أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2016
1739
التاريخ: 2023-09-17
1078
التاريخ: 2023-09-17
1021
التاريخ: 27-5-2017
2068
|
نهضة الشيعة ضد بني أمية وأسبابها:
كانت باكورة النهضات ضدَّ الأمويِّين (بعد معاوية) نهضة الشيعة كما علمت. نهضوا مع سيِّد الأباة وسبط الرسالة إِمامهم الحسين بن علي (عليهما السلام)، وردّدوا قوله: ((لا أرى الموت إِلا سعادة والحياة مع الظالمين إِلاَّ برما)).
وقد أجملنا أسباب هذه النهضة الشريفة في ضمن الكلام عن مقتل الحسين وأصحابه فلا حاجة إِلى الإِعادة. وإنَّما نحن بحاجة إِلى التنبيه على أنّ هذه النهضة الحسينية هي التي نبَّهت الأفكار، وحفَّزت الهمم الخامدة، وجرَّأت الأمَّة الإسلامية على الجهر بإِنكار ما رأته من أعمال الأمويّين المنافية لقوانين الدين الحنيف، وعلى إِباء الذل والخنوع والضغط والاضطهاد؛ ولذلك نرى تتابع النهضات الإسلامية على أثر النهضة الحسينية الواحدة تِلو الأخرى، ونرى بعض الزعماء يفتخرون بالتأسِّي بسنة الحسين(عليه السلام) حتّى أنّ مصعب بن الزبير كان يُثبّت نفسه على حرب عبد الملك بقوله:
وإنّ الألى بالطف من آل *** هاشم تأسُّوا فسنوا للكرام التأسِّيا
وكانت أوَّل نهضة شيعية بعد الحسين (عليه السلام) هي نهضة التوَّابين، ثُمَّ نهضة شيعة الكوفة مع المختار. وكان السبب لهاتين النهضتين مزدوجاً؛ من الأخذ بالثأر ومن كراهيّة الحياة بالذل واحتمال الضغط والاضطهاد.
وبعدهما نهض زيد بن عليّ بن الحسين (عليهم السلام)، وكانت نهضته كنهضة جدِّه في أيّام قوَّة الدولة الأمويَّة وميعة صباها، وسعة سلطانها، فقول الرحَّالة المصري: (لكن لمَّا قويت الدولة الأموية اختفت الشيعة) بعيد عن الصواب.
وسبب نهضة زيد ـ على ما أرى ـ هو ما رآه من ظلم هشام بن عبد الملك وخالد القسري ويوسف بن عمر وعبثهم بحقوق الأمَّة وهتكهم نواميس الشرع، واحتقار هشام بالخصوص لزيد وأخيه الإِمام الباقر (عليهما السلام) حتّى أنَّه (لمَّا دخل زيد على هشام، قال له: ما فعل أخوك البقرة؟ فغضب زيد حتّى كاد يخرج من إِهابه، ثُمَّ قال لهشام: سمَّاه رسول الله باقراً وتسمِّيه أنت البقرة! لشدَّ ما اختلفتما. لتخالفنه في الآخرة كما خالفته في الدنيا. فقال هشام: خذوا بيد هذا الأحمق المائق) (1).
(فخرج زيد من عند هشام، وهو يقول: ما كره قوم قط جرَّ السيوف إِلاَّ ذلُّو)(2) ويؤيِّد كون السبب في نهضة زيد ما رآه مِن ظلم القوم وفسقهم ما رواه المقريزي؛ قال: (سئل جعفر بن محمد الصادق عن خروج زيد، قال: ((خرج على ما خرج عليه آباؤه))(3).
ويرى الخضري المصري: (أنّ سبب خروج زيد بن عليّ؛ هو ظلم يوسف بن عمر وسوء تدبيره) (4)، والأقرب ما تقدَّم. وما ذكره الخضري من جملة الأسباب الأولى لا أنَّه سبب وحده.
ثُمَّ إنَّا لا ننكر أنَّ الشيعة كما ناهضوا الدولة الأموية أيّام قوَّتها ناهضوها أيضاً أيّام ضعفها وبدء اضمحلالها؛ فهذا يحيى بن زيد المتقدِّم ذكره قد نهض أيّام ضعف الدولة والدين أيضاً، وناهض في سنة 125 هـ الوليد بن يزيد بن عبد الملك المخاطب لكتاب الله العزيز بعد أن ألقاه (ورماه بالسهام:
تُهدِّدني بجبار iiعنيد فها أنا ذاك جبارٌ iiعنيد
إِذا ما جئت ربَّك يوم iiحشر فقلْ: يا ربِّ مزَّقني الوليد) (5)
ومع هذا القول يعدُّونه ـ وياللأسف ـ من خلفاء الإِسلام، ويعدُّون الخروج عليه جريمة لا تغتفر وخطأً عظيماً كما عدَّ بعضهم خروج الحسين على يزيد سلف الوليد من هذا القبيل.
