أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2020
1530
التاريخ: 19-8-2019
2373
التاريخ: 26-11-2020
2004
التاريخ: 24-12-2021
1644
|
ﺛﺎﻧﻴًﺎ : أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ :ـ
ﻇﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي وﺿﻌﺘﻪ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺴﻼﺳﺔ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻇﻠﺖ اﻟﺜﻘﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻻر ، وﻣﻊ اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﺖ كـﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺳﺎس ، ﻓﻠﻘﺪ ﻇﻞ اﻟﺪوﻻر اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ كـﺎﺣﺘﻴﺎﻃﻲ دوﻟﻲ ، ﺑﻞ ﻟﻘﺪ اﺣﺘﻔﻆ اﻟﺪوﻻر ﺑﻬﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻣﻊ ﻋﺠﺰ ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ، وهـﻮ اﻟﻌﺠﺰ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت ،كـﺎﻧﺖ هـﻨﺎك ﺛﻘﺔ ﻻ ﺣﺪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪوﻻر(1) . وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﺪوﻻر ﻳﺘﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ﻓﻲ أورﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ، وﻇﻬﺮت من ﺛﻢ ﺳﻮق اﻟﺪوﻻر اﻷوروﺑﻲ وﻣﻦ هـﺮﺑﺎً ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ أﺧﺬت أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺎدرات رأس اﻟﻤﺎل وﻋﻠﻰ واردات اﻟﺴﻠﻊ ﺑﺪأ اﻟﺨﻮف ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻮﺳﻌﺖ اﻟﺼﺎدرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﺎم 1965 ﺑﻤﻌﺪل ﺳﻨﻮي ﺑﻠﻎ 8% ﺑﻴﻨﻤﺎ زادت اﻟﻮاردات ﺑﻨﺴﺒﺔ 13 % وهـﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﻨﺎهـﺰ ﺿﻌﻒ ﻣﻌﺪل زﻳﺎدﺗﻬﺎ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﺴﺘﻴﻨﺎت ﻋﻨﺪﺋﺬ زاد اﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﻣﻴﺰان اﻟﻤﺪﻓﻮﻋﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ، واﺿﻄﺮد ﺗﺪهـﻮر ﻓﺎﺋﺾ اﻟﻤﻴﺰان اﻟﺘﺠﺎري ﺣﺘﻰ ﺣﻘﻖ ﻋﺠﺰا ﻓﻲ ﻋﺎم 1971 وذﻟﻚ ﻷول ﻣﺮة ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 1890 ، وكـﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺳﺎس ﻟﺘﺪهـﻮر اﻟﺼﺎدرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ هـﻮ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺴﺮﻳﻊ إذا ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر هـﺬﻩ اﻟﺼﺎدرات ﻣﻦ ﻋﺎم 1964 إﻟﻰ ﻋﺎم 1970 ﺑﻨﺴﺒﺔ 20% ﻣﻘﺎﺑﻞ %1.6 ﻟﺼﺎدرات اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻘﺺ ﻧﺼﻴﺐ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﺻﺎدرات اﻟﻌﺎﻟﻢ (2) ، وﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ اﻟﻌﺠﺰ ﺗﻢ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﺪوﻻر ﺑﻨﺴﺒﺔ 7.9% ﻓﻲ ﻋﺎم 1971 ، وﻓﺮﺿﺖ اﻟﻘﻴﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻮاردات وﻣﻊ ذﻟﻚ أﺷﺘﺪ اﻟﻌﺠﺰ ﻟﻴﺒﻠﻎ 6.8%ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻣﺮة ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﻨﺴﺒﺔ 10% ﻓﻲ ﻓﺒﺮاﻳﺮ 1972 (3).
وهـﻜﺬا ﺷﻬﺪت أﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪ واﻟﻤﺎل ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﺗﻘﻠﺒﺎت ﻋﻨﻴﻔﺔ أدت إﻟﻰ ﺗﻔﺠﻴﺮ أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ وﻣﻊ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﺪوﻻر ﻣﺮﺗﻴﻦ وإﻋﺎدة ﺗﻌﻮﻳﻢ ﻋﻤﻼت رﺋﻴسة أﺧﺮى ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻤﺮت اﻷزﻣﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﻤﺎ أدى ﻋﻤﻠﻴﺎً إﻟﻰ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ .
وﺟﺎءت هـﺬﻩ اﻷزﻣﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮاً ﻋﻦ اﺧﺘﻼل اﻟﺘﻮازن ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ داﺧﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻠﻘﺪ أﺑﺮزت اﻷزﻣﺔ ﻋﻤﻖ اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺑﻴﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺴﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮكـﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ وﺟﺎءت ﺗﺠﺴﻴﺪاً ﻟﺘﻐﻴﺮ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻘﻮى اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ هـﺬﻩ اﻟﻤﺮاكـﺰ اﻟﺜﻼﺛﺔ (4). ﻓﻠﻘﺪ كـﺎن واﺿﺤﺎ أن اﻷهـﻤﻴﺔ اﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻗﺪ ﺗﺪهـﻮر و كـﺎﻧﺖ ﺣﺼﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮأس ﻣﺎﻟﻲ ﻗﺪ هـﺒﻄﺖ إﻟﻰ 40.5% ﻓﻲ ﻋﺎم 1971 ﻣﻘﺎﺑﻞ 55 % ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت وكـﺎﻧﺖ حـﺼﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﺎدرات اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮأسـﻣﺎﻟﻲ ﻗﺪ اﻧﺨﻔﻀﺖ إﻟﻰ 14.2 ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎت وكـﺎﻧﺖ 33% ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎت هـﺬا ﺑﻴﻨﻤﺎ كـﺎﻧﺖ اﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت اﻟﺬهـﺐ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻗﺪ هـﺒﻄﺖ ﻣﻦ 74% ﻣﻦ إﺟﻤﺎﻟﻲ هـﺬﻩ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺎت الى إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻲ 25% ﻣﻨﻬﺎ ، وﻟﻘﺪ ﺗﻢ ذﻟﻚ كـﻠﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻘﻄﺒﻴﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ : أورﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن (5) .
وﻣﻊ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺗﺼﺎﻋﺪت اﻟﻤﻀﺎرﺑﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻷرﺑﺎح ﻣﻦ وراﺋﻬﺎ وﻋﻨﺪﺋﺬ ﻓﻠﻘﺪ اﺗﺠﻪ اﻻﻧﺘﺒﺎﻩ إﻟﻰ اﻟﺪور اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﻟﻠﻤﺸﺮوﻋﺎت اﻟﻤﺘﺨﻄﻴﺔ ﻟﻠﻘﻮﻣﻴﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺮكـﺎت ﻗﺼﻴﺮة اﻷﺟﻞ واﻟﺴﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻞ اﻟﺠﻮهـﺮي ﻓﻲ ﻣﻮازﻳﻦ ﻣﺪﻓﻮ ﻋﺎت ﻋﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ .
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﻓﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﺴﺒﺐ أﻧﺸﻄﺔ ذات ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻣﻀﺎرﺑﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت إﻻ أن ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪود ﻣﺴأﻟﺔ ﻻ ﻧﺰاع ﻓﻴﻬﺎ وﻣﺜﻞ هـﺬﻩ اﻟﺘﺤﺮكـﺎت كـﺎن ﻣﻦ ﺷأﻧﻬﺎ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻓﻲ أن ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ.
وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪت أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺿﺎﻋﻒ ﻣﻦ هـﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﻓﺸﻞ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ إﺻﻼﺣﺎ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ .
واﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﻧﻈﺎم ﻧﻘﺪي ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ وهـﻮ ﻧﻈﺎم ﺑﺎت ﻣﻌﺘﻼً إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﺎﻟﺪوﻻر ﻟﻴﺲ هـﻮ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻤﺮﺿﻴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﺑﻞ أن ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻤﻼت اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار .
وﻣﻊ ﻧﺠﺎح اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻓﻮرة اﻟﻨﻔﻂ ووﻓﺮة ﻋﻮاﺋﺪﻩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﺎدة ﺗﺪوﻳﺮهـﺎ إﻻ إن أزﻣﺔ اﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﻘﻠﺖ كـﺎهـﻞ اﻷﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺎن ازدﻳﺎد اﻟﺘﺰاﻣﺎت أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﺪوﻻرﻳﺔ إزاء اﻟﺨﺎرج ﺑﻤﻌﺪل ﺳﺮﻳﻊ ﻳﺜﻘﻞ ﺑﺪورة كـﺎهـﻞ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻷﺧﺮى ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺒﻎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺣﺘﻰ اﻵن درﺟﺔ اكـﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮوﻧﺔ ﻋﻦ ﻏﻴﺮهـﺎ ﻣﻦ اﻟﺪول .
ﻟﻘﺪ ﺑﻠﻎ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﻋﺎم 1987 مبلغ 500 ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر وﺑﻠﻐﺖ اﻟﻔﺠﻮة ﻓﻲ ﻣﻴﺰاﻧﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎري 170 ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر وﻓﺎﻗﺖ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﺳﻤﻴﺔ ﻟﺪﻳﻨﻬﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻲ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻻﺳﻤﻴﺔ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﺗﻬﺎ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ (6) .
وﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻗﺒﻮل أوروﺑﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ واﻟﻴﺎﺑﺎن وﺗﻌﺎﻳﺸﻬﺎ ﻣﻊ ﺗﺮاكـﻢ اﻟﺪوﻻر ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻓﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷوروﺑﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ ﻳﺪﻓﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺛﻤﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة وﺗﺠﺪ اﻟﺪول اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻧﻔﺴﻬﺎ أﻣﺎم ﺧﻴﺎر ﺻﻌﺐ : ﻓﻬﻢ ﻳﺨﺸﻮن ﻣﻦ ﺗﺮاكـﻢ اﻟﺪوﻻر ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺗﻐﺮق اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ﺗﻈﻞ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪوﻻر ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ – ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﺪوﻻرات اﻟﺘﻲ ﺑﺤﻮزﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻧﻬﻴﺎر ﻓﻲ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺠﻨﺐ ﺿﻌﻒ ﻣﺮاكـﺰهـﻢ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .
وﻳﺸﻴﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﺎﺟﺪوف وﺳﻮﻳﺰى إﻟﻰ أن ﺣﻮاﻟﻲ 80% ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﺎت اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺼﺎرف اﻟﻤﺮكـﺰﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺻﻮرة دوﻻرات أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ كـﻤﺎ ﻳﺄﺗﻴﺎن ﺑﺈﺣﺼﺎﺋﻴﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﻣﻼت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ودول اﻷوﺑﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ ﻃﻔﺮة أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ ﻣﻦ ﻋﺎم 1974 إﻟﻰ ﻋﺎم 1977 ﻓﺎﻟﺘﺪﻓﻘﺎت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﺻﻮرة واردات ﺳﻠﻌﻴﺔ وﺧﺪﻣﻴﺔ ﺑﻠﻐﺖ 106 ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﺑﻴﻨﻤﺎ كـﺎﻧﺖ اﻟﻤﺒﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﺋﺪة ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺻﺎدراﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻠﺪان اﻷوﺑﻚ وﺻﺎدرات هـﺬﻩ اﻟﺒﻠﺪان ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 108 ﻣﻠﻴﺎرات دوﻻر (7).
وإذ ﺗﺘﻤﻴﺰ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت ﺑﺮكـﻮد اﻗﺘﺼﺎدي ﺧﻄﻴﺮ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻘﺎرن ﺑﺎﻟﺮكـﻮد اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت إﻻ أن ﻣﺼﺎدر كـﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻔﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت كـﺎﻧﺖ اﻷزﻣﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺪرة ﻓﺮص اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻜﺎن اﻟﻤﺨﺮج هـﻮ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ وﺟﺎءت اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺑﺮﻳﺘﻮن وودز ﻓﻌﻜﺴﺖ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﺎن ﺧﻠﻘﺖ اﻷﺳﺲ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ، ﻟﻜﻦ ﺷﻬﺪت اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت اﻧﻘﻼب اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎ وﺳﺠﻠﺖ اخـﻄﺮ ﻇﺎهـﺮﺗﻴﻦ وهـﻤﺎ اﻟﺮكـﻮد اﻟﺘﻀﺨﻤﻲ واﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ وﺣﺪث ﺗﻐﻴﺮ ﺟﻮهـﺮي ﻓﻲ ﻧﻈﺎم اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﺪوﻟﻲ إذ اﻧﺘﻘﻠﺖ اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻮداﺋﻊ اﻟﻤﺼﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ إﻟﻰ اﻷﺻﻮل اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮل .
واﺻﻄﺤﺒﺖ هـﺬﻩ اﻟﻈﺎهﺮة ﺑﺘﺪوﻳﻞ أﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪ واﻟﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وأﺳﻔﺮ ذﻟﻚ كـﻠﻪ ﻋﻦ ازدﻳﺎد اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻓﻲ هـﺬﻩ اﻷﺳﻮاق وﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺘﻘﻠﺒﺎت واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻗﻴﺎدة اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت واﻟﻤﺼﺎرف اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻠﻘﺎرات ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ و اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻺﻧﺸﺎء واﻟﺘﻌﻤﻴﺮ وﻓﻘﺪت اﻟﺪول ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﻮاق اﻟﻨﻘﺪ واﻟﻤﺎل ﻟﺪﻳﻬﺎ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ﺟﺎك ﻟﻮب ، اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺗﺤﺪﻳﺎت البقاء ، ص12 .
2ـ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺒﺤﻲ اﻟﺘﺮﺑﻲ ، ﻣﺼﺪر ﺳﺒﻖ ذكره ، ص85 .
3ـ ﻓﺆاد ﻣﺮﺳﻲ ، ﻣﺼﺪر ﺳﺒﻖ ذكره ، ص18 .
4ـ جاك لوب ، مصدر سبق ذكره ، ص199 .
5ـ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ ، ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ، ﻋﺪد ﻣﺎرس ، 1989 ، ص13 .
6ـ سعيد النجار ، مصدر سبق ذكره ، ص 20 .
7ـ ﻓﺆاد ﻣﺮﺳﻲ ، ﻣﺼﺪر ﺳﺒﻖ ذكره ، ص20 .
8ـ جاك لوب ، مصدر سبق ذكره ، ص17 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|