أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-11-2016
![]()
التاريخ: 14-2-2017
![]()
التاريخ: 14-2-2017
![]()
التاريخ: 12-2-2017
![]() |
قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 87، 88].
ذكر سبحانه إنعامه عليهم بإرسال رسله إليهم وما قابلوه به من تكذيبهم فقال {ولقد آتينا موسى الكتاب} أي أعطيناه التوراة وأنزلنا إليه {وقفينا من بعده} أي أتبعنا من بعد موسى {بالرسل} رسولا بعد رسول يتبع الآخر الأول في الدعاء إلى وحدانية الله تعالى والقيام بشرائعه على منهاج واحد لأن كل من بعثه الله تعالى نبيا بعد موسى إلى زمن عيسى (عليه السلام) فإنما بعثه بإقامة التوراة والعمل بما فيها والدعاء إلى ذلك {وآتينا عيسى بن مريم البينات} أي أعطيناه المعجزات والدلالات على نبوته من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ونحو ذلك من الآيات الدالة على صدقه وصحة نبوته وقال بعضهم أراد بالبينات الإنجيل وما فيه من الأحكام والآيات الفاصلة بين الحلال والحرام {وأيدناه بروح القدس} أي قويناه وأعناه بجبريل (عليه السلام) عن قتادة والسدي والضحاك والربيع واختلف في سبب تسمية جبرائيل (عليه السلام) روحا على وجوه (أحدها) أنه يحيي بما يأتي به من البينات الأديان كما تحيى بالأرواح الأبدان (وثانيها) أنه سمي بذلك لأن الغالب عليه الروحانية وكذلك سائر الملائكة وإنما خص بهذا الاسم تشريفا له (وثالثها) أنه سمي به وأضيف إلى القدس لأنه كان بتكوين الله تعالى إياه روحا من عنده من غير ولادة والد ولده وقال ابن زيد المراد بروح القدس الإنجيل كما سمى الله تعالى القرآن روحا فقال وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا فكذلك سمي الإنجيل روحا وروى الضحاك عن ابن عباس أن الروح الاسم الذي كان عيسى (عليه السلام) يحيي به الموتى وقال الربيع هو الروح الذي نفخ فيه فأضافه إلى نفسه تشريفا كما قال بيت الله وناقة الله وأقوى الأقوال والوجوه قول من قال هو جبرائيل (عليه السلام) وإذا قيل لم خص عيسى (عليه السلام) من بين الأنبياء بأنه مؤيد بجبرائيل وكل نبي مؤيد به فالقول فيه إنه إنما خص بذلك لثبوت اختصاصه به من صغره إلى كبره فكان يسير معه حيث سار ولما هم اليهود بقتله لم يفارقه حتى صعد به إلى السماء وكان تمثل لمريم عند حملها به وبشرها به ونفخ فيها واختلف في معنى القدس فقيل هو الطهر وقيل هو البركة عن السدي وحكى قطرب أنهم يقولون قدس عليه الأنبياء أي بركوا وعلى هذا فإنه كدعاء إبراهيم (عليه السلام) للحرم رب اجعل هذا بلدا آمنا وكقول زكريا واجعله رب رضيا وقيل القدس هو الله تعالى عن الحسن والربيع وابن زيد وقالوا القدوس والقدس واحد وقوله {أ فكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم}خطاب لليهود فكأنه قال يا معشر يهود بني إسرائيل أ كلما جاءكم رسول من رسلي بغير الذي تهواه أنفسكم تعظمتم وتجبرتم وأنفتم من قبول قوله {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} أي فكذبتم منهم بعضا ممن لم تقدروا على قتله مثل عيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقتلتم بعضا مثل يحيى وزكريا وغيرهما وظاهر الخطاب وإن خرج مخرج التقرير فهو بمعنى الخبر وإنما أضاف هذا الفعل إليهم وإن لم يباشروه بنفوسهم لأنهم رضوا بفعل أسلافهم فأضيف الفعل إليهم وإن فعله أسلافهم .
