أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2019
![]()
التاريخ: 23-5-2017
![]()
التاريخ: 23-4-2019
![]()
التاريخ: 2025-01-07
![]() |
نتطرق في هذا الموضوع إلى كل من الشريعة اليهودية و المسيحية و الإسلامية.
الفرع الاول : التبني في الشريعة اليهودية:
إن التوراة هي المصدر التشريعي للديانة اليهودية إذ أنها لم تعرف نظام التبني ولم تقر به ،إذ اجمع جميع الفقهاء على تحريمه لأنهم يرون إن التبني عبارة عن صورة افتراضية وليست حقيقة واقعية .لذلك أنهم يرون أي أسرة يهودية عندما تضم أبنا قاصرا فلا تسري عليه الحقوق المقررة للابناء الشرعيين كرابطة البنوة ولا الحق في الحضانة والنفقة واللقب العائلي كما إن هذا الضم لا يترتب عليه سبب التحريم في الزواج ،و لا يترتب عليه الإقرار بالإرث ،بل إن القاصر المحضون يبقى دائما أجنبيا عن الآسرة التي ضم إليها .
الحكمة من ذلك : إن الشريعة اليهودية تقدس الرابطة الأسرية وتحمي كيانها حفاظا على الأنساب الصحيحة وفي نفس الوقت تولي اهتماما بحماية الأبناء القصر المهملين و المجهولي النسب ،وذلك بضمهم إلى أسرة معينة والقيام بتربيتهم و رعايتهم وتنشئتهم .
الفرع الثاني : التبني في الشريعة المسيحية :
لم يتطرق الإنجيل إلى فكرة التبني باعتبار إن الإنجيل هو الشريعة المسيحية وكذا الأمر للفقه الكنسي إلا انه في سنة 1917 صدر عن قداسة بابا روما مجموعة خاصة بالطائفة الكاثوليكية بالغرب وفي عام 1949 صدرت مجموعة خاصة بالطائفة الكاثوليكية بالشرق (1) إذ جاء في هاتين المجموعتين أحكام بالإحالة تخص التبني على القانون المدني في كل دولة توجد فيها الطائفة الكاثوليكية وعليه فإنه كلما كان القانون المدني لدولة ما يجيز التبني يشترط أن توجد فيها الطائفة الكاثوليكية سواء بالغرب أو بالشرق فان الكنيسة تبيح ذلك .
وبموجب هذه الإحالة تجيز تطبيق التبني بطريقة غير مباشرة ولكن تبقي السلطة الكنسية لها الحق في الرقابة والحق في التدخل ، إذا ما عرض عليها أمر يتعارض مع قواعد الشريعة مثلا : إذا ما رغب الشخص المتبني في دولة ما توجد بها الطائفة الكاثوليكية ،ليتزوج بامرأة من أسرته الطبيعية فإن الكنيسة ترفض بشدة إتمام هذا الزواج حتى ولو قطع علاقته بأسرته الحقيقية .
الحكمة من ذلك : رغم إقرار الطائفة الكاثوليكية بالتبني عن طريق الإحالة إلا أن السلطة الكنسية من أجل الحفاظ على الأنساب و عدم اختلاطها و تقديس الأسرة إذ أنها دائما تفرض رقابتها على التبني .
الفرع الثالث : التبني في الشريعة الإسلامية :
لقد عرف العرب قبل الإسلام نظام التبني فكان الرجل إذا ما أعجبه فتى لوسامته أو حبا في الرفعة و الانتسابب إلى ولد شريف الأصل أو ذي عزة و جاه ، تبناه وألحقه بنسبه و أعطاه كل الحقوق مثل الأولاد الصلبين و له نصيب في الميراث وكما ينسب إلى المتبني لذلك يقال فلان بن فلان .
و تماشيا مع هذه الظاهرة تبنى محمد بن عبد الله قبل أن يصبح رسولا بالرسالة الإلهية شابا من سبايا بلاد الشام ، سباه رجل من تهامة فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد ، ثم وهبه إلى عمته خديجة زوجة النبي ثم وهبته إلى النبي (ص) فأعتقه و تبناه ،وهو زيد بن الحارثة الذي آثر البقاء مع النبي (ص) على هذا النحو على العودة إلى أهله و قومه في بلاد الشام و حينما تبناه النبي (ص) قال : (( يا معشر قريش اشهدوا إنه ابني أرثه و يرثني )).
وهذا الوضع المتعلق بالتبني كشأنه في كثير من الأوضاع و المسائل التي ظلت سائدة فترة زمنية بعد ظهور الإسلام مثل الخمر و الربا وبعض عادات الجاهلية ، وكان زيد هذا يدعى ( زيد بن محمد ) ثم حرم الإسلام التبني تحريما صريحا لأن رسالة الإسلام و القرآن الإصلاحية كانت تعالج أوضاع المجتمع العربي تدريجيا ، فقال النبي (ص) : (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) .
وفي السنة الخامسة للهجرة أبطل الله جلت حكمته التبني ، و قد وردت آيات عديدة بهذا الحكم منها قوله سبحانه و تعالى : (( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذالكم قولكم بأفواهكم و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا إباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم و كان الله غفورا رحيما )) (2) .
