المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
جغرافية السكان وعلم الإحصاء
2024-06-25
بيتا اسارون Asarone - β (مبيدات حشرية كيموحيوية غير تجارية)
2024-06-25
إتجاهات المواليد في العالم
2024-06-25
الجندي العامل في وظائف البلاط.
2024-06-24
المدير العظيم لبيت الفرعون (مر-بر-ور)
2024-06-24
نفوذ المدير العظيم للبيت في حكومة البلاد.
2024-06-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


موسيقى الشعر  
  
13950   05:17 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : د. صاحب خليل إبراهيم
الكتاب أو المصدر : الصّورة السّمعيّة في الشعر العربي قبل الإسلام
الجزء والصفحة : ص204-207
القسم : الأدب الــعربــي / العروض /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 8332
التاريخ: 25-03-2015 3678
التاريخ: 24-03-2015 6481
التاريخ: 24-03-2015 3618

تمتاز اللغة العربية بالموسيقى، والإيقاع، والرنين، وتعبّر عما يجيش بصدر الإنسان، فضلاً عن الشاعر الذي يتأجج عاطفة ويضطرم مشاعر، وتحتدم في صدره أنفاس حرّى لمواقف شتى تتجاوب مع أصداء القلب عبر نبضاته، ومن هنا فإن الشعر تعبير عما يعتمل بأعماق الشاعر من فرح وألم، ويستطيع بلغته الحية المطواع أن ينقل لنا تجاربه الحيوية، وأفكاره وانفعالاته النفسية في إطارٍ من التوحد القومي، فتنشد قصائده وتروى في كل قبيلة، وفي كل مجلس، والعرب أمة شعر، والشعر ديوان العرب، هو سجل مفاخرهم ومآثرهم، تسجل فيه بطولاتهم وأحداثهم، وهو الأثير عندهم، فما بفضله قول، ولا شأو يصل إليه غيره، سواء أكان ذلك في شدتهم أم في رخائهم، وما أعذبه حين يجري على لسانهم، لا تعد له أهمية، فهو المقدم عندهم، قد كان حداء للإبل في أوليّته الموغلة في القدم، المتأبية على التحديد، حين كان على نحو من التطريب، والترنم، والتنغيم الفطري، إلى تطوره، ونضجه، وتكامله في العصر الجاهلي حين قُصّد القصيد، وطُوّل الشعر.

وقد اقترن الشعر العربي على امتداد تاريخه بالوزن، إذ إنه واحد من دعائمه الأساس، والوزن هو انتظام الألفاظ في إيقاع موسيقي خارجي، حيث يتميز الوزن الشعري عن غيره بأنه وزن عددي، بتعاقب الحركات والسكنات التي تشكل الأسباب والأوتاد والفواصل وتكرارها على نحو منتظم، بحيث يتساوى عدد حروف هذه المقاطع من أزمنة النطق بها في كل فاصلة من فواصل الإيقاع"(1).

ويذهب العقاد إلى أن اللغة العربية لغة شاعرة قد انتظمت مفرداتها وتراكيبها، ومخارج حروفها على الأوزان والحركات(2)، وهذا الانتظام بنية صوتية موسيقية لها دور عميق في تجسيد التجربة والدلالة. (3).

ومن هنا فإن التلاحم قوي بين الشعر الموزون والصوت، فالنسيج التركيبي الإيقاعي للوزن يتصل بالنسيج التركيبي للأصوات بدلالة الألفاظ، مفردة ومركبة، هذا التلاحم القوي المنتظم في إيقاع متناسق يشكّل البحر الشعري الذي له خصائصه الوزنية والنفسية، تتشكل داخله الأصوات اللغوية بتفرعاتها كلها (الصريحة منها والإيحائية، التآلف والتنافر)، فضلاً عن المعنى، ذلك كله يصل إلينا عبر الأذن، حيث تتكون الصورة السمعية بخاصة، والصورة المطلقة بعامة لاعتمادها النطق والسماع.

فظاهرة الوزن التي انتظمت اللغة داخلها على وقف سياق موسيقي، ممتزجة بالمعنى، ودلالاته الصوتية لا تخرج عن كونها نسيجاً تآلف مع وحدات كلامية راقية تسمو على النثر الاعتيادي، وتفوقه مكانةً وانفعالاً واستجابة، لما للنفس البشرية من ميل شديد إلى الشعر الفني لتوافر عناصر مختلفة فيه تستقطب الاهتمام من نفحة شعرية، وروعة فنية، فضلاً عن الموسيقى، والخيال، والعاطفة، والفكرة.

وللموسيقى أهمية كبيرة إذ إنها تؤثّر في تكوين الصورة السمعية التي ندركها من خلال النطق بها مُنَغّمة.

