وإنّما الثابت حجيّته لإثبات الإرادة في مقام الشكّ في المراد مع إحراز الموضوع له، والظاهر أنّ من قبيل الثاني تشخيص مصداق العامّ بأصالة عدم التخصيص في ما إذا علم عدم حكم العام في موضوع وشكّ في أنّه داخل في أفراد العام حتّى يكون خروجه عن الحكم تخصيصا أو خارج حتى يكون تخصّصا.

وقد وقع في مواضع من مكاسب شيخنا المرتضى قدّس سرّه، مثلا لو قال: أكرم العلماء وعلم بأنّ زيدا لا يجب إكرامه، بل يحرم، ولكن لم يعلم أنّه عالم حتى يكون تخصيصا في العامّ، أو جاهل حتى يكون تخصّصا فيه.

فربّما يقال في هذا أيضا: أنّ الثابت جريان هذا الأصل في ما إذا كان الشكّ في الحكم بعد إحراز الموضوع، وهذا شكّ في الموضوع بعد إحراز الحكم، فإذا علم أنّ زيدا عالم يصحّ [إجراء] أصالة عدم التخصيص لإثبات وجوب إكرامه، وأمّا إذا علم أنّه محرّم الإكرام فلا يصحّ إجرائها لإثبات جهله.

ولكن يمكن أن يقال: إنّ الشكّ هنا يرجع بالأخرة إلى المراد الإجمالي من العام، فإنّه لو كان الزيد المحرّم الإكرام عالما يلزم أن يكون المراد الجدّي في أكرم العلماء بعض العلماء، وإن كان جاهلا يلزم أن يكون المراد الجدّي فيه تمامهم، فلا يعلم أنّه أراد بقوله: أكرم العلماء تمام العلماء أم بعضهم، ونشأ هذا من الشكّ في علم زيد وجهله مع العلم بحرمة إكرامه، فيصحّ إجراء الأصل لإثبات مراديّة التمام دون البعض، فيتشخّص بسببه الحال في زيد، فيستكشف عدم علمه وكونه جاهلا، فيكون حال هذا العام حال العام العلمي أو العقلي.

فكما لو علم بمضمون «كلّ عالم يجب إكرامه» وعلم أنّ زيدا لا يجب إكرامه، علم بعكس النقيض أنّه ليس بعالم، وكذا إذا حكم العقل بأنّ كلّ إنسان حيوان ناطق، فعلم بأنّ الجسم الخاص ليس بحيوان ناطق، علم بعكس النقيض أنّه ليس بإنسان، فكذا الحال في العامّ الغير العلمي والعقلي بضميمة الأصل المذكور، ويظهر الثمرة في ما إذا كان حكم مرتّبا على عنوان الجهال فيحكم بترتّب هذا الحكم على زيد، فإنّ المثبت من هذه الاصول أيضا حجّة.

وبالجملة، فالشكّ في هذا المقام راجع إلى الشكّ في المراد، وهذا بخلاف ما إذا علم أنّ المراد من لفظ الأسد مثلا الرجل الشجاع، ولكن لم يعلم أنّه موضوع لما يعمّ الرجل الشجاع، أو لمعنى يكون الرجل الشجاع معنى مجازيّا بالنسبة إليه، فإنّ الشكّ لا يرجع إلى مراد المتكلّم أصلا.

والحاصل أنّ محلّ إجراء الأصل اللفظي ما كان وظيفة المتكلّم تعيينه لو كان حاضرا وسئل عنه، ففي مقام علمنا بإرادته من الأسد، الحيوان المفترس قد فرغ من وظيفته من بيان المراد اللفظي والجدّي.

