المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Bacteriocins Leuconostoc
21-11-2018
موعد زراعة العصفر
27-11-2019
لماذا أصبح العامُ الهجريُ مبدأ للتاريخ؟
4-5-2017
اشتراط الزاد في وجوب الحجّ.
14-4-2016
معيار أفضلية الانسان
2024-10-10
اختصاص رئيس الدولة في تعيين أعضاء الحكومة واقالتهم.
2-4-2017


إستصحاب الزمان والزماني‏  
  
1131   09:53 صباحاً   التاريخ: 16-5-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏2، ص: 626
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016 1029
التاريخ: 22-5-2020 1338
التاريخ: 22-5-2020 889
التاريخ: 18-5-2020 1068

في جريان الاستصحاب في الزمان والزماني، وجامعهما الامور التدريجيّة الغير القارّة التي يتجدّد شيئا فشيئا، التي يقال لها بالفارسيّة: «دارد موجود مى‏شود» وفي المقيّد بأحدهما.

 

ومجمل الكلام في المقام أنّ الموضوع للحكم تارة يكون الحركة التوسطيّة التي هي عبارة عن كون الجسم بين المبدا والمنتهى بدون تعيين محلّ له إلّا كونه بين الحدّين، وهذا المعنى أمر خارجي واقعي له الحدوث وله البقاء والاستمرار.

وحينئذ لا إشكال في تحقّق أركان الاستصحاب سواء في الزمان أو الزماني، أو المقيّد بأحدهما حتّى على القول باحتياجنا في باب الاستصحاب إلى تعلّق الشكّ بعنوان البقاء؛ لأنّك عرفت أنّ البينيّة أمر ذو بقاء بالحقيقة والدقّة.

واخرى تكون الحركة القطعيّة وهي المحدودة بالحدود الفرضيّة الخياليّة الوهميّة في ما بين المبدا والمنتهى بدون واقعيّة لتلك الحدود، وإلّا يلزم كون الغير المتناهي محصورا بين حاصرين، فإنّ الحدود الفرضيّة غير متناهية بعد بطلان الجزء الغير المتجزّى، فكلّ جزء ولو بلغ التقسيم إلى ما لا نهاية له قابل للانقسام والتحديد والتجزئة، فلو كان الحدود واقعيّات وخارجيات لزم ما ذكرنا.

بل هي صرف التخيّل، وينتزع الحركة القطعيّة من هذه الحدود الموهومة، فيتخيّل أمر ممتدّ متّصل مركّب من هذه الحدود الفرضيّة، وهذا المعنى كما ترى ليس له بقاء، بل أبدا يكون في الحدوث والتجدّد، ولهذا يقال بالفارسيّة: «دارد هست مى‏شود» ولكنّه وجود واحد بالوحدة الشخصيّة الحقيقيّة بالدقّة العقليّة، لما ذكرنا من لزوم محصوريّة غير المتناهي بين الحاصرين لو فرض التعدّد.

نعم بالمسامحة العرفيّة يصحّ إطلاق البقاء، بأن يلاحظ ذلك الأمر الطولاني الغير المتحقّق في كلّ آن إلّا جزئه، ثمّ ينعدم ويتحقّق جزئه الآخر، كأنّ مجموعه من البداءة إلى النهاية قد تحقّق أوّل جزء منه، ولهذا يقال: تحقّق الليل بمحض الغروب، وفي الفارسيّة: «شب شد» ومع ذلك يطلقون النصف، فيقولون: انتصف الليل.

فالتعبير بالانتصاف بملاحظة الواقع، والتعبير بالتحقّق مبنيّ على المسامحة التي ذكرنا، فباعتبار هذه المسامحة يصحّ إطلاق البقاء وإن كان ليس مظروفا للزمان، بل هو نفسه الزمان، فإنّه من قبيل: مضى الزمان، وعلم اللّه، فليس في حاقّ البقاء والمضيّ عناية الزمان، ولهذا صحّ إطلاقهما بلا عناية على نفس الزمان وعلى المجرّدات في المثالين.

وكيف كان ففي هذا القسم لا يتحقّق أركان الاستصحاب إن اعتبرنا في الاستصحاب تعلّق الشك بعنوان البقاء كما اعتبروه في تعريفه إلّا على المسامحة المذكورة، وإن لم نعتبره كما هو الحقّ فالوحدة الشخصيّة هنا متحقّقة بالدقّة العقليّة بلا حاجة إلى المسامحة أصلا، ولكنّ تحقّق اليقين والشكّ بهذا الأمر المحدود محتاج إلى المسامحة، وإلّا فلا يفرض اليقين به إلّا بعد تحقّق جزئه الأخير، ومعه نقطع بارتفاعه ولا نشكّ في بقائه.

