المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8200 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

استحباب الجماعة للعراة.
11-1-2016
الكمون Cuminum cyminum L.
1-8-2022
معادلة المرآة
11-1-2016
صبر عقيلة الهاشميين
9-10-2017
التأثير المتبادل للنقل والنشاط الاقتصادي
2024-06-26
هاملتون ،السير وليم روان
6-12-2015


إستصحاب الزمان والزماني والمقيّد بالزمان  
  
1059   11:47 صباحاً   التاريخ: 14-5-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏2، ص: 536
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /

إعلم أنّه لا شبهة في ما إذا قطع بوجود السير والحركة المبتدئة من مكان كذا مثلا إلى مكان كذا، وشكّ في وصولها إلى غايتها وعدمه، وبعبارة اخرى: شكّ في أنّ الفاعل أعطاها الحدّ أولا، فهناك قضيّتان، متيقّنة ومشكوكة متّحدتان؛ لأنّ متعلّق اليقين والشكّ أمر واحد شخصي وهو وجود الحركة، ولا شبهة أنّ هذه الحركة المتوسّطة بين الحدّين- ما لم يعرضها حدّ- واحد شخصي بالدقّة وعند العرف.

 

أمّا الثاني فواضح، وأمّا الأوّل فلأنّه لو كان هنا وجودات متلاصقة يلزم الانتهاء إلى الجزء الذي لا يتجزّى، أو الانتهاء إلى ما لا يتناهى، فينحصر الأمر في أنّ هنا حدّا واحدا خارجيّا، نعم يفرض له حدود كثيرة غير متناهية، لكن لا واقعيّة لها غير الفرض.

وبالجملة، لا شبهة في وحدة القضيتين، وبعد ذلك فإن شئت سمّ الشروع حدوثا وما بعدها بقاء، وإن شئت فسمّ التمام حدوثا وقل: إنّه أمر واحد يحدث شيئا فشيئا وعلى التدريج.

كما أنّه لا شبهة في أنّه لو كان موضوع الأثر قطعة خاصّة من الحركة محدودة بالحدّين فلا يفرض فيه القطع بالحدوث والشكّ في البقاء عقلا؛ لأنّه أمر آنيّ الحصول؛ إذ ما لم يحرز الجزء الأخير منه لا نقطع بالحدوث، وإذا احرز لا يمكن الشكّ في البقاء؛ لأنّه مقرون بالقطع بالارتفاع.

ثمّ الزمان كلّه من هذا القبيل؛ فإنّ أقسامه من الدقيقة والساعة ونصف الساعة والنهار والليل، إلى غير ذلك أسام لقطعات خاصّة محدودة بحدود معيّنة من حركة الفلك، نعم هذا القسم المسمّى بالحركة القطعيّة مع الأوّل المسمّى بالتوسّطية كلاهما يجريان في الزماني، مثل حركة زيد، كما هو واضح، هذا بحسب الدقّة.

وأمّا عرفا فمن الممكن حصول اليقين والشكّ؛ فإنّ العرف يسامحون، فيرون هذا المجموع المركّب حاصلا بحصول أوّل جزء منه، ألا ترى أنّ الليل مع أنّه اسم لمجموع ما بين الحدّين- ولهذا يطلق نصف الليل وليلة واحدة وليلتان- يرونه داخلا بمجرّد دخول أوّله، فيقولون: دخل الليل، وكذلك يطلقون البقاء فيقولون:

كم بقي من الليل، وعلى هذه المسامحة فرض اليقين والشكّ في غاية الإمكان.

نعم استصحاب الزمان على هذا الوجه لا يفيد تطبيق عنوان الليل أو النهار مثلا على الجزء الموجود فعلا، فالذى يفيده الاستصحاب إنّما هو مفاد كان التّامة وهو وجود الليل مثلا، دون مفاد كان الناقصة وهو وجود الليليّة لهذا.

