أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-05-2015
2645
التاريخ: 2024-01-30
1273
التاريخ: 3-05-2015
3057
التاريخ: 2024-01-30
1292
|
كثيرا ما يلجأ المعربون في تقدير المحذوف إلى السياق القرآني العامّ (القرآن كلّه) و ذلك لمعرفتهم بأنّ القرآن كلّه كالكلمة الواحدة تتكامل أجزاؤها و تتآلف، و من ذلك في سورة البقرة قوله تعالى في الآية (83) : { لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً } قال الزجّاج : " والتقدير" فأحسنوا بالوالدين إحسانا " وأضمر" وأحسنوا " لأنّ المصدر يدلّ عليه، و الدليل عليه قوله تعالى : {وقولوا للناس حسنا} «1».
وهنا لجأ المعرب إلى الاستدلال بآية من خارج سورة البقرة.
وقد يلجأ إلى موضع آخر من السورة نفسها، آية تسبق موضع الحذف أو تليه، و نظيره قوله تعالى : {وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} في الآية (259) من السورة، وتقديره ( لتستيقن ولنجعلك آية للناس) نظيره قبله ( ولأتمّ نعمتي عليكم ) تقديره ( واشكروا ولأتمّ ) ، وقيل : هو معطوف على قوله : { لئلّا يكون للناس عليكم حجّة ولأتمّ نعمتي عليكم} [البقرة : 155] «2». إن اعتماد المفسّر على آية سابقة بكثير لموضع الحذف يدل على تمثّل الوحدة في هذا النصّ من جهة، والاتّساق من جهة أخرى.
ومن أمثلته كذلك قوله تعالى : { أو كصيّب من السماء} [البقرة : 16] . قال الزجّاج : " أي كأصحاب صيّب من السماء دليله قوله { يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ} «3». و يجعلون في موضع الجرّ وصف للأصحاب من الصواعق أي من شدّتها. و قوله تعالى : { فِيهِ ظُلُماتٌ} لأنّه لا يخلو من أن يعود إلى الصيّب أو إلى السماء، فلا يعود إلى الصيّب لأنّ الصيّب لا ظلمات فيه ".
وقال : " ويدل على هذا الحذف قوله تعالى : { وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} في الآية (19) فهما معطوفان على (الظلمات). ولا يجوز أن يكون الرعد و البرق ممّا ينزل وإنّهما في السماء لاصطكاك بعض أجرامها ببعضها، بالإضافة لاستقلال السحاب وارتفاعه في كون هذه الظلمات.
وقدّره مرة أخرى أي سحاب وفيه الظلمات، فكذلك فيه ظلمات أي في وقت نزوله" «4».
إنّ الشاهد في هذا المثال استدلاله بمواضع أخرى من النصّ (السياق العام للنصّ) و لكنّه من ناحية أخرى يكشف عن تمثّل المعرب للعلاقة بين إعراب النصّ و المقام الخارجي للحدث الكلامي : إنّه يعتمد على حقائق المقام من مثل : (الصيّب لا ظلمات فيه)، و (الرعد و البرق ليس ممّا ينزل)، و عمليّة حدوث البرق و الرعد.
ومن أمثلته كذلك : (حذف المضاف) في قوله تعالى {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة : 51] أي انقضاء أربعين ليلة. و قال أبو عليّ : ليس يخلو تعلّق الأربعين ب (الوعد) من أن يكون على أنّه ظرف أو مفعول ثان، فلا يجوز أنّ يكون ظرفا لأنّ (الوعد) ليس فيها كلّها فيكون جواب (كم) ولا في بعضها، فيكون كما يكون جوابا ل (متى) لأنّ جواب (كم) تكون عن الكلّ لأنّك إذا قلت : كم رجلا لقيت؟ فالجواب عشرين فأجاب عن الكل، وجواب (متى) جواب البعض لأنّك إذا قلت : متى رأيت يقال في جوابه (يوم الجمعة) وهو بعض الأيام التي يدلّ عليها (متى)، فإذا لم يكن ظرفا كان انتصابه بوقوعه موقع المفعول الثاني، و التقدير واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة، أو تتمّة أربعين ليلة فحذف المضاف كما تقول : اليوم خمسة عشر من الشهر، أي تمامه. ونظيره في الأعراف { وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} أي انقضاء ثلاثين وأتممناها بعشر فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة " والميقات هو الأربعون" وإنّما هو ميقات ووعد، لما روي أنّ القديم سبحانه وتعالى وعده إن يكلّمه على الطور" «5». إنّ هذا الشاهد يحيلنا إلى أكثر من موضوع يتّصل بالسياق، فهو من جانب قد قدّر المحذوف بالاتّكاء على الحقائق المنطقيّة و حقائق اللغة، وطبيعة التوافق بين لغة النصّ ومقامه، والاستئناس بنصّ قرآنيّ آخر في سورة الأعراف، واتكاؤه على سياق الواقع و هو حقيقة الوعد بالتكليم على الطور.
________________
(1) الزجاج ، ص : 43.
(2) الزجاج ، ص : 24.
(3) الزجاج : ص : 43.
(4) الزجاج ، إعراب القرآن، ص 44.
(5) الزجاج ، إعراب القرآن، ص : 45.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|