والوجهان كما ترى مشتركان في الجريان بين الزمان والزماني أعني الامور التدريجيّة غير الزمان مثل التكلّم والمشي والحركة ونبع الماء وسيلان دم الحيض ونحوها، والمقيّد بأحد الأمرين كما لو رتّب أثر على قيام زيد في النهار فشككنا في النهار أو في قيامه.

فإنّ الوجهين جاريان في التكلّم وأمثاله كما في الزمان، غاية الأمر نقول في الزمان: إنّ التوسّط عبارة عن كون الشمس بين المشرق والمغرب فوق الأرض في النهار، وكونها بينهما تحتها في الليل، والقطعية عبارة عن حركتها المحدودة بحدود المسافة، وفي التكلّم مثلا نقول: التوسّط عبارة عن كون الكلام والأصوات والحروف بين المبدا والمنتهى، والقطع عبارة عن الأصوات المحدودة المتّصلة المعدودة شيئا واحدا، وهكذا قياس البواقي.

وعلى هذا فلو ترتّب على وجود النهار وجوب التصدّق بدرهم بنذر ونحوه أو على وجود تكلّم زيد متّصلا إلى ساعة مثلا، أو على قيامه في النهار، فشكّ في الاول في انقضاء النهار ودخول الليل وعدمه، وفي الثاني في انقضاء التكلّم قبل الساعة، وفي الثالث في وجود النهار مع القطع بقيامه على تقدير الوجود أو في قيامه مع القطع بالوجود، فلا إشكال في الاستصحاب في الجميع بناء على جميع المباني في الاستصحاب، بدون حاجة إلى المسامحة العرفيّة لو اخذ النهار والتكلّم على معنى الحركة التوسطيّة موضوعا للأثر.

كما أنّه لو أخذ على المعنى الآخر فالاحتياج ثابت على جميع المباني، كما يتّضح وجهه من البيان السابق.

نعم هنا استصحاب آخر في المقيّد بالزمان وهو الاستصحاب الحكمي بعد القطع بتحقّق انقضاء زمانه وعدم الشكّ الموضوعي في البين، وهذا الاستصحاب لا وجه لتوهّم جريانه بعد فرض أخذ الزمان قيدا للواجب، كما هو المفروض، لا ظرفا للوجوب، فإنّ وجوب المقيّد مقطوع وليس بمشكوك حتّى يستصحب، فضلا عن أن ينتفع به لإثبات الوجوب في المقيّد بالزمان المتأخّر، كما لو كان الجلوس إلى النهار واجبا وشككنا في وجوبه في الليل، فإنّ استصحاب وجوب المقيّد بالنهار غير جار أوّلا، وغير نافع بحال وجوبه في الليل ثانيا.

نعم يمكن أن ينتزع مهملة وجوب مضافة إلى مهملة جلوس، فيقال: هذه المهملة المتعلّقة بتلك المهملة كانت مقطوعة في النهار ونشكّ فيها في الليل، فيكون مستصحبة، ومن استشكل فيه، ولكنّه من استصحاب القسم الثالث من الكلّي كشيخنا المرتضى قدّس سرّه لا بدّ أن يستشكل فيه، نعم لا غبار عليه على المختار من جريانه.

وربّما يتخيّل أنّ الحركة القطعيّة أمر خيالي كالشعلة الجوّالة لا واقعية لها، وليس كما يتخيّل، فإنّ الشعلة الجوّالة يخفى عن الحسّ انفصال الأجزاء، فلهذا يتخيّل الدائرة المتّصلة، وأمّا المقام فليس رأس الأمر المستطيل الممتدّ من مبدإ الحركة إلى منتهاها وآخره مجتمعين في الحسّ المشترك حتّى يتشكّل مثل تلك الدائرة شي‏ء متّصل في الخيال.

