إحتجاج النبي صلى الله عليه وآله وسلم على اليهود بقسوة القلوب ومعجزة الجبل |
509
11:56 صباحاً
التاريخ: 24-9-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-9-2019
682
التاريخ: 25-9-2019
483
التاريخ: 25-9-2019
532
التاريخ: 25-9-2019
1703
|
قال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: لما نزلت هذه الآية {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74] في حق اليهود والنواصب فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله، فقال جماعة من رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم: يا محمد إنك تهجونا وتدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، إن فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما الخير ما أريد به وجه الله وعمل على ما أمر الله تعالى، وأما ما أريد به الرياء والسمعة ومعاندة رسول الله صلى الله عليه وآله وإظهار الغنى له والتمالك والتشرف عليه فليس بخير بل هو الشر الخالص ووبال على صاحبه ويعذبه الله به أشد العذاب.
فقالوا له: يا محمد أنت تقول هذا ونحن نقول بل ما نلفقه إلا لإبطال أمرك ودفع رياستك ولتفريق أصحابك عنك وهو الجهاد الأعظم نأمل به من الله الثواب الأجل العظيم، فأقل أحوالنا إنك تساوينا في الدعاوى فأي فضل لك علينا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا إخوة اليهود إن الدعاوى يتساوى فيها المحقون والمبطلون، ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين وتبين عن حقائق المحقين، ورسول الله محمد لا يغتم بجهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة، ولكن يقيم عليكم حجة الله التي لا يمكنكم دفاعها ولا تطيقون الامتناع عن موجبها، ولو ذهب محمد ويريكم آية من عنده لشككتم وقلتم إنه متكلف مصنوع محتال فيه معمول أو متواطئ عليه، وإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأت بحيلة أو مقدمات، فما الذي تقترحون فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم ويزيد في بصائر المؤمنين منكم.
قالوا: قد أنصفتنا يا محمد فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الإنصاف فأنت أول راجع عن دعواك للنبوة وداخل في غمار الأمة ومسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك وظهور باطل دعواك فيما ترومه من حجتك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصدق ينبئ عنكم لا الوعيد، اقترحوا ما تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون.
فقالوا له: يا محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شئ من مواساة الفقراء ومعاونة الضعفاء والنفقة في إبطال الباطل وإحقاق الحق وأن الأحجار ألين من قلوبنا وأطوع لله منا، وهذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إليها أو إلى بعضها فاستشهدها على تصديقك وتكذيبنا، فإن نطقت بتصديقك فأنت المحق يلزمنا اتباعك وإن نطقت بتكذيبك أو صمتت فلم ترد جوابك فاعلم بأنك المبطل في دعواك المعاند لهواك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم هلموا بنا إلى أيما جبل شئتم استشهدوه ليشهد لي عليكم، فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه فقالوا: يا محمد هذا الجبل فاستشهده.
فقال رسول الله للجبل: إني أسألك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق كثير لا يعرف عددهم غير الله عز وجل، وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم وغفر خطيئته وأعاده إلى مرتبته، وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم وتكذيبهم في جحدهم لقول محمد رسول الله.
فتحرك الجبل وتزلزل وفاض عنه الماء ونادى: يا محمد أشهد أنك رسول رب العالمين وسيد الخلق أجمعين، وأشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلا أو تفجرا، وأشهد أن هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقرفونك من الفرية على رب العالمين.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وأسألك أيها الجبل أمرك الله بطاعتي فيما ألتمسه منك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بهم نجى الله نوحا من الكرب العظيم وبرد الله النار على إبراهيم وجعلها عليه بردا وسلاما ومكنه في جوف النار على سرير وفراش وثير لم ير تلك الطاغية مثله لأحد من ملوك الأرض أجمعين، وأنبت حواليه من الأشجار الخضرة النظرة النزهة وعما حوله من أنواع التور مما لا يوجد إلا في فصول أربعة من جميع السنة؟
قال الجبل: بلى أشهد لك يا محمد بذلك، وأشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قرودا وخنازير لفعل، أو يجعلهم ملائكة لفعل، أو يقلب النيران جليدا أو الجليد نيرانا لفعل أو يهبط السماء إلى الأرض أو يرفع الأرض إلى السماء لفعل، أو يصير أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلها صرة كصرة الكيس لفعل، وأنه قد جعل الأرض والسماء طوعك، والجبال والبحار تتصرف بأمرك، وسائر ما خلق من الرياح والصواعق وجوارح الإنسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة وما أمرتها به من شئ ائتمرت.
فقالت اليهود: يا محمد علينا تلتبس وتشبه، قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور من هذا الجبل فهم ينطقون بهذا الكلام ونحن لا ندري أنسمع من الرجال أم من الجبل، لا يغتر بمثل هذا إلا ضعفاؤك الذين تبجبج في عقولهم فإن كنت صادقا فتنح عن موضعك هذا إلى ذلك القرار وأمر هذا الجبل أن ينقلع من أصله فيسير إليك إلى هناك، فإذا حضرك ونحن نشاهده فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه ثم يرتفع السفلى من قطعيته فوق العليا وتنخفض العليا تحت السفلى، فإذا تجعل أصل الجبل قلته وقلته أصله لنعلم أنه من الله، لا يتفق مثله بمواطأة ولا بمعاونة مموهين متمردين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله - وأشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال - فقال:
يا أيها الحجر تدحرج، فتدحرج ثم قال لمخاطبة: خذه وقربه من أذنك فسيعيد عليك ما سمعت، فإن هذا جزء من ذلك الجبل، فأخذه الرجل فأدناه إلى إذنه فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولا من تصديق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما ذكره عن قلوب اليهود ومما غبر به من أن نفقاتهم في دفع أمر محمد صلى الله عليه وآله باطل ووبال عليهم.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أسمعت هذا أخلف هذا الحجر أحد يكلمك ويوهمك أن الحجر يكلمك؟
قال: فأتني بما اقترحت في الجبل فتباعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضاء واسع ثم نادى الجبل وقال: يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين بجاههم ومسائلة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية لنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة هائلة في قوم صالح حتى صاروا كهشيم المحتضر لما انفصلت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرته هذه - ووضع يده على الأرض بين يديه.
فتزلزل الجبل وصار كالفارع الهملاج حتى دنى من إصبعه أصله فلزق بها ووقف ونادى: ها أنا سامع لك مطيع يا رسول رب العالمين وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين مرني بأمرك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هؤلاء اقترحوا على أن آمرك أن تنقلع من أصلك فتصير نصفين ثم ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك فتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك.
فقال الجبل: أتأمرني بذلك يا رسول رب العالمين؟
قال: بلى فانقطع نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه فصار فرعه أصله وأصله فرعه، ثم نادى الجبل: يا معاشر اليهود هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذين تزعمون أنكم به مؤمنون؟
فنظر اليهود بعضهم إلى البعض، فقال بعضهم: ما عن هذا محيص، وقال آخرون منهم: هذا رجل منجوت مؤتى له ما يريد - والمنجوت يتأتى له العجائب - فلا يغرنك ما تشاهدون.
فناداهم الجبل: يا أعداء الله قد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى، هلا قلتم لموسى إن قلب العصا ثعبانا وانفلاق البحر طرقا ووقوف الجبل كالظلة فوقكم إنما تأتي لك لأنك مؤتى لك يأتيك جدك بالعجائب فلا يغرنا ما نشاهده، فألقمتهم الجبال بمقالتها والصخور ولزمتهم حجة رب العالمين.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|