أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
3566
التاريخ: 2023-10-31
3506
التاريخ: 29-01-2015
3548
التاريخ: 2024-04-24
923
|
كانت غزوة حنين فاستظهر فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) بكثرة الجمع فخرج ومعه عشرة آلاف من المسلمين فظن أكثرهم أن لن يغلبوا لما شاهدوا من كثرة جمعهم و عددهم و عدتهم و أعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال لن نغلب اليوم من قلة فكان الأمر بخلاف ما ظنوه وعانهم أبو بكر فلما التقوا لم يلبثوا و انهزموا بأجمعهم و لم يبق مع النبي (صلى الله عليه واله) إلا تسعة من بني هاشم و عاشرهم أيمن ابن أم أيمن و قتل رحمه الله وثبت التسعة الهاشميون ورجعوا بعد ذلك و تلاحقوا و كانت الكرة لهم على المشركين فأنزل الله في إعجاب أبي بكر بالكثرة {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [التوبة: 25، 26] يريد عليا (عليه السلام) ومن ثبت معه من بني هاشم, أمير المؤمنين و ثمانية العباس بن عبد المطلب عن يمين رسول الله و الفضل بن العباس عن يساره و أبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند نفر بغلته و أمير المؤمنين بالسيف بين يديه و نوفل بن حرث و ربيعة بن الحرث وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب و عتبة و معتب ابنا أبي لهب حوله.
وفي ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي
لم يواس النبي غير بني هاشم عند السيوف يوم حنين
هرب الناس غير تسعة رهط فهم يهتفون بالناس أين
ثم قاموا مع النبي على الموت فأبوا زينا لنا غير شين.
وثوى أيمن الأمين من القوم شهيدا فاعتاض قرة عين
وقال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة و قد فر من قد فر عنه فاقشعوا
وقولي إذا ما الفضل شد بسيفه على القوم أخرى يا بني ليرجعوا
وعاشرنا لاقى الحمام بنفسه لما ناله في الله لا يتوجع
يعني به أيمن ابن أم أيمن و لما رأى رسول الله (صلى الله عليه واله) هزيمة القوم قال للعباس و كان رجلا جهوريا صيتا ناد في الناس و ذكرهم العهد فنادى العباس يا أهل بيعة الشجرة يا أصحاب سورة البقرة إلى أين تفرون اذكروا العهد الذي عاهدكم عليه رسول الله (صلى الله عليه واله) والقوم على وجوههم قد ولوا مدبرين و كانت ليلة ظلماء ورسول الله (صلى الله عليه واله) في الوادي والمشركون قد خرجوا عليه من جنبات الوادي و شعابه و مضايقه بسيوفهم و عمدهم فنظر إلى الناس ببعض وجهه فأضاء كأنه القمر ليلة البدر ثم نادى أين ما عاهدتم الله عليه فأسمع أولهم و آخرهم فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض و انحدروا إلى حيث كانوا من الوادي حتى لحقوا بالعدو فواقعوه و جاء رجل من هوازن على جمل و معه راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب عليهم و إذا فاته الناس رفعه لمن وراءه من المشركين فاتبعوه و هو يرتجز
أنا أبو جرول لا براح حتى نبيح القوم أو نباح
فصمد له أمير المؤمنين فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره.
يقال قطره أي ألقاه على أحد قطريه أي جانبيه. ثم قال
قد علم القوم لدى الصباح أني في الهيجاء ذو نضاح
فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول لعنه الله ثم التأم المسلمون و صفوا للعدو فقال رسول الله (صلى الله عليه واله)اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم وبالا و تجالدوا فقام النبي (صلى الله عليه واله) في ركائبه فقال الآن حمي الوطيس.
الوطيس التنور و استعير للحرب إذا اشتدت و يقال إنها لم تسمع إلا منه (صلى الله عليه واله).