وأمَّا خروج معاوية على أبي الحسين، فهو بنظر البعض لمصلحة الأمَّة. وهذا، بلا ريب، تعصبٌ ذميم، وخروج عن جادَّة الإِنصاف.
وأيُّ مصلحة رأت الأمَّة في خروج معاوية وفي سبِّه أهل البيت على منبر جدِّهم(ص) حتّى أوغر بذلك صدور الشيعة وجعلهم يترَّبصون الفرص للنهضة ضدَّ الدولة الأموية، بل أيُّ مصلحة للإسلام في أنْ (يقول جماعة معاوية لحجر بن عدي وأصحابه: إِنّا أُمرنا أنْ نعرض عليكم البراءة من عليٍّ واللعن له. فإِن فعلتم، تركناكم، وإِن أبيتم، قتلناكم. فقالوا: لسنا فاعلي ذلك(...) فحُفرت لهم القبور، وأُحضرت الأكفان، وقام حجر وأصحابه يصلَّون عامَّة الليل، فلما كان الغد قدموا (...) فقتلوا) (6).
حكى ذلك ابن الاثير، ثُمَّ شفع هذه الحكاية الفظيعة بأفظع منها؛ قال: (قال معاوية لكريم الخثعمي: ما تقول في عليّ؟ قال: أقول فيه قولك. قال معاوية: أتبرأ من دين عليٍّ الذي يدين الله به؟ فسكت الخثعمي) (7).
وحقَّ له السكوت؛ لانَّ عليَّاً لم يدن بغير دين الإسلام في حياته كلِّها، بل (والله، لولا سيفه، لمَا قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمَّة وذو سابقتها وذو شرفها) (8) بل:
(ولولا أبو طالب iiوأبنه لمَا مَثُل الدين شخصاً iiفقاما
فذاك بمكة آوى iiوحامى وهذا بيثرب جسَّ الحساما) (9)
وعلى الإِجمال، فإِنَّ هذه السُّنَّة السيئة؛ سُنَّة السبِّ، كانت متَّبعة عند الأمويِّين، وهي السبب الرئيسي لأكثر نهضات الشيعة الذين كانوا يسمعون سبَّ أئمَّتهم جهاراً من بني أميَّة وعمَّالهم، أمثال، زياد وأبنه، وخالد القسري، ويوسف بن عمر، والحجَّاج بن يوسف الذي قال عنه عمر بن عبد العزيز: (لو جاءت كلُّ اُمَّة بخبيثها، وجئنا بالحجَّاج، لغلبناهم) (10) وقال عنه الإمام الأوزاعي: (كان الحجَّاج بن يوسف ينقض عرى الإسلام عروة عروة)(11).
ولا تستغرب هذين القولين فإنَّ الحجَّاج (كان يُفضِّل عبد الملك بن مروان على الملائكة المقرَّبين والأنبياء المرسلين، ويقول: ويحكم، أخليفة أحدكم في أهله أَكرم عليه أم رسوله إِليهم؟)(12) ومع هذا القول كان عبد الملك (يقول: الحجَّاج جلدة ما بين عيني وأنفي)(13).
______________
(1) عيون الأخبار، مجلّد 1، ص212، وشرح النهج، مجلّد 1، ص315؛ (بتلخيص).
(2) المقريزي، الخطط، مجلّد 4، ص309.
(3) الخطط، مجلّد 4، ص307.
(4) المحاضرات، ص610.
(5) تاريخ ابن الأثير، مجلّد 5، ص107. ويقول السيوطي(تاريخ الخلفاء، ص97): (إنَّ الوليد هذا كان فاسقاً خِمِّيراً لوَّاطاً؛ راود أخاه سليمان عن نفسه، ونكح زوجات أبيه).
(6) تاريخ ابن الأثير، مجلّد 3، ص192، والأغاني، ج16، ص9.
(7) المصدر نفسه.
(8) قال ذلك عمر بن الخطاب في جواب مَن نسب عليَّاً أمامَه إِلى التيه، فقال له: حقٌّ لمثله أن يتيه...إلخ. انظر: شرح النهج، مجلّد 3، ص115.
(9) من أبيات لابن أبي الحديد في مدح أبي طالب ذكرها في: شرح النهج، مجلَّد 3، ص317.
(10) تاريخ ابن الأثير، مجلَّد 3، ص323، والعقد الفريد، مجلَّد 3، ص253.
(11) المصدر نفسه.
(12) العقد الفريد، مجلَّد 3، ص255.
(13) المصدر نفسه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|