وعلى هذا فاستصحاب عدم دخول رمضان ليرتّب عليه عدم إيجاب الصوم واستصحاب بقائه ليرتّب عليه حرمة الإفطار لا ينطبق على القاعدة، إذ لا يثبت به رمضانيّة هذا اليوم حتّى يكون الإفطار إفطارا في رمضان، ولا عدم رمضانيّته حتّى يكون الصوم صوما في غير رمضان.

نعم لو كان المستفاد من الأدلّة أنّ وجود رمضان سبب لإيجاب الصوم لا أن يكون المسبّب الصوم المتقيّد بكونه في رمضان أمكن الاستصحاب؛ إذ لم يرتّب الأثر إلّا على مفاد كان التامّة، كما أنّه يمكن إجراء الاستصحاب على فرض جعل الأثر لمفاد كان الناقصة بنحو آخر وهو إجرائه في نفس الفعل المقيّد، بأن يقال: لم يكن الصوم على فرض تحقّقه في اليوم الماضي صوما في رمضان، فالآن كما كان، وكذا كان الإفطار في اليوم الماضي على فرض تحقّقه إفطارا في رمضان، فالآن كما كان.

فإن قلت: هذا استصحاب تعليقي في الموضوع، وقد تقرّر في محلّه بطلانه.

قلت: ما تقرّر بطلانه غير هذا، وهو ما إذا رتّب الأثر في الأدلّة على الوجود الفعلي، كوجود الكرّ الفعلي، فاستصحاب وجوده التعليقي لا ينفع- على ما قرّر في محلّه- وهذا بخلاف المقام، فإنّ الأثر قد رتّب على نفس الملازمة، فإنّ الوجوب مرتّب على الصوم الذي لو تحقّق كان في رمضان، والحرمة على الأكل الذي لو تحقّق كان في رمضان، وذلك لعدم إمكان ترتّبه عليهما على نحو فعليّة الوجود، للزوم الأمر بالحاصل والزجر عن الحاصل، فالمقام نظير استصحاب المضريّة في الصوم.

ومن هنا يظهر الحال في القسم الأخير أعني المقيّد بالزمان إذا كان الشكّ من جهة الشكّ في انقضاء قيده، إذ استصحاب نفس المقيّد بعد كون الزمان بالمسامحة العرفيّة ممّا يقبل البقاء لا مانع منه.

نعم لو كان الشكّ من جهة الشكّ في حدوث حكم آخر في المقيّد بما بعد ذلك الزمان أو في المطلق على نحو تعدّد المطلوب فالاستصحاب الموضوعي لا وجه له أصلا، للقطع بالارتفاع بسبب القطع بانقضاء القيد، كما لا مجرى لاستصحاب شخص الحكم، وأمّا استصحاب الجامع فمبنيّ على جريان استصحاب الكلّي في القسم الثالث، هذا.

ولشيخنا المرتضى في هذا القسم كلامان متدافعان، لأنّه قدّس سرّه في صدر المبحث بعد أن نقل عن جماعة جريان الاستصحاب في نفس الزمان قال: فيجري في القسمين الأخيرين بطريق أولى، ثمّ عند ذكر القسم الأخير في مقام التفصيل قال: وأمّا القسم الثالث وهو ما كان مقيّدا بالزمان فينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه، فإن كان القسم الثالث في كلامه عبارة عمّا كان الشكّ فيه من جهة الشكّ في تقضّي الزمان صحّ كلامه الأوّل، كما عرفت، ولكن لا يصحّ كلامه الأخير.

وإن كان عبارة عمّا كان الشكّ بعد القطع بتقضّي الزمان من جهة الشكّ في بقاء الحكم بأحد النحوين المذكورين كان كلامه الثاني صحيحا، ولكن لا يصحّ الأوّل، كما هو واضح، وكون المقصود به متعدّدا في المقامين ممّا يأباه العبارة؛ لأنّ القسم‏ الثالث متّحد مع ما ذكره في صدر البحث، وإذن فلا محيص عن وقوع سهو من قلمه قدّس سرّه أو قلم النسّاخ.