و قال :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
فما كان أسرع من أن ولى القوم أدبارهم و جيء بالأسرى مكتفين و لما قتل أمير المؤمنين أبا جرول و وضع المسلمون سيوفهم فيهم قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) منهم أربعين رجلا ثم كانت الهزيمة و الأسر حينئذ و كان أبو سفيان صخر بن حرب في جملة من انهزم من المسلمين فروي عن معاوية قال لقيت أبي منهزما مع بني أبيه من أهل مكة فصحت به يا ابن حرب و الله ما صبرت من ابن عمك و لا قاتلت عن دينك و لا كففت هؤلاء الأعراب عن حريمك فقال من أنت فقلت معاوية قال ابن هند قلت نعم فقال بأبي و أمي ثم وقف و اجتمع معه ناس من أهل مكة و انضممت إليهم و حملنا على القوم فضعضعناهم و ما زال المسلمون يقتلون و يأسرون حتى تعالى النهار.
وفي هذه الغزاة قسم النبي (صلى الله عليه واله) الغنائم و أجزل القسم للمؤلفة قلوبهم كأبي سفيان و معاوية ابنه و عكرمة بن أبي جهل ورجال منهم و أعطى الأنصار شيئا يسيرا فغضب ناس من الأنصار و بلغه عنهم مقال فأسخطه فجمعهم و قال اجلسوا ولا يجلس معكم أحد غيركم فجاء النبي (صلى الله عليه واله) و معه أمير المؤمنين فجلس وسطهم فقال إني سائلكم فأجيبوني ألم تكونوا ضالين فهداكم الله بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال ألم تكونوا على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال ألم تكونوا قليلا فكثركم الله بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله قال ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي قالوا بلى فلله المنة و لرسوله ثم سكت (صلى الله عليه واله) هنيئة و قال ألا تجيبون بما عندكم قالوا بم نجيبك فداك آباؤنا و أمهاتنا قد أجبنا بأن لك المن و الفضل و الطول علينا قال أما لو شئتم لقلتم وأنت جئتنا طريدا فآويناك و خائفا فآمناك و مكذبا فصدقناك فارتفعت أصواتهم بالبكاء و قام شيوخهم و ساداتهم فقبلوا يديه و رجليه و قالوا رضينا بالله و عنه و برسوله و عنه وهذه أموالنا بين يديك فإن شئت فاقسمها على قومك و إنما قال من قال منا على غير وغر صدر وغل في قلب و لكنهم ظنوا سخطا عليهم و تقصيرا بهم و قد استغفروا من ذنوبهم فاستغفر لهم يا رسول الله فقال (صلى الله عليه واله) :اللهم اغفر للأنصار و لأبناء الأنصار و لأبناء أبناء الأنصار يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع غيركم بالثناء و النعم و ترجعون أنتم و في سهمكم رسول الله قالوا بلى رضينا قال (صلى الله عليه واله) الأنصار كرشي و عيبتي لو سلك الناس واديا و سلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار.
الكرش معروفة يقال لها كرش و كرش و العيبة ما يجعل فيه الثياب و الجمع عيب و كان المعنى هم موضع سري أودع عندهم منه و ما أريد حفظه و الانتفاع به و كتمانه كما يودع الكرش و العيبة ما يترك فيهما للانتفاع و الحفظ و هذا أنسب من كون الكرش يراد بها الجماعة من الناس كما قال الجوهري فإنه قال الكرش الجماعة من الناس و منه الحديث الأنصار كرشي وعيبتي فيخلو الكلام من المناسبة و المدح على قوله و كان النبي (صلى الله عليه واله) أعطى العباس بن مرداس أربعة من الإبل يومئذ فسخطها و قال يومئذ
أتجعل نهبي و نهب العبيد بين عيينة و الأقرع
وما كان حصن و لا حابس يفوقان شيخي في مجمع
وما كنت دون امرئ منهم و من يوضع اليوم لا يرفع
فبلغ النبي (صلى الله عليه واله) ذلك فأحضره وقال أنت القائل أتجعل نهبي و نهب العبيد بين الأقرع و عيينة فقال له أبو بكر بأبي أنت و أمي لست بشاعر قال و كيف قال :قال بين عيينة و الأقرع فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) قم يا علي إليه فاقطع لسانه .