{وقالوا قلوبنا غلف} رجع الكلام إلى الحكاية عن اليهود وعن سوء مقالهم وفعالهم فالمعنى على القراءة الأولى أنهم ادعوا أن قلوبهم ممنوعة من القبول فقالوا أي فائدة في إنذارك لنا ونحن لا نفهم ما تقول إذ ما تقوله ليس مما يفهم كقوله تعالى { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ } [فصلت: 5] وقال أبو علي الفارسي ما يدرك به المعلومات من الحواس وغيرها من الأعضاء إذا ذكر بأنه لا يعلم وصف بأن عليه مانعا من ذلك ودونه حائلا فمن ذلك قوله تعالى { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] لما كان القفل حاجزا بين المقفل عليه وحائلا من أن يدخله ما يدخل إذا لم يكن مقفلا جعل مثالا للقلوب بأنها لا تعي ولا تفقه وكذلك قوله {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: 15] و {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي } [الكهف: 101] وقوله { بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: 66] كان شدة عنادهم تحملهم على الشك في المشاهدات ودفع المعلومات وأما المعنى على القراءة الثانية من تحريك العين في غلف فهو على أن المراد أن قلوبنا أوعية للعلم ونحن علماء ولوكان ما تقوله شيئا يفهم أوله طائل لفهمناه أو يكون المراد ليس في قلوبنا ما تذكره فلوكان علما لكان فيها وقوله {بل لعنهم الله بكفرهم} رد الله سبحانه عليهم قولهم أي ليس ذلك كما زعموا لكن الله سبحانه قد أقصاهم وأبعدهم من رحمته وطردهم عنها بجحودهم به وبرسله وقيل معنى لعنهم طبع على قلوبهم على سبيل المجازاة لهم بكفرهم وقوله {فقليلا ما يؤمنون} معناه أن هؤلاء الذين وصفهم قليلو الإيمان بما أنزل على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإن كان معهم بعض الإيمان من التصديق بالله وبصفاته وغير ذلك مما كان فرضا عليهم وذلك قليل بالإضافة إلى ما جحدوه من التصديق بنبوة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبما جاء به والذي يليق بمذهبنا أن يكون المراد به لا إيمان لهم أصلا وإنما وصفهم بالقليل كما يقال قل ما رأيت هذا قط أي ما رأيت هذا قط وإن جعلت قليلا نصبا على الحال أي يؤمنون قليلا فمعناه لا يؤمن به(2) إلا نفر قليل كعبد الله بن سلام وأصحابه وفي هذه الآية رد على المجبرة لأن هؤلاء اليهود قالوا مثل ما يقولونه من أن على قلوبهم ما يمنع من الإيمان ويحول بينها وبينه فكذبهم الله تعالى في ذلك بأن لعنهم وذمهم ولو كانوا صادقين(3) لما استحقوا اللعن والطرد ولكان الله سبحانه قد كلفهم ما لا يطيقونه .
_______________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص295-298.
2- [منهم].
3- [في ذلك] .
{ولَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ } . أي أعطينا موسى التوراة ، ثم أرسلنا من بعده رسولا بعد رسول . . وقيل : لم يمر زمن بين موسى وعيسى آخر أنبياء بني إسرائيل الا وكان فيه نبي مرسل ، أو أنبياء متعددون يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . وفي تفسير الرازي ، وأبي حيان الأندلسي ان من هؤلاء الرسل : يوشع واشمويل وشمعون وداود وسليمان وشيعاء وارمياء وعزير وحزقيل واليسع ويونس وزكريا ويحيى .
{وآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} . عيسى ( عليه السلام ) هو آخر أنبياء بني إسرائيل ، وبينه وبين موسى حوالي أربعة عشر قرنا . . والمراد بالبينات الدلائل والمعجزات التي دلت على صدقه ونبوته ، أما روح القدس فقد ذهب جمهور المفسرين إلى انه جبرائيل ، ونميل نحن إذا لم يوجد نص على التعين ، نميل إلى ان المراد به الروح المقدسة ، وان اللَّه سبحانه قد وهب عيسى روحا نقية قوية أهلته للرسالة الإلهية ، والتوسط بين اللَّه وعباده ، وقيادتهم في طريق الخير والهداية .
{أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ} . الخطاب عام لجميع اليهود ، لأنهم أمة واحدة ، وعلى طبع واحد ، ولأن من رضي عن الظالم فقد شاركه في ظلمه .
{فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ} كعيسى ومحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) . { وفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} كزكريا ويحيى . . {وقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ} . أي قال اليهود للنبي : ان على قلوبنا غلافا يمنعها من تفهم دعوتك والاستماع إليها ، فهو تماما كهذه الآية : {وقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وفِي آذانِنا وَقْرٌ}.
جاء في بعض الروايات : (الحكمة ضالة المؤمن). والمراد بالمؤمن هنا من يؤمن بالحق ، ويطلبه لوجه الحق . . وبديهة ان من كان كذلك يقتنع بمجرد قيام الحجة والدليل ، وعلى العكس من لا يؤمن بالحق ، ولا بالقيم ، ولا بشيء إلا بذاته وأهوائه وشهواته . . ولا شيء لدى هذا إلا المكابرة والعناد إذا دمغته الحجة ، وأفحمه البرهان . وقد يحاول إخفاء عجزه بإظهار الاستخفاف وعدم الاكتراث . . ويقول للمحق : لا أفهم ما تقول ، فأنا في شغل شاغل عنك وعن أدلتك ، وهو في قوله هذا كاذب عند اللَّه ، وعند نفسه ، ومستحق للعن والعذاب .
{ فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ} . أي لم يؤمن من اليهود بمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) إلا القليل ، مثل عبد اللَّه بن سلام وأصحابه ، واختار صاحب مجمع البيان ان معنى {قليلا ما يؤمنون} انه ما آمن أحد منهم إطلاقا لا قليلا ولا كثيرا ، يقال : قلما يفعل ، بمعنى لا يفعل البتة . . والأول أصح ، لقوله تعالى : {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155].
المصلح الصادق والمزيف الكاذب :
وينبغي الوقوف قليلا عند قوله تعالى : أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم الخ . .
ان هذه الآية الكريمة كما تضمنت التوبيخ لمن يعصي الرسل ، ويرفض الحق إذا لم يوافق هواه فإنها أيضا تتضمن التوبيخ لمن يتساهل مع الناس ، ولا يجابههم بكلمة الحق تزلفا إليهم ، وطمعا في المكانة عندهم . . ان المصلح الصادق يقول الحق ، ولا يخشى في اللَّه لومة لائم ، لأن هدفه الأول والأخير هو مرضاة اللَّه وحده ، ومن أجلها يستشهد ويضحي بالنفس ، ويقدم للأجيال مثلا أعلى في اتباع الحق والجهر به ، أما المزيف الكاذب فيستهدف مرضاة الناس لتروج بضاعته عندهم ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تسخط اللَّه برضا أحد من خلقه ، فان في اللَّه خلفا عن غيره ، وليس من اللَّه خلف في غيره .
_____________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص147-149.
قوله تعالى: {وقفينا} التقفية الاتباع وإتيان الواحد قفا الواحد.
قوله تعالى: {وآتينا عيسى بن مريم البينات}، سيأتي الكلام فيه في سورة آل عمران.
قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف} جمع أغلف من الغلاف أي قلوبنا محفوظة تحت لفائف وأستار وحجب، فهو نظير قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: 5] ، وهو كناية عن عدم إمكان استماع ما يدعون إليه.
__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص185.
القلوب المغلّفة:
الحديث في هاتين الآيتين عن بني إسرائيل، وإن كانت المفاهيم والمعايير التي تطرحها الآيتان عامّة وشاملة.
تقول الآية الاُولى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسىَ الْكِتَابَ} ثم تذكر بعثة الأنبياء بعد موسى مثل داود وسليمان ويوشع وزكريا ويحيى ...{وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ}، وتشير إلى بعثة عيسى {وآتيْنَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}، لكن تعامل بني إسرائيل كان مع كل هؤلاء الأنبياء قائماً على أساس نزعات هوى النفس {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ}؟! وكان موقفهم إمّا اغتيال شخصية النّبي أو شخص النّبي: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}، لو كان اغتيال الشخصية كافياً لتحقيق أهدافهم الدنيئة اكتفوا بذلك، وإن لم يكن كافياً سفكوا دمه!!
ذكرنا في تفسير الآيات السابقة عند حديثنا عن الإزدواجية في الإلتزام بالأحكام الإلهية أن معيار الإيمان والتسليم هو الإلتزام بما لا تهوى النفس، لأن كل أصحاب الأهواء مستسلمون لما ينسجم مع ميولهم وأهوائهم.
ومن جانب آخر يستفاد من الآية أن القادة الإلهيين لم يكونوا يأبهون بمعارضة أصحاب الأهواء، وهذا هو شأن القائد لمنهج الحق. ولو انساقوا وراء أهواء الآخرين لما كانوا قادة لطلاّب صراط الحق. بل أتباع لطلاب الدنيا.
الآية التالية تذكر ما كانوا يقولونه باستهزاء مقابل دعوة الأنبياء لهم أو دعوة النّبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم): {وَقَالُوا: قُلُوبُنَا غُلْفٌ} والغلف جمع أغلف أي مغلّف.
نعم، إنها كذلك مغلّفة وبعيدة عن نفوذ النور الإلهي إليها، لأن أصحابها لعنوا بعد التمادي في الكفر {بَلْ لَعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ}.
قد تشير الآية إلى اليهود الذين كذبوا الأنبياء وقتلوهم، وقد تشير إلى اليهود المعاصرين للنبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) ممّن وقف بوجه الرسالة. لكنها على أي حال تبين حقيقة هامّة هي: إن الإنغماس في الأهواء يبعد الفرد عن الله، ويسدل الحجب على قلبه، فلا تكاد الحقيقة تجد لها طريقاً إلى نفسه.
_____________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص239-240.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|