فالحقّ الذي نتصوّره أنّ هنا أمرين واقعيين، أحدهما موجود خارجي وهو كون الجسم بين المبدا والمنتهى الذي هو الحركة التّوسطيّة، والآخر أمر واقعي يتحصّل من عدمين، عدم الحركة الثابت قبل المبدا، وعدمها الثابت بعد المنتهى، مثل شروع الطائر في الطيران من محلّ ونزوله في محلّ، والفرق بينه وبين الخطّ أنّ الخطّ قد حواه بجميع أجزائه زمان واحد، ولكنّه منبسط الأجزاء على أجزاء الزمان، فلو اجتمع شتاته أيضا لصار خطّا واقعيّا، لا خياليّا، والمقصود حساب الواقع، ولسنا بصدد بيان مراد اصطلاح أهل المعقول.

وعلى كلّ حال ففي الحركة القطعيّة لا يمكن حصول القطع والشكّ بواسطة انبساط أجزائه على أجزاء الزمان، فهو أمر آنيّ الحصول، وليس كالخطّ موجودا بوجود استقراري حتى يتعلّق به اليقين والشكّ باعتبار زمانين، سواء قلنا: إنّ المعتبر في الاستصحاب هو الشكّ في البقاء، أم قلنا: يكفي الشكّ في عين ما قطع به، كما أنّه يمكن إجراء الاستصحاب بناء على المسامحة المتقدّمة على كلا المذاقين، هذا.

ولكنّ العمدة في المقام التي صارت معضلة وعويصة غامضة فيه فهم مرام شيخنا الأعظم الأجلّ المرتضى أعلى اللّه مقامه في هذا الموضوع من رسائله، فإنّه قدّس سرّه أوّلا قسّم المستصحب في هذا الموضع إلى ثلاثة أقسام: الزمان والزماني والمقيّد بالزمان وقال: لمّا كان المعتبر في الاستصحاب هو الشكّ في البقاء وهو وجود ما كان موجودا في الزمان الأوّل في اللاحق، وهو غير معقول في الأقسام الثلاثة، فلا مجرى له فيها، نعم يظهر من كلمات جماعة جريانه في الزمان، ولو فرض إمكان جريانه فيه لكان جاريا في القسمين الآخرين بطريق أولى.

ثمّ صار بصدد تحقيق المقام، فقال في القسم الأوّل ما محصّله أنّه لا يعقل له البقاء حقيقة وبلا تجوّز وعناية، نعم مبنيّا على المسامحة والتنزيل بأن ينزّل مثلا وجود الجزء الأوّل من الليل منزلة وجود كلّه، وينزّل وجود الأجزاء الباقية منزلة بقائه، صحّ اعتبار اليقين والشكّ وإجراء الاستصحاب في الليل مثلا بهذه الملاحظة عند الشكّ في انقضائه، ولكنّه لا ينفع لتطبيق عنوان الليل على الجزء المشكوك فيه لو كان المطلوب ذلك، نعم في نفسه لا مانع منه بعد المسامحة المذكورة.

ومثل ذلك قال في القسم الثاني إلى أن انتهى إلى القسم الثالث فقال فيه: ينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه، هذا محصّل موضع الإشكال من كلامه قدّس سرّه.

أمّا بيان الإشكال فهو أنّ المراد من القسم الثالث الذي هو المقيّد بالزمان الذي جعله في أوّل الكلام موردا للاستصحاب بطريق أولى لو فرض جريانه في الزمان، وفي ذيل الكلام جعله ممّا ينبغي القطع بعدم الجريان فيه غير معلوم، فإنّ الأنحاء المتصوّرة في مراده قدّس سرّه لا يتمّ في شي‏ء منها هذان المطلبان، أعني الأولويّة والجزم بالعدم.

فإنّه إمّا يقال بأنّ مراده الموضوع المقيّد إذا شكّ في انقضاء زمانه الذي هو قيده، مثل ما لو تعلّق الوجوب بالجلوس المقيّد بالنهار، فشكّ في انقضاء النهار، وهذا عين القسم الأوّل وليس مغايرا له أصلا، فضلا عن أن يكون جريان الاستصحاب فيه بطريق أولى، ولا أن يكون العدم فيه مقطوعا.

وإمّا يقال: إنّ مراده الحكم ومطلق الأمر المجعول الشرعي المقيّد بالزمان إذا شكّ في حصول ذلك الأمر المجعول بعد ذلك الزمان بدون شكّ في الخارج في انقضاء ذلك الزمان، وهذا يتصوّر له صور.

الاولى: أن يفرض مثلا أنّ خطاب الصوم توجّه إلى المكلّف في يوم الجمعة بنحو يكون يوم الجمعة ظرفا للخطاب، لا عنوانا وقيدا له، ثمّ شكّ في يوم السبت في وجود الصوم وعدمه، وهذا لا إشكال في جريان الاستصحاب فيه.

