أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
4619
التاريخ: 10-06-2015
2668
التاريخ: 15-02-2015
1558
التاريخ: 27-08-2015
1560
|
من القضايا المهمّة في حياة الأفراد والمجتمعات هي قضيّة «معايير التقييم» و «نظام القيم» الذي يتحكّم بثقافة ذلك المجتمع. لأنّ كلّ الحركات الصادرة عن الأفراد والجماعات في حياتهم إنّما تنبع من هذا النظام وتهدف إلى خلق تلك القيم.
وإشتباه قوم من الأقوام واُمّة من الاُمم في هذه القضيّة والتعامل بقيم خيالية لا أساس لها قد يؤدّي إلى طبع تأريخهم بطابع الغرور. وإدراك القيم الواقعية والمعايير الحقيقية يشكّل أساساً متيناً لبناء سعادتهم.
عبيد الدنيا المغرورون يتصوّرون بأنّ القيم تنحصر فقط في المال والقدرة المادية والتعداد البشري، وحتّى القيمة أمام الله ينظرون إليها من داخل هذا الإطار، كما لاحظنا نموذجاً من ذلك في الآيات السابقة، وهناك نماذج كثيرة من هذا القبيل تلاحظ في القرآن الكريم، منها :
1 ـ فرعون، الطاغية المتجبّر، الذي كان يقول لمن حوله بأنّه لا يصدق أنّ موسى (عليه السلام) رسول من الله، فإن كان حقّاً ما يقول فلِمَ لم يعطه الله سواراً من الذهب {فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ } [الزخرف: 53].
وحتّى انّه يرى عدمها دليل هي المهانة والدونية، فيقول: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ } [الزخرف: 52].
2 ـ مشركو عصر الرسالة المحمّدية، تعجّبوا من نزول القرآن على رجل فقير كرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]. ـ بنو إسرائيل اعترضوا على نبي زمانهم «أشموئيل» في قضيّة إنتخاب «طالوت» كقائد للجيش وقالوا: {نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة: 247].
4 ـ مشركو زمان نوح (عليه السلام) الأثرياء إعترضوا عليه بأن اتّبعه أراذلهم، وهم الفقراء في نظرهم {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } [الشعراء : 111] .
5 ـ أثرياء مكّة أوردوا نفس هذا الإعتراض على الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بقولهم: لقد أحاط بك الحفاة، ونحن نشمئزّ حتّى من رائحتهم، فلا نتبعك إلاّ بإبتعادهم عنك. وقد حقّرهم القرآن الكريم في سورة الكهف بشدّة، وهدّدهم، وأمر الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بأن يكون مع الذين عشقوا الله، ويدعونه صباحاً ومساءً وإن كانوا فقراء {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28].
لهذه الأسباب، كان أوّل عمل إصلاحي يقوم به الأنبياء هو تحطيم اُطر التقييم الكاذبة تلك، وإستبدالها بالقيم الإلهية الأصيلة والقيام بـ «ثورة ثقافية» أبدلوا أساس الشخصية ومحورها من الأموال والأولاد والثروة والجاه والشهرة القبلية والعائلة إلى التقوى والإيمان والعمل الصالح.
وقد مرّ نموذج لذلك في الآيات السابقة، فبعد شجب الأموال والأولاد كوسيلة للتقرّب من الله تعالى، والآية {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى } [سبأ: 37] أعطت بعدها مباشرة القيم الأصيلة كبديل بالقول : {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [سبأ: 37].
والآية الشريفة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] والتي أضحت شعاراً إسلامياً بعد إستبعاد القيم المرتبطة بالقبيلة والعشيرة، تشير إلى هذه الثورة الفكرية والإعتبارية. فإستناداً إلى هذه الآية (الحجرات ـ 13) فليس هناك شيء غير التقوى، والإيمان المقترن بالشعور بالمسؤولية، وصلاح العمل، ليس سوى ذلك معياراً لتقييم شخصية الإنسان وقربه من الله تعالى. وكلّ من كان له نصيب أكبر من ذلك كان إلى الله أقرب وعنده أكرم.
والملفت للنظر أنّ محيط الجزيرة العربية كان قبل نزول التعاليم الإسلامية القرآنية السامية ـ بتأثير هيمنة القيم الظالمة ـ خاضعاً لأصحاب الأموال والكذبة من أمثال أبي سفيان وأبي جهل وأبي لهب. ولكن بعد ثورة القيم ظهر من نفس ذلك المحيط أمثال أبي ذرّ وعمّار والمقداد (رضوان الله عليهم).
الجميل أنّ القرآن المجيد في سورة «الزخرف» وبعد ذكر الآيات التي أوردناها آنفاً يقول: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } [الزخرف:33,35].
هذا كلّه لكي لا تحلّ القيم المزيّفة محلّ القيم الإنسانية الواقعية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|