أقرأ أيضاً
التاريخ:
15430
التاريخ: 11-7-2021
5063
التاريخ: 22-03-2015
8127
التاريخ: 11-7-2021
3692
|
الرسول والشعر
ج1، ص189-191
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علمت مما تقدم ان أكثر شعراء الجاهلية من الفرسان والامراء واهل الحرب، وأكثر اشعارهم في الفخر والحماسة بما بين قبائلهم من التنازع، ومرجع ذلك كله الى العصبية.. كل قبيلة تطلب الفضل لنفسها على سواها. فلما جاء الإسلام وجمع كلمة العرب وذهبت العصبية الجاهلية لم تبق حاجة الى الشعر او الشعراء.. ناهيك باشتغال أهل المواهب والقرائح بالحروب في الجهاد لنشر الإسلام وبالأسفار. وقد ادهشتهم أساليب القرآن وبهرتهم النبوة وانصرفت قرائحهم الشعرية الى الخطابة، لحاجتهم اليها في استنهاض الهمم وتحريك الخواطر للجهاد، وهي شعر منثور. وقد جاء الطعن على الشعراء في الآية الكريمة (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون).
وزد على ذلك ان الرسول لم يكن راغبا في الشعر لأنه من عوامل التفريق، وهو يدعو العرب الى الاجتماع. وكان إذا روى شعرا لا يلتفت الى وزنه (19، ومن اقواله: (لان يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خيرا من ان يمتلئ شعراً) (2) ولم يكن مع ذلك يبخس الشعر حقه، اما الآية الكريمة التي نزلت في الشعراء انما يراد بها شعراء قريش الذين تناولوه بالهجاء والاذى. وقد قبح الشعر في الذين غلب الشعر على قلوبهم حتى شغلهم عن الدين وفروضه، وليس الشعر على اطلاقه. ولذلك فقد أبدى اعجابه به بقوله: (ان من الشعر لحكمة) يشير الى الاشعار التي فيها تدين او دفاع عن الحق. ومن أوقاله: (اصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد: (الا كل شيء ما خلا الله باطل) وكثيراً ما كان يحب ان يسمع شعر امية بن أبي الصلت لما فيه من ذكر الله والبعث (3).
أما سائر اغراض الشعر فكان يعرض عنها ويرد عليها بكلام القرآن. ويروى من هذا القبيل ان الطفيل بن عمرو الدوسي اتى الرسول، فعرض عليه الرسول فقال له: ((إني رجل شاعر فاسمع ما أقول). فقال: (هات) فانشد:
لا وإله الناس نألم حربهم ولو حاربتنا منهب وبنو فهم
ولما يكن يوم نزول نجومه تطير به الركبان ذو نبأ ضخم
أسلما على خسف ولست بخالد وما لي من واق إذا جاءني حتمي
فلا سلم حتى تحفر الناس خيفة وتصبح طير كانسات (4) على لحم
فأجابه النبي (وانا أقول: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) وقرأ المعوذتين، فأسلم الرجل (5) وكان النبي مع ذلك يقرب الشعراء المسلمين ويشجعهم على قول الشعر لتأثيرهم في الأذهان (6).
وعرضت قتيلة بنت النضر بن الحارث للنبي وهو يطوف، وكان قد قتل أباها فاستوقفته وجذبت رداءه حتى انكشف منكبه وانشدته ابياتا مطلعها:
يا راكبا ان الأثيل مظنة من صبح خامسة وانت موفق
الى ان قالت:
أمحمد ها أنت نجل نجيبة من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
والنضر أقرب من قتلت وسيلة واحقهم ان كان عتق يعتق
فقال النبي: (لو كنت سمعت شعرها هذا ما قتلته) (7). ولذلك لم يكن يرى بأسا من انتصار الشعراء له يدفعون عنه أقوال شعراء قريش الذين جاءت الآية بالطعن عليهم، وتوعدهم الرسول ففر بعضهم من وجهه ومات البعض الاخر (8). وقد تقدم في ترجمة حسان بن ثابت ان أشهر من هجا المسلمين ثلاثة: عبد الله بن الزبعري، وابو سفيان، وعمرو بن العاص، وان النبي قال للأنصار: (ما يمنع الذين نصروا رسول الله بسلاحهم ان ينصروه بألسنتهم) فانتصب للدفاع عنه ثلاثة هم: حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة. وكان يرى لأشعارهم تأثيرا في اعدائه، ومن أقواله: (هؤلاء النفر (الشعراء) اسد على قريش من نضح النبل) وقال لحسان مرة: (اهجهم (يعني قريش) فوالله لهجاؤك عليهم اشد من وقع السهام في غلس الظلام. واهجهم ومعك جبريل روح القدس) (9).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاغاني ج13
(2) العمدة ج1، ويريه: يفسده
(3) مشكاة المصابيح
(4) كانسات: عاكفات
(5) الأغاني ج12
(6) الأغاني ج13
(7) العمدة ج1
(8) العمدة ج1
(9) العمدة ج1
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|