والثانية: أن يفرض يوم الجمعة في المثال عنوانا وقيدا للخطاب، ولكنّا نحتمل تعدّد المطلوب بأن يكون الصوم المطلق أيضا مطلوبا مع القيد، ففي السبت يبقي المطلق وإن انتفى المقيّد، وهذا أيضا يجري فيه استصحاب القسم الثالث من أقسام الكلّي على النحو الذي لا يستشكل فيه شيخنا العلّامة المرتضى قدّس سرّه، وهو أن يكون مع الفرد المقطوع وجود فرد مقارن محتملا.

والثالثة: أن يفرض قيدا وبنحو وحدة المطلوب، ولكن يحتمل وجود ملاك‏ آخر خاص بالمقيّد بيوم السبت، وهذا لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه، أعني استصحاب الوجود، بل الجاري، فيه استصحاب عدم الوجوب المتعلّق بصوم السبت، ولكن كيف يتمّ فيه أولويّة الجريان على تقدير الجريان في نفس الزمان.

الرابعة: أن يعلم بالوجوب مثلا وكونه مقيّدا بالزمان، ولكن دار الأمر بين كون الزمان الذي قيده هو النهار مثلا، أو مجموع النهار والليلة، وهذا أيضا له شبهة في جريان الاستصحاب فيه.

فهذه خمسة أنحاء، وقد عرفت عدم مباينة الأوّل منها مع نفس الزمان، والبقيّة لا يتمّ في شي‏ء منها كلا الأمرين الذين أثبتهما الشيخ العلّامة أعلى اللّه مقامه.

هذا حاصل الإشكال على ما استفدته من بحث شيخي الأجلّ أدام اللّه علينا وعلى المحصّلين بركات أنفاسه الشريفة.

ويختلج بخاطر هذا القاصر في مقام التفصّي عن هذه العويصة أنّ مراد شيخنا العلّامة أعلى اللّه مقامه هو الحكم المقيّد بالزمان، لكن تقييد الحكم إذا كان هو الطلب بل مطلقا لا يمكن إلّا بتقييد متعلّقة على ما اختاره قدّس سرّه في بحث الواجب المشروط، فلو تعلّق في صورة العبارة بالطلب أيضا فهو لا محالة راجع إلى المطلق، لكن بعد تقييد المطلق لا محالة يصير الطلب مقيّدا بتبعه، مثلا لو قال:

مطلوبي هو الجلوس المقيّد بالنهار، فلا محالة يصير الطلب مقيّدا بالنهار.

وحينئذ فتقريب القطع بعدم جريان الاستصحاب أعني استصحاب الوجود لو احتمل وجود الملاك في المقيّد الآخر، وفرض عدم دليل في البين يرتفع به الشكّ واضح، كما أنّ الفرق بين صورة التقييد وصورة الظرفيّة والمظروفيّة بجواز استصحاب الوجود في الثانية أيضا لا يكاد يخفي.

وأمّا تقريب أنّه كيف يكون حال استصحاب الوجود في صورة التقيّد أولى وأسهل من الاستصحاب في نفس الزمان، فهو أنّ مراده قدّس سرّه أنّه لو فرض محالا تصوّر البقاء في نفس الزمان، وقلنا بجريان الاستصحاب فيه على حسب الدقّة مع كونه متمحّضا في التدرّج ومأخوذيّة التدرّج في حاقّ ذاته، ففي الأمر الذي يكون التدريج فيه عرضيّا وبواسطة الزمان- وإلّا ففي ذاته لا تدرّج فيه مع قطع النظر عن الزمان، كالتكلّم والوجوب المقيّد بالزمان- يكون جاريا بطريق أولى.

وينادي بأنّ مراده قدّس سرّه ما ذكرنا من استصحاب الحكم المقيّد امور، الأوّل: ما أشار إلى سبق التكلّم فيه من الاستشكال في استصحاب الأحكام التكليفيّة، فراجع محلّه في كلامه، وهو في ذيل بحثه على تفصيل الفاضل التوني قدّس سرّه.

والثاني: تفريعه البحث مع المحقّق النراقى قدّس سرّه على هذا المقام.

