أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1423
التاريخ: 13-11-2014
1532
التاريخ: 16-12-2015
3135
التاريخ: 5-10-2014
1619
|
إنّ الإسلام يقيم دعوته إلى حكومة عالميّة واحدة على سلسلة من الاُسس
والمبادئ الفكريّة الضامنة للوحدة بين شعوب الأرض ، وهي عديدة أهمّها وأبرزها : «
المساواة بين جميع أبناء البشر » فالإسلام ينبه البشر إلى أنّهم متساوون في الخلق
فكلّهم من آدم وحواء وكلاهما من تراب وهم متساوون في الإنسانيّة والمشاعر البشريّة
ومتساوون في المصير فكلّهم راجعون إلى الله تعالى وإذا كانوا كذلك فلماذا يختلفون
في القوميّة ، ولماذا يتميّز بعضهم على بعض بالعنصر ، أو الأرض ، أو غير ذلك من
ألوان التمييز الظالم ودواعيه الوهميّة وإلى هذا يشير قول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ } ( الحجرات : 13 ) (1) .
وقوله سبحانه : {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} ( المائدة : 48).
إنّ هاتين الآيتين وماشابههما من الآيات
القرآنيّة تعلن بصراحة عن وحدة أبناء الإنسان مبدأ ومصيراً ... ووحدتهم أصلاً
ونهاية ، وتنهي كلّ ألوان التمييز العنصريّ ، والقوميّ وكلّ دواعيه الخياليّة ،
فالإسلام لا يقر الحدود والأجناس والقوميّات والعنصريّات كعوامل واُمور تسوّغ
التفريق بين أبناء البشر ، وترفع جماعة وتضع اُخرى.
وبهذا يرسي قواعد حكومة عالميّة واحدة ذات
نظام إلهيّ توحيديّ واحد تدار فيها جميع المجتمعات البشريّة بمجموعة واحدة من
القوانين الالهيّة المطابقة للفطرة الإنسانيّة والطبيعة البشريّة ، ويخضع العالم
برمّته ـ في ظلالها ـ لاقتصاد واحد وسياسة واحدة وقضاء واحد ومحكمة واحدة ،
ومعتمداً على جيش قويّ واحد ... ويستفيد جميع أبناء البشر من جميع المواهب
الالهيّة الطبيعيّة بصورة متساويّة ، لا أن يحتكر بلد صغير جداً موارد طبيعيّة
ضخمة وهائلة تكفي لأن يعيش بها عشرات الملايين بل ومئاتها ، بينما يرزح كثير من
الناس في البلاد الاُخرى تحت حال يرثى لها من الحرمان والبؤس والفقر المدقع ،
ويعانون من الجوع والجهل ، والعري والمرض ويموت منهم كلّ يوم عشرات الآلاف بل مئات
الآلاف نتيجة الفقر ، ونقصان المواد الغذائيّة ، وما شابه ذلك.
وبذلك نعرف أنّ الدعوات القائمة ـ اليوم ـ
باسم القوميّة ، والعنصريّة والطبقيّة ما هي إلاّ خطوات مضادّة لأطروحة الحكومة
العالميّة الموحّدة التي سبق الإسلام إلى المناداة بها والدعوة إليها بإصرار.
لقد شجب الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله
وسلم) في خطابه التاريخيّ عند عودته من حجّة الوداع ، كلّ ألوان التمييز
والتفرقة بين أبناء البشر وقال : « لا فضل لعربيّ على أعجميّ ولا لأعجميّ على عربيّ إلاّ
بالتّقوى » (2)
وقال : « كلّكم من آدم وآدم من تراب » (3)
وقال : « أيّها الناس أنّ الله أذهب عنكم نخوة
الجاهلية ، وتفاخرها بآبائها ألا انّكم من آدم وآدم من طين »(4)
وقال : « ألا أنّ خير عباد الله عبد اتّقاه إنّ
الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثّل أسنان المشط لا فضل لعربيّ على أعجميّ ولا
لأحمر على أسود إلاّ بالتقوى » (5).
وقال : « إنّما الناس رجلان : مؤمن تقيٌّ كريم على الله ، أو فاجر شقيٌّ هينٌّ على الله ».
وقال : « ألا أنّ العربيّة ليست بأب والد ، ولكنّها
لسان ناطق ، فمن قصر به عمله لم يبلغ به حسبه »(6)
وقال : « ليدعنّ رجال فخرهم بأقوام ، إنّما هم فحم من فحم جهنّم. أو ليكوننّ أهون على الله من الجعلان التي
تدفع بانفها النتن » (7)
وقال عليّ (عليه السلام) : « أصل الإنسان لبُّه وعقله ودينه
ومروّته حيث يجعل نفسه ، والأيام
دول والنّاس إلى آدم شرع سواء » (8)
إنّ مثل هذا الموقف الإنسانيّ الصحيح من
البشريّة يمكن أن يكون قاعدة فكريّة أساسيّة لتشكيل حكومة عالميّة موحّدة تقضي على
كلّ ألوان الصراع والتشاحن ، وتزيل أسباب الحروب الدامية ، وينعم في ظلالها جميع
البشريّة بالسعادة والعزّة والاستقرار والثبات ، ويستفيد فيها الجميع من النعم
الإلهيّة والمواهب الطبيعيّة على قدم المساواة ، دونما تفضيل أو تمييز ، ودونما
إجحاف أو ظلم.
قال عليّ (عليه السلام) : « أفضل النّاس ـ أيُّها النّاس ـ عند الله منزلةً وأعظمهم عند الله خطراً
أطوعهم لأمر الله وأعلمهم بطاعة الله ، واتبعهم لسنّة رسول الله وأحياهم لكتاب
الله ، فليس لأحد من خلق الله عندنا
فضل إلاّ بطاعة الله وطاعة رسوله واتباع كتابه وسنّة نبيّه ، وهذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد نبيّه
وسيرته فينا لا يجهلها إلاّ جاهل مخالف معاند عن الله عزّ وجلّ يقول الله : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} (
الحجرات : 13 ) فمن
اتقى الله فهو الشريف المكرم المحبُّ كذلك أهل طاعته وطاعة رسوله » (9)
____________________________
(1) إنّ الملاحظ أنّ القرآن وجّه أكثر
دعواته إلى الناس فقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ولم يوجهها إلى طائفة خاصّة فلم يقل يا أيّها القريشيّون أو
يا أهل مكّة ، أو يا أهل الحجاز أو أيّها البيض أو أيّها العرب.
(2 و3) تحف العقول : 34 ، وسيرة ابن هشام 2
: 414.
(4) سيرة ابن هشام 2 : 412.
(5) الفقيه 2 : 27 باختلاف يسير ، والكافي 2
: 246.
(6) سنن أبي داود 2 : 625.
(7) سنن أبي داود 2 : 624.
(8) أمالي الصدوق : المجلس 42.
(9) تحف العقول : 183.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|