والذي يهمنا هنا هو الموسيقى فضلاً عن الوزن الذي هو جزء من الموسيقى، والذي يعرف به صحيح الشعر من مكسوره، بيد أن الموسيقى أشمل وأعم، وفيها من الخصائص الكثيرة ما تفضل به على الوزن وحده، ويندرج تحتها الكثير من المسميات الداخلة في النسيج الشعري.

على أن الوزن المعين له إيقاع معين، وهو التكرار الموسيقي الخارجي المتكون من تفعيلات الشعر المعروفة، غير أن هذا الإيقاع يمتاز بشدته وخفته، بسرعته وبطئه، تبعاً لطبيعة الوزن وما تنطوي عليه الألفاظ من معان، وما تضمه جوانح الشاعر من أحاسيس ومشاعر تتساوق مع الحركات والسكنات النابعة من التجربة الشعرية والتأثيرات النفسية.

وإذا ما أصاب الشاعر في اختيار الإيقاع الحسن في شعره فهو "إيقاع يطرب الفهم لصوابه وما يرد عليه حسن تركيبه واعتدال أجزائه(4)، على أن الإيقاع يتعدى سمته الخارجي إلى إيقاع داخلي سنتناوله في موضعه من البحث.

والإيقاع أساس القول الشعري الجاهلي، لأنه قوة حيّة تربط بين الذات والآخر، من حيث إنه نبض الكائن، ومن حيث إنه يؤالف بين حركات النفس وحركات الجسم، وقد تميز الجاهليون العرب، في الإيقاع الشعري من غيرهم من الشعوب الأخر بشيء أساس هو القافية(5).

وإذا ما تتبعنا مفهوم الإيقاع عند ابن سينا فسنجده "هو تقدير ما الزمان النقرات فإن اتفق أن النقرات منغمة، كان الإيقاع لحنيا، وإذا اتفق إن كانت النقرات محدثة للحروف المنتظم منها كلام كان الإيقاع شعرياً، وهو بنفسه إيقاع مطلقاً"(6).

والإيقاع الشعري لا يحدث إلاّ من انسجام موزون متساو لأن "الشعر هو الكلام المُخيّل المؤلف من أقوال موزونة متساوية، وعند العرب مقفاة"(7).

والإيقاع هو الذي يبرز تأثير البنية الصوتية بوضعها في قوالب زمنية تمارس من خلالها الإيحاء(8) والإيقاع حركة متنامية يمتلكها التشكل الوزني(9).

وإن الإيقاع دقيق الصلة بالنغم، والبيت الصالح للإنشاد مؤلف من وحدات متوالية، وغالباً ما يتسع الإيقاع بحيث يضم الإيقاع والنغم كليهما(10).

ويعني النغم أو التنغيم حسن الصوت في القراءة أو الإنشاد، والتطريب في الغناء، ويقول الفارابي أعني بالنغم الأصوات المختلفة في الحدة والثقل التي يتخيل كأنها ممتدة(11)، على أن مفهوم الإيقاع قد اتسع، فإنه يمكن أن يأتي من نبرات الجُمَل فضلاً عن الإيقاع الهارموني (الجناسات)(12)، حيث يتخذ الإيقاع مساراً آخر حين يتغلغل بعيداً وراء مستويات الفكر.. حين يدل على كيفية توحيد الشاعر بين الماضي والحاضر.. ولا بد للإيقاع من أن يجسد إحساساً حادّاً لشيئين هما موسيقى الألفاظ ومضموناتها المتنوعة الغنية(13).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر فن الشعر من كتاب الشفاء: 161، تلخيص الخطابة: 590-591، الموسيقى الكبير: 1058، نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين: 248.

(2) اللغة الشاعرة: 21

(3) في الشعرية، أبو ديب: 87-88.

(4) عيار الشرع:15.

(5) الشعرية، أدونيس: 27

(6) جوامع علم الموسيقى ابن سينا: 81

(7) المنزع البديع: 407 وشرح الموزونة بقوله: إن يكون عددها إيقاعياً، ومعنى كونها متساوية، هو أن يكون قول منها مؤلفاً من أقوال إيقاعية، فإن عدد زمانه مساو لعدد زمان الآخر.

(8) نظرية البنائية في النقد الأدبي: 473

(9) في البنية الإيقاعية للشعر العربي: 231.

(10) نظرية الأدب: 212.

(11) الموسيقى الكبيرة: 86.

(12) نظرية المنهج الشكلي، نصوص الشكلانيين 55-56

(13) ينظر: ت. س اليوت الناقد والشاعر: 174-175.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.