والثالث: ذكره في طيّ الجواب عن إشكال المحقّق المذكور- في مواضع- ما يدلّ على ذلك، منها: قوله قدّس سرّه: الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيدا له أو لمتعلّقه، بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيّد بكونه إلى الزوال شيئا، والمقيّد بكونه بعد الزوال شيئا آخر متعلّقا للوجوب، فلا مجال لاستصحاب الوجوب، للقطع بارتفاع ما علم وجوده، والشكّ في حدوث ما عداه، ولذا لا يجوز الاستصحاب في مثل «صم يوم الخميس» إذا شكّ في وجوب صوم يوم الجمعة.

ومنها: قوله قدّس سرّه: الموجود في الزمان الأوّل إن لوحظ مغايرا من حيث القيود المأخوذة فيه للموجود الثاني، فيكون الموجود الثاني حادثا مغايرا للحادث الأوّل، فلا مجال لاستصحاب الوجود؛ إذ لا يتصوّر البقاء لذلك الموجود بعد فرض كون الزمان الأوّل من مقوّماته.

ومنها: قوله قدّس سرّه: وإن اخذ قيدا له «يعني الزمان للشي‏ء» فلا يجري الّا استصحاب العدم؛ لأنّ انتقاض عدم الوجود المقيّد لا يستلزم انتقاض المطلق، والأصل عدم الانتقاض، كما إذا ثبت وجوب صوم يوم الجمعة ولم يثبت غيره، انتهى.

وقد أشار قدّس سرّه إلى عدم جريان الاستصحاب في الحكم المقيّد في خيارات المكاسب عند البحث عن كون خيار الغبن على الفور أو على التراخي، حيث قسّم اعتبار الزمان على قسمين: كونه مكثّرا لأفراد العام، وكونه ظرفا لها، فعلى الأوّل صرّح بالرجوع إلى العامّ، بل لو لم يكن عام لما يرجع إلى استصحاب حكم الخاص، ووجهه هو ما فصّله في هذا المقام.

وبالجملة، لا يكاد يشكّ أحد في كون مراده قدّس سرّه من القسم الثالث هو ما ذكرنا، الذي هو الوجه الرابع من الوجوه المتقدّمة، دون الوجوه الأربعة الأخر؛ إذ لا يلائم أحد منها مع ما نقلناه من عبارته، كما هو أوضح من أن يخفى، فراجع.

تنبيه: [في ما إذا شككنا في امتداد وجوب فعل إلى أمد أو إلى أزيد منه ولم يكن في الدليل إطلاق زماني‏]

وقع بين إمامي الفنّ الاستاد المحقّق النراقي والاستاد المحقّق المرتضى الأنصاري أعلى اللّه مقامهما تشاجر في هذه المسألة في ما إذا شككنا في امتداد وجوب فعل إلى أمد أو إلى أزيد منه ولم يكن في الدليل إطلاق زماني، فذهب الأوّل إلى أنّ استصحاب بقاء ذلك الوجوب إلى ما بعد ذلك الأمد معارض باستصحاب عدم وجوب الفعل مقيّدا بالزمان المتأخّر.

مثلا لو وجب علينا الجلوس في ظرف الزمان بحيث لم يلاحظ تقطيعه بقطعات الأزمان، بل لوحظ شي‏ء مستمرّ باستمرار الزمان، ولكن شككنا في العشاء مثلا أنّه يمتدّ إلى هذا الحين أولا، فاستصحاب الامتداد إليه معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس الخاص بخصوصيّة كونه في العشاء.

لا يقال: لا معارضة في البين؛ لأنّ الأوّل مثبت للوجوب في الجلوس بما هو جلوس مع قطع النظر عن الخصوصيّة الآتية من قبل الزمان، والثاني ناف له بملاحظة الخصوصيّة الزمانيّة، ولا منافاة بين الأمرين أصلا.

لأنّا نقول: نعم لو كان الحكم متعلّقا بصرف وجود الجلوس، ولو كان في سنة بعد الخطاب كان الأمر كما ذكرت من عدم المنافاة، ولكنّ الأمر ليس على هذا النحو، بمعنى أنّ زمان الخطاب بعينه هو زمان الفعل، ففي الحقيقة الطلب يوجّه نحو الفعل المقيّد بكونه في هذا الزمان، وهذا بديهيّ المنافاة مع الرخصة في ترك المقيّد الذي معناها أنّه مرخّص في تركه رأسا، وهو مع وجوب الفعل ممّا لا يجتمعان، وليس معنى الرخصة رفع البأس من حيث الخصوصيّة حتى لا ينافي مع وجوده من حيث الذات، بل معناها رفعه عنه بشر اشره، وهو مع الخطاب الفعلي الحالي نحو الفعل ممّا لا يجتمعان، هذه غاية تقريب مرام المحقّق النراقي أعلى اللّه مقامه الشريف.

