المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

تنمية تقدير الذات
29-6-2016
معدل سرعة تجوية المعادن
2024-06-19
أبو القاسم المجريطي
2-6-2016
الـمصادر الفلسفيـة للمذهـب الفـيزيوقراطـي
17-10-2019
القيمة في النظرية الكلاسيكية
20-9-2020
كايته ، بول
9-10-2015


الشعر البعيد الغلق  
  
1264   12:52 صباحاً   التاريخ: 19-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص: 90
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018 4910
التاريخ: 19-1-2020 1974
التاريخ: 14-08-2015 2177
التاريخ: 23-3-2018 2716

الشعر البعيد الغلق

وينبغي للشاعر أن يجتنب الإشارات البعيدة، والحكايات الغلقة، والإيماء المشكل، ويتعمد ما خالف ذلك، ويستعمل من المجاز ما يقارب الحقيقة، ولا يبعد عنها، ومن الاستعارات ما يليق بالمعاني التي يأتي بها، فمن الحكايات الغلقة والإشارات البعيدة قول المثقب في وصف ناقته:

تقولُ وقد درأتُ لها وضيني        أهذا دينُه أبداً وديني

أكلُّ الدهرِ حلٌّ وارتحالٌ           أما يبقي علي ولا يقيني

فهذه الحكاية كلها عن ناقته من المجاز المباعد للحقيقة، وإنما أراد الشاعر أن الناقة لو تكلمت لأعربت عن شكواها بمثل هذا القول. والذي يقارب الحقيقة قول عنترة في وصف فرسه:

فازور عن وقعِ القنا بلبانِهِ        وشكا إلي بِعبرة وتحمحمٍ

وقول بشار:

غدتْ عانةٌ تشكو بأبصارها الصدى      إلى الجأتب إلا أنَّها لا تخاطُبه

ومن الإيماء المشكل الذي لا يفهم، وقد أفرط في حكايته قول الآخر:

أومت بكفيها من الهودج       لولاك هذا العام لم أحججِ

أنت إلى مكة أخرجتني     خُبياً ولولا أنت لم أخرجِ

فهذا الكلام كله ليس مما يدل عليه إيماء ولا تعبر عنه إشارة.

90

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.