بقي الكلام في ما تنظّر فيه شيخنا المرتضى من كلام المحقّق النراقي قدّس سرّهما، وحاصل ما ذكره المحقّق المذكور أنّ الامور المجعولة الشرعيّة كالوجوب والطهارة الحدثيّة والخبثيّة إذا علم وجودها في قطعة خاصّة من الزمان، كوجوب الجلوس يوم الجمعة، إلى الزوال وشكّ فيها في ما بعد تلك القطعة فهنا استصحابان متعارضان؛ لأنّ هنا شكّا ويقينين، أمّا الشكّ ففي الوجوب في ما بعد زوال يوم الجمعة، وأمّا اليقينان، فلأنّ المفروض هو اليقين بالوجوب في ما قبل الزوال من يوم الجمعة، ومقتضاه استصحاب وجود هذا الوجوب، وكذا اليقين بعدم مجعوليّة الوجوب من الأزل في ما بعد ظهر يوم الجمعة، ومقتضاه استصحاب بقاء هذا العدم الأزلي.

وحاصل إشكال شيخنا قدّس سرّه عليه أنّه: لا يخلو الأمر من شقّين، إمّا نفرض الزمان قيدا لهذا الأمر المجعول أو لمتعلّقه بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيّد بما قبل الزوال شيئا مغايرا للجلوس المقيّد بكونه بعد الزوال، وإمّا نفرض ظرفا له، بأن لوحظ ما قبل الزوال ظرفا للتكليف ولوحظ الجلوس أمرا واحدا مستمرّا في الأزمنة.

فعلى الأوّل يجري استصحاب عدم وجوب هذا المقيّد، ولا مجال لاستصحاب الوجود؛ للقطع بارتفاع ما علم وجوده، بل لا يتصوّر البقاء لذلك الموجود بعد فرض كون الزمان من مقوّماته.

وعلى الثاني يجري استصحاب الوجود، ولا مجال لاستصحاب العدم؛ لأنّ العدم انتقض بالوجود المطلق، وقد حكم عليه بالاستمرار بمقتضى أدلّه الاستصحاب.

وانتصر شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة للمحقّق المذكور على شيخنا المرتضى قدّس سرّهما بأنّا نختار الشقّ الأوّل تارة، ونقول بأنّ استصحاب عدم المقيّد معارض باستصحاب جامع الوجوب المحتمل بقائه بحدوث فرد آخر له بعد زوال فرده الأوّل بلا فصل زمان، كما في كلّ استصحاب جار في الكلّي في القسم الثالث، فإنّه معارض باستصحاب عدم الفرد المشكوك الحدوث إذا كان أمرا مجعولا.

نعم هذا الإشكال لا يرد على مذاقه (قدّس سرّه) المتقدّم من اختيار عدم الجريان في القسم الثانى من القسم الثالث مع عدم المسامحة العرفيّة الذي مقامنا من قبيله، لكن كلام المحقّق قابل للحمل عليه.

ونختار الشقّ الثاني اخرى ونقول: المفروض وإن كان ظرفيّة الزمان للوجوب، لكن لنا شكّ ويقين بالنسبة إلى المقيّد بالزمان، وعموم «لا تنقض» يشمله، وهو معارض لاستصحاب الوجوب.

ألا ترى أنّه لو كان دليلان اجتهاديّان مفاد أحدهما أنّ الجلوس واجب في ما بعد زوال الجمعة، ومفاد الآخر أنّ جلوس ما بعد زوال يوم الجمعة غير واجب، كانا متعارضين، فإنّ الحكم في الأوّل وإن كان على المطلق، وفي الثاني على المقيّد، لكنّ المطلق أيضا مقيّد في اللبّ؛ إذ ليس المراد أنّ ما بعد الزوال ظرف التكليف مع كون المكلّف به موسّع الزمان، فكذا الحال في الاستصحابين.

وقد أجاب عن هذا شيخنا الاستاد دام ظلّه في الدرر بما لفظه: «و أمّا الشق الثاني فاستصحاب الوجوب ليس له معارض، فإنّ مقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس المقيّد بالزمان الخاص أنّ هذا المقيّد ليس موردا للوجوب على نحو لوحظ الزمان قيدا، ولا ينافي وجوب الجلوس في ذلك الزمان الخاصّ على نحو لوحظ الزمان ظرفا للوجوب» انتهى كلامه الشريف.