وأمّا شيخنا الأجلّ العلّامة الأنصاري عليه رضوان اللّه الملك الباري، فذهب إلى عدم المعارضة بتقريب أنّه إذا كان لسان الدليل الدالّ على الحكم في الزمان الأوّل حسب ما فرض اعتبار الزمان ظرفا، فلا يجري إلّا استصحاب الوجود، كما أنّه لو فرض أنّ لسانه تقطيعه الحكم بحسب قطعات الزمان كان الجاري استصحاب العدم فقط، وهذا بظاهره مخدوش بأنّ إجراء الاستصحاب في جانب العدم غير دائر مدار لسان الدليل في طرف الوجود، فإنّه وإن فرض أنّ لسانه اعتبار ظرفيّة الزمان، لكن لنا اعتبار الزمان المتأخّر قيدا في الفعل، ويكون هو موضوعا مستقلّا متعلقا لليقين والشكّ باعتبار سبقه بعدم جعل الحكم فيه من الأزل، والشكّ في انقطاع سلسلة العدم الأزلي فيه وتبدّله بالوجود أو لا، فيجري فيه دليل الاستصحاب ويعارض استصحاب الوجود بالتقريب المتقدّم.

كما أنّه على تقدير اعتبار قيديّة الزمان فى لسان الدليل يمكن إجراء استصحاب الوجود على مذاق من يقول بجريان استصحاب المهملة عن الخصوصيّات في ما إذا قطع بزوال خاص وشكّ في حدوث خاص آخر مقارنا لزواله، فيعارض هذا الاستصحاب أيضا مع استصحاب عدم الخاصّ المتأخّر بالتقريب المتقدم نعم هذا الإشكال غير وارد على مذاقه حيث لم يقل بجريان الاستصحاب في المهملة في الصورة المذكورة، هذا ما يورد على ظاهر عبارته.

ولكن وجّه مرامه شيخنا الاستاد العلّامة أدام اللّه علينا أيّامه في مجلس بحثه الشريف بإمكان أن يكون نظر شيخنا أعلى اللّه مقامه إلى أنّ الاستصحابين وإن كانا في حدّ ذاتهما جاريين في صورة اعتبار الزمان في لسان الدليل ظرفا، والجلوس شيئا واحدا يمرّ عليه الزمان، إلّا أنّ استصحاب امتداد حكم الوجوب إلى زمان الشكّ يرفع بلسانه الشكّ عن وجوب الجلوسات الخاصّة بخصوصيّات الأزمان التي منها هذا الجلوس الخاصّ العشائي مثلا.

و ذلك لأنّه لو فرض بحسب موطن الثبوت أنّ حكم الوجوب كان متعلّقا بالجلوس المطلق الممتدّ من حيث الزمان، فلا محالة يسري منه الوجوب إلى‏ الجلوسات الخاصّة بتبع ذلك الجلوس العامّ الذي هو القدر المشترك بينها، والمفروض انحصار شكّنا في وجوب الجلوس الخاصّ في سراية الوجوب إليه من ناحية المطلق أو لا، ولا يحتمل أن يكون واجبا بوجوب مستقلّ آخر، ولو فرض كونه محتملا كان منفيّا بحكم الاستصحاب بلا معارض، فالشكّ ممحّض فى وجوبه من جهة السراية المذكورة والعدم.

وحينئذ فالاستصحاب المثبت لامتداد الوجوب في موضوع الجلوس المطلق رافع للشكّ بلسانه بالنسبة إلى وجوب الجلوس المقيّد، فإنّ السراية المذكورة ثابتة للحكم الأعمّ من الظاهري والواقعي، ولا عكس.

فاستصحاب عدم الوجوب للمقيّد لا ينفي الامتداد في المطلق بلسانه الاولى، بل بالملازمة، وهي وإن كانت ثابتة أيضا للأعمّ من الظاهري والواقعي- حيث إنّ عدم الوجوب للمقيّد لا يجامع مع امتداد الوجوب للمطلق لا في الظاهر ولا في الواقع- إلّا أنّه لا فرق بين الانتقال من حكم إلى حكم آخر بواسطة الملازمة، وبين إثبات الملزوم الذي لازمه شي‏ء، وخصوصا كان ذلك اللازم أيضا حكما شرعيّا كما في المقام، حيث إنّ حكمه بأنّ الجلوس واجب حالا، يئول إلى أنّ الجلوس الحالي واجب.

