لخص ابن جني(1) فائدة التصريف بقوله : (هذا القبيل من العلم – اعني التصريف – يحتاج إليه جميع أهل العربية اتم حاجة، وبهم إليه اشد فاقة، لانه ميزان العربية، وبه تعرف أصول كلام العرب من الزوائد الداخلية عليها، ولا يوصل الى معرفة الاشتقاق الا به، وقد يؤخذ جزء من اللغة كبير
ص12
بالقياس، ولا يوصل الى ذلك الا من طريق التصريف، وذلك نحو قولهم : ان المضارع من فعل لا يجيء الا على يفعل بضم العين، الا ترى انك لو سمعت انسانا يقول كرم يكرم بفتح الراء من المضارع لقضيت بانه تارك لكلام العرب سمعتهم يقولون يكرم او لم تسمعهم لانك اذا صح عندك ان العين مضمومة من الماضي قضيت بانها مضمومة في المضارع أيضا قياسا على ما جاء، ولم تحتج الى السماع في هذا ونحوه وان كان السماء أيضا مما يشهد بصحة قياسك. ومن ذلك أيضا قولهم ان المصدر(2) من الماضي ان كان على مثال (افعل) يكون (فعلا) بضم الميم وفتح العين نحو ادخلته مدخلا واخرجته مخرجا. الا ترى انك لو اردت المصدر من اكرمته على هذا الحد لقلت مكرما قياسا ولم تحتج منه الى السماع. وكذلك قولك : كل اسم كانت في اوله ميم زائدة مما ينقل ويعمل به (يعني اسم الالة)(3) فهو مكسور الاول نحو مطرقة ومروحة الا ما استثني من ذلك فهذا لا يعرفه الا من يعلم ان الميم زائدة، ولا يعلم ذلك الا من طريق التصريف او نحوه مما يستدرك من اللغة بالقياس.
وقد بين ابن جني (4) ان كثيرا من أهل اللغة وقع الخطأ في كتبهم بسبب قلة معرفتهم بضوابط هذا العلم فهو يقول : (ولهذا ما لا تكاد تجد لكثير من مصنفي اللغة كتابا الا وفيه سهو وخلل في التصريف، وترى كتابه اسد شيء فيما يحكيه فاذا رجع الى القياس واخذ يصرف ويشتق اضطرب كلامه وخلط، واذا تأملت ذلك في كتبهم لم يكد يخلو منه كتاب الا الفرد، وبتكرر هذا التخليط على حسب طول الكتاب وقصره وليس هذا غضا من اسلافنا ولا توهيناً لعلمائنا، كيف وبعلومهم نقتدي وعلى امثلتهم
ص13
نحتذي وإنما أردت بذلك التنبيه على فضل هذا القبيل من علوم العربية، وانما من اشرفه وانفسه حتى ان اهله الشبلين(5) عليه والمنصرفين إليه كثيرا ما يخطئون فيه ويخلطون فكيف بمن هو عنه بمعزل، وبعلم سواه متشاغل.
وقد لخص بعض(6) المحدثين فائدة التصريف بقوله : (أهميته معرفة صيغ الكلم العربية وتحليل اجزائها وحروفها ومعرفة ما فيها من محذوف او زائد او تقديم او تأخير فيقي المتعلم لسانه من اللحن في ضبط تلك الصيغ ويحسن استعمالها في الكلام ويسلم من مخالفة القياس المخلة بالفصاحة).
وقال غيره(7) : (وموتى درست علم الصرف أفدت عصمة تمنعك من الخطأ في الكلمات العربية وتقيك من اللحن في ضبط صيغها وتيسر لك تلوين الخطاب، وتساعدك على معرفة الاصل من حروف الكلمات والزائد... وعلى معرفته المعول في ضبط الصيغ ومعرفة تصغيرها والنسبة اليها، وبه وحده يقف المتأمل فيه على ما يعتري الكلم من اعلال أو ابدال او ادغام، ومنه وحده يعلم ما يطرد في العربية وما يقل وما يندر وما يشذ من الجموع والمصادر والمشتقات، وبمراعاة قواعده تخلو مفردات الكلام من مخالفة القياس التي تخل بالفصاحة فتبطل معها بلاغة المتكلمين).
ص14
_____________________
(1) نفسه 1/ 2.
(2) يقصد المصدر الميمي.
(3) ما بين القوسين زيادة للتوضيح.
(4) المنصف 1/ 3.
(5) اشبل عليه : عطف.
(6) المرحوم الاستاذ كمال إبراهيم في كتابه عدة الصرف.
(7) محمد محيي الدين عبدالحميد : دروس في التصريف 6 -7.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|