قال فقال العباس فو الله لهذه الكلمة كانت أشد علي من يوم خثعم حين أتونا في ديارنا فانطلق بي وإني لأود أن أخلص منه فقلت أتقطع لساني قال إني ممض فيك قول رسول الله (صلى الله عليه واله) فما زال حتى أدخلني الخطائر وقال خذ ما بين أربع إلى مائة فقلت بأبي أنت و أمي ما أكرمكم و أحلمكم و أعلمكم فقال إن رسول الله (صلى الله عليه واله) أعطاك أربعا و جعلك مع المهاجرين فإن شئت فخذها و إن شئت فخذ المائة وكن مع أهل المائة قال قلت أشر علي قال إني آمرك أن تأخذ ما أعطاك و ترضى قلت فإني أفعل.
ولما قسم (صلى الله عليه واله) غنائم حنين جاء رجل طوال أدم أحنى الأدمة السمرة ورجل أحنى الظهر و امرأة حنياء و حناء في ظهرها احديداب و الطول بالضم الطويل فإذا فرط قيل طوال شدد بين عينيه أثر السجود فسلم و لم يخص رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم قال رأيتك و ما صنعت في هذه الغنائم فقال وكيف رأيت قال لم أرك عدلت فغضب رسول الله و قال ويلك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال المسلمون ألا نقتله فقال دعوه فإنه سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلهم الله على يدي أحب الخلق إليه من بعدي فقتله أمير المؤمنين فيمن قتل من الخوارج يوم النهروان فانظر إلى مفاخر أمير المؤمنين في هذه الغزاة و مناقبه و جل بفكرك في بدائع فضله و عجائبه و احكم فيها برأي صحيح الرأي صائبة و اعجب من ثباته حين فر الشجاع على أعقابه و لم ينظر في الأمر و عواقبه و اعلم أنه أحق بالصحبة حين لم ير مفارقة صاحبه و تيقن أنه إذا حم الحمام لم ينتفع المرء بغير أهله و أقاربه فإذا صح ذلك عندك بدلائله و بيناته و عرفته بشواهده و علاماته فاقطع أن ثبات من ثبت من نتائج ثباته و أنهم كانوا أتباعا له في حروبه و مقاماته و أن رجوع من رجع من هزيمته فإنما كان عند ما بان لهم من النصر و أماراته و قتله ذلك الطاغية في أربعين من حماته حتى أذن الله بتفرقة ذلك الجمع و شتاته و اقتسم المسلمون ما أفاءه الله عليهم من غنائم ذلك الجيش اللهام و إصلاحه أمر العباس حين فهم عن رسول الله فحوى الكلام و رده بلطف توصله إلى الرضا بقسم النبي (صلى الله عليه واله) فصح له باتباع رأيه الثبات على الإسلام ثم كلام ذلك الشقي الذي اعترض على قسمة النبي و نطق الشيطان على لسانه فسام نفسه في المرعى الوبيل الوبي وحكم الرسول (صلى الله عليه واله) أنه من جرز سيف الوصي و نبه بذلك على فضله و أنه على الصراط السوي و أنه على الحق و الحق معه إخبارا من الله العلي.
و سار رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى الطائف فحاصرها و أنفذ أمير المؤمنين في خيل و أمره أن يطأ ما وجد و يكسر كل صنم وجده فسار و لقيته خيل من خثعم في جمع كثير و برز إليه رجل منهم اسمه شهاب في وقت الصبح فقال (عليه السلام)إن على كل رئيس حقا أن يروي الصعدة أو تندقا , و ضربه فقتله و هزم جمعه و كسر الأصنام و عاد إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) و هو على الطائف فخلا به و ناجاه طويلا قال جابر فقال عمر بن الخطاب أتناجيه و تخلو به دوننا فقال يا عمر ما أنا انتجيته و لكن الله انتجاه وخرج من حصن الطائف نافع بن غيلان في خيل من ثقيف فلقيه أمير المؤمنين ببطن وج فقتله و انهزم المشركون و دخلهم الرعب فنزل منهم جماعة و أسلموا و كان حصار الطائف بضعة عشر يوما.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|