أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015
6038
التاريخ: 24-03-2015
5799
التاريخ: 24-03-2015
5368
التاريخ: 24-03-2015
8273
|
...أقول: حكى الأخفش عن الخليل أنه سمي مديداً لتمدد سباعييه حول خماسييه، وأوردِ عليه كلُّ بحر تركب من خماسي وسباعي. وقال الزجاج: سمي مديداً لامتداد سببين في طرفي كل جزء من أجزائه السباعية، وأورد عليه الرّمل وغيره مما فيه جزء سباعي كذلك. وقال غيره سمي مديداً لامتداد الوتد المجموع في وسط أجزائه السباعية. ويرد عليه ما ورد على الذي قبله، ويجاب بما أسلفناه من أن الاطراد في وجه التسمية غير لازم. وإذا صح النقل في هذه الأسماء الموضوعة لبحور الشعر عن الخليل فلا ينبغي أن يُخالف واضُعها. وهذا البحر مبني في الدائرة من ثمانية أجزاء على هذه الهيئة: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن كما تقدم. قال:
بحود كليبٍ لا يغرُّ اعلموا أنما
يعيش بهنديٍ متى مايعِ اهتدا
فمن مخصبن كلّ جونٍ ربابه
فياليت شعري هل لنا منه مُرْ توى
أقول: الباء إشارة إلى أن هذا البحر هو الثاني من بحور الشعر. والجيم إشارة إلى أن له ثلاث أعاريض. والواو إشارة إلى أن له ستة أضرب. وهو مجزوء في الاستعمال، ولا يقع تاماً. قال بعضهم: لا يقع فاعلن في آخره، وهو لا يقع أصلياً آخر شيءٍ من الشعر إلا أن يكون منقولاً من جزء نقص منه، فيوهم وقوعه في المديد النقل عملاً بالاستقراء، فيكون حينئذ أصله في الدائرة أزيد من ثمانية وأربعين حرفاً وهو محذور يُتقى. ونقضه الصفاقسي بالبسيط. قلت: هذا منه عجيب، فإن الزّجاج قد استشعر هذا النقص وأجاب عنه، وذلك لأن ابن بري حكى عنه أنه قال بأثر كلامه المتقدم: ولذلك ردّ في آخر البسيط إلى فعلن بحذف الألف ليعلم منه أنه نقص منه شيء، لأن فعلن أيضاً لا يقع في الأواخر أصلياً. ثم قال ابن بري: فإن قيل: فهلاّ جعل آخر المديد فعلن كآخر البسيط وارتفع الإيهام المحذور؟ فالجواب أن فاعلن في البسيط إذا حذفت ألفه لم يكن قبلها ساكن بسبب يعاقبها، وفاعلن في المديد قبله ساكنٌ بسبب يعاقب ألفه، فلو حُذف منه الألف لزم أن لا يحذف الساكن قبله أبداً، وحينئذ يعود المعاقب غير معاقب. انتهى. وهو كلام حسن فتأمله. قال الصفاقسي وقد شذ استعماله تاماً، أنشد ابن زيدان:
إنه لو ذاق للحب طعماً ما هجر
كلُّ عزٍّ في الهوى أنت منه في غررْ
ثم قال: ويمكن أن يقال في هذا إنه من الرباعي فيكونان بيتين. واعترض بأنه لم يلتزم في أوساط بقية الأبيات روياً لأن بعد البيت:
ليس من يشكو إلى أهله طول الكرى
مثل من يشكو إلى أهله طول السهر
سحّ لما نفد الصبر منه أدمُعاً
كجمانٍ خانه سلك عقدٍ فانتثر
لا تلمه إن شكا ما يلاقي أو بكى
وامتحن باطنه بالذي منه ظهر
وأما قول السليك:
طاف يبغي نجوةً
من هلاكٍ فهلك
ليت شعري ضلّه
أيُّ شيءٍ قتلك
أمريض لم تعد
أم عدوٌّ ختلك
إلى آخره، فحمله بعضهم على أنه من شاذ تامه، وأن القصيدة مصرعة، وبعضهم على أنه مما ورد من استعماله مرّبعاً. وذهب الزجاج إلى أن هذه القصيدة من الرمل، وعروضها وضربها محذوفان، فجعل للرمل ثلاث أعاريض. وقال بعضهم: هو قياس مذهب الخليل والحملُ عليه أوْلى من الحمل على تام المديد، لأنه يلزم عليه شذوذان: مجيء المديد تاما، والتزام التصريع في القصيدة. وهذا يلزم عليه مجيء عروض الرمل محذوفة خاصة. إذا تقرر ذلك فاعلم أن العروض الأولى من أعاريض هذا البحر صحيحة ولها ضرب واحد مثلها وبيته.