واستشكل دام ظلّه على هذا الكلام في مجلس البحث بما حاصله أنّ المنافاة العرفيّة حاصلة بين قولنا: عتق الرقبة واجب، وقولنا: عتق الرقبة الكافرة غير واجب، وقولنا: العالم واجب الإكرام، وزيد غير واجب الإكرام، ضرورة أنّ المطلق والمقيّد لا يمكن عروض المتضادّين أو المتناقضين عليهما، والمقيّد بما هو مقيّد وإن كان يصحّ سلب الوجوب عنه مع إثباته للمطلق، لكن سلب الوجوب عنه بقول مطلق وبلا قيد- كما هو المستصحب في المقام- لا إشكال في عدم اجتماعه مع الإثبات للمطلق.

هذا مضافا إلى إمكان دعوى إرجاع المطلق في المقام إلى المقيّد، فإنّ الزمان- أعني ما بعد الزوال مثلا- وإن كان ظرفا للوجوب بحسب الصورة، لكنّ الجلوس‏ مقيّد به بحسب اللبّ؛ إذ ليس المراد إيجاب أصل الجلوس ولو كان في زمان آخر، فيرجع الأمر بالأخرة إلى إيجاب المقيّد وسلب إيجابه.

ولكن أجاب‏ دام ظلّه عن هذا أيضا بأنّ إضافة الوجوب إلى المقيّد يمكن بطريقين، الأوّل بالجعل الابتدائي المتعلّق بنفس المقيّد، بحيث يكون للقيد دخل في الجعل، والثاني بالجعل في الطبيعة الذي لازمه السراية قهرا إلى أفرادها، فيصير المقيّد أيضا محكوما بالوجوب، فيقال: زيد واجب الإكرام عند جعل الوجوب في طبيعة العالم بنحو الوجود الساري، نعم خصوصيّة القيد لا دخل لها في الحكم، لكنّ الحكم وارد على المقيّد بتبع المطلق.

وحينئذ فإذا شككنا في وجوب الجلوس المقيّد بما بعد الزوال، فتارة يكون الشكّ في الجعل الابتدائى، واخرى في الجعل بالسراية والتبع، والأوّل في المقام مقطوع العدم، وعلى فرض الشكّ فيه محكوم بالعدم بمقتضى الأصل، ولا منافاة بينه وبين استصحاب الوجوب في أصل الجلوس، فالكلام كلّه في القسم الثاني، ولا إشكال في أنّ الشكّ في وجوب المقيّد بهذا النحو أعني بالجعل التبعي مسبّب وناش عن الشكّ في بقاء الوجوب في موضوع أصل الجلوس إلى هذا الحين الذي هو ما بعد الزوال، فيكون الأصل الجاري فيه محكوما للأصل الجارى في السبب.

ونظير هذا ما إذا شككنا في بقاء حكم حرمة شرب الخمر أو ارتفاعه بالنسخ، فلا إشكال أنّ مقتضى الاستصحاب هو البقاء، مع أنّ مقتضى الاستصحاب بملاحظة تقييد شربها بهذا الزمان المقارن للشكّ هو عدم المحكوميّة بالحرمة بالعدم الأزلي الثابت قبل تشريع الشرع ايّاها، مع ذلك لا يعامل معاملة المعارضة بينهما، وسرّه ما ذكرنا من أنّ ارتفاع الشكّ في الكلّي رافع للشكّ في الأشخاص، ومن أثر محكوميّة الكلّي محكوميّة الأفراد، سواء ذلك في المحكوميّة بالحكم الظاهري أم الواقعي، فليس هذا من الأصل المثبت الممنوع، هذا.

ولكنّ الكلام الوارد في مسألة الاستصحاب التعليقي الآتي بعيد هذا إن شاء اللّه تعالى آت هنا حرفا بحرف.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.