وأمّا فهم أنّ هذا المعنى معنى حقيقيّا فاللائق بهذا السؤال هو من كان خبرة من اللغوييّن في هذا المقام بخلاف الحال في العام، فإنّه وإن لم يكن للمكلّف تحيّر في مقام العمل لعلمه بحرمة إكرام زيد، لكن له حقّ فهم مراد المتكلّم لينتفع به في مقام آخر، وهذا من شأنه بيانه بحيث لو كان حاضرا وسئل عنه لكان سؤالا راجعا بحيث متكلميّته؛ لأنّه سؤال عن إرادته الجدّية وأنّها متعلّقة بتمام أفراد العالم أو ببعضها بعد ما فرغ اللغوي الخبرة عن بيان ما هو وظيفته بعكس اللفظ المشكوك كون مورد استعماله حقيقيّا أو مجازيّا، فإنّه قد فرغ من إرادة المتكلّم بحسب اللفظ وبحسب الجدّ وبقي ما هو وظيفة اللغوي الخبرة.

وبعبارة اخرى هنا مرحلتان، الاولى: أنّ المعنى بعد انفهامه من اللفظ وكونه تحت الإرادتين يبحث عن كيفيّة انفهامه وأنّه كان بالوضع أو بمعونة القرينة، والثانية: أنّ المعنى المنفهم بأيّ كيفيّة كان من الوضع أو القرينة هل وقع تحت الإرادة اللفظيّة أو الجدّيّة، ولو فرض أنّ المراد بحسب نفس الأمر كان معلوما، ولكن فرق بين المراد الجدّي بحسب نفس الأمر والمراد الجدّي في مفهوم اللفظ.

فإن قلت: على ما ذكرت يلزم جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة في ما إذا كان بينه وبين المخصّص عموم من وجه، مثل قوله: أكرم العلماء، وقوله: لا تكرم الفسّاق، فإنّه إذا شكّ في كون زيد العالم مثلا فاسقا: الشكّ في المراد الجدّي من أكرم العلماء بالتقريب المتقدّم وأصالة عدم التخصيص ينفي احتمال التخصيص، وحيث إنّ هذا الأصل في اللوازم أيضا حجّة نأخذ بلازمه وهو عدم كون الزيد فاسقا ولا حاجة إلى قيد احتمال استقصاء حال الأفراد من المتكلّم كما قيّدته سابقا؛ إذ صورتا وجوده وعدمه متساويتان في الملاك الذي ذكرته هنا.

قلت: نعم كلّ ما ذكرنا في هذه المسألة أعني مسألة دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص لترجيح الثاني على الأوّل جار بعينه في تلك المسألة، ولكن قيد احتمال الاستقصاء محتاج إليه في كلتا المسألتين، فلو قال: أكرم العلماء، ثمّ قال: أهن زيدا وشككنا في كونه عالما أو جاهلا وعلمنا بكون المتكلّم أيضا مثلنا في عدم العلم بحاله فإنّه لا شبهة في عدم جريان الأصل من رأس، لا أنّه جار ولا يثبت اللازم، فإنّ الأصل المذكور يكون جاريا في مقام صحّ السؤال عن المتكلّم لو كان حاضرا، ففي مورد احتمال الفحص والاستقصاء يجري الأصل ويصحّ السؤال، ومع عدمه العدم من غير فرق بين المسألتين، ومن هنا يعرف أنّ الشبهة المراديّة بالطريق الذي ذكرنا ليست موردا للأصل على وجه الكليّة.

فتحصّل أنّ التمسّك بأصالة عدم القرينة لإثبات الوضع مع معلوميّة المراد غير جائز وإن قلنا بجواز التمسّك بأصالة عدم التخصيص لإثبات خروج الموضوع عن تحت العام مع معلوميّة حكمه مخالفا لحكم العام.

_______________

(1) والحاصل: قد يحصل للإنسان بعد مراجعة كتب اللغة الاطمئنان بالمعنى فهذا في الحقيقة اعتماد على الاطمئنان، والمدّعى من حجيته في المقام هو الاعتماد على قوله ولو لم يورث ظنا أصلا، بل ولو حصل على خلافه نظير الحجيّة في الظواهر وقول البيّنة، فالمقصود منها صحة الاحتجاج بين العبد والمولى وإن كان السر هو الكشف النوعي وحصول الظنّ منه نوعا. منه قدّس سرّه الشريف

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.