يا لبكرٍ أنشروا لي كليبا
يا لبكر أين أين الفرارَ
فقوله ((لي كليب)) هو العروض، وقوله ((نلفرارو)) هو الضرب، ووزن كل منهما فاعلاتن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((كليب)). والعروض الثانية محذوفة لها ثلاثة أضرب، الأول مقصور وبيته:
لا يغرنَّ امرأ عيشه
كلّ عيشٍ صائرٌ للزوال
فقوله ((عيشهو)) هو العروض ووزنه فاعلن، وقوله ((للزوال)) هو الضرب ووزنه فاعلانْ. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((لا يغر)). الضرب الثاني محذوف مثلها وبيته:
اعلموا أني لكمْ حافظٌ
شاهداً ما كنت أو غائبا
فقوله ((حافظن)) هو العروض وقوله ((غائبن)) هو الضرب. ووزن كل منهما فاعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((اعلموا)). الضرب الثالث أبتر وبيته:
إنما الذّلفاء يا قوتةٌ
أخرجت من كيس دهقان
فقوله ((قوتتن)) هو العروض، ووزنه فاعلن، وقوله ((قاني)) هو الضرب هو الضرب ووزنه فعلن بإسكان العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((إنما)). ووصل همزة القطع ضرورةً. العروض الثالثة مخبونة محذوفة لها ضربان الأول مثلها، وبيته:
للفتى عقلٌ يعيش به
حيث تهدى ساقه قدمه
فقوله ((شُبهى)) هو العروض، وقوله ((قدمه)) هو الضرب. ووزن كل منهما فعلن بتحريك العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((يعيش)). الضرب الثاني أبتر وبيته.
ربّ نارٍ أرمقها
تقضم الهنديَّ والغارا
فقوله ((مقها)) هو العروض وقوله ((غارا)) هو الضرب، ووزنه فعلن بإسكان العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((بهندى)). ويدخل هذا البحر من الزحاف الخبن وهو حسن، والكف وهو صالح، والشكل وهو قبيح. فبيت الخبن:
ومتى مايع منك كلاماً
يتكلم فيجيبك بعقلِ
أجزاؤه كلها مخبونة: وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((متى مايع)). وبيت الكف:
لن يزال قومنا مخصبين
صالحين ما اتقوا واستقاموا
أجزاؤه السباعية كلها مكفوفة إلا الضرب، فإنه لم يكف حذراً من الوقوف على المتحرك. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((مخصبين)). وبيت الشكل:
لمن الديار غيرهنَّ
كلُّ جونِ المزن داني الرَّباب
فقوله ((لمندد)) وقوله ((يرهنن)) وزن كل منهما فعلات، فكلاهما مشكول. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((كل جون ربابه)). وقد سبق لنا أن المعاقبة ثابتة في هذا البحر بين كل سببين اجتمعا، وأن فيه صدراً وعجزاً وطرفين. وبيت الطرفين:
ليت شعري هل لنا ذات يومٍ
بجنوب فارعٍ من تلاق
قوله ((بجنوب)) وزنه فعلاتُ فيه ((الطّرفان)) لأن ألفه حذفت لثبات نون الجزء الذي قبله، ونونه هو حُذفت لثبات ألف الجزء الذي بعده. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((ليت شعري هل لنا)). واعلم انه يجوز في العروض الأولى من الزحاف ما يجوز في الحشو، وهو الخبن والكف والشكل، وأما الضرب الأول فلم يوافق الحشو إلا في الخبن لأنه لو كف لزم الوقوف على المتحرك، ويلزم من ذلك امتناع الشكل. واما العروض الثانية فلم يدخلها الخبن حذر التباسها بالثالثة. واما ضربها المقصور فمنع الخليل دخول الخبن فيه وأجازه الأخفش، وعلة المنع قلة مجيء هذا الضرب في كلامهم حتى زعم الزجاج أنه لم يجيء منه إلا قصيدة واحد للطّرمّاح أولها:
شت شمل الحي بعد التئام
وشجاك اليوم ربع المقام
والزحاف إنما سببه الكثرة إذ هي الداعية إلى التخفيف، مع كراهتهم أن يجمعوا عليه ثلاث تغييرات، وهي الخبن مع الاسكان والحذف وهما مسمى القصر. وزعم أبو الحكم أن مذهب الأخفش أقيس. قال: لأن ألفه واقعة بين وتدين، وكلُّ ما كان كذلك فزحافه جائز اتفاقا. ثم اعترض علة المنع بأن القلة لا تأثير لها في السلامة في غير هذا البحر فكذلك في هذا. واجتماع ثلاثة تغييرات في الجزء له نظائر منها فاعلاتن في الرمل، فإنه يجوز فيها مع القصر الخبن، وفعولن الضرب الثاني من العروض الثالثة من الخفيف، فإن أصله مستفع لن فدخله القصر والخبن. وأجاب الصفاقسي بأنا نسلم أن كل سبب وقع بين وتدين يجوز زحافه مطلقاً، وإنما ذلك مع عدم المانع، وما ذكرناه أولاً من التعليل مانع، واعتراضه عليه ساقط، لأنه إنما نقص علة كل واحد من القلة وكثرة التغيير حيث لم يكن منضما إلى الآخر، وذلك إنما يكون نقصاً لو جعلنا منهما علةً مستقلةً ونحن إنما جعلناه جزء علة، والعلة هي المجموع المركب منهما، وهو لم ينقضه وإنما نقص الجزء، ونقصه ليس قادحاً في التعليل على الصحيح عند الأصوليين.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|