المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


بحر المقتضب  
  
4534   02:34 صباحاً   التاريخ: 24-03-2015
المؤلف : ابن الدماميني
الكتاب أو المصدر : العيون الغامزة على خبايا الرامزة
الجزء والصفحة : ص160-161
القسم : الأدب الــعربــي / العروض /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 5869
التاريخ: 24-03-2015 2742
التاريخ: 25-03-2015 3178
التاريخ: 25-03-2015 3269

...أقول: قال الخليل: سُمي بذلك لأنه اقتضب من الشعر، أي اقتطع منه. وقيل: لأنه اقتضب من المنسرح على الخصوص، وذلك لأن المنسرح كما سبق مبنيّ في الدائرة من مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن ومثلها، والمقتضب مبنيّ في الدائرة من مفعولات مستفعلن مستفعلن ومثلها، وليس بينهما إلا تقدم مفعولات في المقتضب وتوسطه في المنسرح، فكأن المقتضب مقتطع منه إذا حذف من أوله مستفعلن. قال ابن بري: ويحتمل أن يكون هذا تفسيراً لقول الخليل. قال:

وما أقبلتْ إلا أتانا بوصلها

مبشرنا يا حبذا ما به أتى

أقول: الواو من قوله ((وما)) ملغاة ولا يقع بها التباس، لأن اعتبار الترتيب في الأحرف المرموز بها للبحور قاضٍ بإلغاء الواو في هذا المحلّ ضرورة أنّ اللام التي فرغ منها ليس بعدها الواو، وإنما بعدها الميم، فحينئذ تكون الواو لغواً والميم هي المرموز بها فتكون إشارة إلى أن هذا البحر هو البحر الثالث عشر. والألف من ((وما)) إشارة إلى أن له عروضاً واحدةً، والألف من ((أقبلت)) إشارة إلى أن له ضرباً واحداً وكلاهما مجزوء مطوي، وبيته:

أقبلتْ فلاحَ لها

عارضانِ كالبرَد

فقوله ((لاح لها)) هو العروض، وقوله ((كالبرد)) هو الضرب، وزن كلّ منهما مفتعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((أقبلت)). وهذا من عجيب صنع الناظم في هذه المقصورة، فإن بعض هذه الكلمة وهو الألف رَمَزَ بها للضرب كما سلف وكلها رمز بها للشاهد. وفي هذ البحر المراقبة بين فاء مفعولات وواوها فلا يحذفان معاً ولا يثبتان معاً. وسببُ ذلك أما في مفعولات الأولى فلأن ساكني سببها ليس لهما ما يعتمدان عليه إلا الوتد المفروق فلم يقوَ لاعتمادها عليه جميعاً، وأما في مفعولات التي في الحشو فكأنهم قصدوا تشبيهاً بالأولى فأجروها في المراقبة مجراها. وقد حكى بعضهم سلامة مفعولات الأولى والأخيرة فلم يراع المراقبة في شيءٍ منهما، وأنشدوا منه:

لا أعوك من بعدٍ

بل أدعوك من كثبِ

ويدخل هذا البحر من الزحاف الخبن والطيّ في مفعولات، وأما العروضُ والضرب فقد تقدم أن طَّيهما واجب. وبيت الزِّحاف في مفعولاتُ:

أتانا مبشرنا

بالبيان والنذُّرِ

فقوله ((أتانام)) وزنه فعولات، فهذا مفعولات خبن بحذف فائه فصار معولات فنقل إلى فعولات، وقوله ((بلبيان)) وزنه فاعلات، وأصله مفعولات طوى بحذف واوه فصار مفعُلات فنقل إلى فاعلاتُ. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((أتانا مبشرنا)) وقد تقدم أن الأخفش أنكر هذا البحر كالمضارع، وقد تقدم الكلام معه في ذلك.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.