ــ السياسات الاقتصادية اللينينية  

بدأت النظرية الماركسية بالتطبيق ومن الخطوات المهمة التي قام بها ليكسب التأييد ويعبر عن مصداقية الثورة لكي يكسب الجماهير حوله اتخذ الآتي :

1ـ اعلان استقلال بولندا وفنلندا .

2ـ اعلان ايقاف الحرب مع الألمان .

3ـ تقرر إضفاء صفة الملكية العامة للبنوك والمصانع الكبرى ، وملكية عامة للإقطاعيات الزراعية .

4ـ تحديد العمل اليومي بثماني ساعات .

5ـ الاعتراف بحق الشعوب الروسية بالتكلم بلغاتها المختلفة داخل روسيا، وبعد ذلك داخل الاتحاد السوفيتي حينما تم التوسع على كامل الجمهوريات السوفياتية وليس فقط روسيا .

6ـ عدم الاعتراف بالأديان بكامل تفاصيلها وفق تعليمات كارل ماركس .

7ـ توزيع اراضي الإقطاع على الفلاحين ، نظام التجمع الزراعي (الجمعيات التعاونية) .

 8ـ يرى لينين ان نجاح الثورة البلشفية مرهون بالتطور الاقتصادي .

9ـ اتباع طريقة التخطيط كطريق نحو التنمية بأسرع وقت ممكن اذا تيسرت الامور الخاصة بذلك .

ولكن الدمارالذي حصل في الاقتصاد الروسي والحرب الأهلية التي كانت سبب التخلف وعدم امكانية تطور في الانتاج ، لذا اصبح من الضروري وكجزء من التطور اعادة بناء ما دمرته الحرب فقد اعطى لينين اهمية للصناعات الخفيفة (اسماها بالصغيرة) والتي بالامكان القيام بها على الفور. 

ان طبيعة المرحلة وما تزامن مع قيام الثورة من حرب ودمار جعل التطبيق الاشتراكي صعب المنال ، وقد كان هدف لينين النهوض في الاقتصاد الروسي بشكل سريع ، فوجد بأن اعطاء الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار حيث كانت سياسة لينين جزء من قوانين النظام الرأسمالي ثم بعد ذلك الاخذ بالنمط الاشتراكي وتطبيقه لضرورة المرحلة ووجده في حينها الطريق الصحيح .

لقد اتخذت القرارات في القيام بالصناعات الخفيفة في روسيا في زمن لينن لضرورتها كمرحلة اولى وفي خطوة نحو الانتاج الرأسمالي ، وبعدها تتم عملية تطبيق الافكار الاشتراكية وتطورها وهذا ما قد يعطي مصداقية اكبر لنظرة ماركس بضرورة وجود مرحلة رأسمالية تعمل على بناء القاعدة المادية المناسبة للتطور الاشتراكي حيث ان لينن ما كان ليستطيع ان يقدم خدمات من المنتجات الصناعية للفلاح مقابل ما ينتجه من حبوب⁽¹⁾ لو لم تكن هناك صناعات خفيفة قائمة .         

لقد تبنى لينين اسلوب حرق المراحل للوصول الى الاهداف ولم تكن سياسة واقعية مما ادى الى انتهاج سياسة تحاول ان تعطي مجال لمرحلة الرأسمالية ان تهيئ لبناء اشتراكي ، وكانت قرارات لينين تتجسد بإحلال ضريبة نقدية على الفلاحين محل الاقتطاعات العينية ، وهذا القرار مكن الفلاحين من بيع فائض انتاجهم بكامل الحرية في الاسواق ، واعطى المجال لعودة الدولة الى حرية التجارة بدلاً من هيمنتها على التجارة الخارجية ، حيث تشير الاحصائيات الى ان 91% من المؤسسات التجارية هي مؤسسات خاصة في ذلك الوقت ، وقد خفض قيمة العملة الوطنية لتشجيع التجارة الخارجية ، وشجع الاستثمارات الخارجية في البلاد واعطى المجال لاستيراد الأموال الاجنبية .

لقد بدأ لينين العمل بهذه السياسة عام 1921 وكما تقدم استطاع اتباع طريق مختلط بين النظام الاشتراكي والنظام الرأسمالي وكان لتلك القرارات نتائج ايجابية حيث مكنت هذه السياسات من نمو وانتعاش العناصر البرجوازية في المدن والريف وتدعيم طبقة الملاك الفلاحين الكبار (الكولاك) الذين تمكنوا من التحكم بقدر كبير من الانتاج الزراعي في الاتحاد السوفيتي الوليد ، وتم استرجاع الامكانيات للاقتصاد الروسي حيث ازداد الانتاج الصناعي في مجالات الاحذية والاقمشة والصابون والورق ، واصبح العمل  في القطاع الصناعي كبير وتحقق تقدم في صنع الآلات والمعدات الزراعية وسكك الحديد وبدأ العمل للتثقيف والتخلص من التخلص الثقافي ، وعلى اثرها اتسعت الاراضي الزراعية وازداد بمقدار (14) مليون هكتار ، وفي عام (1924-1925) ازدادت الاراضي الزراعية بنسبة تزيد على (6) ملايين هكتار للعام الواحد ، كما وارتفعت دخول الافراد وبالأخص الاجور .

لقد نجح لينين في سياسته ولكنه توفي في عام 1924 وجاء من بعده ستالين الذي لم يتخذ نفس المنهج الذي سار عليه لينين فأصبحت المفاهيم الاشتراكية بحتة حيث وقف العمل بتلك السياسة اللينينية وإعادة الامور الى الوراء ، والسبب كونه يرى بأن تلك السياسة قد اعطت للرأسماليين الفلاحين ورأس المال الأجنبي الفرصة التي ارادوا من خلالها اسقاط الثورة لذا عمل على إلغائها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ احـمد الوائلـي ، الضرورة والركائز الاساسية للانتقال من الاسلوب المخطط الاسلوب التلقائي للنمو ، مصدر سابق .