وأمّا الحكم بأنّ الجلوس الحالي غير واجب فليس لسانه أنّ الامتداد في حكم مطلق الجلوس غير ثابت، بل هو ممّا يحكم به العقل بعد ملاحظة عدم إمكان الجمع بين الأمرين، لا نقول: إنّ حكم الوجوب في المطلق عين الوجوب في المقيّد، كيف ويمكن في حقّ غير الشارع أن لا يخطر الثاني بباله حين إنشاء الأوّل، بل نقول: إنّ الحكم الأوّل متضمّن للثاني بنحو الإجمال، فالأصل الذي مفاده الحكم الأوّل يكون رافعا للتحيّر عن مرحلة واقع تلك الأحكام الجزئيّة، لا عن موضوع شكّها، كما يأتي مزيد توضيحه في المبحث الآتي إن شاء اللّه تعالى.

وإن شئت التعبير بالفارسيّة قلت: «حكم أوّل سايه مى‏اندازد بر أحكام جزئيّة وسايه‏اش آنها را فرا مى‏گيرد» وهذا بخلاف العكس؛ فإنّه لا يرتفع تحيّرنا في الواقع بواسطة أصالة عدم وجوب المقيّد بالنسبة إلى حكم امتداد المطلق.

نعم الذي يثبت أنّ الجاعل الذي جعل الاستصحاب الأوّل في مرحلة الظاهر والشكّ، لا يجعل الاستصحاب الثاني أيضا في هذه المرحلة، ويجي‏ء إن شاء اللّه تعالى مزيد توضيح في الاستصحاب التعليقي.

ثمّ هذا كلّه هو الكلام في صورة ظرفيّة الزمان للحكم، كما استظهر شيخنا الاستاد دام بقاه كونها مورد كلام المحقّق النراقي.

وأمّا الصورة الاخرى فعلى ما تقدّم في محلّه من جريان الاستصحاب في المهملة عن القيود لتحقّق اليقين والشكّ بالشي‏ء الواحد حقيقة كان اللازم جريانه في المقام، ومعارضته مع استصحاب العدم في المقيّد المتأخّر.

نعم الذي يزيده مقامنا على سائر المقامات أنّه يحتاج إلى انتزاع المهملة عن شيئين، أحدهما عن الموضوع وهو الجلوسات المقيّدة، فينتزع منها أصل الجلوس، والثاني عن الحكم وهو الأحكام الجزئيّة فينتزع منها أصل الوجوب المتعلّق بأصل الجلوس، وهذا هو الذي قلنا بأنّه متيقّن في باب الأقلّ والأكثر الارتباطيين.

وكيف كان فقد يقال: إنّ استصحاب جامع الموضوع حيث إنّه جعل الأثر لا مانع منه، وأمّا استصحاب جامع الحكم فحيث إنّه جعل نفس ذلك الجامع فلا يعقل، لكنّه مع إمكان دفعه- بأنّه غير قابل للجعل المستقلّ، وأمّا الجعل بتبع جعل الجزئي فقابل، فهو نظير استصحاب الجزئيّة- فيه أنّه مبنيّ على الالتزام بلزوم رجوع الاستصحاب إلى أحد الجعلين، إمّا جعل مماثل أثر الموضوع المستصحب، وإمّا جعل مماثل الحكم المستصحب.

ولكنّا قلنا في محلّه: أنّا لا نفهم من قوله عليه السلام: لا تنقض اليقين الخ إلّا أنّ كلّ مورد كان عمل مربوط بالشرع والآن نشكّ في بقائه، فالشرع يحكم بإبقاء ذلك العمل وعدم نقضه بواسطة الشكّ؛ فإن تحقّق بواسطة ذلك جعل مماثل فهو، وإلّا فلا مانع من إجرائه بعد تحقّق موضوعه، وفي مقامنا أيضا نشكّ في بقاء العمل الذي كان لمهملة الوجوب في مهملة الجلوس، فيحكم بعدم جواز نقضه، وهذا معناه إيجاب جزئي في مهملة الجلوس، ولا بأس به بعد مساعدة الدليل.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.