الخلاصة : الحكمة من تحريم التبني في الشريعة الإسلامية :تتجلى الأهمية من تحريم التبني في النقاط الآتية :
- منع اغتصاب إلا نساب وتجريد الطفل من نسبة الأصلي في قوله تعالى : (( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا ءا باءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم )) .
إذ إن رابطة المودة والرحمة النابعة من صلة الرحم الأصلية لا تتجسد في القرابة عن طريق البنوة مهما بلغت درجة الإنسانية ويقول الإمام أبو زهرة رحمه الله في هذا الصدد : " إن الأبوة والأمومة ليست ألفاظا تتردد ولا عقد يعقد ولكنها حنان وشفقة وارتباط لحم ودم " (3)
- عدم التوريث للحفاظ على أرزاق الغير :
إن تحريم التبني هو غاية في حد ذاته إذ يمنع توريث من ليس له حق الإرث لأن الميراث له شروطه وأحكامه منها القرابة مثلا ،و في تحريمه عدم الاعتداء على حقوق الغير لأن إقرار التبني وثبوت التوريث يجعل منه تعدي على تركة الغير بغير وجه حق وهذا من شأنه إن يثير الضغينة والأحقاد بين الأقارب الحقيقي بسبب هذا الدخيل الذي اغتصب حقوقهم وبالتالي قطع الأواصرل والأرحام ، وقد أكد الله عز ذكره في آية أخرى : (( ما كان محمد أبا لأحد من رجالكم ولكن رسول الله خاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما )) .
وقال عليه الصلاة والسلام (( من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام )) . كذلك قال صلى الله عليه وسلم (( من دعي إلى غير أبيه أو أنتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله يوم القيامة عدلا ولا صرفا )) .
إذا فإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أكدت على تحريم التبني وأنهت أمره الذي كان سائدا قبل الإسلام ،مؤكدة انه لا يترتب على التبني أي حكم شرعي وان من أقدم عليه كان آثما وهو نفس الشيء الذي سار عليه الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين وذلك بإجماعهم على تحريمه بصفة أبدية .
أما نظرة العالم الإسلامي المعاصر للتبني .
فإذا كانت الشريعة الإسلامية أغلقت باب التبني فإنها فتحت أبواب أخرى تضمن حماية أكثر للأطفال مهولي النسب و للقطاء وكدا بالنسبة لعدم قدرة الإباء في إحياء الأولاد، وذلك بما يعرف بالكفالة والاحتضان والرعاية التي تضمن حماية الأنساب وعدم اختلاطها. لكن الشيء الملاحظ في الحياة اليومية إن شريحة الأطفال المجهولين النسب واللقطاء يعانون من عدة مشاكل عند بلوغهم سن الرشد، رغم كفالتهم من طرف مؤسسة الرعاية الاجتماعية أو بعض الأسر ذوي البر والإحسان.
الشيء الذي دفع ببعض العائلات الرغبة في إعطاء اللقب العائلي لهم لضمان أحسن حياة لتنشئتهم ونفس الشيء الذي دفع هذه الأسر إلى الاستفسار عن مدى شرعيته رغم صراحة النصوص القرآنية بتحريم التبني لأجل ذلك أجاب الشيخ القرضاوي عن هذه التساؤلات بموجب فتوى رقم 54344 حول موضوع التبني أد أكد الشيخ في فتوته أن الله سبحانه وتعالى حرم التبني بنص القرآن الكريم وذلك في الفتوى السالفة الذكر حول حكم الطفل المجهول النسب بنسب كفيله.
- وقد ذهب بعض فقهاء المسلمين الموجودين على البقاع الغير الإسلامية في الدول الغربية إلى ان فكرة التبني أخذت أشكال جديدة وهي غريبة ،وعادة ما تكون ناتجة عن الفقر والاحتياج وحب المال والرغبة في الثراء بسرعة ،إذ أن الأسر تنجب الأولاد لا لغرض البنوة لكن بغرض المتاجرة والبيع الذي أصطلح عليه بالرق الذي يعتبر من مخلفات العصور الغابرة الشيء الذي أدى بالدول المعاصرة إلى إبرام معاهدة الفاء الرق في العالم سيما التي ابرمت سنة 1952 لذلك أكد الفقهاء أن ذلك يعتبر صورة و مظهر من مظاهر الجور ومصادمة الطبيعة البشرية السوية التي تتطلب نسبة كل ولد إلى أبيه وأمه الحقيقيين ،وهو الموضوع الذي كان محاضرة تحت عنون حكم التبني وأبعاده الإنسانية التي ألقيت بمسجد الدعوة بباريس بحضور بعض المستشرقين وأساتذة جامعة ( ليون ) يوم 28 / 04 / 2001.
_____________
1- الدكتور محمد صبحي محمد نجم محاضرات في قانون الأسرة ص 56
2- الآيتان 4 – 5 من سورة الأحزاب .
3- الإمام محمد أبو زهرة : تنظيم الإسلامي للمجتمع ( دار الفكر العربي طبعة سنة 1965 ص 139 )
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة لجامعة الفرات الأوسط التقنية للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|